عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 12-28-2011, 04:26 AM
أبو الحارث الشافعي أبو الحارث الشافعي غير متواجد حالياً
.:: عفا الله عنه ::.
 




افتراضي

وتتميما للفائدة

ردا على ما جاء في كلام نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين
الدكتور عبدالله بن بيه رأيه في جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، معززاً رأيه بتأييد ابن تيمية لهذا الرأي في رسائله، إذ قال:

«إن تهنئة غير المسلمين مختلفٌ فيها بين العلماء. وفي مذهب الإمام أحمد ثلاث روايات بالمنع والكراهة والجواز. وهذه الرواية الأخيرة هي اختيار الشيخ تقي الدين بن تيمية لما في ذلك من المصلحة، وهي التي نختارها، فتجوز تهنئتهم وتعزيتهم وعيادة مرضاهم. نصَّ على هذه الروايات في هذه الحالات كلها المرداوي في الإنصاف، وما يذكر عن ابن تيمية في بعض الكتب الأخرى قد لا يتفق مع اختياراته الموثقة». انتهى كلامه حفظه الله

قلت :
هذه المسألة اختلطت على الشيخ ابن بيه حفظه الله ... فكلام الفقهاء في التهنئة على أمور الدنيا مخالف للكلام على التهنئة على عيد ديني لهم ... وهاهنا وقفة تأمل ...
كيف لابن القيم رحمه الله أن ينقل الإجماع في كتاب أحكام أهل الذمة وهو تلميذ ابن تيمية !! ...
وكيف للعلماء أن يتتابعوا على نقل هذا الإجماع على فرض شهرة هذا الخلاف !! ...
وكيف لخبير بكلام ابن تيمية والمذهب الحنبلي كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله ينقل كلام ابن القيم ويقره عليه

فجاء في مجموع فتاوى ورسائل بن عثيمين -رحمه الله- (3/ 45).

سُئِلَ فضيلة الشيخ -رحمه الله-: عن حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسمس؟ وكيف نرد عليهم إذا هنئونا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئًا مما ذُكِرَ بغير قصد؛ وإنما فعله إمَّا مجاملةً أو حياءً أو إحراجًا أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟

فأجاب فضيلته بقوله:

تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرامٌ بالاتفاق؛
كما نقل ذلك ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمَّة"؛ حيث قال:

"وأمَّا التهنئة بشعائر الكفر المختصَّة به فحرامٌ بالاتفاق؛
مثل أن يهنِّئهم
بأعيادهم وصومهم؛ فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه؛ فهذا إن سَلِمَ قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب! بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه!
وكثير ممن لا قدْرَ للدِّين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قُبحَ ما فعل، فمن هنَّأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر؛ فقد تعرض لمقت الله وسخطه".

انتهى كلامه [ابن القيم] رحمه الله.

وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حرامًا، وبهذه المثابة التي ذكرها ابن
القيم؛ لأنَّ فيها إقرارًا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضا به لهم، وإنْ كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه؛ لكن يحرُم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر، أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك؛ كما قال الله تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾. [الزمر: 7].
وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].

وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنَّئونا بأعيادهم، فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعيادٍ لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى؛ لأنها إمَّا مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة؛ لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جميع الخلق، وقال فيه: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. [آل عمران: 85].
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها، لما في ذلك من مشاركتهم فيها.

إلى آخر كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فهل خفى هذا الخلاف على ابن القيم وابن عثيمين وهما جبلان في فهم كلام ابن تيمية واتقان المذهب الحنبلي ؟!!!

والحاصل أن تهنئتهم على أمور الدنيا فيها ثلاث رويات عن أحمد ... ومعتمد المذهب التحريم كما نقله البهوتي في كشاف القناع وشرح منتهى الارادات وغيرهما
أما الإجماع فيتعلق بما ذكره ابن القيم رحمه الله من التهنئة على شعائر الكفر المختصة بهم

ولذا قال الفقيه الحنبلي حمد الحمد حفظه الله في شرحه على زاد المستقنع في الفقه الحنبلي [11/68] :

[مسألة : في تهنئة أهل الكتاب:
وهل تجوز تهنئتهم بما يجوز أن يهنّأ به المسلمون ؟ كمولود أو ربح تجارة ..لا بما لايجوز كالتهنئة بأعيادهم فإن التهنئة بها إقرار لهم على باطلهم فهي باطل .
لكن إن هنّأهم على أمر جائز في الأصل كتهنئة بمولود أو نحو ذلك أو يعزيهم في مصابهم أو أن يشيع جنائزهم أو يعود مرضاهم ، فهل يجوز هذا أولا ؟
قولان ، هما روايتان ، عن الإمام أحمد .
وهي المشهور في المذهب : أن ذلك لايجوز .
الرواية الثانية :
أن ذلك يجوز لمن رُجي إسلامه .وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ
وهو الراجح في هذه المسألة لما ثبت في البخاري أن غلاما ليهودي كان يخدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمرض فأتاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعوده فقال له : } أسلم { فأسلم
وثبت في الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عاد أباطالب كما في الحديث المشهور ودعاه إلى الإسلام .
فلا بأس من تهنئتهم بالأشياء الجائزة وعيادة مرضاهم إن رجي إسلامهم أي إن كان في ذلك مصلحة للدعوة .
و إلا فإنهم يهجرون في معصيتهم . لكن إن ثبتت المصلحة الشرعية في عيادة مريضهم واتباع جنائزهم وغير ذلك فلا بأس به إن رجي إسلامهم ]
اهـ كلامه حفظه الله

وبه يتأكد الخطأ الذي وقع فيه الشيخ بن بيه حفظه الله
والله الموفق
رد مع اقتباس