عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-12-2009, 11:26 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

- وهذه أمثلة من أقوال أهل العلم في بيان خطورة العدو الداخلي خصوصاً من كان من أهل البدع:
- قال ابن الجوزي - رحمه الله - فيما يرويه عن أبي الوفاء علي بن عقيل الفقيه -رحمه الله- قال : قال شيخنا أبو الفضل الهمداني : "مبتدعة الإسلام أشد من الملحدين" ، مبتدعة الإسلام وأصحاب البدع والانحراف عن النهج السوي الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- ، هؤلاء أشد من الملحدين ، "لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج ، وهؤلاء قصدوا إفساد الدين من الداخل ، فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله ، والملحدون كالحاضرين من خارج عدواً ظاهراً ، فالدُّخَلاءُ -يعني أهل البدع- كأولئك الذين يكونون بداخل الحصن يفتحون الحصن فهو شر على الإسلام من غير المُلابس له ، وشر هؤلاء ظاهر ، وأما شر المنتسبين إلى دين الله رب العالمين والداعين بزعمهم إلى صراط الله المستقيم شرهم أعظم وأكبر على جماعة المسلمين من أولئك الذين يحاولون صدع الدين وإزالة شوكة المسلمين ، فالعدو الظاهر أقل خطراً من العدو الداخلي الباطن".
- وقال شيخ الإسلام - عليه الرحمة - في سياق كلامه عن الخوارج : "وأنَّ الصحابة لم يكفروهم، ومازالت سيرة المسلمين على هذا، وما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق - رضي الله عنه - هذا مع أمر سول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة، وما ورد أنهم شر قتلى تحت أديم السماء، وخير قتيل من قتلوه، كما في الحديث الذي رواه أبو أمامة -رضوان الله عليه- عند الترمذي وغيره.
أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم، فإنهم لم يكن أحد شراً على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى"، هؤلاء الخوارج كما يقول شيخ الإسلام وقد حارب جميع من ذكر ، حاربهم بسيفه ، وحاربهم ببنانه ، وحاربهم بلسانه ، يقول : "فإنهم -يعني الخوارج- لم يكن أحد شر على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى ، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم , مكفرين لهم ، وكانوا متدينين يتقربون إلى الله رب العالمين بذلك ، وذلك لعظم جهلهم ولبدعتهم المضلة ، فهؤلاء كانوا أخطر وأشد شراً على المسلمين من العدو الخارجي الظاهر، وقد حذرت الشريعة من قراءة كتب المغضوب عليهم وأهل البدع، لأنها بمثابة السَّم في الدسم،فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه ـ أي: أخذه ـ من بعض أهل الكتاب ، فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال :"أمُتَهَوِّكُون فيها يا ابن الخطاب ؟ـ يعني أمتحيرون أنتم فيما أتيتكم به ؟ ـ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها نقية ، لا تسألوهم ـ يعني: أهل الكتاب ـ عن شيء فيخبروكم بحق فتكذِّبوا به ، أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو كان موسى ـ عليه السلام ـ حياً ما وسعه إلا أن يتبعني" ، صلى الله عليه وسلم ، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده ، فإذا كان الناظر للاستفادة في كتب أهل الكتاب السماوية المنسوخة محرماً ، فتحريم النظر في كتب أهل البدعة والضلال والكفر وغيرهم أشد حرمة.
- قال الذهبي في ((الميزان)) في ترجمة محمد بن عمر الزمخشري ، ومعلوم أنه كان معتزلياً كبيراً جلداً في الاعتزال حتى إنه كان إذا استأذن فقيل: من؟ قال: جار الله المعتزلي ، قال عنه الذهبي -رحمه الله- في ميزان الاعتدال : صالح لكنه داعية إلى الاعتزال أجارنا الله فكن حَذِراً من كشَّافه -يعني من تفسيره-،
قال الحافظ ابن حجر بعدما نقل كلام الذهبي : قال الإمام أبو محمد بن أبي جمرة في شرح البخاري له لما ذكر قوماً من العلماء يغلطون في أمور كثيرة قال :"ومنهم من يرى مطالعة كتاب الزمخشري ويؤثره على غيره من كتب السادة كابن عطية ويسمي كتابه الكشاف تعظيماً له" ، قال : "والناظر في الكشاف إن كان عارفاً بدسائسه فلا يحل له أن ينظر فيه لأنه لا يأمن الغفلة فتسبق إليه حينئذ تلك الدسائس وهو لا يشعر ، أو يحمل الجهَُّال بنظره فيه على تعظيمه عندما يرونه ذاكراً له مطالعاً فيه فيحمل هذا النظر وتلك المطالعة أهلَ الجهل الذين يرونه ويعلمون خبره على النظر في ذلك الكتاب ، وأيضاً هو يقدم مرجوحاً على راجح في مقالته وحاله ، وهذا بضد عمل أهل العقل السوي ، وإن كان غير عارف بدسائسه فلا يحل له النظر فيه لأن تلك الدسائس تسبق إليه وهو لا يشعر فيصير معتزلياً مرجئياً ، والله تبارك وتعالى الموفق" ، ذكر ذلك أبن حجر في لسان الميزان ، وكان الزمخشري قد أدخل مسائل الاعتزال في ثنايا كلامه حتى إن أهل السنة يقول مُقَدَّمٌ من مقدَّميهم : ما استخرجت الاعتزال من كتاب الكشاف إلا بالمناقيش ، والمناقيش جمع منقاش وهو الملقاط المعروف الذي تُستخرج به تلك الأشياء التي تصيب الجلد من شوك وغيره فيكون ذلك بنوع تعب ومزاولة معاناة .
النصيحة واجبة، أوجبها الله رب العالمين وأوجبها رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، ومما يَصُدُّ عن قبولها ذلك التعصب الأعمى، ونحن لا ننفي التعصب مطلقاً، فلابد من تعصب لدين الله رب العالمين، ولكن كن متعصباً لدين الله تعصباً مبصراً، ولا تكن متعصباً تعصباً أعمى، وكن متعصباً للحق تعصباً مبصراً، ولا تتعصب للباطل تعصباً أعمى، فإن أكثر الخلق إنما يتعصبون التعصب الأعمى، وهو تعصُّب لا بصر معه ولا فكر فيه فتنغلق العقول، وحينئذ لا ينفذ إليها شيء من شعاع الحق الذي يذيب الثلوج التي تترهل هنالك بين التلافيف، على المرء أن يكون متعصباً تعصباً مبصراً، وأن لا يحرَن, فإن تلك الحرونة إنما هي من فعل البغال لا من فعل الراشدين ، فعلى المرء أن يتأمل فيما يلقى إليه ، وبخاصة إذا أتاه من أهل زمانه، وعليه أن يُرجِعَ ما يأتي به أهل زمانه إلى ما كن عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان من أهل العلم ، فإن وجد فذلك وإلا فليضرب عنه صفحاً وليطوي عنه كشحاً، وليجعله دبر الآذان وتحت مواطئ الأقدام ولا يبالي فلا خير فيه ، ومعلوم أن التعصب أفسد الكثير على هذه الأمة، لا في الأصول وحدها وإنما في الفروع أيضاً.
والشيخ رشيد رضا - عفا الله عنه - يقول في كتابه عن الوحدة الإسلامية والأخوة الدينية: " وقد وقع من الفتن بين المختلفين في الأصول والفروع ما سَوَّدَ صحف التاريخ على أن الخلاف في الفروع أهون وأقل شراً وقد ضعف في هذا الزمان بضعف أسبابه في أكثر البلاد - يعني التعصب للفروع المذهبية العملية الفقهية بين أهل المذاهب المختلفة-.
قال: ولكننا ما نزال نسمع بمنكرات قبيحة منه في أخرى، من ذلك أن بعض الحنفية من الأفغانيين سمع رجلاً يقرأ الفاتحة وهو بجانبه في الصف فضربه بمجموع يده في صدره ضربة وقع بها على ظهره فكاد يموت.
قال : وبلغني أن بعضهم كسر سبابة مصلٍ لرفعه إياها في التشهد وهو يصلي ، فلما رأى من بجواره يرفع السبابة مشيراً بها حنى عليه فنهشها فكسرها كسراً وربما قضمها بأسنانه قضماً.
قال : وقد بلغ من إيذاء بعض المتعصبين لبعضٍ في طرابلس الشام في آخر القرن التاسع عشر أن ذهب بعض شيوخ الشافعية إلى المفتي وهو رئيس الفقهاء وقال له : اقسم المساجد بيننا وبين الحنفية ، فإن فلاناً من فقهائهم يعدُّونا من أهل الذمة بما أذاع في هذه الأيام من خلافهم في تزوج الحنفية بالشافعي ، وقول بعضهم لا يصح لأنها تشك في إيمانها ، لأن الشافعية يقولون بجواز الاستثناء في الإيمان ، يعني أن تقول ( أنا مؤمن إن شاء الله ) ، وأما الحنفية فيقولون : من استثنى في الإيمان فقد شك في إيمانه ، حتى لربما أخرجوه من الإطار ، وحينئذ ، فالشافعية التي تجوِّز الاستثناء في الإيمان لا يجوز للحنفي أن يتزوجها قولاً واحداً ، حتى ظهر فيهم فقيه لقب نفسه بمفتي الثقلين ، يعني هو مفتي الإنس والجن معاً ، فقال : أنزلوهن منزلة أهل الكتاب ، يعني أنزلوا الشافعيات اللواتي يرين الاستثناء في الإيمان ، تقول الواحدة منهن : ( أنا مؤمنة إن شاء الله ) نزِّلوهن منزلة أهل الكتاب ، عاملوهن كما تعاملون أهل الذمة ، فلما أشاعوا تلك المقالة في طرابلس الشام أوذي الشافعية بسببها إيذاءً عظيماً حتى ذهب فقهائهم إلى رئيس العلماء والفقهاء فقالوا اقسم المساجد بيننا وبين الحنفية قسمين , لأنهم قد أذاعوا تلك المقالة ووقع إيذاء شديد ، فأين هذا التعصب والإيذاء والتفريق بين المسلمين بالآراء الاجتهادية من تسامح السلف الصالح وأخذهم بما أراده الرحمن من اليسر في الشرع وانتفاء الحرج فيه , واتقائهم التفريق بين المسلمين بظنون اجتهادية رجَّح بها كل ناظر ما رآه أقرب إلى النصوص أو إلى حكمة الشارع الحكيم . انتهى كلام الشيخ رشيد -عفا الله عنه-.
رد مع اقتباس