فما عاينه الإنسان من الكيفيات التي تتعلق بالمخلوقات ، والتي دلت عليها ألفاظ الآيات ككيفية أداء الصلاة والزكاة والصيام وأفعال الحج وما شابه ذلك ، فهذا محكم المعنى والكيفية ، فلو سأل مسلم أعجمي لا يعرف العربية عن معنى الصلاة في قوله تعالى : { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } (1) ،
لقيل له بلسانه : الصلاة ، أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، فيسأل عن كيفية أدائها ؟ فيقال له : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نحاكيه تماما في الكيفية فقال مبينا ذلك في بعض الأحاديث النبوية : ( وصلوا كما رأيتموني أصلي ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) (2) .
أما إذا كان المعنى معلوما ، والكيف الذي دل عليه المعنى مجهولا ، كانت الآية من المتشابه باعتبار الكيف لا المعنى ، كما في جميع الأخبار والنصوص التي وردت في وصف عالم الغيب ، فالجنة مثلا ، سمعنا عن وجود ألوان النعيم فيها ، وأخبرنا الله بذلك في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلى الرغم من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية ألوان النعيم فيها : ( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فاقرءوا إن شئتم : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } ) (3) .
__________
(1) لبقرة:3 .
(2) خرجه البخاري في كتاب الآذان ، باب من قال فليؤذن في السفر مؤذن برقم (602) 1/226.
(3) لسجدة:17 ، والحديث أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في صفة الجنة ، برقم (3072) 3/1185.
|