عرض مشاركة واحدة
  #55  
قديم 03-03-2011, 12:15 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

توبة فتاة مصرية

تقول هذه الفتاة :
تجولت مع أسرتي في أكثر من دولة عربية كانت بلاد الحرمين هي آخرها .. والدي خريج أزهري متدين ومدرس للدراسات الإسلامية ، أما والدتي فثقافتها الإسلامية قليلة جداً ، لذا فهي دائمة الخلاف معي حول مسائل دينية في الحياة .. أثناء سفراتي المتعددة لاحظت أن بعض نساء الريف يلبس ملابس طويلة ساترة ، ولا يظهرن أما الرجال الأجانب ( غير المحارم ) ، ولكني اعتقدت أنهن يلبس هذا اللباس اتباعاً لعادات وتقاليد تمسكن بها ، ولم أعرف أنها إسلامية ، لم أعرف في حياتي شيئاً اسمه الحجاب رغم سفري المتعدد ، رغم أن والدتي تلبس ملابس طويلة ، وتغطي شعرها بـ ( إيشارب ) ، ولما استقرينا في مصر لأول مرة ، وانتقلت إلى المرحلة الثانوية ، جلست بجواري فتاة محجبة .. سألتني من أول يوم : لماذا أنت لستِ محجبة يا .. ؟! ولكني لم أرد عليها ، وإنما اكتفيت بالنظر إليها باستغراب ، ثم تركتها وانصرفت ، لكنها لم تتركني فأخذت تعلمني طوال العام تعاليم الدين ، وأشياء لم أتصور في يوم من الأيام أنها محرمة ، فالحجاب – مثلاً – لم أكن أعلم أنه فرض على كل مسلمة حتى أخبرتني بذلك ، ومما ساعدني على تقبّل نصائحها أنني كنت أحبها لأدبها وحيائها ، واجتهادها في الدراسة .
وانتهى العام الدراسي ، وأحسست بالوحشة لابتعادي عنها ، وابتعدت رويداً رويداً عن الاهتمام بالحجاب ، وكنت أنظر إلى الفتيات المحجبات وأتمنى أن أكون مثلهن وأن أغطي وجهي ، كما كنت – في الوقت نفسه – أنظر إلى الفتيات السافرات فأطمح أن أكون مثلهن في اهتمامهن بأنفسهن وحركتهن .. أصبحت هكذا في دوامة إلى أن سافرنا مع والدي إلى السعودية وهي البلد الوحيد حسب علمي الذي ليس فيه مدارس مختلطة في جميع المراحل الدراسية . .

كنت آنذاك قد نجحت إلى الصف الثالث ، فالتحقت بإحدى المدارس الثانوية للبنات فرأيت الفتيات وجمالهن في المدرسة ومدى الحرية التي يتمتعن بها حيث يتعلمن ويسرحن ويمرحن دون أن ينظر إليهن رجل ثم يخرجن من المدرسة وهن يرتدين الحجاب ويغطين وجوههن ،.. تأثرت كثيراً بهذا المنظر الرائع ، وعند ما خرجت من المدرسة وأنا أغطي وجهي كنت في غاية السعادة وكأنني ملكة قد لبست أفخر الثياب .
وفي العطلة الصيفية كنا نخرج أنا وأسرتي إلى السوق لشراء بعض الحاجات ، فيبهرني ما فيه من الحياة الناعمة ، والسيارات الفاخرة ، و ( الاكسسوارات ) والذهب والملابس ، وسائر المتع والملذات الدنيوية ، الزائفة ، فقد كان لها في عيني بريق خاص ، فقلت لنفسي ، لا بد أن أحقق أمنياتي ؛ وهي أن أكون (فنانة ) ؛ ممثلة .. أو مغنية .. أو ملحنة .. أو مضيفة في طائرة ... هذا ما كانت تحدثني به نفسي الأمارة بالسوء ، وحينما أعود إلى البيت أتخيل نفسي وقد أصبحت ثرية ، وتأخذني الأماني الكاذبة ، والدنيا بزخرفها الزائل ..
