عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-04-2011, 12:14 AM
طه أبو البراء طه أبو البراء غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي

نعمة البصر

لا يشك عاقل أن من أجل النعم التي امتن الله بها على عباده ليطيعوه بها ويستعينوا بها على عبادته ويشكروه عليها، هي نعمة البصر، لما تعود به هذه النعمة على الانسان من تيسير لسبل الحياة، والعيش بهدوء وطمأنينة وسعادة، لا يشوب حياته ما يعكرها، على عكس من نقص بصره أو انعدم

ولذلك امتن الله على عباده بهذه النعمة العظيمة في مواطن كثيرة من القرآن والسنة لعظمها وكثرة منافعها، وقوة دلالتها على خالقها، فالمبصر يعرف ربه بديع السماوات والأرض ويعرف ربه البصير ويعرف ربه الحفيظ ويعرف ربه الكريم، إلى غير ذلك من أسماء الله وصفاته التي تحق على المبصر بها الحجة البالغة
<وقال تعالى: (َاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78) .

وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (المؤمنون:78)

وقال تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (السجدة:9)

وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (الملك:23) ، وشكر هذه النعمة من أوجب الواجبات على العبد ، حيث لا يكافئها عمل الليل والنهار وإن بلغ خمسمائة عام ، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خرج من عندي جبريل آنفا فقال : يا محمد ، إن لله عبداً عبد الله خمسمائة سنة ، على رأس جبل ، والبحر محيط به ، وأخرج له عيناً عذبة بعرض الأصبع ، تفيض بماء عذب ، وشجرة رمان تخرج كل ليلة رمانة ، فيتغذى بها ، فإذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء ، ثم قام لصلاته ، فسأل ربه أن يقبضه ساجداً ، وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلاً حتى يبعث ساجدا ، ففعل فنحن نمر به إذا هبطنا وإذا عرجنا وأنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله فيقول : أدخلوه الجنة برحمتي ، فيقول : بل بعملي يا رب ، فيقول للملائكة : قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله ، فتوزن ، فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة ، وتبقى نعمة الجسد فضلا عليه ، فيقول : ادخلوه النار ، فينادي : يا رب برحمتك ، فيقول : ردوه ، فيوقف بين يديه ، فيقول : من خلقك ولم تك شيئا ؟ ، فيقول : أنت يا رب ، فيقول : أكان ذلك من قبلك أم برحمتي ؟ ، فيقول : برحمتك ، فيقول : أدخلوه الجنة برحمتي ) رواه الحاكم في " المستدرك " والحكيم الترمذي في " النوادر " .>(1)



ويقول علماء الطب في هذه النعمة الجليلة أنها من أجل النعم وذلك لما تتوفر في حد ذاتها على إعجازات توحد الخالق عز وجل، ومن ذلك ما ذكروه أن البصر لا يكون إلا بعمل ثلاثة أعضاء ألا وهي العين والعصب البصري، والمخ أخيرا فالعين تنقل الصورة للعصب البصرى الذى ينقلها للمخ (مركز الابصار)فتترجم الصورة
والعين، هذا العضو العظيم، الذي فيه من الأسرار ما يذهل العقول، فإنه لما يسقط النور على أي شيء مرئي فإنه تنعكس عنه مرة أخرى إشعاعات تجعله قابلا لننظر إليه بأعيننا. وبعد انعكاسها على العين فإنها تخترق طبقة شفافة تسمى :القَرَنِيَّةَ، ثم تخترق هذه الأشعة الحدقة وهي المعروفة بـ"بؤبؤة العين" وهذه في إعجاز عجيب، أن تنفتح وتنغلق حسب الإشعاع الوارد إليها حتى لا يُفسدَ النور الكثير الجهاز الداخلي للعين،
ففي حالة إشعاع قوي، فإن الحدقة تصبح هلالية مانعة لهذا الدخول العشوائي للأشعة فتنظمها، لذلك تراها أكثر انفتاحا في الليل منها في النهار
فسبحان الذي أحسن كل شيء خلقه..وبعد ذلك تمر الأشعة إلى عدسة العين حيث تعمل على تجميعها ثم تمر بالسائل الزجاجي الشفاف الموجود داخل العين وأخيرا تسقط الأشعة على الشبكية حيث توجد فيها الخلايا العصبية والأوعية الدموية.
تقوم النهايات العصبية بتنبه العصب البصري الذي عن طريقة يتم نقل الصورة إلى الدماغ (المراكز البصرية في الدماغ حيث يقوم بتفسيرها إلى صورة كل هذا في اقل من اللحظة.


إن هذا العضو العظيم لمدعاة للتأمل والتفكر فيه، واستخدامه في طاعة الله عز وجل

قال سفيان الثوري رحمه الله: إذا أطعمت الحمار فكُدّ عليه أي أجهده ف العمل، مشبّها الإطعام بنعم الله، ومشبها نفسه بالدابة فانظروا يا رعاكم الله إلى هضمه لأنفسهم واستحقارهم لها.
قاله لما أكل ثم أقبل على الصلاة، فلا يعد شاكرا للنعمة إلا من استخدمها في طاعة الله ولله ذر من لخص القاعدة في قوله: رُبَّ مُستَدرج بنعم الله عليه وهو قائم على معاصيه..

فالنعمة إن لم تُستَخْدَم في طاعة الله فهي استدراج عافاني الله وإياكم آمين
ولا يعرف عظمها وجلالة قدرها إلا من وفقه الله لذلك أو فقدها والله المستعان، هكذا نحن أغلبنا لا يعرف النعمة إلا عند فقدها، وقد هممت بأن أقوم باستجواب أستجوب به بعض من فقدها وأرفعه إلى النت، لولا أن انشغلت، والله المستعان ولعلي أفعلها في مرة أخرى، فإن سماعك لمن فقد نعمة أنت تنعم بها لهو من الزواجر في القلب عن نسيانها وعن إغفالها
إن معاينتك لمن فقد بصره، وسماعك منه، ليجعلك تشكر الربّ الرحيم الودود الذي تودد إليه بنعمة البصر، وتحبب إليك بها، فهل يلاقي منك هذا كرما ومروءة تخولاك أن تشكرها وتعبد الله بها وتستحي من المنعم؟!
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ6/الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَّكَ7/فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ8) سورة الانفطار
وقال الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ** وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا

كان سيد الأنام صلّى اللهُ عليه وسلم أكثر الناس شكرا لهذه النعمة، وكان يكثر أن يقول في أذكار الصباح والمساء: (اللهم عافني في بدني, اللهم عافني في سمعي ,اللهم عافني في بصري , لا إله إلا أنت , اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت)
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء كما هو شأنه صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله العافية ويعلمنا أن نسأل الله العافية، فذلك أدعى أن نعرف نعمة الله فنشكرها.
يتبع؛؛


[u]
رد مع اقتباس