عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 04-24-2011, 04:44 PM
بركات محمد بركات محمد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي القول المفيد للرد علي كل مخالف وعنيد

ومن أعظم الضرر ما يحصل من فتاوى علماء السلطات الذين يفتونهم بما يهوون وينقبون لهم عن زلات العلماء لسابقين حتى أنك تجد هؤلاء يدافعون عن السلاطين مدافعة شديدة ويتلمسون لهم الأعذار ويلفقون لهم الفتاوى التي تتمشى مع ما يهوون من القوانين الوضعية، وانظر على سبيل المثال إلى كثير من القوانين تجد أنهم يستندون في أكثر القضايا إلى زلات العلماء. وصدق النبي - عليه الصلاة والسلام - إذ يقول: ((من بدا جفا ومن تتبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلاطين افتتن)).

نعم لقد سمعت هؤلاء من كان يكفر الاشتراكيين الشيوعيين من على المنبر فلما صار مختلطاً بهم انقلب على عقبيه فصار يدافع عنهم، وكان يقول إن كفرهم كفر مجازي يعني (كفر دون كفر)، فلما انفصل الاشتراكيون عن الحكم وحصل تصارع بين الحكومة وبينهم سمعنا هؤلاء عادوا إلى تكفير الشيوعيين وهكذا يكون حال من افتتن، نسأل الله السلامة.

قال العلامة ابن الجوزي في كتابه (تلبيس إبليس ص121): (ومن تلبيس إبليس على الفقهاء: مخالطتهم الأمراء والسلاطين ومداهنتهم وترك الإنكار عليهم مع القدرة على ذلك وربما رخصوا لهم فيما لا رخصة لهم فيه لينالوا من دنياهم عرضاً فيقع بذلك الفساد لثلاثة أوجه:

الأول: الأمير، يقول: لولا أني على صواب لأنكر عليَّ الفقيه وكيف لا أكون مصيباً وهو يأكل من مالي.

الثاني: العامي، فإنه يقول: لا بأس بهذا الأمير ولا بماله ولا بأفعاله فإن فلاناً الفقيه لا يبرح عنده.

الثالث: الفقيه فإنه يفسد دينه بذلك) ا هـ.

والملاحظ في هذا الزمان – ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – أن الناس قد انصرفوا عن العلماء الربانيين وصاروا حول علماء السلطة لأنهم يسلكون لهم مسلك الرخص متعللين أن هؤلاء متشددون وهؤلاء مستنيرون، ويستدلون بقول الله - عز وجل -: وما جعل عليكم في الدين من حرج، وبقوله: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، وبقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((إن هذا الدين يسر)) وغير ذلك من الأدلة.

فامتدحوا من لا يستحق المدح وذلك لتتبعهم للزلات والرخص، وذموا من يستحق المدح لدورانهم مع الدليل تحليلاً وتحريماً.

وهذه القضية – أعني ذم العلماء – الذين يقفون مع لدليل ليست وليدة العصر كما يلاحظه من قرأ في كتب الأقدمين فإنه قد شكي بأحد القضاة إلى الفقيه ابن حجر الهيتمي وذكروا له أن هذا القاضي يشدد على الناس فلا يحكم إلا بقول الصحيح المستند إلى الدليل ولا يسلك بهم مسلك الرخص فأجاب الفقيه بقوله كما في الفتاوى الكبرى الفقهية (4/324): (ما ذكر عن هذا القاضي إنما يعد من محاسنه لا من مساوئه، فجزاه الله – تعالى - عن دينه وأمانته خيراً، فإنه عديم النظر الآن، وكيف وأكثر قضاة هذا العصر وما قبله بأعصار صاروا خونة مكسة لا يحرمون حراماً ولا يجتنبون آثاما ً, بل قبائحهم أكثر من أن تحصر وأظهر من أن تشهر حتى قال الأذرعي عن قضاة زمانه إنهم كقريبي العهد بالإسلام، فإذا كان هذا في قضاة تلك الأزمنة فما بالك بقضاة هذا الزمن الذي عطلت فيه الشعائر وغلبت فيه الكبائر وقل فيه الصالحون وكثر في المفسدون فقيام هذا القاضي حينئذٍ بقوانين مذهبه وعدم التفاته إلى الترخيص للناس بما لا يقتضيه قواعد إمامه يدل على صلاحه ونجاحه وفلاحه).
رد مع اقتباس