عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 06-13-2008, 02:48 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

القاعدة التاسعة : إجماع أهل المدينة لا يعتبر حجة


قال الشوكاني في إرشاد الفحول ( 124 ) : إجماع أهل المدينة على انفرادهم ليس بحجة عند الجمهور لأنهم بعض الأمة ، وقال مالك : إذا أجمعوا لم يعتد بخلاف غيرهم .. وقال الباجي : إنما أراد ذلك بحجية إجماع أهل المدينة فيما كان طريقه النقل المستفيض كالصاع والمد والأذان والإقامة وعدم وجوب الزكاة في الخضروات مما تقتضي العادة بأن يكون في زمن النبي صلى الله عليه وسلمفإنه لو تغير عما كان عليه لعلم فأما مسائل الاجتهاد فهم وغيرهم سواء . انتهى .
وقد قسم شيخ الإسلام ابن تيمية إجماع أهل المدينة إلى أربعة أقسام فقال كما في مجموع الفتاوى ( 20/303 ) : والتحقيق في مسألة إجماع أهل المدينة أن منه ما هو متفق عليه المسلمون ، ومنه ما هو قول جمهور أئمة المسلمين ، ومنه ما لا يقول به إلا بعضهم ، وذلك أن إجماع أهل المدينة على أربع مراتب : ـ
الأولى : ما يجري مجرى النقل عن النبي صلى الله عليه وسلممثل نقلهم لمقدار الصاع والمد وكترك صدقة الخضروات والأحباس ، فهذا مما هو حجة باتفاق العلماء .
الثانية : العمل القديم بالمدينة قبل مقتل عثمان بن عفان فهذا حجة في مذهب مالك وهو المنصوص عن الشافعي ، قال في رواية يونس بن عبد الأعلى : إذا رأيت قدماء أهل المدينة على شيء فلا تتوقف في قلبك ريبا أنه الحق ، وكذا ظاهر مذهب أحمد أن ما سنه الخلفاء الراشدون فهو حجة يجب اتباعها .. ، وما يعلم لأهل المدينة عمل قديم على عهد الخلفاء الراشدين مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمرتبة الثالثة : إذا تعارض في المسألة دليلان كحديثين وقياسين جهل أيهما أرجح ، وأحدهما يعمل به أهل المدينة ففيه نزاع ، فمذهب مالك والشافعي أنه يرجح بعمل أهل المدينة ، ومذهب أبي حنيفة أنه لا يرجح بعمل أهل المدينة ، ولأصحاب أحمد وجهان : أحدهما : أنه لا يرجح ، والثاني : أنه يرجح به ، قيل هذا هو المنصوص عن أحمد ومن كلامه قال : إذا رأى أهل المدينة حديثاً وعملوا به فهو الغاية .. فهذه مذاهب جمهور الأئمة توافق مذهب مالك في الترجيح لأقوال أهل المدينة .
وأما المرتبة الرابعة : فهي العمل المتأخر بالمدينة ، فهذا هل هو حجة شرعية يجب اتباعه أم لا ؟ فالذي عليه أئمة المسلمين أنه ليس بحجة شرعية ، هذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم ، وهو قول المحققين من أصحاب مالك .. ، ولم أر في كلام مالك ما يوجب جعل هذا حجة وهو في الموطأ إنما يذكر الأصل المجمع عندهم ، فهو يحكي مذهبهم ، وتارة يقول : الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا يصير إلى الإجماع القديم وتارة لا يذكر ، ولو كان مالك يعتقد أن العمل المتأخر حجة يجب على جميع الأمة اتباعها وإن خالفت النصوص لوجب عليه أن يلزم الناس بذلك الإمكان كما يجب عليه أن يلزمهم اتباع الحديث والسنة الثابتة . انتهى .

القاعدة العاشرة : قول جمهور العلماء في مسألة من المسائل لا يعتبر حجة

الحجة إنما هو في الكتاب والسنة والإجماع ، وقول الجمهور ليس بإجماع فلا يعتبر حجة على القول الآخر ، ولو كان القائل بالقول الآخر أفراد من العلماء ، وإنما يؤخذ بالقول الذي معه الحجة ، وتؤيده القواعد الشرعية ، ولا عبرة بالكثرة في مقابل الحجة ، والسلف الصالح ما كانوا يقدمون قول الأكثر على الأقل ، وإنما كانوا يأخذون بالقول الذي معه الحجة .
عن أبي هريرة أنه قال : " إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم ، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلميشبع بطنه ، ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ مالا يحفظون " . أخرجه البخاري ( 118 ) .
قال ابن حزم في الإحكام ( 1/599 ) : ففي هذا أن الواحد قد يكون عنده من السنن ما ليس عند الجماعة ، وإذا كان عنده من السنة ما ليس عند غيره فهو المصيب في فتياه بهذا دون غيره .. وبينا قبل وبعد أن العرض إنما هو اتباع القرآن وما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلمفإنه لا معنى لقول أحد دون ذلك ، كثر القائلون به أو قلُّوا ، وهذا باب ينبغي أن يتقى فقد عظم الضلال به ، ونعوذ بالله العظيم من البلادة . انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس