عرض مشاركة واحدة
  #53  
قديم 08-06-2008, 05:57 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


مـا يتـعـلـق بالعباد من قواعد

القاعدة الأولى : التكليف مشروط بالعلم والقدرة معاً

قال الله تعالى في كتابه الكريم : { لايُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلا وُسْعهَا } [ البقرة : 286 ]. وقال أيضـا : { ومَا كُنَّا مُعذِّبينَ حتَّى نبْعَثَ رَسُولاً } [ الإسراء : 15 ]
فهاتان الآيتان تدلان على أن حصول التكليف يكون بالقدرة والعلم معاً ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( 21/634 ) : فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل ، فمن كان عاجزاً عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وقال أيضا في مجموع الفتاوى ( 8/438 ) : والشريعة طافحة بأن الأفعال المأمور بها مشروطة بالإستطاعة والقدرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلملعمران بن الحصين : (( صَل قائما ، فإن لم تستطيع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب )) وقد اتفق المسلمون على أن المصلي إذا عجز عن بعض واجباتها كالقيام أو القراءة أو الركوع أو السجود أو ستر العـورة أو استقبال القبلة أو غير ذلك سقط عنه ما عجز عنه ، وكذلك الصيام اتفقوا على أنه يسقط بالعجز مثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ، الذين يعجزون عن أداء وقضاء ، وكذلك الحج فإنهم أجمعوا على أنه لا يجب على العاجز عنه ، وقد قال تعالى : { ولله علَى النَّاسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استَطََاعَ إليْهِ سَبيِلاً } [ آل عمران : 97 ] . انتهى .

القاعدة الثانية : من لم يبلغ الإحتلام أو زال عقله فليس بمكلف

عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلمقال : (( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصغير حتى يكبر ، وعن المجنون حتى فيق )) أخرجه أبو داود ( 4398 ) والترمذي ( 1423 ) وابن ماجة ( 2041 ) وهو صحيح .
هذا الحديث يدل على أن من زال عقله أو لم يبلغ سن الإحتلام فإن قلم التكليف مرفوع عنه فلا يجب عليه شيء في حالته تلك ، ولا يؤاخذ بشيء صدر عنه حتى يزول عنه ذلك السبب الذي رفع قلم التكليف عنه .

القاعدة الثالثة : الأقوال والأفعال الصادرة من غير المكلف لا يترتب عليها حكم

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 14/115 ) : وبهذا كانت الأقوال في الشرع لا تعتبر إلا من عاقل يعلم ما يقول ويقصده ، فأما المجنون والطفل الذي لا يميز فأقواله كلها لغو في الشرع لا يصح منه إيمان ولا كفر ، ولا عقد من العقود ، ولا شيء من الأقوال باتفاق المسلمين ، وكذلك النائم إذا تكلم في منامه فأقواله كلها لغو ، سواء تكلم المجنون والنائم بطلاق أو كفر أو غيره .. ، والذي تدل عليه النصوص وأقوال الصحابة أن أقواله ( أي السكران ) هدر كالمجنون لا يقع بها طلاق ولا غيره ، فإن الله تعالى قد قـال : {حتَّى تعْلمُوا مَاتَقُولُونَ} [ النساء : 43 ] فدل على أنه لا يعلم ما يقول ، والقلب هو الملك الذي تصدر الأقوال والأفعال عنه ، فإذا لم يعلم ما يقول لم يكن ذلك صادراً عن القلب ، بل يجري مجرى اللغو ، والشارع لم يرتب المؤاخذة إلا على ما يكسبه القلب من الأقوال والأفعال الظاهرة كما قال :{ ولكن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبَتْ قُلُوبُكُم }[ البقرة : 225 ] ولم يؤاخذ على أقوال وأفعال لم يعلم بها القلب ولم يتعمدها . انتهى .
قلت : ويدخل في هذا الأصل الناسي والمخطيء فلا يترتب على أقوالهما وأفعالها حكم لأنهما غير قاصدين إلا فيما أتى فيه الدليل بترتيب حكم على الناسي أو المخطيء .
والجاهل مثلهما أيضا لا يترتب على قوله أو فعله حكم لأن التكليف مشروط بالعلم كما تقدم ، إلا فيما أتى الدليل بترتيب حكم على فعله أو قوله .

القاعدة الرابعة : ما يتعلق بالأموال والمتلفات فإنه لا يعذر فيها أحد أبداً

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 14/119 ) : القلب هو الأصل في جميع الأفعال والأقوال فما أمر الله به من الأفعال الظاهرة فلا بد فيه من معرفة القلب وقصده وما أمر به من الأقوال ، والنهي عنه من الأقوال والأفعال إنما يعاقب عليه إذا كان بقصد القلب ، وأما ثبوت بعض الأحكام كضمان النفوس والأموال إذا أتلفها مجنون أو نائم أو مخطيء أو ناس ، فهذا من باب العدل في حقوق العباد ، ليس هو من باب العقوبة . انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس