عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-30-2010, 03:19 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




3agek13 خطب مدرسة الحياه (مكتوبة )....... للشيخ ابو اسحاق الحوينى

 

سِلْسِلَة مُحَاضَرَات
مَدْرَسَة الْحَيَاة
لعام : 1428
فَضِيْلَة الْشَّيْخ
أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي
حَفِظَه الْلَّه



مقدمة:

إن الْحَمْد لِلَّه تَعَالَى نَحْمَدُه وَنَسْتَعِيْن بِه وَنَسْتَغْفِرُه وَنَعُوْذ بِاللَّه تَعَالَى مِن شُرُوْر أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا مَن يَهْدِى الْلَّه تَعَالَى فَلَا مُضِل لَه وَمَن يُضْلِل فَلَا هَادِى لَه وَأَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَأَشْهَد أَن مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُوْلُه.
أَمَّا بَعــــــد.
فَإِن أَصْدَق الْحَدِيْث كِتَاب الْلَّه تَعَالَي وَأَحْسَن الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ، وَشَّر الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِه وَكِلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي الْنَّار الْلَّهُم صَلّى عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد ، وَبَارِك عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد.
الْتَّجْرِبَةِ أَعْوَنَ مَا يَسْتَعِيْنُ بِهِ الْعَاقِلُ عَلَىَ مَعْرِفَةِ حَاضِرَهْ وَمُسْتَقْبَلِه:ِ فقد تكرر كثيرًا في القرءان المجيد قصص الأنبياء وقصص الأمم ، وهذا الذي يسميه علماء التاريخ بتجارب الأمم ، والتجربة أعون ما يستعين به العاقل على معرفة حاضره ومستقبله إذ الماضي لا سبيل إلى إيجاده مرة أخرى ، فما ثمَّ إلا الحاضر والمستقبل ، فإذا كان الرجل عاقلاً متأملاً ، استفاد مما مضى لما هو حاضر ولما هو آتٍ ، والعلماء يقولون: أنه يجوز أن نعلق بعض الأحكام على التجربة ,ويُستدل بذلك لما أخرجه الشيخان في الحديث الشهير في معراج النبي- ﷺ -(لمّا فرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة فمرَّ بموسى- عليه السلام- فقال له ماذا أعطاك ربك قال: أمرني بخمسين صلاة في اليوم والليلة فقال له: إن أمتك لن تستطيع وإنني جربت الناس قبلك وأنني عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسأله التخفيف) ,الشاهد: أنه- عليه السلام- قال للنبي ( إني جربت الناس قبلك ، وإن أمتك لن تستطيع ) .وفي صحيح مسلم من حديث جُزامة بنت وهب الأسدية أن النبي قال:" لقد هممت أن أنهي عن الغِيل فذكرت فارس والروم فإذا هو لا يضر أولادهم "( والغيل )أن يأتي الرجل امرأته وهي ترضع ، أي وهي مرضعة وليس في حال إرضاعها ، إنما وهي في فترة الرضاع ، وهذا هو معنى الغِيل أو الغِيَال أو الغِيلَة ,وهذه الألفاظ كلها وردت في طرق هذا الحديث وفي غيره كحديث أسماء بنت يزيد عند أبي داود وغيره وحديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط وفي أحاديث أخري كحديث بن عباس بسند صحيح عند الطحاوي في شرح معاني الآثار وعند الطبراني في الكبير ,الغِيل:أن يأتي الرجل امرأته في حال إرضاعها أو في فترة الرضاع ، فاستدل النبي بالنظر إلى حال فارس والروم كاد أن ينهى فأباح لما نظر إلى حال هؤلاء وأنه لا يضرهم .
