الموضوع: زوجي أنت قدوة
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-09-2011, 11:00 PM
سامى مصطفى الريس سامى مصطفى الريس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

محوري الأسرة الناجحة ، لا بد من هذه التقدمة المهمة التي نبيّن فيها مقومات أساسية لابد وأن تتوفر في شخصية الزوج حتى يكون أهلاً للقوامة التي كلفه الله بها ، وحين يتخلف أحد هذه المقومات تتأخر السعادة الزوجية والاستقرار الأسري على قدر تخلف هذه المقومات . وهي سبع مقومات :
المقوّم الأول : القدوة .
ومعناها وحقيقتها : أن يوافق الفعل القول ، وهو المعنى الذي أشار الله اليه بقوله : " يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لاتفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقووا ما لا تفعلون "
فاقتران الفعل للقول أبلغ في التأثير ، وأدعى للإستجابة والتوقير .
وقد كان صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في ذلك ، فما كان يأمر بأمر إلا كان أسبق الناس إلى تطبيقه والعمل به .
وذلك كثير في السنة النبوية ، ولنأخذ مثلاً واحداً من السيرة يبيّن أثرالقدوة وتأثيرها على النفس :
المثال هو : ما حصل في يوم الحديبية حين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يحلوا ، ويحلقوا رؤوسهم فتأبوا عليه ، فدخل منزعجاً إلى زوجه أم سلمة رضي الله عنها وذكر لها ما يجد من أصحابه ، فقالت له : أخرج فأمر الحلاق أن يحلق لك رأسك .. ففعل صلى الله عليه وسلم ذلك ، ففعل الصحابة بعده لفعله واقتداءً به صلى الله عليه وسلم .
هذا المثل يبيّن لنا أثر القدوة على نفس الآخرين ، وكيف أن القدوة من أسهل الطرق لكسب الآخرين واقناعهم بما تقول .
ولذلك ينبغي على الزوج أن يكون قدوة في بيته ، قدوة تقتدي به زوجه وأبنائه ، وحين يكون الزوج كذلك فإنه يكبر في عين من هم حوله ( زوجه وبناته وابنائه ) ، وحينها يسهل التأثير عليهم وتربيتهم تربية صالحة .
محترزات .
وهنا ينبغي على الزوج أن يحترز من محترزات تخل بالقدوة ، وهذه المحترزات تأخذ مظاهراً عدّة في حياتنا اليومية منها :
- الأمر بالمعروف من ( صلاة ، أو ذكر ، أو توجيه ...) وعدم فعله ، والأدهى من ذلك أن يأتي ما ينهى عنه فكيف تستقيم زوجة لزوجها حين يأمرها بالصبر – مثلاً – لكنه في الواقع يسخط ويزفر حتى من أتفه الأسباب والأحوال ، كم من زوج هجر زوجته لأجل أنها لم تحسن كي ( الغترة أو الشماغ ) ، أو أنها ما أصلحت الطعام ، أو لأنها أتلفت أثاثاً أو .. ، ومن أعجب ما سمعته في هذا : زوج محسوب على المربين والدعاة يأمر أهله بالصلاة والمحافظة عليها ، ثم لما توقظه زوجه للصلاة يسخط عليها وينفر حتى صارت تتحرج من إيقاظه للصلاة ... ، وغير ذلك من مظاهر الإخلال بالقدوة في الأمر والنهي ، والكلام في ذلك مع الأبناء أغص وأمرّ والواقع شاهد على ذلك .
- عدم تزكية النفس وترقيتها في سلم الكمال البشري ، والاكتفاء بالحال على ما هو الحال ، والشعار : ليس بالامكان أكثر مما كان .. وهنا مشكلة يجب أن يتنبه لها أهل الدعوة ، وخصوصاً في هذه النقطة ، وذلك حين يجد الرجل من زوجته أنها تقارنه بفلان من الناس ، وأن فلاناً أحسن منه علما وتديناً وحرقة على دينه ، وعملا لأجل دعوته ومبادئه ، فإذا وصلت الزوجة إلى هذه المرحلة فهي مرحلة خطرة على استقرار الحياة ، والواجب على الزوج هنا أن يكون محل قدوة لزوجته لا أن يكون غيره من أصحابه وخلانه مكان القدوة لها ، ومن هنا يلزم الزوج أن يجاهد نفسه في الترقي ، والتزكية لا لهذا الغرض فحسب بل تقوى لله ورغبة فيما عنده ودفعاً لما قد يكون سبباُ من أسباب التفكك الأسري ، فإن المرأة بطبعها - بل البشر عموماً – يعجبون بالانسان العامل الذي يترقى في سلم المال البشري ، ومن هنا كان من مظاهر الإخلال بالقدوة العجز والكسل عن تزكية النفس والترقي بها . فكيف يريد الداعية من زوجته أن تكون داعية فاضلة بين بنات جنسها ، وهو ليس كذلك ..- والله المستعان - .
المقوّم الثاني : المودة والرحمة والمحبة .
وهذا المقوم سر من أسرار الزواج الناجح ، وسر من أسرار الأسرة المستقرة الفاعلة ، ولذلك جعل الله هف الزواج تحقيق هذه المودة والرحمة بين الزوجين .
وهذا المقوّم مهم في باب إقناع الزوجة وكسب قلبها ، والداعية الصادق بحاجة إلى أن يكسب قلب زوجه ، وأن يجعلها أشد اقناعاً بما هو عليه .
كثيراً ما تتذمر زوجات الدعاة من كثرة انشغال أزواجهم بالاعمال الدعوية ، وانصرافهم عنهم ، وبصراحة أكثر : يتذمرون من قلّة جلوس أزواجهم معهم والخروج بهم في نزهة قصيرة ، ..
والداعية الصادق قد ينشغل جلّ وقته في أمور دعوته ، وأحياناً – أو غالباً- ما يؤجل وعوده لزوجته وابنائه بسبب عمل دعوي ، أو برنامج خيري يستلزم وجوده .
وهنا يبرز أهمية هذا المقوّم في إقناع الزوجة بهذا العمل ، وأنه إنما يقوم لله ، وأنها تؤجر على صبرها وجهادها معه ، فإن كان الرجل محباً لزوجته ، يغمرها بمودته ورحمته إياها ، وهو صادق في قوله وفعله فالكلمة الصادقة التي تخرج من القلب تقع في القلب مباشرة .
أما حين ينعدم الحب – أو يقل – بين الزوجين فما عسى أن يقنع هذه الزوجة .
ولكم أن تتخيلوا موقف المرأة في حال أن زوجها يشعرها بحبه ومودته ، وفي حال أن الزوج لا يشعر أهله بالحب والمودة والرحمة ، وذلك إن أراد زوجها الزواج بامرأة ثانية ؟!!!
اتصور أن الزوجة التي تشعر بحب زوجها ومودته لها ورحمته بها ، لن تجد ممانعة قوية في نفسها من إقدام زوجها على الزواج بأخرى ، لأنها تشعر في قرارة نفسها أن زوجها لن ينسى حقها وحبه لها ( وهو الأمر الذي يتخوف منه كثير من الزوجات ) .
أما الزوجة الثانية التي لا تشعر من زوجه بحب ولا رحمة ، فإنها في هذا الموقف سوف تمانع وتجادل حتى تطلب من زوجها الطلاق والفراق ، وما ذاك إلا لشعورها بأن زوجها الذي ما أشعرها يوما برحمة أنه سوف يتركها عظما بد لحم .
هذا مثل بسيط لأثر المودة والرحمة والحب بين الزوجين ، وكيف يعمل هذا الحب وهذه الرحمة على سهولة الإقناع .
وإننا ما نجد مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب مع زوجاته وابنائه ، ولنأخذ بعض النصوص والحوادث :
- كان صلى الله عليه وسلم مع عائشة رضي الله عنها هيناً ليناً ما هوت شيئاً إلا تابعها عليه .
