عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 12-28-2009, 11:04 PM
أم سلمى أم سلمى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الأربعون النووية ( 6 )
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هُداه .. ثم أما بعد ..
نلتقى اليوم بإذن الله تعالى مع الحديث الخامس فى كتاب الأربعين النووية
عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضى الله تعالى عنها قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن أحدثَ فى أمرنا هذا ما ليس منهُ فهو ردٌّ "
رواه البخارى ومسلم
وفى رواية لمسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ "
هذا الحديث رواه البخارى ومسلم أى متفقٌ عليه
أم المؤمنين عائشة - وكل زوجات النبى صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين – بنت الصديق رضى الله تعالى عنها وعن أبيها، وكُنيتها ( أم عبد الله ) روت أحاديث كثيرة عن النبى صلى الله عليه وسلم وأورثت الأُمة علماً عظيماً وفقهاً غزيراً فهى من المُحدِّثات ومن الفقيهات رضى الله تعالى عنها وأرضاها .
" مَن أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ "
مَن أحدث فى أمرنا : أى فى ديننا وشريعتنا ، لقول الله تعالى { وأن هذا صراطي مستقيماً فأتبعوهُ ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله } ، ولقوله تعالى { ومَن يبتغِ غير الإسلامِ ديناً فلن يُقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين }
مَن أحدث فى أمرنا أى : من أوجد شيئاً أو إخترع شيئاً لم يكن فى ديننا ولم يُشرعه الله ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ردٌّ ( مصدر ) بمعنى مردود عليه يعنى غير مقبول – حتى ولو كان عن حُسن قصد

ورواية مسلم ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أعم من الحديث الأول لأنه قال ( عمل ) يعنى أى عمل سواء كان عبادة أو غير ذلك
وهذا الحديث أصلٌ من أصول الإسلام ، وقد اتفق العلماء رحمهم الله تعالى أن العبادة لا تصح ولا تُقبل إلا إذا إستوفت شرطين :
1)الإخلاص لله عز وجل
2)والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
الإخلاص دلّ عليه الحديث الأول – حديث الأعمال بالنيات
والمتابعة تؤخذ من هذا الحديث ومن قول الله تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يُحببكم الله } ومن الآيات الكثيرة التى تدل على وجوب إتباع أمر النبى صلى الله عليه وسلم .
والنبى صلى الله عليه وسلم قد حذرنا من مُحدثات الأُمور فقال : " إياكم ومُحدثات الأُمور فكل مُحدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار " – وكان يُكرر هذا فى كل خطبة من خطب الجُمعة عند اجتماع الناس ، ولهذا ينبغى للمسلم أن يسلك طريق السلامة ويشتغل بالثابت عن النبى عليه الصلاة والسلام ولا يُحدث فى الدين ما لم يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم ، لذا أُذكّركم بالثلاثة الذين أتوا بيوت النبى صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا عنها فكأنهم تقالوها ، فقالوا هذا رسول الله قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقال أحدهم : أما أنا فأقوم ولا أنام وقال الآخر وأنا أصوم فلا أفطر وقال الثالث وأنا أعتزل النساء .. فلما أُخبر النبى صلى الله عليه وسلم بمقالتهم غضب وصعد المنبر وقال : أما وأنى أتقاكم لله وأخشاكم لله أما أنى أصلى وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس مني – أو كما قال صلى الله عليه وسلم ..
فهؤلاء القوم جاءوا يسألون عن عبادة النبى صلى الله عليه وسلم – يعنى يريدون أن يفعلوا مثله ، يريدون أمراً طيباً وعندهم حُسن قصد – ولكن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن الخير كل الخير فى إتباعه هو عليه الصلاة والسلام ، فالدين ( منهاج ) سار عليه وطبقه النبى صلى الله عليه وسلم وعَمِلَ به ، فمن زاد عليه فهو غير مقبول
( من أحدث فى أمرنا ) معنى هذا أن الدين كامل ولا يحتاج إلى زيادة أو إحداث شئ فيه ، كما قال الله عز وجل : { اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتى ورضيتُ لكم الإسلام ديناً } فادين كامل لا يحتاج إلى زيادة ولا يحتاج إلى اختراعات جديدة ولا عبادات جديدة لم ترد عن الله عز وجل ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس هناك شاردة ولا واردة فى شئون الحياة كلها إلا ونجد لها حُكماً فى كتاب الله عز وجل وفى سنة نبيا صلى الله عليه وسلم ولذا ينبغى علينا أن نكون وقّافين عند كتاب الله ومقتدين برسول الله عليه الصلاة والسلام
وهذا الحديث فيه تحريم إحداث شئ فى دين الله ولو عن حُسن قصد ، مثل ما أحدثه بعض الناس من الأذكار أو من الأعياد وما أشبه هذا فكل هذا مردود لأنه إحداث فى الدين

وقبول العمل يستلزم أن يكون موافقاً للشرع فى ستة اشياء :
1) السبب 2) الجنس 3) القَدْر 4) الكيفية 5) الزمان 6) المكان

1) السبب : يعنى إنسان يفعل عبادة لم يجعلها الله سبباً ، مثل أن يُصلي ركعتين كلما دخل إلى بيته ، فهذا العمل مردود مع أن الصلاة فى أصلها مشروع ولكن لمّا قرنها بسبب لم يكن سبب شرعي أصبحت مردودة عليه
2) الجنس : فلو أن شخصاً قال : أنا أُحب فرسي هذا حباً شديداً وقد قال الله تعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } ولهذا فأناس أضحى هذا العام بفرسى هذا بدلاً من الكبش فهذا العمل مردود عليه لأنه مخالف للشريعة فى جنسه ، فالأضاحي ينبغى أن تكون من بهيمة الأنعام ( الإبل – البقر – الغنم )
3) القَدْر : فلو تعبّد الله عز وجل بقدر زائد عن الشريعة لم يُقبل منه : فلو صلى الظهر خمساً متعمداً ذلك أو صلى الصبح أربعاً فإن عمله هذا لا يُقبل منه لأنه لم يرد به الشرع
وكذلك فإن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال : مَن زاد على ذلك فقد تعدّى وأساء وظلم
4) الكيفية ( الهيئة ) : فلو أن إنسان صلى وسجد قبل أن يركع أو جعل فى صلاته ركوعين فإن عمله هذا لا يُقبل لأنه مخالف للشرع فى الكيفية ولابد من مُطابقة العمل للشريعة فى الكيفية
5) الزمان : فلو أن إنسان صلى صلاةً قبل دخول وقتها فإنها لا تُقبل منه لأن من شروط الصلاة ( دخول الوقت ) ، وكذلك الأُضحية : لو ضحى إنسان قبل صلاة العيد فإنها ليست أُضحية لأنها لم توافق الشرع فى الزمان حيث قال الله تعالى { فصلى لربك وأنحر } أى أن النحر يكون بعد صلاة العيد لا قبلها
6) المكان : فلو أن شخصاً إعتكف فى غير المسجد فإنه لا يُقبل منه لأن من شروط الإعتكاف أن يكون فى المسجد ، قال الله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد }

وبناء على هذا ينبغى لكل مسلم أن يكون عمله مُطابقاً لما أمر به الله تعالى وما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى كل مسلم أن يقتدى بالنبى ويعلم ويعمل بما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا يُحدث فى الدين ما ليس منه
رد مع اقتباس