رَأْيَ أَهْلَ الْطِّبُّ فِيْ حَمْلِ الْمَرْأَةُ حَالَ إِرْضَاعِهَا:أهل الطب يقولون إن المرأة إذا حملت في وقت إرضاعها يؤثر ذلك على اللبن وفي حديث أسماء بنت يزيد أن النبي قال: " لا تقتلوا أولادكم سرًا فإن الغِيل يدرك الفارس على فرسه فيدعثره " الشاهد من الحديث:أي إذا رضع الولد رضع من أمه وهي حامل فيؤثر ذلك على بنيانه الجسدي فلربما ركب هذا الولد لما صار فارسًا ربما ركب فرسه فيدركه الضعف الناتج عن الرضاع أيام الحمل .فيدعثره عن فرسه: أي يسقطه عن ظهر فرسه ، فكأنما قتل سرًا أي قتل ولا يعلم أحد السبب في سقوطه عن ظهر فرسه ، فالنبي استدل بالنظر إلى أن فارس والروم كانوا يفعلون ذلك وكان لا يضرهم .وفي كتاب الله عز وجل في آيات كثيرة جدًا الأمر بالنظر إلى مصائر الأمم قبلنا ، وهذا الذي قالوا عنه أيضًا تجارب الأمم كما قال الله تبارك وتعالي-﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ * فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ وكما قال تعالي: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ( إبراهيم:45) ,الشاهد من الآية:فحذرنا تبارك وتعالي أن ننزل في مساكن الذين ظلموا وألا نعتبر ، والرسول كما في حديث بن عمر لما مرَّ بالحجر بديار ثمود استحث راحلته على السير وقال:" إذا دخلتم على هؤلاء المعذبين فأسرعوا " الشاهد من الحديث: الأمر بالإسراع خشية أن يحيق بكم ما حاق بهم ، مع أن هؤلاء موتي ، وما يؤثر أن يمرَّ رجل على قبور كافرين إنما نبه النبي لشيء يحتاج إلى بعض تأمل ، وهو أنه إذا قال لك إذا مررت بقبر ميت كافر فأسرع ، فكيف تُساكن أنت الكافر وهو حي ، مع أن الميت لا يؤثر ، فهذا فيه عبرة للذين يُساكنون الكافرين أو يرحلون من بلادهم طواعيةً بغير موجب إلى بلاد الكافرين ,ثم يستوطنون هناك ليس الدين هو الذي دفعهم أو أخرجهم من ديارهم ، لا ، ما أخرجهم إلا الدنيا
يَسْرُدُ الْشَّيْخِ حَفِظَهُ الْلَّهُ قِصَّةَ لِأَحَدٍ الْمُهَاجِرِيْنَ أَثْنَاءِ تَوَاجُدِهِ فِيْ أَمْرِيْكَا:وأنا لا أنسي وأنا كنت في أمريكا مرة ودعانا أستاذ في كلية الهندسة مصري وكان مدرسًا في كلية الهندسة جامعة الأزهر ثم حدث بينه وبين إدارة الكلية مشادة في مسألة الترقيات ، فترك بلده ثم هاجر واستوطن شيكاغو وعُين أستاذًا في الجامعة هناك ,دخل عليه ابنه عمره إحدى عشر سنة والولد لا يعرف حرفًا واحدًا من العربية ، واسمه محمد ، أمه كندية لا تعرف شيئًا قط والرجل يتخاطب في بيته مع امرأته بالإنجليزية ، عنده حوالي ثلاثة أولاد أو أربعة لا يعرف واحد منهم حرفًا من العربية ، حكي لي حكاية وهو يتوجع بعد فوات الأوان .
ملخص الحكاية: ، أنه هناك الخطف للبشر على قدم وساق ، عصابات لخطف الناس يأخذوهم ويبيعونهم قطع غيار ، الذي يحتاج كلية ، والذي يحتاج طحال أو قرنية أو كبد ، قطع غيار ، فهو من عادته أنه يغلق باب الفيلا والولد يلعب داخل الفيلا ، خرج يبحث عن الولد لم يجده،ناداه لم يجده ، جُنَّ جنونه ، قال: خطفوه وسيبيعونه قطع غيار خرج يجري في الشوارع حتى وجد الولد على شاطئ نهر قريب من الفيلا ،وأول ما وجد الولد انهال عليه ركلاً وضربًا ، وهو يضرب الولد مرت دورية شرطه فأمسكت به ، واحد وعشرين يوم حبس وتحقيق لماذا يضرب الولد ؟ .
