الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
مِن بِـرّ الوالدين بعد موتهما :
الدعاء لها ، لقوله عليه الصلاة والسلام : إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلاَّ مِن ثلاثة : إلاَّ مِن صَدقة جارية ، أو عِلم ينتفع به ، أو وَلَد صالح يدعو له . رواه مسلم .
والدعاء في كل زمان . والولد يشمل الذَّكَر والأنثى .
الصدقة عنها ، ولو باليسير . وأفضلها الصدقة الجارية ، كَسُقْيَاء الماء ، وحَفْر الآبار ، ووَقْف الْمَصَاحِف على الْمُحْتَاجِين ، ونحو ذلك مِن الأعمال الصالحة .
والصدقة عن الميت جائزة - على خلاف في المسألة - ولكن دلّت الأدلة الصحيحة على جواز الصدقة عن الميت .
ومن ذلك : ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمي افْتُلِتَتْ نفسها ، وأظنها لو تكلّمت تَصَدَّقَت ، فهل لها أجْر إن تَصَدّقتُ عنها ؟ قال : نعم .
وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة رضي الله عنه توفيت أمه وهو غائب عنها ، فقال : يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها ، أينفعها شيء إن تصدقت به عنها ؟ قال : نعم . قال : فإني أشهدك أن حَائطي الْمِخْرَاف صَدقة عليها .
وعند مسلم عن أبي هريرة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أبي مات وتَرَك مالاً ولم يُوصِ ، فهل يُكفّر عنه أن أتَصَدّق عنه ؟ قال : نعم .
وما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن العاص بن وائل أوصى أن يُعتق عنه مائة رقبة ، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة ، فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية ، فقال : حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إن أبي أوصى بعتق مائة رقبة ، وإن هشاما أعتق عنه خمسين ، وبَقِيَت عليه خمسون رقبة أفأعتِق عنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لو كان مُسْلِمًا فأعتقتم عنه أو تَصَدّقتم عنه أو حَجَجتم عنه بَلَغه ذلك .
صِلّة الرَّحم التي لا تُوصَل إلاّ عن طَريقهما .
فعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروّح عليه إذا ملّ ركوب الراحلة وعمامةٌ يشد بها رأسه ، فبينا هو يوما على ذلك الحمار إذ مرّ به أعرابي ، فقال : ألست ابن فلان بن فلان قال : بلى فأعطاه الحمار وقال : اركب هذا ،والعمامة أُشدد بها رأسك ، فقال له بعض أصحابه : غفر الله لك أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروّح عليه ، وعمامةً كنت تشدُّ بها رأسك ، فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولِّي ، وإن أباه كان صديقا لعمر رضي الله عنه . رواه مسلم .
فتُزار الخالة والصديقة والجارَة التي كانت تَزورها الأم ، وكان بينها وبينها مَودّة ، فإنها إذا زَارها مَن يُذَكّرها صَديقتها حَمَلَها ذلك على الدعاء لها ، والترحُّم عليها ، وجَعْلها في حِلّ مما كان بينهن .
والله تعالى أعلم .