عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-26-2010, 06:54 AM
أبو يوسف السلفي أبو يوسف السلفي غير متواجد حالياً
" ‏مَا الْفَقْرَ ‏أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي‏ ‏أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ "
 




Tamayoz دروس دورة السيرة ( رسولنا قدوتنا )

 




بسم الله الهادي سواء السبيل ، والحمد لله لا نقبل له بديل ، وصلاة وسلاماً على أشرف الخَلْقِ صاحب الخُلُقِ الجميل وبعد ..


فهذا طَرْقٌ مني لبابِ علمٍ هو من أَجَلِّ العلوم ، ألا وهو سيرة خير الخلق أجمعين ، محمد النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم – سيدنا وحبيبنا وشفيعنا وهادينا ومخرجنا من الظلمات إلى النور ..


نحاول أن نتعرف في هذه الصفحات على سيرته العطرة الطيبة حتى نعرف كيف نتّبعه ، فقد قال ربنا جل في علاه (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) آل عمران (31) فقد علّق ربنا تعالى حبه وطاعته باتباع نبيه صلوات ربي وسلامه عليه .


وقد جرت العادة بين أهل أي علم أن يقدموا بين يديه قبل أن يشرعوا في كتابهم ، فعلى خطواتهم نسير ، وآثارهم نحاول أن نقتفي .


نبدأ رحلتنا بالتعرف على تلك المقدمات ، أسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد ، كما أسأله سبحانه الإخلاص في القول والعمل .


ولكن قبل البدء أذكركم بقول الشافعي :


العلم صيد والكتابة قيده ***** قيد صيودك بالحبال الواثقة


فمن البلاهة أن تصيد غزالة ***** وتفكها بين الخلائق طالقة



ولذلك أرجو منكم تدوين عناصر هذه الدروس حتى يتحقق النفع إن شاء الله



بسم الله نبدأ ..

· تعريف السيرة لغةً واصطلاحاً : -
تأتي السيرة في اللغة بمعانٍ متعددة ، منها :
1. السيرة بمعنى السنة : قال الشاعر :

فلا تجزعنّ من سُنّةٍ أنت سِرتَها ********** فأول راضٍ سُنّةً من يَسِيرها

وقوله ( أنت سرتها ) أي جعلتها سائرة في الناس .
2. السيرة : الطريقة : سار بهم سيرةً حسنة .
3. السيرة : الهيئة : قال تعالى (قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) (طه 21)
السيرة في الاصطلاح : ( حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – وطريقته من يوم مولده إلى يوم وفاته )
· ضرورة تعلم السيرة النبوية :
لقد حث السلف على تعلم سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – ومغازيه ( أي سيرته ) ، وبيّنوا فضل تعلمها ومن أقوالهم في ذلك ما روي عن علي ( زين العابدين ) بن الحسين بن علي بي أبي طالب قوله : " كنا نُعَلّم مغازي النبي – صلى الله عليه وسلم - كما نُعَلّم السورة من القرآن "
· الفوائد والثمرات المرجوة من دراسة السيرة النبوية :
1. تُمكّننا من اتباع النبي – صلى الله عليه وسلم - والاقتداء به .
2. توضح حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – وتبيّنه كيف كان أباً وزوجاً وقائداً ومربياً وداعياً ....... إلخ ، ومن ثَمّ يجد الإنسان صورة للمَثَل الأعلى في كل شأن من شئون الحياة .
3. التعرف على حياة الصحابة الكرام تأسياً بهم واتباعاً لهم ، فهم أفضل الخلق بعد الرسل – وصفهم عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قائلاً " أبَرُّ الناس قلوباً ، وأعمقهم علماً ، وأقلهم تكلفاً ، فاعرفوا لهم حقهم ، واقتدوا بهديهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " قاتل الله من عاداهم .
4. معرفة قَدْرِ النبي - صلى الله عليه وسلم – ومكانته ، وكيف أن الله – تبارك وتعالى – عصمه من الناس ، ومعرفة قدره تثمر حبه واتباعه .
5. الوقوف على التطبيق العملي لأحكام الإسلام التي تضمنتها الآيات والأحاديث في مجالات الحياة المختلفة .
· وصف عام لحال البشرية قبل مبعث النبي – صلى الله عليه وسلم - :
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا ( قال الله تعالى ) : كل مالٍ نحلته عبداً حلالٌ ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحَرّمَت عليهم ما أحْلَلَتُ لهم ، وأمَرَتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً ، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم ، عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب . وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك .. "
فقوله " وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم ، عربهم وعَجَمَهُم ، إلا بقايا من أهل الكتاب " فيه إشارة إلى انحراف البشرية عن منهج الرسل ، فكثر الشرك والفساد وعَمّ الظلم وعُبِدت المخلوقات .
· ومن صور الجهل والضلال الشديد الذي عُرف عن العرب قبل الإسلام :
1. ما رواه الإمام أحمد عن السائب بن عبد الله – وكان فيمن بني الكعبة في الجاهلية – قال : " ولي حَجَر نحته بيدي أعبده من دون الله ، فأجيء باللبن الخائر ( الذي اشتد وثخن ) الذي أنفسه على نفسي ( أي أبخل به ) فأصبه عليه ، فيجيء الكلب فيلحسه ثم يشغر ( يرفع إحدى رجليه ) فيبول .. " الحديث
2. وعن أبي رجاء العطاردي قال : " كنا نعمد إلى الرمل فنجمعه ، ونحلب عليه ، فنعبده ، وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض فنعبده زماناً ثم نُلقيه " (1)


نكتفي بهذا القدر ونكمل الدرس القادم إن شاء الله

(1) محاضرات في السيرة النبوية المطهرة ، د.طه عبد المقصود عبد الحميد (ص5-7 بتصرف)