أنا أريك بعض الآفات للذين يمسحون خدهم بنعلهم:وأشرف ما في الوجه وأرقه وحُرُّه هذا الخد ، فيصل الحال بالإنسان أن يمسح هذا الخد بالنعل ، وهذا هو الذين يرحلون من بلادهم إلى بلاد الكافرين يبحثون عن الدنيا ، وهذه كلها تجارب ، إذ الإنسان لم يستفد من التجارب حق الاستفادة ، سيخسر حاضره ولن يكسب مستقبله ,النظام هناك أنه ممنوع الضرب .
مَالَّذِيَ تَرَتَّبَ عَلَيَّ مَنْعِ الْضَّرْبِ بِالمَدارِسَ ؟ وَمَا مَصْدَرُهُ؟وطبعًا هذا هو الذي انتقل إلى المدارس عندنا ، كان المدرس يستطيع أن يؤدب الولد الآن المدرس لا يستطيع أن يمد يده على الولد ، الولد يقوم بتحرير محضر له في القسم مباشرة ، والأستاذ يظل عاجزًا تمامًا لا يستطيع أن يفعل شيئًا ، هذه كلها ثقافة وسياسة تعليمية انتقلت عندنا ، ما هو المقصود منها ؟ المقصود منها أن ينفلت الولد من يوم أن يولد فلا رقيب ولا حسيب ولا جهة عقوبة ؟، وأُخذ عليه عهد والميثاق أنه لو تكرر منه مثل هذه المسألة سيكون التصرف معه أشد من ذلك ,هذا فضلاً عن الإباحية المطلقة هناك الزنا ، شرب الخمرالدعارة ، كل أنواع الفجور المتوقعة موجودة هناك ,رجل مسلم قرأ القرءان وسمع أحاديث النبي يذهب إلى بلاد الكافرين يجالسهم ويلابسهم ويأخذ من أخلاقهم والرسول يمر على الحجر من ديار ثمود فيتقنع ويستحث راحلته على سرعة السير في المقابر ويقول:" إذا دخلتم على هؤلاء المعذبين فأسرعوا " ، ثم يأتي الأحياء الذين نهوا عن ذلك وقال كما في حديث جرير بن عبد الله- رضي الله عنه-" لا يجامع المشرك إلا مثله " " لا تتراءى نارهما " ، لو أوقد رجل مسلم نارًا على قمة جبل وأوقد رجل مشرك نارًا على قمة جبل أخر لكان ينبغي ألا يرى أحدهما نار الأخر ,ولك أن تتصور المسافة التي تكون بين الجبلين ، حتى أن المرء إذا صعد قمة الجبل لا يرى النار المشتعلة على قمة جبل أخر ، وفي هذا حث شديد على المباعدة بقدر المستطاع عن هؤلاء .
الاعتبار التاريخ مسألة في غاية الأهمية ، أمراض الأمم واحدة وموجب العذاب واحد﴿ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾ (الشمس:14) ، وقال تعالى:﴿ فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ﴾(العنكبوت:40) ، فموجب العذاب واحد وأمراض الأمم واحدة .وكما قال علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: (واستدل على ما لم يكن بما كان فإن الأمور اشتباه) أي أن الذي حدث أمس هو هو الذي يحدث اليوم ، هو هو الذي سيحدث غدًا ، ما الجديد في ذلك ؟ الشخوص الذين عاينوا أمس ليس هم الذين يعيشون الآن والذين سيلابثون هذا ليس هم الذين يعيشون الآن ، بل هي أمة تأتي ,كمثل الذي يكون معه خطبة واحدة ويلف الجمهورية بخطبة واحدة فالخطبة قديمة بالنسبة له جديدة لكل مستمع ، كلما دخل بلد فلا يوجد غير هذه الخطبة ، فتكون جديدة على أهل البلد وعلى هؤلاء وهؤلاء ، أما هي بالنسبة له فقديمة ,إنما قدمت لهذا بين يدي هذه المجالس التي ستستمر معنا في هذا الشهر الكريم وما بعده من الأشهر ، والتي كنت عنونتها بعنوان مدرسة الحياة ، ومدرسة الحياة ، التي هي التجارب .