وبعد انتهاء الإجازة الصيفية ، عدنا إلى المدرسة ، وكنت قد أعدت السنة بسبب بعض الظروف المتعلقة بانتقالنا من مصر ، وفي المدرسة بدأت أكوّن صداقات كثيرة مختلفة ، وأثناء الفسحة المدرسية أجلس في مصلى المدرسة لأستمع إلى الدروس والندوات التي تُلقى ، فأخرج منها في كثير من الأحيان وأنا باكية وفي داخلي عزم أكيد على أن أكون صالحة مستقيمة ، وميزتي أنني لا أكره النصيحة ، بل هي شيء محبب إلى نفسي وخاصة إذا صدرت من أهل الدين والصلاح أو كبار السن المتدينين ، فتظل عالقة في ذهني أتذكرها دائماً ، وأعمل بها بكل صدق وأمانة قدر طاقتي ووسعي ..
هذه الحياة المدرسية القصيرة التي لم تتجاوز الأشهر جعلتنني أفكر كثيراً ، وأعرف الكثير عن ديني .. حلاله وحرامه .. كنت – مثلاً – أعتقد وأنا في مصر أن غطاء الوجه فضيلة وليس بواجب ن ولكن عند ما قدمت إلى هذه البلاد ، وبسماعي للأشرطة وقراءتي للكتب ؛ عرفت أنه واجب ، وعند ما دخلت هذه الكفرة في رأسي ، واقتنعت بها ؛ فكرت أن ألبس الحجاب المصري ( وهو خمار فوق الرأس إلى منتصف الجسد ثم تحته فستان واسع ) ولكني سمعت شيخاً يقول إن الحجاب لا بد أن يكون من أول الرأس إلى أسفل القدمين قطعة واحدة فيغطي جميع البدن ([2]) ، عندها صممت أن ألبس العباءة .. لا لأكون سعودية ، بل لأكون مسلمة حقيقة أتّبع ما يريده الله عز وجل ..
ولكني بعد هذا التغُّير الذي طرأ على حياتي ؛ سألت نفسي مرة : كيف أغطي وجهي وألبس العباءة وأنا أريد أن أكون فنانة ومضيفة .. ؟! فقلت لنفسي : إني أحب التدين ، وإذا تزوجت أحب أن يكون زوجي صالحاً ، وأن يكون أولادي كذلك مثل أولاد المسلمين الأوائل . فإذا أصحبت فنانة ، فلا بد أن ينحرف أولادي ، وكذلك زوجي .. لا ، بل سيتعدى ذلك إلى إخواني البنين الذين هم في سن المراهقة ، وسيندمجون مع أولاد الطبقات الفاسدة التي لا تعرف إلا طريق الفساد والانحراف .. وأختي ، أكيد أنها ستنزع الحجاب ، وأمي ، وأبي .
وإذا أصبحت مضيفة فمن يضمن لي ألا أحترق في الطائرة فأكون قد خسرت الدنيا والآخرة .. تساؤلات كثيرة ومثيرة كادت تحطم رأسي فأحس به يكاد ينفجر .. لقد تواردت عليَّ تلك التساؤلات دفعة واحدة ، فسيطرت على كياني وكأنها شبح يخنقني ، ولا يفارقني حتى وأنا أقوم ببعض أعمال البيت ، فأترك ما في يدي ، وأضرب رأسي بكفي ، وأقول : كفى .. كفى .. لن أتخلى عن الفن مهما كانت العواقب ...
أحسست أن هناك صراعاً داخلياً في نفسي بين شخصيتين ؛ الأولى : تقول لي : إياك أن تبتعدي عن الفن ... إنه حلم حياتك .. إنه المجد والشهرة والغنى والسعادة ...!
والثانية : تأمرني بأن أبتعد عن الفن ، وتقول لي : إياك إياك .. فإنه الخسران المبين ، وسوف تندمين . .
