عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-02-2010, 04:04 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي



الدرس الثالث

لفــظ الجــلالة :
الله

هو عَـلـَـم على الذات العالية لا يُسمى بها غيره ، هو الإسم الجامع لكل الأسماء والصفات ، هو الإسم الأعظم كل الأسماء الحُسـنى تُضاف إليه ولا يُضاف هو الى أى منها .

يقول الشيخ بن عثيمين – رحمه الله تعالى – وهو مشتق من إله ولكن حُذفت الهمزة وعوض عنها بـ ( أل ) فصارت ( الله ) ، وقيل : بل إنه مشتق من ( الأله ) وأن ( أل ) موجودة فى بناءه من الأصل وحذفت الهمزة للتخفيف كما حذفت من ( الناس ) وأصلها ( الأُناس) وكما حذفت من ( خير وشر ) وأصلها ( أخير وأشر ) .
وقال الأصفهانى فى المفردات فى غريب القرآن : الله أصله ( إله ) حذفت همزته وأدخل عليه الألف واللام فخصّ بالبارى تعالى ولتخصصه به قال تعالى { هل تعلم له سمياً } مريم 65 ، وجعلوا ( إله ) إسماً لكل معبود لهم ، وسموا الشمس ( آلهة ) لإتخاذهم إياها معبوداً ، و( إله ) حقه ألا يُجمع إذ لا معبود سواه ولكن العرب لإعتقادهم أن هناك آلهة أخرى جمعوا هذا اللفظ فقالوا ( آلهة ) .
قال ابن القيم : والقول الصحيح أن ( الله ) أصله ( الأله ) كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شـذّ منهم ، وأن إسم الله تعالى هو الجامع لجميع معانى الأسماء الحسنى والصفات العُلا .
وقال الكسائى والفراء : اصله ( الإلـه ) حذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى فى الثانية ، وعلى هذا فالصحيح أنه مشتق من ( أله الرجل ) إذا تعبّـد كما قرأ بن عباس ({ ويذرك وإلهتك } – الأعراف 127 - أى عبادتك .. وأصله ( الإلـه ) أى : المعبود .
قال العلامة ابن القيم : الصحيح أنه مشتق
هذا خلاف بين اللغويين هل إسم الله مشتق أم غير مشتق ؟
ذهب ابن القيم الى أن له أصل أى أنه مشتق من لفظة جاء منها هذا الإسم ، وأصل المادة التى اشتق منها هو ( الإلـه ) كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذّ منهم ..
والذين قالوا بالإشتقاق إختلفوا فى معنى الإله من جهة اللغة وكلها إجتهادات منهم :
- منهم من قال أصله ( الـوَلَـهْ ) .
- ومنهم من قال ( التألـُّـه ) والحُسن والتملُك الى غير ذلك .
فهم قالوا : الأسماء ترجع الى صفات وكذلك إسم الله لابد أن يكون عائد الى صفة من صفات الله وهو الألوهية كسائر أسمائه الحسنى فقالوا : العليم مشتق من العلم ، والقدير من القدرة ، والسميع من السمع ، والبصير من البصر ... وهكذا .. لأ وأهل التأويل يقولون سميع بلا سمع ، وعليم بلا علم ، فنحن نمررها كما جاءت وهذا مذهب باطل من مذاهب الذين تكلموا فى الصفات ] .
والصحيح : أن كل إسم من أسماء الله عز وجل مشتق من صفة عدا إسم الله فهو جامع لكل الأسماء والصفات . والدليل على هذا :
1) أن الله سبحانه وتعالى يُضيف سائر الأسماء الحسنى الى هذا الإسم العظيم كقوله تعالى ( ولله الأسماء الحسنى ) .
2) يُقال الرحمن والرحيم والقدوس والسلام من أسماء الله ، ولا يُقال : الله من أسماء الرحمن ، ولا من إسم العزيز ونحو ذلك .
3) إسم الله دال على جميع معانى الأسماء الحسنى بالإجمال وكل الأسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التى اشتـُق منها إسم الله .
4) إسم الله دال على كونه مألوهاً معبوداً ، وذلك مستلزم كمال ربوبيته وكمال ألوهيته ومُلكه ، وهذا مستلزم لجميع صفات كماله إذ يستحيل ثبوت ذلك .

أما من قال بعدم الإشتقاق قالوا : لو قلنا أنها مشتقة سنعنى بذلك أنها حادثة لأن المشتق سبقه مصدر والمشتق مولود وبينه وبين المصدر توالد فمنعهم ذلك من إعتبارها مشتقة .
ردّ الذين قالوا بالإشتقاق عليهم فقالوا : الإشتقاق توالد وأسبقية معنوية فى اللغة وليس حقيقياً ، ذلك لأن الإشتقاق يعنى إرجاع اللفظ لمعنى حقيقى وقع عند من وضعوا له الألفاظ وليس من باب التوالد والفارق الزمنى ، والإشتقاق أفضل من حيث المعنى لأن الإشتقاق يعنى أن اللفظ ليس أحرفاً فارغة من معناها بل أن اللفظ عندما يكون له أصل فهذا يعنى أن له معنى فى اللغة . فهم يقولون أن الأسماء ليست مجرد أسماء بل هى دالة على صفات ترجع الى معانى ، فهم بذلك أرادوا ألا يُفـرّغوا الأسماء من معانيها وقالوا أن هذا لا يقتضى التوالد الزمنى بل هذا مجرد إثبات للمعنى الأصلى الذى يرجع إليه الإسم أو الفعل .
والذين قالوا بعدم الإشتقاق فرّغوا الأسماء وجردوها من معانيها وقالوا : هى كما جاءت وبالتالى ضيعوا قضية شرعية هامة وهى أن الله عز وجل ما اختار هذه الألفاظ إلا لتدل على المعانى التى اختيرت هذه الألفاظ من أجلها وإلا لو شاء لقال : له أسماء لا تعرفون لها معنى .. لكنه قال : هو السميع البصير ، فلابد من حملها على معناها الحقيقى وهو السمع والبصر لأنها تحمل هذا المعنى ، وبالتالى من ذهب الى عدم الإشتقاق قد عطـّـل جميع الصفات .
هذا الخلاف من الناحية اللغوية لكن البعض إعتمد على هذه المفاضلة فى الناحية الشرعية فوقعوا فى تعطيل الصفات ، وهناك من أثبت الصفة ولكن أثبت لها معنى غير المعنى المتفق فى لفظها فأعطوا لها معان غير التى تحملها فجعلوا لها ظاهر وباطن ، وزعموا أن النبى صلى الله عليه وسلم عَلِـمَ معانى هذه الألفاظ ولم يُبينها للأمة حتى تجتهد فى الوصول الى الحق بنفسها ( قال بهذا أهل التحريف من نُفـاة الصفات ) .

الرد عليهم :

أولاً : هل عجز الرحمن عن البيان ، أو عجز نبيه صلى الله عليه وسلم الذى أُوتى مجامع الكلم حتى تقولوا لابد من العقل ليبين لهم الألفاظ الشرعية .
ثانياً : أنتم تطعنون فى أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يُبلّـغ كل ما أمره الله به ، وتُكذّبوا قول الله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم } المائدة .


قوله : فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهى قديمة ..

والمقصود بقديمة : أى أزلية قِدم الذات وأزلية الذات ، والله سبحانه وتعالى أول بلا إبتداء : أى لم يسبقه سابق ، وآخر : أى لا يتبعه تابع ولا يكون بعده أحد ، فلكونه أول كان قديم ، والبعض يُطلق لفظ ( أزلى ) وهى أفضل لأنها تعنى مُطلق لا إبتداء له ولأنه لا يعلم شأن الله إلا الله ، فنحن نؤمن أن ذات الله أزلية ( وهذا خلاف أهل البدع فى الصفات الذين قالوا إن من الصفات ما لحق بالله بعد إذ لم يكُ ) فأعلم أن صفات الله عز وجل قِدمها قِدم ذاته سبحانه وتعالى .

قوله : ونحن لا نعنى بالإشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها فى اللفظ والمعنى ..

معنى الإشتقاق أنها تتلاقى مع مصدرها فى المعنى واللفظ : أى راجعة الى معنى ..والتركيب اللفظى ( الله ) راجع الى أصل فى اللغة حتى وإن كان هو قديم من باب الرجوع الى معناه .
• الذين قالوا بعدم الإشتقاق قالوا : إن اللفظ المشتق لفظ لم يك موجوداً أصلاً ، وأصله موجود وفرعه يتولد ، والأصل أن الله سبحانه وتعالى هو الله فى السماوات والأرض ، وهو الله من قبل أن يكون هناك لغة وقبل أن يكون هناك لسان ، فكيف يكون مشتق ؟ هذا سر الخلاف ، فكيف نقول أن لفظ ( الله ) مشتق ( ومعنى مشتق أنه لم يك موجود )
• والقائلين بالإشتقاق يقولون : أننا نقول بالإشتقاق من الناحية النظرية وليس من الناحية الحقيقية ، أى يرجع الى أصل فى اللغة وأنها دالة على معانى ، هذه المعانى دالة على صفات . وهم قد ساروا على المنظومة وأنتظموا عليها والتى تقول أن كل إسم من أسماء الله عز وجل راجعة الى صفة من صفاته .

قوله : وتسمية النُحـاة للمصدر والمشتق منه أصلاً وفرعاً ليس معناه أن أحدهما متولد من الآخر وإنما هو بإعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة ..

لم يك معنى كلامهم أن هذا قديم وهذا حديث ، بل أن النُحـاة أنفسهم لمّا اصطلحوا علىهذه التسمية ( المصدر والمشتق ) ليس على أن المصدر أسبق من المشتق تاريخياً أو وجوداً وإنما معناه المعنى أو المعنى الداخل أو الخارج منه فأصطلحوا على تسمية هذه الألفاظ بإعتبار ( المعنى الأصلى والمعنى الداخل والخارج ) ( بالمصدر والمشتق ) فهذا ليس على سبيل التولد وإنما على سبيل المعنى والمعنى الداخل فيه والتضمن ليس له علاقة بأسبقية الوجود . فالأصل والفرع على سبيل الإصطلاح وليس على سبيل الحقيقة التى تقتضى التسابق الزمنى وإنما دلّ على سبيل تمييز هذا وذاك وأن الفرع يرجع الى الأصل فى المعنى وزيادة عليه ولم يقصدوا أن بينهما فارق زمنى .. مقال : السميع مشتق من السمع لأنها تضمنت السمع وزيادة وليس لأن السمع أسبق من السميع أو أن السميع تولد من السمع ، وبالتالى بينهما فارق زمنى وبالتالى يكون لفظ سميع مشتق أو حادث فكل هذا لا وجود له حتى فى أصل اللغة .

قوله : قال أبو جعفر بن جرير : الله أصله ( الإله ) أسقطت الهمزة التى هى فاء الإسم فألتقت اللام التى هى عين الإسم واللام الزائدة وهى ساكنة فأدغمت فى الأخرى فصارتا فى اللفظ لاماً واحدة مشددة .
هذا من حيث أصل الوضع : فـعـل عـ ل الـ عـ ل العَّــ ل
الــه لـ ه الْـ لَـ ه اللَّــ ه

سؤال : ما معنى لفظ ( الله ) بعد أن عرفنا أصل الوضع ؟ بمعنى : ماهى الخصائص اللفظية لإسم ( الله ) ؟ ماهو المعنى اللغوى لإسم ( الله ) ؟

الإجابة : روى عن عبد الله بن عباس قال : هو الذى يألهه كل شئ ويعبده كل خلقه ..
وعن بن عباس أيضاً قال : الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين .
فقيل أن لفظ ( الله ) مشتق من الألوهية والالوهة وغلإلاهة ، وكلها بمعنى العبادة وأن الإله هو المعبود .

سؤال : ما الدليل على أن الالوهية هى العبادة وأن الإله هو المعبود وأن له أصلاً فى فعل ويفعل ؟

الإجابة : الدليل :
(1) قول ابن عباس أن الألوهية بمعنى العبودية ، وبيّن قول ابن عباس أن ألََهَ بمعنى عَبَد وأن الالاهة مصدره .
(2) أن التألـُّـه فى كلام العرب بمعنى التعبد وإن كان له معان أخرى أيضاً .
(3) كلام رؤبة بن العجاج ، وهو التميمى السعدى أبو الجحاف أبو محمد – من الفصحاء المشهورين من مخضرمى الدولتين الأموية والعباسية ، وكان أكثر مقامه فى البصرة وأخذ عنه أعيان اللغة ، وله ديوان فى الرجز ( ومنه الأرْجُـوزَةٌ وأراجيـز ورَجَـز فلان وأرتـَجَـزَ إذا عمل ذلك أو أنشد وهو راجـز ورَجّـازٌ ورِجَّـازَةٌ ) وهو الكلام المرتب الذى لا يتقيد ببحـر من بحـور الشـعر ، وأصـل الجـز : الإضطراب والتقارب ، وسمى نحو الشعر بذلك لتقارب أجزائه وتصور زجر فى اللسان عند إنشـاؤه . وكلام النبى صلى الله عليه وسلم الذى وقع على ما يشبه الشعر هو من جنس الرجز ، ومثل ذلك :
أنا النبى لا كذب .. أنا ابن عبد المطلب
فهذا ليس شعراً لأن الله سبحانه وتعالى نفى عن نبيه صلى الله عليه وسلم الشعر ، قال تعالى { وما علمناه الشعر وما ينبغى له } يس 69 ، وقوله تعالى { وماهو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون } الحاقة 41
أنشد رؤبـة قائـلاً : للـه درّ الغانيات المُـدّة سـبّحنَ واسترجعن من تألُّهى
ومعنى البيت : أنه كان من أهل الغناء أى التسبيح أو قراءة القرآن للحديث : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " . قال أبو عبيد : كان سفيان بن عُيينة يقول : معناه ليس منا من لم يستغن به ، قال أبو عبيد : وهذا كلام جائز
فى كلام العرب . وفى الحديث : " ما أذِن الله لشئ كأذنِه لنبى أن يتغنى بالقرآن " .. أخبر عبد الملك عن الربيع عن الشافعى أنه قال : معناه تحزين القراءة وترقيقها . قال أبو العباس : الذى حصلناه من حفاظ اللغة فى الحديث السابق أنه على معنيين :
(1) على الإستغناء من الغنى ، وهو متصور.
(2) على التطرب من الغناء الصوت ممدود . قال عز وجل { لكل إمرءٍ منهم يومئذٍ شأن يُغنيه } عبس 37 يكفيه شغل نفسه عن شغل غيره .. وقوله عز وجل : { كأن لم يغنوا فيها } الأعراف 72 أى : أى لم يُقيموا فيها .
الغانيات : الغانية قال الليث هى الشابة المتزوجة التى غنيت بالزوج ، قال أبو عبيدة : الغوانى ذوات الأزواج ، قال غيره : الغانية الجارية الحسناء ذات زوج أو غيره ، سُميت كذلك لأنها غنيت بحُسنها عن الزينة .
المُـدّة : قال الليث : المَدْه يضارع المدح إلا أن المَـدْه فى نعت الجمال والهيئة ، والمدح فى كل شئ عام . وقال غيره : المدح والمده واحد أبدلت الحاء هاء .
الحاصل أن المده : أى المستحقات للمدح لحُسـنهن .
سبّـحن واسترجعن : أى تعجـبن تألـهى : أى عبادتى وطلبى الله بعملى
فيكون معنى البيت إجمالاً : أن العباد تعجبوا من عبادتى وطلبى الله بعملى ، وهذا دليل وهو الشاهد من البيت على أن العرب كانت تستخدم لفظ ( التأله ) بمعنى التعبد وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع وساق السند الى ابن عباس أنه قرأ :{ ويذرك وألاهتك } قال : عبادتك ، وساق بسند آخر عن ابن عباس { ويذرك وإلاهتك } قال إنما كان فرعون يُعبد ولا يَعبد .

توضيح :

الآية { ويذرك وإلهتك } فيها قراءتان :
الأولى : { ويذرك وَْآلِـهتك } أى معبودات فرعون ، فقد قيل إن فرعون كان له إله يعبده ، وقال الحسن البصرى : كان لفرعون إله يعبده فى السر ، وقال فى رواية أخرى : كان له حذائة فى عنقه معلقة لا يسجد لها . وقيل أن فرعون كان يعبد الشمس وبعض الكواكب وهذا كان معروف عند الفراعنة ، قرأ بذلك أبى بن كعب حكاه ابن جرير .
الثانية : { ويذرك وإلهتك } أى عبادتك ، وروى ذلك عن ابن عباس ومجاهد وغيره ، وهذا هو الأقوى بإعتبار أن فرعون كان يعتبر نفسه إله ويقول أنا ربكم الأعلى ، وعلى كلا الأمرين فتصريفات لفظ ( الإله ) فى اللغة وقعت على معنى العبادة وبالتالى عندما نقول : الله ذو الألوهية فهذا يعنى ذو العبودية .