أَفْضَلُ مِنْ يَسْتَفِيْدُ بِالتَّجَارِبِ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ: عندهم علم وعندهم حكمة وعندهم تأمل ، أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال كما في الصحيحين " كنا نهينا أن نسأل رسول الله ، فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية يسأل ونحن نسمع" قال:"يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل"لماذا ؟ نهوا عن السؤال ويحتاجون إلى معرفة أشياء ذات بال ، الذي يسأل عن الشيء ذي البال , الرجل العاقل ولذلك يقول سفيان بن عيينة: وقد سأل أصحابه يومًا وهذا السؤال يسأل إليكم أيضًا : من أحوج الناس إلى العلم ؟قال سفيان:أحوج الناس إلى العلم هم أهل العلم ، لماذا ؟ لأنهم منارات الناس ، كلما يريد أحدُنا شيئًا إنما يفزع إلى واحد من أهل العلم ، والجهل بهم قبيح ، وهذا كلام سفيان بن عيينة- رحمه الله- ، ونحن مع رجل عالم له تجربة واسعة وعريضة ، وكلما لابث العالم الناس ،كان على وعظه وإرشاده من البهاء ما لا يكون على كلام حبيث المكتبة ، رجل يحبس نفسه في المكتبة لا يتعامل إلا مع الكتب ، تراه في معالجة المسائل يختلف عن الرجل الذي لابث الناس وعايشهم .
أميز ما يميز الذي لابث الناس عن غيره أنه يستطيع تنزيل الدليل على الواقع :وأرى أن هذه من أجل مهمات العلماء ، ليس من مهمة العالم فقط أن يلقي الدليل ساذجًا إلى السائل ، المسألة الفلانية يقول له دليلها كذا ، أنت ممكن تعطيه الدليل وهو يختلط عليه لا يعرف كيف يتعامل مع الدليل ، فحينئذٍ يعطيه أهل العلم من فقههم وفهمهم فينزلون الدليل على واقع المستفتي .مثلاً: أرسل لي أحد الأشخاص رسالة على المحمول ، يقول فيها:امرأتي تسبني وتسب أهلي بأغلظ أنواع السباب وبصقت في وجهي وجرحتني بالسكين ، وأمرتها أن تجلس من العمل فأبت وقالت أطلق ولا أترك العمل فهل لو طلقتها أكون طالمًا لها ؟ فهذا ماذا نقول له ؟ وأنت أمام المشاكل الذي أنا قلتها وأنت تريد أن تنزل الدليل على الواقع ، فماذا تقول له ، لو امرأة بصقت في وجه زوجها ، وليس ذلك فقط ، إنما هي تقول له لو أبوك خلف رجل طلقني ، فهذا الرجل أفتاك وقال لك أطلقها أم لا ؟ تقول له طلقها أم لا ، هذا الرجل لو سألني أقول له لا تطلقها ، لماذا ؟ لأنك تنفخ في قربة مقطوعة ، لأن شيء واحد مما ذكرته لكم كفيل بطلاقها ، هذا رجل ليس عنده شخصية لا يستطيع أن يتخذ القرار لو حاولت أن توقفه وتجعله رجل سيتخلى عنك ، ولن يعرف أن يقوم بالدور الذي تريده تقول له قف وأدبها وربيها وغير ذلك ، كان رباها قبل أن يسألك لا ينفع لأن مثل هذا من الجناية عليه أن تقول له طلقها ، لكن تقول له إيه ماذا حدث؟ ، وماذا الذي يضر إذا بصقت في وجهك ، ولما تقول أبوك خلف رجل ، فهؤلاء الأولاد من أين ؟ ولو أمسكت لك السكين فأحسن بها الظن ماذا تقول له غير ذلك ، لأن شخصية هذا لا ينفع أن تقول معه غير ذلك ومثل هذا منذ عشرين سنة في هذا العناء والتعب يكمل حياته ، تعود على هذه المسألة ولا يري أن من العار أن يكمل حياته مع امرأته وبصقت في وجهه هو لا يرى ذلك عار ، فأنت لما تقول له طلقها ممكن تأخذه الحمية يطلقها ثم يذهب يبكي لها ويقول لها أنا أريد أن أرجعك ، فيلزم وأنت تتعامل مع الناس أن تعرف .ثانياً: وأنت تفتي الناس إياك أن تفتيهم بقناعتك ، لأنك ممكن تجني عليه لأنه قد يكون على مستواك الشخصي لا تسمح للمرأة مطلقًا أن ترفع طرفها فيك وليس أنها تتكلم ، ولا تنطق ,مثل عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في الحديث الذي في الصحيحين من حديثه رضي الله عنه- لما يقول عمر ولما هاجرنا إلى الأنصار ، إذا نساؤنا طفقن يأخذن من أدب نساء الأنصار طبيعة البدو أو الناس الذين هم القرشين وغير ذلك لا يسمح للمرأة تناقش المرأة ليس لها إلا الخدمة والاستمتاع فقط ، بخلاف المدينة تجد الرجل يدلع المرأة ، عندهم رقة في التعامل ويستخدمون الألفاظ الجميلة ومثل ذلك إنما الجماعة القرويون وأهل البدو ليس عندهم هذه القصة ويرون أن هذا ضعف في معاملة النساء , فلما هاجر المهاجرون إلى المدينة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يقول: (فطفقن نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار ، فصخبت علي امرأتي ذات يوم فراجعتني ) أنا أريد أن تتأمل الألفاظ التي استخدمها عمر بن الخطاب مجرد أن تراجعه قال: "صخبت على امرأتي وصخبت: أي صرخت وعملت ضجة مجرد فقط أن قالت له ما رأيك نعمل هذه بل هذه ، قال: صخبت على امرأتي ذات يوم فراجعتني فتناولت قضيبًا فضربتها ، كيف تراجعني ؟ فقالت:(أو في هذا أنت يا ابن الخطاب) ألا زلت تعيش في الزمن القديم الدنيا تغيرت ، إن أزواج النبي يراجعنه ويهجرنه الصبح حتى الليل ، ليس فقط يراجعوه بل يغضبون منه ويهجروه، وأنت تنكر عليَ مراجعتك وأتناول معك الكلام وأعترض فلما سمع عمر هذا ، انزعج وقال أو تفعل حفصة ذلك .
مَتَىَ يَكُوْنُ هَجَرَ الْفِرَاشِ مَعَ الْدَّلِيلِ؟وتأمل الكلام يهجرنه الصبح حتى الليل ، وليس الليل حتى الصبح ، لأن النبي قال:" إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح " وأزواج النبي لا يقعون في مثل هذه المسألة ، فالهاجرة لفراش زوجها من الليل حتى الصبح وهذا هو الذي يقال فيه هجر الفراش .اليوم أنت ممكن لا تسمح لا امرأتك أن تنظر إليك ، فيأتيك واحد ويقول لك امرأتي عملت كذا وكذا وأقول لها فدفعتني على الباب ، وأنت باعتبار أنك لا تسمح لها أنها تنظر إليك ، ماذا تقول له ؟ ستقول له هذه ارميها من البلكونة أرسلها إلى أهلها ، لابد أن تؤدبها ، لا بد أن تجعلها تأكل التراب ، فأنت في الواقع لما أشرت عليه باعتقادك أنت بطبعك هذا الحامي لا ينفع طبعًا ، لا ينفع أن اعتقادك الشخصي أن تنزله على الناس ،لاحتمال أن يكون الرجل ليس كمثلك ، كما قلنا قصة الرجل السابق .
