عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 11-21-2010, 05:07 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

الدرس الرابع عشر


م / قوله : ﴿ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ﴾ .

ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ

﴿ وقضى ﴾ : قال مجاهد يعني وصى , وكذلك أقر أبي بن كعب وابن مسعود .

وروى ابن جرير عن ابن عباس ﴿ وقضى ﴾ : وأمر .

﴿ أن لا تعبدوا إلا إياه ﴾ : والمعنى أن تعبدوه ولا تعبدوا غيره . وهذا معنى لا إله إلا الله .

﴿ وبالوالدين إحساناً ﴾ : أي وقضى أن تحسنوا بالوالدين إحساناً كما قضى بعبادته وحده لا شـريك له .

المعنى الإجمالي للآية :

أخبر الله سبحانه وتعالى وأمر ووصى على ألسنة رسله أن يعبد وحده دون ما سواه وأن يحسن الولد إلى والديه إحساناً بالقول والفعل ولا يسيء إليهما لأنهما اللذان قاما بتربيته في حال صغره وضعفه حتى قوي واشتد .

مناسبة الآية للباب :

أن التوحيد هو آكد الحقوق وأوجب الواجبات ، ولأن الله بدأ به في الآية ولا يبتدأ إلا بالأهم فالأهم .

من فوائد الآية :

1. أن التوحيد هو أول ما أمر الله به من الواجبات .

2. ما في كلمة ( لا إله إلا الله ) من النفي والإثبات ، ففيها دليل على أن التوحيد لا يقوم إلا على النفي والإثبات ( نفي العبادة عما سوى الله وإثباتها لله ) .

3. وفي هذه الآية دلالة على أن الرسول مربوب لا رب , عابد لا معبود , فهو داخل في قوله ﴿ اعبدوا ﴾ وكفى بذلك شرفاً أن يكون عبداً لله .

ـ قال ابن كثير : وقد سمى الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعبده في أشرف مقاماته , مقام انزال الكتاب فقال : ﴿ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ﴾

ومقام الدعوة :﴿ وأنه لما قام عبد الله يدعوه ﴾

ومقام الاسراء :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ﴾

فسماه عبداً عند إنزاله عليه وعند قيامه في الدعوة وإسرائه به .

وأرشـده إلى القيام بالعبادة في أوقات يضيق صدره من تكذيب المخاليق , حيث يقول : ﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين , واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ .

4. عظم حق الوالدين ، حيث عطف حقهما على حق الله تعالى دليل على تأكد حقهما وأنه أوجب الحقوق بعد حق الله , وهذا كثير في القرآن أن يقرن بين حقه عز وجل وبين حق الوالدين , كقوله : ﴿ أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير ﴾ وقوله : ﴿ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ﴾

5. وجوب الإحسان إلى الوالدين بجميع أنواع الإحسان القولي والفعلي .

القولي : يكون بالكلام الجميل اللين ، كما قال تعالى : ﴿ وقل لهما قولاً كريماً ﴾ والدعاء لهم لقوله : ﴿ وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً ﴾ والنهي عن قول اي كلمة سوء لهما مهما صغرت مثل الاية التي معنا.

الفعلي : يكون بالنفقة عليهما والمصاحبة والخدمة وبذل كل فعل جميل لهما
والنهي عن اي فعل قبيح او شائن وقال العلماء مثل الاشاحة بالوجه والاعراض عنهما والاشارة باليد وهكذا.

ولقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر ببر الوالدين , والحث على ذلك وتحريم عقوقهما كما في القرآن ، ففي صحيح البخاري عن ابن مسعود قال : ( سـألت الرسول صلى الله عليه وسلم, أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها , قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين , قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ) .

وعن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى , يا رسـول الله , قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين , وكان متكئاً فجلس فقال : ألا وقول الزور , ألا وشهادة الزور , فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ) متفق عليه .

وعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رضى الرب في رضى الوالدين وسخطه في سخط الوالدين ) . رواه الترمذي وصححه.

وعن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخل الجنة ) رواه أحمد .

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جـداً .

﴿ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ﴾

المعنى الإجمالي للآية :

قال ابن كثير : في هذه الآية يأمر الله تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له , فإنه الخالق الرازق , المنعم المتفضل على خلقه في جميع الحالات , وهو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئاً من مخلوقاته . أ.ﻫ

ـ وقرن الأمر بالعبادة التي فرضها بالنهي عن الشرك الذي حرمه . فدلت على أن اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة .

﴿ شيئاً ﴾ , نكرة في سياق النهي فتعم كل شيء , فلا يشرك معه احد مهما كان لا نبياً ولا ملكاً ولا ولياً ولا أمراً من أمور الدنيا , فلا يجعل الدنيا شريكاً مع الله , والإنسـان إذا كان همه الدنيا كان عابداً لها , كما قال صلى الله عليه وسلم: ( تعس عبد الدينار , تعس عبد الدرهم , تعس عبد الخميلة ) رواه البخاري .

﴿ واعبدوا ﴾ دليل على أن التوحيد هو أول واجب على المكلف , لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك في الله كما يقول بعض الضالين المحرفين , والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب , فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ـ وفي رواية ـ أن يوحدوا الله ) . متفق عليه .

وهو آخر ما يخرج به من الدنيا كما قال صلى الله عليه وسلم: ( من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ) . رواه أبو داود

﴿ واعبدوا ﴾ , العمل والعبادة لا تقبل إلا بشرطين :

1. الإخلاص : قال صلى الله عليه وسلم( إنما الأعمال بالنيات ) متفق عليه عن عمر .

2. أن يـكون موافقاً لما جـاء به الرسـول صلى الله عليه وسلم , قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليـس عليه أمـرنا هذا فهو رد ) . رواه مسلم عن عائشة .

﴿ ولا تشركوا به شيئاً ﴾ , الشرك بالله هو أعظم ذنب عصي الله به ، وهو هضم للربوبية وتنقص للألوهية , وهو [ تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله ] .

ـ فالشرك صاحبه مخلد في النار ، قال تعالى : ﴿ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ﴾

ـ وهو محبط للعمل ، قال تعالى : ﴿ لئن أشركت ليحبطن عملك ﴾

ـ وهو أكبر الكبائر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أكبر الكبائر الإشراك بالله )

ـ أن الله لا يغفر لصاحبه إذا مات ولم يتب منه ، كما قال تعالى : ﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾ .

وكيف لا يكون أعظم ذنب عصي الله به وقد جعل لله شريكاً في عبادته وقد أوجده من العدم , وغذاه بالنعم .

والشرك ينقسم إلى قسمين :

أولاً : شرك أكبر : وهو الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة , وصاحبه إن لقي الله به فهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين ودهر الداهرين , قال تعالى : ﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾ .

ثانياً : شرك أصغر : وصاحبه إن لقي الله به فهو تحت المشيئة , إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة , وإن شاء عذبه , ولكن مآله إلى الجنة .

ومن أنواع الشرك الأصغر : الحلف بغير الله , وإن لم يقصد تعظيم المحلوف به ومنه يسير الرياء والتصنع للخلق .

نكتفي بهذا القدر ونكمل المرة القادمة باذن الله


الواجب
ماالفرق بين الشرك الاكبر والشرك الاصغر..؟
وجزاكم الله خيرا