عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 10-11-2011, 11:28 PM
أبو عبد الله محمد السيوطي أبو عبد الله محمد السيوطي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الذي سيغير الأمر هو الاعتراف بالحق و الرجوع اليه ... أما الاصرار فستكون عواقبه لا يعلمها الا الله

يقول تعالى : " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي (((عَمِلُوا))) - لماذا؟!!! - ..... لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ "

فليست الحكمة من وجود الفساد و الشرور هي أن يقودنا الغضب حتى يجعلنا نعطل عموم كلام نبينا صلى الله عليه و سلم
و ليست الحكمة هي أن نثور و نغضب بل لنتهم أنفسنا و نرجع الى ربنا

فها هو رب السماوات و الأرض يخبرنا عن حكمته من ظهور الفساد - و هو سبحانه قادر ألا يظهره- .. يقول " لعلهم يرجعون " لا لعلهم يثورون و يغضبون

يقول الطبري رحمه الله : وقوله: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) يقول جل ثناؤه: ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوا، ومعصيتهم التي عصوا (لَعَلَّهُمْ يَرجِعُونَ) يقول: كي ينيبوا إلى الحقّ، ويرجعوا إلى التوبة، ويتركوا معاصي الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. اه

و يقول السعدي رحمه الله : أي: استعلن الفساد في البر والبحر أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.
هذه المذكورة {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.اه

و لذلك يقول صلى الله عليه و سلم " يا معشر المهاجرين ! خصال خمس إذا ابتليتم بهن و أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا و لم ينقصوا المكيال و الميزان ...إلا أخذوا بالسنين و شدة المؤنة (((و جور السلطان عليهم))) و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء و لولا البهائم لم يمطروا و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز و جل و يتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم .
قال الألباني في الصحيحة: حسن و قال في صحيح الجامع : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7978 في صحيح الجامع

و الخطوة الأولى لرفع هذه العقوبات - التي منها جور السلطان – هي العودة الى دين الله الحق و التوبة اليه و الاستغفار ........ يقول صلى الله عليه و سلم : « إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ » أخرجه أبو داوود و البزار و البيهقي و صححه الألباني رحمه الله
و هذا هو الرسول صلى الله عليه و سلم قد جعل سبب رفع الذل هو الرجوع الى دين الله ..... فكيف نهون من شأنه و نهين و نتهم من يأمر الناس من الشيوخ بالرجوع الى دين الله؟!!
و مثل هذا قول الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "
و قوله سبحانه : " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
يقول الطبري رحمه الله : " وقوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) يقول تعالى ذكره: (إن الله لا يغير ما بقوم) ، من عافية ونعمة، فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم= (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من ذلك بظلم بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعض، فَتَحلَّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره.اه
و يقول الحافظ بن كثير رحمه الله : وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَهْم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ وَلَا أَهْلِ بَيْتٍ يَكُونُونَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَيَتَحَوَّلُونَ مِنْهَا إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إِلَّا تَحَوَّلَ لَهُمْ مِمَّا يُحِبُّونَ إِلَى مَا يَكْرَهُونَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مِصْدَاقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} اه
و يقول ابن عباس رضي الله عنه : {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} من أَمن ونعمة {حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} بترك الشُّكْر اه
و شكر النعم هو عبادة الله تعالى بفعل أوامره و اجتناب نواهيه و طاعة نبيه صلى الله عليه و سلم
و يقول السعدي رحمه الله : {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} من النعمة والإحسان ورغد العيش {حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.
وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة . اه

و قد جعل القراّن الاستغفار و التوبة (((سبب))) لرفع الظلم و البلاء و جلب رغد العيش يقول تعالى: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) (((أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ))).......... - هذه هي الدعوة الى التوحيد فلم يقل تمسكوا بالدنيا و أسبابها المادية أولا ثم بعد ذلك وحدوا الله!! -............ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) هود

يقول السعدي رحمه الله : {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} عن ما صدر منكم من الذنوب {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} فيما تستقبلون من أعماركم، بالرجوع إليه، بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه.

ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال: {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا} أي: يعطيكم من رزقه، ما تتمتعون به وتنتفعون.

{إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} أي: إلى وقت وفاتكم {وَيُؤْتِ} منكم {كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} أي: يعطي أهل الإحسان والبر من فضله وبره، ما هو جزاء لإحسانهم، من حصول ما يحبون، ودفع ما يكرهون.


وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) اّل عمران

أما أن نصر على مخالفاتنا بل نحاول اثبات صحتها بكل السبل حتى و لو بايقاظ شبه خروج السيدة عائشة رضي الله عنها أو خروج بعض الصحابة رضي الله عنهم لاثبات أن مذهب السلف ليس عدم الخروج على الحاكم الظالم .. و هذا يعطي الفرصة للجهال و الحاقدين أن يطعنوا في الصحابة و يصفونهم بالتضارب أو بمخالفة قول نبيهم

و لذلك فمن الواجب على كل من علم الحق في المسألة أن يوضحه بأدب و حكمة ... فهذا من باب النصح للمسلم و ارادة الخير
أما أن نتركه هكذا دون نصح فهذه أكبر خيانة

فكيف تقول ان هذا الكلام لا ينفع؟ كيف اذن سنعود الى الحق و نعترف بخطئنا؟
التوقيع

روى الامام مسلم و غيره عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ، بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ، سَدَادَ السَّهْمِ»

و في رواية : قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ» ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهِ

رد مع اقتباس