الْتَّجْرِبَةِ الَّتِيْ تَسْتَفِيْدُهُا مِنْ الْخَلْقِ لَابُدَّ أَنْ يُغَلِّفُهَا الْدَّلِيلِ الْشَّرْعِيِّ :لذلك قلنا أكبر الناس في ميدان التجربة قاطبة هم أهل العلم ، والعلم حاكم وعنده الفهم الذي يستطيع أن ينزل به الدليل على الواقع ، فلما جاء رجل إلى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يشتكي له فقال: إن فلانًا سبني ، قال له ماذا قال لك ، قال: قال لي:
خلي المكارم لا تسعى لبغيتها
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
الشاهد من الكلام: معني هذا البيت يقول له: اقعد أنت لست من أهل المعالي والمجد وغير ذلك ، أنت عملك أن تأكل وتشرب وتقعد على الأرض فهذا ذم فعمر بن الخطاب فال له وقد رأى الرجل متعصب وفلانًا سبني ، فقال له عمر وما تريد ؟ جعلك طاعمًا كاسيًا ، وهذه عمل الملوك يجلس أربعة وعشرين قيراط الأكل يأتي إليه ويلبس في منتهى اليسر والسهولة وغير ذلك ، ماذا تريد من الدنيا غير ذلك ، جعلك طاعمًا كاسيًا ، فقلبها فإذا كان الكلام فيه محتمل للتأويل أنا أستطيع أن أحل مشكلة بهذه المسألة ، فهذا يحتاج إلى فهم .
ولذلك بعض العلماء لما يضع عنوان على حديث أبو هريرة باب( الفهم في العلم ) أورد فيه حديث أبو هريرة في الصحيحين قال فيه أن النبي قال:" خرجت المرأتان على زمان داود عليه السلام ، كل امرأة معها ولد أي طفل فجاء الذئب فعدا على أحد الولدين وأكله واختصمت المرأتان على الطفل الباقي ، كل واحدة منهما تقول هذا ولدي لما اختصمتا إلى داود- عليه السلام- قضى به للمرأة الكبرى ،لأن القرائن كلها الظاهرة أن هذا الولد ابنها لأنها تبكي وتصرخ ويظهر عليه أنها متوجعة والمرأة الثانية تقف كالأسطوانة لا تتحرك ، وفي بعض الناس الحزن يقتله فلا يظهر عليه أي أثر ، لا يبكي ولا يتفجع ولا يتكلم بأي قول ، يقف هكذا مصمت ، بسبب شدة الحزن آخر الشوكة تجعله يصرخ حتى تسمعه الدنيا كلها ,فلما قضى داود عليه السلام بالولد للمرأة الكبرى ، فلما خرجتا لقيتا سليمان فاشتكت المرأة الصغرى إلى سليمان- عليه السلام- وقالت إن أباك قضى بهذا لهذه وهو ولدي ، فقال سليمان عليه السلام- : "ائتوني بسكين أقسمه نصفين" ، كل واحدة تأخذ نصفه ، فحينئذٍ صرخت المرأة الصغرى وقالت لا أريده ، أعطه لها ، لأنه لما يقول أنا سأقسم الولد نصفين وكل واحدة تأخذ نصف ، لن يتفجع على الولد في الحقيقة إلا الأم ، فهذا من باب الفهم في العلم .أنا ممكن يكون عندي الدليل نحن كبشر بعيدًا عن الأنبياء ولا نحسن فهم الدليل ,ولذلك قال تعالي:﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾(وحتى لا يظن ظان أن عدم الفهم في مسألة جزئية يلحق النقص بالإنسان قال الله- عز وجل- : ﴿وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾(الأنبياء:79) .
الرجل الفاضل قد تفوت عليه المسألة فيدركها من هو أقل منه :، كما حكيَ أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب- رضي اله عنه- وقالت:"يا أمير المؤمنين أن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل ، قال لها: بارك الله لك فيه ، فانصرفت المرأة فقال له قائل من الجلوس يا أمير المؤمنين إنها تشتكي زوجها ،"_
رد مع اقتباس