عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 02-12-2009, 11:52 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا وأخبر الأمة - كما نَقل عنه ذلك أبو هريرة رضي الله عنه وأخرجه مسلم رحمه الله في صحيحه: - (إنَّ أفضلَ الصيام بعد رمضان صيامُ شهر الله المحرم, وأفضلَ الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل أو صلاة الليل).
والنبي صلى الله عليه وسلم يخبر في هذا الحديث - وفي أحاديث ليست في الصحيح ولكنها صحيحة ثابتة -: (أنَّ أفضل الصيام بعد الفريضة صيام شهر الله الذين تدعونه المحرم)، فأفضل الصيام هو الصيام في شهر الله المحرم, وأفضل الصلاة بعد المفروضة ما كان في جَوف الليل الآخر قِيَامًا لله وصَفًّا للأقدام بين يديه.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن فضلِ هذا الشهر - وهو من الأشهر الحرم - شهر الله الحرام الذي تدعونه المحرم، هذا الشهر الصيام فيه خير صيامٍ في العام إلا ما كان فرضًا, فاستثنى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شهرَ رمضان.
هل هو في صيام الشهر ككل؟
فإنَّ هنالك من الأيام ما هو خير بيقينٍ ولا نزاع في ذلك بل ذلك متفقٌ عليه بين أهل العلم كصيام يوم عرفة، فإنَّ أعظمَ الأيام في شهر الله المحرم هو اليوم العاشر منه, وهو يومِ عاشوراء.
وعند مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد سُئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ التي مَضَت)، يُكَفِّر ذنوب سَنَةٍ ماضية.
وهذا الحديث له روايات ومنها: (أحتسبُ على الله أنَّه يُكَفِّرُ ذنوبَ السَّنَةِ الماضية), وهذا أيضًا عند مسلمٍ في الصحيح رحمه الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ صيام يوم عاشوراء يُكَفِّرُ ذنوب سَنَةٍ مضت, وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ صيام يوم عرفة يُكَفِّرُ ذنوب سَنَةٍ خَلَت وذنوبَ سَنَةٍ بَقِيَت؛ فهو أفضل من يوم عاشوراء بلا نزاع.
فالنبي صلى الله عليه وسلم دَلَّنا على فضل الصيام في شهر الله المحرم بإجمال, ودَلَّنا صلى الله عليه وسلم على فضلِ صيامِ يوم عاشوراء على وجه الخصوص، ثم ذَكَرَ النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر فقال: (لئِن عشت إلى قابل لأصومن التاسع), فقبضه الله إليه قبل أنْ يأتيَ بذلك صلى الله عليه وسلم.
والعلماء - كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله وتبعه على ذلك ابن حجر كما في ((الفتح)) - قالوا: إنَّ أفضل الصيام في ذلك أن يصوم يومًا قبله ويومًا بعده.
الحديث الذي عند البيهقي في ذلك حديثٌ لا يثبُت فلا يُتخذ حجةً: (صوموا يومًا قبله ويومًا بعده) هذا غير ثابت, وإن اتكأ عليه ابن القيم رحمه الله في تقرير ما قرر.
ولكن أهل العلم يقولون: يصومُ التاسعَ, ويصومُ العاشرَ, ويصومُ الحاديَ عشر فيصوم يومًا قبله ويصوم يومًا بعده, قال هذا ابن القيم رحمه الله, وتبعه على ذلك ابن الحجر رحمه الله تعالى.
ثم إنَّ المرتبة التي تلي ذلك: أنْ يصومَ التاسعَ والعاشرَ.
قالوا: وأدنى المراتبِ أن يصومَ العاشرَ وحدَه، ولهم في ذلك تخريجات, وأَعْدَلُ ما يُمكن أن يُقبل من تلك التخريجات أنهم يقولون: إنَّ الإنسان قد يُخطأ في إثبات دخول الشهر, فلو صام يومًا قبله وصامَ يومًا بعده لكان مُوَافِقًا للعاشر بلا نزاع ولا خلاف, فهذا كلامٌ قالوه.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أنَّه يصوم التاسع إن عاش, وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخالف أهل الكتاب, فخالفهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا, ودَلَّ المسلمين على أنَّه إن عاش إلى قابل ليصومن التاسع، ثم قُبض صلى الله عليه وسلم, وصار الأمر بعد ذلك من سُننه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فعلى المسلم الحريص على دينه المُتَّبع لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يجتهد في صيام التاسع و العاشر, فإن لم يكن فلا أقلَّ من أن يصوم العاشر؛ فهو يومٌ صالح, وصيامه يُكَفِّرُ به الله ربُّ العالمين ذنوب سَنَةٍ خَلَت.
رد مع اقتباس