عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 12-30-2009, 02:45 AM
أم سلمى أم سلمى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الحديث الثامن
عن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أُمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويُقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإن فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى
رواه البخارى ومسلم
أُمرتُ : الآمر هو الله سبحانه وتعالى
فإذا فعلوا ذلك : أى الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
عصموا منى : أى منعوا وحفظوا منى دماءهم وأموالهم
إلا بحق الإسلا م : يعنى لا يُتعرض للدماء ولا للأموال إلا بما أوجبه الإسلام عليهم كأن يرتكب هذا المسلم جُرماً يستحق القتل كأن يقتل متعمداً أو كأن يزني وهو مُحصن .. وهكذا
وحسابهم على الله : وهذا فى الآخرة

أُمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويُقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة : هذا تحديد للغاية من الجهاد فى سبيل الله ، فالغرض من الجهاد فى سبيل الله كما يُبينه هذا الحديث هو : دخول الناس فى الإسلام ، وهذا يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) أى : حتى يشهدوا أن لا معبود بحق إلا الله عز وجل ، فالجهاد ليس غاية وإنما هو وسيلة
والحديث يدل على عِظم أمر الشهادتين فهُما البوابة للدخول فى الإسلام
كما يدل على أهمية الصلاة والزكاة فى الإسلام لأنه ربطهما بالشهادتين ؛ أى أن من مقتضى الشهادتين : إقام الصلاة وإيتاء الزكاة
ويدل الحديث على أن مَن أتى بالشهادتين ثم أتى بالصلاة والزكاة فقد عصم دمه وماله ، فلا يجوز الإعتداء عليه أو على ماله ، ولذلك قال " فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم" فلا يجوز الإعتداء على دم المسلم وماله بل يجب صونه واحترامه وهذا كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى نهاية حياته فى حجة الوداع : " ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا " .. فدلَّ على أن دم المسلم وماله حرام لا يجوز الإعتداء عليه بل يجب إحترامه وصونه
وفى الحديث مسألة مهمة جداً هى ( الحُكم على الناس ) :
فمن يقول 0 أشهد أن لا إلا الله وأن محمداً رسول الله ) فأنا أحكم عليه بأنه مسلم ، واعامله فى أحكام الدنيا على أنه مسلم فيُزوَّج من المسلمين ، ويُصلى عليه إذا توفى ويُدفن فى مقابر المسلمين .. إلخ فأنا أعامله على أنه مسلم – بالظاهر – وأما باطنه فإلى الله عز وجل ، ولذلك قال ( وحسابهم على الله )
ولذلك عاتب النبى صلى الله عليه وسلم أُسامة لمّا قتل الرجل الذى قال لا إله إلا الله ، فأُسامة إعتقد أنه قالها تعوذاً ليعصم نفسه من القتل ، فقتله أُسامة فعاتبه النبى صلى الله عليه وسلم قائلاً : أشققتَ عن قلبه ؟
فالتعامل فى الدنيا بما يُظهره الإنسان ، وأما الباطن فعلى الله سبحانه وتعالى .. كما تعامل النبى صلى الله عليه وسلم مع المنافقين فى ظواهرهم لأنهم أظهروا الإسلام – وهُم عند الله تعالى فى الدرك الأسفل من النار – ولذلك لا ينبغى الدخول فى النيات لأن نية الإنسان فيما بينه وبين الله عز وجل
ومن الحديث أيضاً نعلم أن مهمة الدُعاة ووظيفتهم هى التبليغ فقط وليس الإجبار ، فالداعي عليه البلاغ وليس عليه حصول النتائج
والحديث يدل على أن الأعمال تدخل فى مسمى الإيمان ، وقد استنبطنا هذا من قوله صلى الله عليه وسلم ( ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) بعد قوله ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) فالنبى صلى الله عليه وسلم عطف أمر الصلاة والزكاة – وهُما أعمال – على الشهادتين وعلّق عصمة الدم والمال عليهما
وبناءً على هذا الحديث فينبغي ألا نُطلق الأحكام بالفسق والكفر على الناس إلا بدليل واضح وضوح الشمس لأن إطلاق الكفر على إنسان أمرٌ خطير لقول النبى صلى الله عليه وسلم : إذا قال المسلم لأخيه المسلم يا كافر فقد باءَ بها أحدهما ( بمعنى أنه إذا كان كافر فكافر ، وإلا فإنها ترجع على المتحدث ، وهذا يبين لنا خطورة الأمر )
رد مع اقتباس