عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 02-12-2009, 11:55 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

ودعاء يوم عاشوراء دعاءٌ مُختَرَعٌ مصنوعٌ أيضًا، وهذه الخُزَعْبَلات التي يأتي بها مَنْ يأتي مِنْ أمثال أولئك الذين يَدُورُونَ في الشوارع من أَجْلِ أنْ يَستَحلِبُوا أموالَ البُلَهَاءِ والسُّذج في هذا اليوم مِنْ أَجْلِ أنْ يؤتوهم ما يؤتونهم من تلك الخزعبلات والخرافات والبدع كل هذا ليس من دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
وإِحداثُ الحُزن فيه على مقتل الحسين رضي الله تبارك وتعالى عنه شيءٌ تفعله الروافض ولا يفعله أهلُ السُّنة.
والحسين لم يكن أفضلَ من علي, وقد قُتِلَ عليٌّ رضي الله عنه قَتَلَهُ الخوارج فضربه عبد الرحمن بن مُلْجَمٍ فقتلَهُ رضي الله تبارك وتعالى عنه, فَقُتل عليٌّ وهو أفضل من الحُسين بلا خلاف.
بل إنَّ حَسَنًا قد قُتل مسمومًا أيضًا كما هو المُرَجَّحُ عند أهل السُّنة - وإنْ كان يُنازِعُ في ذلك من يُنازِع -؛ لأن بعضَهم من أهل الرفض ومن تبعهم يتهم معاوية رضي الله تبارك وتعالى عنه وعن الصحابة أجمعين بأنَّهُ أرسلَ إليهِ من دَسَّ السُّم عليه أو كان مَوتُه مسمومًا بمعرفة معاوية رضي الله عنه، وهذا كله مما لم يثبت فيه خبر, ومن أخذ به فهو طاعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فحسنٌ رضي الله عنهُ قُتل على الراجح عند أهل العلم مسمومًا كما قُتل عليٌّ رضي الله عنه شهيدًا بل قُتل عثمان - وهو خير من علي - قُتل أيضًا، بل قُتل عمر - وهو خير من عثمان -، فكان ماذا؟!
أكرمهم الله ربُّ العالمين بالشهادة، وكما يقول شيخ الاسلام في ((مِنهاج السُّنة)): إنَّ حسنًا وحُسينًا إنما نشأَ وتَرَبَّيَا وترعرعا في عزِّ الإسلام وفي رَيعَانِهِ, فلم يُعانِيا ما عاناه أهلُهما من السابقين من الجهاد والنُّصرة والهجرة, فأبَى الله ربُّ العالمين إلا أن يُعْظِمَ لهما الأجر وأن يُلحقهما بالسابقين السالفين من آلِهِمَا بالشهادة التي أكرمهما الله بها.
فحسينٌ رضي الله عنه قد قُتِلَ شهيدًا مظلومًا هذا ما نحن عليه.
أهل السُّنة يوقنون يعتقدون أن حسينًا مات شهيدًا مظلومًا, ويُقِرُّونَ أنَّ الخروج على الولاة هو من أعظم ما يجلب الشرور, بل لم يجلب الشرور على أمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم شيءٌ هو أعظمُ من الخروج على ولاة الأمور؛ ولذلك في عقائد أهلِ السُّنَّة فلن تجد كتابًا جامعًا في عقائد أهلِ السُّنَّة إلا وفيه تقرير هذا الأمر العظيم، وهو: أنَّ أهلَ السُّنَّة لا يخرجون على ولاة الأمور وإن ضربوا ظهورهم, وأخذوا أموالهم, واستأثروا عليهم، ويعلمون (أنَّ الأمر إنما يأتي من هنا لا يأتي من هنا) كما قال الحسن البصري رحمة الله عليه.
فممَّا ساق الشرور إلى الأمة الخروجُ على ولاة الأمور وإن كانوا جَوَرَة, وإن كانوا ظَلَمَة, وإن كانوا فَسَقَة, وإن كانوا مُستأثرين، بل الذي صار إليه أهلُ السُّنَّة أنَّه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور أو على الحاكمين المُتَغَلِّبين ولو كفروا بالله العلي العظيم إلا عند استكمال العُدَّة ولا عُدَّة.
فلا يجوز عند أهل السُّنَّة الخروج على الحاكم ولو كفر إلا إذا توفرت الشروط: أنْ يأتي بكفرٍ لا نِزاع فيه بين أهل القبلة, أمَّا إنْ كان مُتأولًا فهذا يُكَفِّره بما تَأَوَّلَهُ وهذا لا يُكَفِّره! فهذا ليس بالكفر البَوَاح، إلا أنْ يأتي بكفر بَواحٍ ظاهر لا يختلف فيه أهل العلم من أهل الحل والعقل - لا من طلاب العلم لا كبارًا ولا صغارًا، ولا من أهل العلم الذين لم يتأهلوا للاستنباط من الكتاب والسُّنَّة الذين يُفتون في النوازل! - بل يقضي بذلك أئمتهم من علمائهم الذين يُفتون في النوازل, فهؤلاء يُرجع إليهم هذا الأمر، (إلا أن يأتي بكفر بَوَاحٍ عندك فيه) - عندك - لا أن يُنقل إليك وتقول: حدثني الثقة!
وأهل العصر أكثرهم كَذَبَةٌ؛ عَانَينَا كَذِبَهُم حتى فيمن ينتسب إلى العلم منهم!
ولم نرَ صادقًا إلا من عصمَ الله, وحسبنا الله ونعم الوكيل.
شيءٌ مزعج أن ترى الكذب يتفشى في أهل العلم ومن ينتمي إلى دين محمد, ويُوهم الناس بأنه يَحملُ العلم الذي لا يحمله من كل خَلَفٍ إلا عُدُولُهُ!!
فلا يُنقلُ إليك وإنما عندك فيه من الله برهان، ثم يأتي شرط خامس قرره أهل السُّنَّة وهو: العُدَّة فأما إذا لم تُستكمل العُدَّة فالخروج فوضى ولا يجوز، ومَنْ قُتل عند ذلك خارجًا فدمُه مُهدر ولا قيمةَ له في ميزان الإسلام العظيم, وأمرهُ إلى الله ربِّ العالمين.
الذين خرجوا من السلف الصالح لم يكونوا خوارج, فَفَارِقٌ بين الخارجِ والخَارجيّ, أمَّا الخوارج فلهم أصول يصدُرون عنها ويتحركون بها.
الحسين رضي الله عنه خرج فلمَّا جَدَّ الجِدُّ خيَّرَهم فلم يُخَيِّرُوه.
عبد الله الزبير خرج أيضًا وقُوتل حتى هدم الحجاج بالمجانيق - نصبها على الجبال حول الكعبة - حتى هدم الكعبة, وقُتل ابن الزبير رضي الله تبارك وتعالى عنه وعن أبيه وعن أمه وعن الصحابة أجمعين، قُتل في الحرم رضي الله تبارك وتعالى عنه، وهو من صِغار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, وكان أهلًا للخلافة ولكن الخروج شرٌّ.
ولذلك لمَّا أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرجَ تعلق به ابن عباس, فالأمرُ جميع والناس قد بايعوا ليزيد، وهؤلاء الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم كانوا يَزِنُونَ الأمور, ولكن كان أمر الله قدرًا مقدورًا، والحسين كان أحقَّ بها وأهلها, ولكن قد بُويع ليزيد فانتهى الأمر، فلمَّا خرج الحُسين رضي الله تبارك وتعالى عنه ووقع ما وقع من فتح باب الشرِّ الذي لم يُغلق إلى يوم الناس هذا، فما زال الشر يَعظُم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: خرج الحُسين رضي الله عنه ليحسم مادة الشر فما زال الشر يَعظُم إلى يوم الناس هذا, وقُتل مظلومًا شهيدًا, وهو وأخوه سَيِّدا شباب أهل الجنة, وهما ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فوقع ما وقع عن اجتهاد منه.
لذلك يقول ابن حجر رحمة الله عليه: وكان الخروج على الولاةِ الظلمة مذهبًا للسلف الصالح أولًا, فلمَّا نَجَمَ أو نتجَ عنه ما نتج قالوا بِسَدِّ هذا الباب.
رد مع اقتباس