عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 12-02-2008, 06:05 AM
ابو عبيد الله ابو عبيد الله غير متواجد حالياً
الفقير إلى ربه
 




افتراضي

قيــام تميــم الــداري

صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو رقية تميم بن أوس بن خارجة. أحد من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفى بذلك شرفًا.

قال الذهبي: " كان عابداً تلاَّءً لكتاب الله "

وعن عبد الله بن المبارك قال: " ما بلغني عن أحد من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العبادة ما بلغني عن تميم الداريّ ".

ولقد "صدَّق الخَبَرَ الخُبْرُ"، فعن جعفر بن عمرو قال: " كنا فئة من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قلنا: إن آباءنا قد سبقونا بالهجرة وصحبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهلموا نجتهد في العبادة لعلنا ندرك فضائلهم أو كما قال، قال: عبد الله بن الزبير ومحمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن طلحة، ومحمد بن عبد الرحمن بن يغوث قال: فاجتهدنا في العبادة بالليل والنهار وأدركنا تميماً الداري شيخا فما قمنا له ولا قعدنا في طول الصلاة ".

ولعل هذا كافيك وتقول: مَهْلاً ! فقد أبلغت أسماعي.
ولكن ما يمنعنا أن نزيدك، فعن أبي المهلب قال: " كان تميم يختم القرآن في سبع ". وعن ابن سيرين قال: " كان تميم يقرأ القرآن في ركعة "، وقال مسروق: " قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداريّ صلى ليلة حتى أصبح أو كاد يقرأ آية يردِّدها ويبكي: ﴿ أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ﴾ ... [الجاثية:21].

وعن صفوان بن سليم قال: قام تميم الداري في المسجد بعد أن صلى العشاء فمرّ بهذه الآية: ﴿ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾ ... [المؤمنون:104]، فما خرج منها حتى سمع أذان الصبح.

وهل هذا إلا هدى نبويّ كان لتميم منه نصيب، فقد روى النسائي وغيره عن أبي ذر أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قام حتى اصبح بآية يرددها وهي قوله تعالى: ﴿ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ ... [المائدة:118].


منع القرآن بوعـده ووعيـده مقـل العيـون بليلها لا تهجعُ
فهموا عن الملك الكريم كلامـه فهماً تذل له الرقاب وتخضـعُ
قيل لرجل لم لا تنام؟ قال: " إن عجائب القرآن قد أطرن نومي ".
ومن عجيب حرصه رضي الله عنه على القيام أنه نام ليلة ولم يقم يتهجد، فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع. وكيف لا يعاقب نفسه ويسهر عينيه وقد فاته فضل عظيم، فهو الذي روى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ مئة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة ) ...[أخرجه أحمد عنه]. ترى يا أخي إن كان عقوبة عين نامت ليلة بلا قيام سهر سنة، فكم عقوبة عين نامت أياماً بلهْ أسابيع، وسنين .... أترى تكون العقوبة كم؟!

فمالي بعيد الدارِ لا أقرب الحمى وقد نصبت للساهرين خيـام
علامة طردي طول ليلي نائـم وغيري يرى أن المنام حـرام

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " كان تميم إذا قام من الليل دعا بسواكه ودعا بطيب ولبس حلة كان لا يلبسها إلا إذا قام من الليل يتهجد".
نور على نور ... لباس التقوى ولباس الزينة، وقد قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ ... [الأعراف:31] أي عند كل صلاة وعبادة ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ ... [الأعراف:26].

قيل للحسن: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: " لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره ".

لا يميلون إلى النوم ولا يستعذبوه فكأن النـوم شيء لم يكونوا يعرفوه
لبسوا ثوباً من الخدمة حتى خلعوه مع جلباب من الحزن فما إن نزعوه

مع كل ما تقدم من بلوغ أسمى مراتب العبّاد فقد كان ـ رضي الله عنه ـ مقتصداً مخلصاً غير متنطع ذا فهم ثاقب وفقه صائب حريصاً على إخفاء عمله وتعبده.
فقد قال بعضهم: أتيت تميماً الداري فحدثنا فقلت: كم جزؤك؟ قال لعلك من الذين يقرأ أحدهم القرآن ثم يصبح فيقول: قرأت في هذه الليلة. فوالذي نفسي بيده لأن أصِّلي ثلاث ركعات نافلة أحب إلى من أن أقرأ القرآن في ليلة ثم أصبح فأخبر به.
ثم قال: " خذ من نفسك لدينك، ومن دينك لنفسك حتى يستقيم لك الأمر على عبادة تطيقها "

رضي الله عن أبي رقية ما أنصحه لأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ!
رد مع اقتباس