- ينيخ لها ظهره صلى الله عليه وسلم لتصعد وتنظر إلى لعب الأحابيش .
- تكسر الصحفة بين يديه وعنده بعض أصحابه ، فما يزيد عن أن يتبسم صلى الله عليه وسلم .
- يجلس مع عائشة تحدثه الحديث الطويل ( حديث أم زرع ) فلا يضجر أو يمل بل يتابع معها حديثها ولو طال وتعقّدت كلماته .
- يترافع يوما صلى الله عليه وسلم هو وإياها إلى أبيها أبي بكر رضي الله عنه ، فيقول لها : أتكلم أو تتكلمين ، فتقول وهي مغضبة : بل تكلم أنت ولا تقل إلا حقاً ، فيصفعها أبوها على وجهها ، فيقف صلى الله عليه وسلم بينه وبين زوجته يحميها ، ويقول : ما لهذا دعوناك ، ثم ما يلبث أن يتباسط وإياها فيضحكها وتضحكه ........
مع الأبناء :
- يرتحله حفيده : الحسن أو الحسين وهو ساجد في الصلاة فلا يرفع رأسه حتى ينزل الغلام .
- ينزل يوما من على المنبر ليأخذ حفيده بين ذراعيه ثم يصعد به على المنبر ويكمل خطبته .
- يداعب الأطفال ويعطيهم الهدايا والعطايا .
وكثير ذلك في كتب السنة والسيرة . وبحق هو ( إنك لعلى خلق عظيم )
من مظاهر المودة والرحمة بين الزوجين :
- التفاعل مع حال الزوجة في فرحها وحزنها ، في عافيتها ، ومرضها ، في حيل انشراحها وضيق صدرها ومراعاة تقلب أحوالها ، فمن الناس من يرعى لزوجته حقها ويرحمها حين تكون في حال رخاء ونعماء ، أ/ا حين ضراءها وبلواءها فهو من أبعد الناس عنها ، وهذا من الظلم والغبن .
- العناية بأهل الزوجة ، وتفقدهم ومراعاة أحوالهم ، وإدخال السرور عليهم ، فإن ذلك مما يزيد الحب والمودة بين الزوجين . ( صدقة على أهل بيتك صدقة وصلة ) .
- المبادلة ، بادلها الضحكة بالضحكة ، والأنس بالأنس ، والتجمّل بالتجمل ... فلماذا نطلب من زوجاتنا أن يكنّ ملكات جمال ، ولا نسعى في تجملنا لهن كما نريد منهن – هذا جانب في ذلك - والذي ينبغي أن يبادل الزوج زوجته ما يريد منها ، فكما تحب أن تكون لك كنّ لها - في حدود المشروع - .
- النظرة الواقعية للزوجة ، فلا ينظر إليها – وإن كانت برفسورة – أنها أكمل نساء الدنيا ، ولا ينظر إليها أنها هي هي ، فإن هذه النظرة غير الواقعية تقلب الحياة سعيراً ، إذ أن الزوج بحكم نظرته يريد أن يرى زوجته كما ينظر إليها هو ، والمقياس الشرعي : أن المرأة خلقت من ضلع أعوج ، قال صلى الله عليه وسلم : " المرأة كالضلع ، إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها ، استمتعت بها وفيها عوج " قال ابن حجر رحمه الله : فيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن ، وإن من رام تقويمهن ، فاته الانتفاع بهن .. مع أنه لا غنى للانسان عن امرأة يسكن اليها ويستعين بها على معاشه ، فكأنه قال : الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها .. أ . هـ ووصف المرأة بالضلع بجامع الاعوجاج فيهما ، ففي الضلع حقيقة ، وفي المرأة مجازاً ، ووصف للضلع في خٍلقته ، ووصف للمرأة في خُلقها .
رد مع اقتباس