عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 02-24-2008, 09:01 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

أشعرهم أنك تحب الخير لهم ..
كلما كان قلبك مملوءًا بالمحبة والنصح للآخرين .. كلما صرت صادقًا في مهاراتك في التعامل معهم .. وكلما أحس الناس بحبك لهم .. ازدادوا هم أيضًا لك محبة وقبولاً ..
كانت إحدى الطبيبات تمتلئ عيادتها الخاصة دائمًا بالمراجعات .. وكانت المريضات يرغبن في المجيء دائمًا وكل واحدة تشعر أنها صديقة خاصة لهذه الطبيبة .. كانت هذه الطبيبة تمارس مهارات متعددة تسحر بها قلوب الآخرين ..
من ذلك .. أنها اتفقت مع السكرتيرة أنها إذا اتصلت إحدى المريضات تريد أن تتحدث مع الطبيبة أو تسألها عن شيء يخص المرض .. فإن السكرتيرة تسألها عن اسمها .. وترحب بها .. ثم تطلب منها التكرم بالاتصال بعد خمس دقائق ..
ثم تأخذ السكرتيرة الملف الخاص بهذه المريضة .. وتناوله للطبيبة .. فتقرأ الطبيبة معلومات المريضة .. وتنظر إلى بطاقتها الخاصة .. ومعلوماتها الكاملة بما فيها وظيفتها وأسماء أولادها .. فإذا اتصلت المريضة .. رحبت بها الطبيبة .. وسألتها عن مرضها .. وعن فلان ولدها الصغير .. وأخبار وظيفتها .. و ..
فتشعر المريضة أن هذه الطبيبة تحبها جدًا لدرجة أنها تحفظ أسماء أولادها وتتذكر مرضها .. ولم تنس مكان عملها .. فترغب في المجئ إليها دائمًا .. أرأيت أن امتلاك القلوب وأسرها سهل جدًا ..
ولا بأس أن تُعبر عن محبتك للآخرين بكل صراحة .. سواء كانوا أبًا أو أمًا .. أو زوجة أو أبناء .. أو زملاء وجيران .. لا تكتم مشاعرك نحوهم .. قل لمن تحبه : أنا أحبك .. أنت غالٍ إلى قلبي .. حتى لو كان عاصيًا قل له : إنك أحب إلي من أناس كثييير .. ولم تكذب فهو أحب إليك من ملايين اليهود .. أليس كذلك .. كن ذكيًا ..
أذكر أني ذهبت مرة لأداء العمرة .. وكنت خلال الطواف والسعي أدعو للمسلمين جميعًا .. بالحفظ والنصر والتمكين .. وربما قلت : اللهم اغفر لي واغفر لأحبابي وأصحابي .. وبعد انتهائي من شعائرها .. حمدت الله على التيسير ..
ثم اكتريت فندقًا لأبيت فيه .. فلما وضعت رأسي على وسادتي كتبت رسالة عبر الهاتف المحمول أقول فيها : « الآن أنهيت العمرة وتذكرت أحبابي وأنت منهم فلم أنسَك من الدعاء الله يحفظك ويوفقك » .. انتهت الرسالة ..
أرسلتها إلى الأسماء المخزنة في ذاكرة الهاتف .. كانت خمسمائة اسم .. لم أكن أتصور التأثير العجيب لهذه الرسالة في قلوب الآخرين ..
منهم من أرسل إليّ : والله إني أبكي وأنا أقرأ رسالتك.. أشكرك أنك ذكرتني بدعائك ..
وآخر كتب : والله يا أبا عبد الرحمن ما أدري بم أرد عليك ! ولكن جزاك الله خيرًا ..
والثالث كتب : أسأل الله أن يستجيب دعاءك .. ونحن والله لا ننساك ..
نحن في الحقيقة نحتاج بين الفينة والأخرى أن نُذكّر الناس بأننا نحبهم .. وأن كثرة مشاغل الدنيا لم تنسنا إياهم .. ولا بأس أن يكون ذلك بمثل هذه الرسائل .. يمكن أن تكتب إلى أحبابك : دعوت لكم بين الأذان والإقامة .. أو في ساعة الجمعة الأخيرة .. وإذا كانت نيتك صالحة فلن تكون في هذا إظهار للعمل أو رياء .. وإنما زيادة ألفة ومحبة بين المسلمين ..
أذكر أني ألقيت محاضرة في مخيم دعوي صيفي في مدينة الطائف .. في جبال الشِّفا وهي متنزَّه يجتمع فيه أعداد كبيرة من الشباب .. كان أكثر الحاضرين هم من الشباب الذين يظهر عليهم الخير والصلاح .. أما الشباب الآخرون فقد بقوا في أطراف المتنزهات ما بين لهو وطرب ..
انتهت المحاضرة .. أقبل جمع من الشباب يسلمون .. كان من بينهم شاب له قصة شعر غريبة ويلبس بنطال جينز ضيق .. أقبل يصافح ويشكر .. فسلمت عليه بحرارة .. وشكرته على حضوره وهززت يده وقلت : وجهك وجه داعية .. تبسم وانصرف ..
بعدها بأسبوعين تفاجأت باتصال يقول : هاه ما عرفتني .. يا شيخ أنا الذي قلت لي وجهك وجه داعية .. والله لأصبحن داعية إن شاء الله .. ثم صار يشرح لي مشاعره بعد تلك الكلمات ..
أرأيت كيف يتأثر الناس بصدق العبارة .. والمحبة ..!
أما رسول الله غ فقد كان يأسر قلوب الناس بروعة أخلاقه .. وقدرته على إظهار محبته الصادقة لهم ..
كان أبو كبر وعمر .. أجل الصحابة رضي الله عنهم .. وكانا يتنافسان في الخير دومًا .. وكان أبو بكر يسبق غالبًا .. فإن بكَّر عمرُ للصلاة وجد أبا بكر سبقه .. وإن أطعم مسكينًا وجد أبا بكر سبقه .. وإن صلى ليلة .. وجد أبا بكر قبله ..
وفي يوم أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالصدقة لسد حاجة نازلة نزلت بالمسلمين .. وافق ذلك الوقت أن عمر عنده سعة من المال .. فقال : اليوم أسبق أبا بكر .. إن سبقته يومًا ..
ذهب عمر فجاء بنصف ماله .. فدفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فما أول كلمة قالها صلى الله عليه وسلم لعمر لما رأى المال ؟ هل سأله عن مقدار المال ؟ أم سأله عن نوعه ذهب أم فضة ؟ .. لا .. بل لما رأى غ كثرة المال .. تكلم بكلمات يستنتج منها عمر أنه محبوب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر : ما أبقيت لأهلك يا عمر ؟ ..
قال عمر : يا رسول الله .. أبقيت لهم مثله ..
ويجلس عمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم منتشيًا .. ينتظر أبا بكر ..
فيأتي أبو بكر رضي الله عنه بمالٍ كثير فيدفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر واقف مكانه .. يرى العطاء ويسمع الحوار .. فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يلتفت إلى ما يحتاجه من مال .. يسأل أبا بكر : يا أبا بكر .. ما أبقيت لأهلك ؟ ..
نعم فهو يحب أبا بكر .. ويحب أهله .. ولا يرضى بالضرر عليه ..
قال أبو بكر : يا رسول الله .. أبقيت لهم الله ورسوله ..
أما المال فقد أتيت به جميعًا .. لم يأت بنصفه .. ولا بربعه .. وإنما أتى به كله .. فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن قال : لا جرم .. لا سابقت أبا بكر أبدًا ..
كان الناس يشعرون أنه صلى الله عليه وسلم يحبهم .. فكانوا يهيمون به حبًا .. صلى بهم صلى الله عليه وسلم إحدى الصلوات .. فكأنه عجَّل بصلاته قليلاً حتى بدت أقصر من مثيلاتها .. فلما انقضت الصلاة .. رأى صلى الله عليه وسلم تعجب أصحابه .. فقال لهم : لعلكم عجبتم من تخفيفي للصلاة ؟
قالوا : نعم ! .. فقال صلى الله عليه وسلم : إني سمعت بكاء صبي فرحمت أمه .. !!
أرأيت كيف يحب الآخرين .. ويظهر لهم هذه المحبة من خلال تعامله ..



لست وحدك ..
أظهر عواطفك .. كن صريحًا : أنا أحبك .. فرحت بلقياك ..
أنت غال إلى قلبي ..

رد مع اقتباس