عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 03-19-2008, 11:26 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الدرس الثانى


استطرادا على نفي التمثيل والتشبيه:

نفي التمثيل أصح من نفي النشبيه لأنه هناك أوجه مشابهة باللفظ العام المشترك
بين صفات الخالق والمخلوق ولكن عند التخصيص يأخذ كل منهما صفاته الخاصة ..
فمثلا (اليد) اللفظ العام المشترك كلمة ( يد) لكن عند تقييدها ( يد فلان)
تأخذ الصفات الخاصة بها كاحتوائها على كف وخمسة أصابع أما ( يد الله)
فنؤمن بها ونفوض كيفيتها



نعود لقول المصنف رحمه الله:

بل يؤمنون بأن الله سبحانه " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " .
فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ،

وهنا قاعدة عقدية ..
وهي أن أسماء الله مترادفة من حيث دلالتها على الذات متباينة من حيث دلالتها على الصفات
أسماء الله- تعالي- كثيرة جداً، لكن مسماها واحد. فهي مترادفة من حيث دلالتها على الذات متباينة من حيث اختصاص كل اسم منها بالمعني الخاص به وكذلك أسماء الرسول صلي الله عليه وسلم متعددة، فهي باعتبار دلالتها على الذات مترادفة ، وباعتبار دلالة كل لفظ منها على معنى آخر متابينة. وكذلك القرآن يسمي القرآن ، والفرقان، التنزيل وغير ذلك، فهذه الألفاظ باعتبار دلالتها على القرآن مترادفة، وباعتبار أن كل واحد منها له معني خاص متباينة.


* * *


فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضاداً لدعائه باسم آخر، بل الأمر كما قال تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(الاسراء:110)، وكل اسم من أسمائه يدل على الذات المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم، كالعليم يدل على الذات والعلم، والقدير يدل على الذات والقدرة، والرحيم يدل على الذات والرحمة.


الشرح


إذا هذه الأسماء الثلاثة باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، وباعتبار دلالة الأول: على العلم، والثاني: على القدرة ، والثالث: على الرحمة، فهي متباينة.

ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة الذين يقولون : لا يقال هو حي ولا ليس بحي، بل ينفون عنه النقيضين، فإن أولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علم محض، كالمضمرات، وإنما ينكرون ما في أسمائه الحسنى من صفات الإثبات، فمن وافقهم على مقصودهم كان- مع دعواه الغلو في الظاهر- موافقاً لغلاة الباطنية في ذلك، وليس هذا موضع بسط ذلك.

ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه ،


وحقيقة الإلحاد فيها هو الميل بها عن الاستقامة إما بإثبات المشاركة فيها لأحدٍ من الخلق ، كإلحاد المشركين الذين اشتقوا لآلتهم من صفات الله ما لا يصلح إلا الله ، كتسميتهم اللات من الإله ، والعزى من العزيز ، ومناة من المنّان ، وكل مشرك تعلق بمخلوق اشتق لمعبوده من خصائص الربوبية والإلهية ما بَّرر له عبادته . وأعظم الخلق إلحاداً طائفة الإتحادية الذين من قولهم : إن الرب عين المربوب ، فكل اسم ممدوح أو مذموم يطلق على الله عندهم ، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً . وإما أن يكون الإلحاد ينفي صفات الله وإثبات أسماء لا حقيقة لها كما فعل الجهمية ومن تفرع عنهم ، وإما يجحدها وإنكارها رأس إنكاراً لوجود الله كما فعل زنادقة الفلاسفة فهؤلاء الملحدون قد انحرفوا عن الصراط المستقيم يمموا طرق الجحيم .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : قال تعالى ) ولله الأسماء الحُسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ( والإلحاد في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها وهو مأخوذ من الميل كما يدل عليه مادته ل ح د . فمنه اللحد وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط . ومنه الملحد في الدين المائل عن الحق إلى الباطل . قال ابن السكيت الملحد المائل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه . ومنه الملتحد وهو مفتعل من ذلك . وقوله تعالى ) ولن تجد من دونه ملتحدا ( أي من تعدل إليه وتهرب إليه وتلتجئ إليه وتبتهل إليه فتميل إليه من غيره . تقول العرب : التحد فلان إلى فلان إذا عدل إليه . إذا عرف هذا الإلحاد في أسمائه تعالى أنواع :

أحدهما : أن تُسمَّى الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية والعزى من العزيز . وتسميتهم الصنم إلاهاً وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة .

الثاني : تسميته بما لا يليق بجلالة كتسمية النصارى له أباً وتسمية الفلاسفة له موجباً بذاته علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك .
وثالثها : وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص كقول أخبث اليهود : إنه فقير . وقولهم : إنه استراح بعد أن خلق خلقه . وقولهم ) يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ( وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته .
ورابعها : تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم : إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني فيطلقون عليه اسم السميع ، والبصير ، والحي ، والرحيم ، والمتكلم ، والمريد ، ويقولون : لا حياة له ولا سمع ، ولا بصر ، ولا كلام ، ولا إرادة تقوم به وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلاً ، وشرعاً ، ولغة ، وفطرة وهو يقابل إلحاد المشركين فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها فكلاهما ملحد في أسمائه ثم الجهمية وفروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب . وكل من جحد شيئاً مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر .

وخامسها : تشبيه صفاته بصفات خلقه تعالى الله عما يقول المشبهون علواً كبيراً . فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة فإن أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها ، وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وتفرقت بهم طرقه وبرَّا الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه ، ولم يجحدوا صفاته ، ولم يشبهوها بصفات خلقه ، ولم يعدلوا بها عما أنـزلت عليه لفظاً ولا معنىً بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم بريئاً من التشبيه وتنـزيههم خالياً من التعطيل لا كمن شبه حتى كأنه يعبد صنماً أو عطل حتى كأنه لا يعبد إلا عدماً . وأهل السنة وسط في النِحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل ، توقد مصابيح معارفهم من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء . فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته ومتابعة رسوله إنه قريب مجيب .



لأنه سبحانه لا سمى له ولا كفوء له ولا ند له . ولا يقاس بخلقه سبحانه تعالى ،
فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره ، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً من خلقه .


أي أنه سبحانه لا نظير له يستحق اسمه وهو منزه عن ذلك سبحانه في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله
وكيف يقاس الخالق الكامل بالمخلوق الناقص؟؟!



ثم رسله صادقون مصدقون ، بخلاف الذين يقولون عليه مالا يعلمون .
ولهذا قال سبحانه وتعالى : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين *
والحمد لله رب العالمين " ، فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل ،
وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب


الرسول هو من أوحى اليه الله بشرع وأمره بتبليغه وهذا الشرع خاص به هو وليس لغيره من الرسل.

أما النبى هو من أوحى الله إليه بشرع غيره من الرسل وأمره الله بتبليغه .

وسئل علماء اللجنة الدائمة :
كم عدد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ؟ .
فأجابوا :
لا يعلم عددهم إلا الله ؛ لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر/78
، والمعروف منهم من ذكروا في القرآن أو صحت بخبره السنَّة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 256 ) .



والفرق بينهما أن الرسول من جمع إلى المعجزه الكتاب المنزل عليه والنبى من لم

ينزل عليه كتاب وإنما أمر أن يدعو إلى شريعه من قبله...........) وقال الشيبانى فى شرح الفقه الكبير (الرسول من بعث

بشرع مجدد والنبى يعمه ومن بعث بتقرير شرع سابق ) وقال الإمام البيضاوى فى تفسير قوله تعالى ( وما أرسلنا من قبلك

من رسول ولا نبى ) قال (الرسول من بعثه الله لتقرير شرع سابق ) ومن هذا المنطلق يكون سيدنا موسى نبى لأنه قد أوحى

الله إليه بشرع وفى نفس الوقت هو رسول لأن الشرع الذى أوحى الله إليه به هو خاص به وليس لرسول قبله أما أخوه

سيدنا هارون نبى لأن الله قد أوحى إليه بشرع ولكنه ليس رسول لأن الشرع الذى أوحى الله أليه به هو ليس خاص به ولكن

لسيدنا موسى وحبيبنا محمد نبى لأن الله أوحى إليه بشرع وفى نفس الوقت رسول لأن الشرع الذى أوحى الله إليه به هو

خاص به وليس لرسول قبله .


وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات ،
فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون . فإنه الصراط المستقيم ،
صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين .


وهنا منهج القرآن في الأسماء والصفات
فهو الصراط المستقيم أي الطريق المعتدل الذي لا تعدد فيه ولا انقسام
وهو طريق الأنبياء والصالحين
نسأل الله أن يجعلنا منهم


ومما سبق علينا أن نعلم أن نصوص الأسماء والصفات لا يدخلها المجاز
ولا يحق لأحد أن يصرفها عن ظاهرها لمعنى آخر
وكلما تعددت الأوصاف أظهرت محاسن الموصوف سبحانه



انتهينا من مقدمة المتن وسيتبع بإذن الله البدء في الآيات والصفات والرد على النفاة

نسأل الله التوفيق للجميع


رد مع اقتباس