• قيل : أن لفظ الجلالة مشتق من ( أَلـَـه ) بمعنى ( تحـيّـر ) لأنه سبحانه تتحيّـر فى شأنه العقول والأفهام .
• وقيل مشتق من ( أَلِـه ) بمعنى ( سكن إليه ) لإطمئنان القلب بذكره سبحانه وتعالى وسكون الأرواح الى معرفته .
• وقيل : مشتق من ( ألـُـه ) بمعنى ألوذ وأتعلق .
• وقيل : مشتق من ( لاه ) بمعنى أحتجب وارتفع بمعنى احتجب عن الخلق وحجب أبصارهم عن رؤيته فى الدنيا .
• وقيل : مشتق من ( لاه ) بمعنى العُلو والرفعة . يُقال لاهت الشمس إذا علت وتوسطت السماء فى عُلو مركزها وأستوت حالة وقوفها .
• وقيل مشتق من ( الوله ) أى يُقصد فى طلب الحوائج ويُفزع إليه فى النوائب ويُرجى فضله .
قال : ومن كل ما سبق يهمنا معنى العبودية لأنها جامعة للمحبة والإستعاذة والتعلُق والعُلو والفزع إليه فى النوائب ... إلخ .
وعِلْم الله علم مخصوص بالذات لا يشركه سبحانه فيه أحد ، وكل الأسماء مفتقرة إليه ولا يُشاركه أحد فيه لا بالمجاز ولا بالحقيقة وذلك لما يجتمع فيه من الأسرار والحِكَم والمعانى ومن الإختصاص والتعظيم ، وهو إسم كامل فى حروفه تام فى معناه خاص بأسراره مفرد بصفته ..

الآن وبعد أن عرفنا المعنى اللغوى للفظ الجلالة ( الله ) نريد أن نعرف : من هو اللـــه ؟

لانستطيع أن نعلم مَن الله إلا مِن الله ، وذلك عن طريقين اثنين :
• الأول : التدبر فى آيات الله الشرعية المتلوة فى كتابه العزيز وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .
• الثانى : النظر فى مخلوقات الله وآياته الكونية .
سنجد فى هذين الطريقين ما ينطق بعظمة الله الخالق عز وجل ووحدانيته فى ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فإن كتاب الله إن تأملته يأخذك فى جولاتٍ وجولات ترتاد آفاق السماء وتجول فى جنبات الأرض والأحياء يريك عظمة الله وقدرة الله وتقديره فى المخلوقات ثم يكشف لك أسرار الخلق والتكوين ويهديك الى الحكمة من الخلق والتصوير ثم يقرع الفؤاد بقوله { ءإلهٌ مع الله تعالى الله عمّـا يُشـركون } رحلة طويلة لكنها مع ذلك شائقة وجميلة تتحرك لها المشاعر وتستجيب لها الفطرة السليمة المستقيمة كما أنها تُنبّـه الغافل وتدمغ المُجادل .
وأما آياته الكونية : كل مافيها ينطق بوحدانيته سبحانه ، فالكون كتاب مفتوح يُقرأ بكل لغة ويُدرك بكل وسيلة يُطالعه ساكن الخيمة وساكن القصر ، كلٌ يُطالعه فيجد فيه زاداً من الحق إن أراد التطلع الى الحق .. فهيا معى نتعرف الى الله فى جولة أرجو ألا يستطيلها ملول وألا يستكثرها مشغول .

أولاً ( أ ) من القرآن :

• { هو الذى أحسن كل شئٍ خلقـه } النمل 63
• { الله لا إله إلا هو الحى القيوم } البقرة
• { هو الله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم . هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يُشركون . هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يُسبح له ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } آخر الحشر .
وغير ذلك كثير جداً فى القرآن ...
( ب ) من السـُـنة :

• عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لا إله إلاالله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم " .. أخرجه البخارى ومسلم .
• عن ابن الزبير رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دُبر كل صلاة حين يُسلّم : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله لانعبد إلا إيّـاه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " .
• وعن أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى وإذا إضطجع : " اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شئٍ ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسى وشر الشيطان وشركه " .

ملحوظة : قد تجدون صعوبة قليلا في الدرسين السابقين
لكن ذلك لن يستمر طويلا بل من الدرس القادم ستجدون الامر سهلا ميسرا ان شاء الله
وذلك لان شرح هذه النقطة من مقدمة الكتاب يتناول الامر من جهة اللغة وليس العقيدة
لكنه من المهم جدا معرفة ذلك جيدا
ويمكن لمن استصعب عليه الامر ان يسألني فلا حرج
وتذكروا ان العلم له حلاوة لكن لن تنال حلاوته الا بالصبر على مرارته
وان شاء الله سيكون الدروس القادمة اسهل كثيرا فاصبروا

الواجب
كيف نعرف الله وما الطرق التي تعرفنا به؟