فهؤلاء يدعون إلى ترك التأويل والبعد عن طريقة الخلف لعدم قناعتهم بها ، لكن الطرح الذي يقدمونه لأتباعهم يزعمون فيه أن طريقة السلف هي الكف معاني نصوص الصفات ومنع البحث عن مدلول الآيات ، ثم يجعلون ذلك سبيل المتقين ، ظنا منهم أن الظواهر تدل على التشبيه والمعاني الكفرية ، فلا هم فهموا طريقة السلف ولا صوبوا طريقة الخلف .
وهؤلاء إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه ، لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم : { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } (1) ،
وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ، فهذا الظن الفاسد أوجب قولهم : طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم ، تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر ، وقد تقولوا على طريقة السلف ، ولم يقتنعوا في قرارة أنفسهم بطريقة الخلف (2) .
__________
(1) لبقرة:78 .
(2) نظر في هذا المعني : ابن تيمية : مجموع الفتاوى 5/9 .
|