واحتدم الصراع في داخلي ، حتى انتهيت إلى قرار يريحني ويرضاه عقلي ، وقبل ذلك يرضاه ربي وخالقي ... فقد رفضت أن أكون فنانة ماجنة ، أو دمية متحركة باسم الفن ، أو خادمة باسم مضيفة ، واستسلمت لله ، وقلت : ما أحلى الحياة مع الله والعيش في كنفه ، وسحقاً لهذه الدنيا الزائلة ، وملذاتها وبريقها الخادع :
((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) ( النحل : 97) .

وبعد هذا القرار أصبحت أكثر اطمئناناً .. لا أرهب الموت ، ولا أقيم للدنيا ووزناً .. أنظر إليها وكأن أجلي سيكون غداً أو في أقرب لحظة ، وكلما رأيت شيئاً جميلاً أو حديقة غناء أقول لنفسي الجنة أجمل وأدوم ، وكلما رأيت نفسي تجنح لسوء أو شيء يغضب الله عز وجل أتذكر على الفور جنة الخلد ونعيمها السرمدي الأبدي ، وأتذكر لسعة النار على يدي فأفيق من غفلتي .. هكذا كنت أدرِّب نفسي بنفسي على تقوى الله عز وجل والخوف منه .. وكما كنت في الماضي أتشوق إلى أن أكون داعية لديني ..والحمد لله أني تخلصت من كل ما يغضب الله عز وجل من مجلات ساقطة ، وروايات ماجنة وقصص تافهة ، أما أشرطة الغناء فقد سجلت عليها ما يرضي الله عز وجل من قرآن وحديث .. كل ذلك حدث بعد تأديتي فريضة الحج للمرة الثانية ، وقد أديت عمرتين في رمضان والله الحمد .
أختي الفاضلة : ألا ترين أن الله كان معي حيث أنقذني من الضلال ، وجاء بي إلى هذه الأرض المقدسة ، ولبست الحجاب الشرعي ، وتخلصت من الأفكار الفاسدة التي كانت تجول في خاطري ..وأيضاً أصبحت حاجَّة ومعتمرة وأنا في زهرة شبابي .. حقيقية .. إنها نعم عظمية أجد نفسي عاجزة عن شكرها والثناء على مسديها سبحانه وتعالى مهما لهج لساني بشكره ، وكَلَّتْ جوارحي بالعمل فيما يرضيه ..
وأخيراً ، نصيحة غالية أقدمها للفتاة السعودية :
تمسكي بحجابك المميز ؛ فإنه رمز عفتك وشرفك ، وعزتك وجمالك الحقيقي ، وإياك أن تتخلي عنه مهما كانت الضغوط ومهما كانت الأحوال .. تمسكي به واحرصي عليه كحرصك على الحياة . أنت يا فتاة الجزيرة أكثر الفتيات حظاً في الدنيا – والآخرة إن شاء الله – لأنك أكثر فتاة في العالم تنعم بالحرية .. إنها حرية مع مراعاة حدود الله ، والدليل على ذلك أني مصرية ، وألبس النقاب في بلدي .. ألبسه في المحاضرات فتحتبس أنفاسي وأنا جالسة لمدة ساعتين أو أكثر بسبب الاختلاط ووجود الرجال ، أما أنت فتدخلين المدرسة أو الكلية وليس فيها رجل واحد ، فتكشفين وجهك وشعرك دون أن يعكر صفوك رجل يختلط بك .
احذري أن تقول إن الفتاة المصرية أو غيرها تتمتع بالحرية .. لا وألف لا ، بل أنت التي تنعمين بأكبر قدر من الحرية والاحترام ، وأما حرية الفتاة المصرية – حرية الاختلاط والتبرج والسفور – فنحن لا نسميها حرية ، بل هي عبودية للنفس والهوى والشيطان ، ورق عصري في ثوب جديد حيث تتحول المرأة إلى دمية متحركة لا روح فيها ولا حياة .
أختك في الله ..........
مصر
رد مع اقتباس