الموضوع: النجدة اغيثونى
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 01-11-2010, 05:28 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
بارك الله فيكم أختنا الكريمة.
لعلي أعرف الكتابَ الذي تقصدونه، والذي قام على تأليف مادته الشيخان: (زكي علي سويلم) و (عبد السميع محمد السنباطي)، فإن كانَ ما عنَيْتُه صحيحًا فاللهَ أسأل أن ينفعَكم به وأن يجعله سببًا في حبكم للنحو، حيث إنه من الكُتُبِ القَيِّمَةِ حقًّا، ويعرف هذا من كان أزهرِيًّا، فاهتموا به واعتنوا، عسى الله أن يجعله بابًا تَلِجُونَ منه إلى عِلمِ النحوِ الجَليلِ.
أمَّا ما ذَكَرتِ يا رَعاكِ اللهُ مِن فَهْمِكِ لدُرُوسِ الكِتابِ دونَ فَهْمِ التَّطبيقاتِ، فلعلَّكم تعتمدون في دراسة النحوِ على الكتابِ فقط دونَ شيخٍ ولا مُعَلِّمٍ، فإن كان هذا صحيحًا فاعلمي يا رعاكِ اللهُ أنَّ النحوَ كَعِلمٍ لابُدَّ فيه مِن مُدَرِّسٍ أو مُعَلِّمٍ يأخُذُ فيه بِأيْدِيكُمْ لِيُقيمَكم على الجَادَّةِ وَيُختَصِرَ عليكم الطَّرِيقَ، وإن لم يتوفَّرْ لكم هذا فيُمكِنُكم أن تستعينوا بأيِّ شرحٍ مِنَ الشُّروحِ الطَّيِّبَةِ المُيَّسَّرَةِ الموجودَةِ على شبكة المعلومات (الإنترنت).
والشيء بالشيء يُذكَرُ، فلعلِّي أحاولُ في عُجَالَةٍ أن أفيدَكم بشيءٍ بخصوص إعرابِ وبناءِ الفعلِ المُضارعِ كما ذَكَرتُم الآنَ، فأقولُ مُستعينًا باللهِ العليِّ العظيمِ (تبارك وتعالى):
اعلَمِي (وفقني الله وإياكِ لمرضاتِهِ) أنَّ الفعلَ المضارعَ يكونُ مُعرَبًا دائِمًا، ولا يكونُ مَبْنِيًّا إلا في حالَتَيْنِ فقط ليسَ لهما ثالثٌ، وهما:
(1) يكون مبنيًّا على السُّكونِ عندِ اتصاله بنونِ النِّسوةِ.
(2) يكون مبنيَّا على الفتحِ عندَ اتصالِهِ بنونِ التوكيدِ.

(1) نون النِّسوةِ:
كقوله تعالى: [وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ] {البقرة:233}
فإذا نظرتِ إلى الفعلِ المضارعِ هاهنا (يُرضِعْنَ) وَجَدْتِ أنَّه قد اتَّصَلَ بنونٍ في آخرِهِ، وهذه النونُ قد سَبَقَها حرفٌ ساكِنٌ، وهي تَدُلُّ على جَمَاعةِ الإناثِ، يعني تدلُّ على مجموعةٍ من النساءِ، فهنا يكونُ الفعلُ المضارعُ مبنيًّا على السكونِ بسببِ اتصالِهِ بهذه النُّونِ (نون النِّسْوَة).
وإليكِ بعضُ الأمثلةِ الأخرى على الفعل المضارعِ المتصلِ بنونِ النسوةِ المبنيِّ على السُّكونِ:
قال تعالى: [فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنْسِيًّا] {مريم:26}
قالَ تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {الأحزاب:59}
قالَ تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {الممتحنة:12}
قال (صلى الله عليه وسلم): (يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن جزلة ومالنا يا رسول الله أكثر أهل النار قال تُكْثِرْنَ اللعن وتَكْفُرْنَ العشير .... إلى آخر الحديث).
قالَ الشاعرُ:
يَسْلُبْنَ ألْبَابَ الرِّجَالِ بِنَظْرَةٍ .:. وَاللَّحْظُ مِغْنَاطِيسُ كُلِّ حَنَانٍ
أخواتُ العَرُوسِ يَفْرَحْنَ لَهَا، ويَتَمَنَّيْنَ لَهَا السَّعَادَةَ.

(2) نُونُ التَّوْكِيدِ:
كقولِهِ تعالى: [وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ] {الأنبياء:57}
فإذا نَظَرْتِ إلى الفِعْلِ المُضَارعِ هاهنا (أكِيدَنَّ) وَجَدْتِ أيْضًا أنَّه قد اتَّصَلَ بِنُونٍ في آخِرِهِ، وَهَذِهِ النُّونُ قدْ سَبَقَهَا حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ، وهذه النُّونُ تَدُلُّ على توكيد الفعلِ، ففي الآيةِ السابقةِ يُؤَكِّدُ نبيُّ اللهِ إبراهيمُ (عليه الصلاةُ والسَّلامُ) أنَّه سوفَ يَكِيدُ أصنامَ قَوْمِهِ تَأكِيدًا جَازِمًا، فهنا يكونُ الفعلُ المضارعُ مَبْنِيَّا على الفَتْحِ بِسَبَبِ اتِّصَالِهِ بِهَذِهِ النُّونِ (نون التَّوْكِيدِ).
وإليكِ بعضُ الأمثلةِ الأخرى على الفعل المضارعِ المتصلِ بنونِ التَّوْكِيدِ المبنيِّ على الفَتْحِ:
قالَ تعالى: [وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ] {يوسف:32}
قالَ تعالى: [إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ] {القلم:17}
قالَ تعالى: [كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ] {الهمزة:4}
قالَ تعالى: [وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ] {التوبة:75}
قالَ الشَّاعِرُ:
لأتْرُكَنَّ وُجُوهَ الخَيْرِ سَاهِمَةً .:. وَالحَرْبُ أقْوَمُ مِنْ سَاقٍ عَلَى قَدَمِ
قالَ الشَّاعِرُ:
لا تُلْهِيَنَّكَ عَنْ معَادِكَ لَذَّةٌ .:. تَفْنَى وَتُورِثُ دَائِمَ الحَسَرَاتِ

وختامًا، أذكُرُ لكِ هَذَيْنِ المثالَيْنِ لِيُقَرِّبَا الأمْرَ لِذِهْنِكِ قَلِيلاً:
(أ‌) الأمَّهَاتُ يَتَمَسَّكْنَ بِرِعَايَةِ الأجْيَالِ الجَدِيدَةِ. (نون النسوة).
(ب‌) لَيَتَمَسَّكَنَّ الأبُ بِرِعَايَةِ الأجْيَالِ الجَدِيدَةِ. (نون التوكيد).

فهذه هي الحالات التي يُبْنَى فيها الفعل المضارع، وهما حالتان كما رأيْتِ يا حفظكِ اللهُ، أما ماعدا هذا فيكونُ الفعلُ المُضارِعُ مُعْرَبًا، بحيث يكونُ مَجْزُومًا إذا سَبَقَتْهُ آداةٌ مِنْ أدَواتِ الجَزْمِ أوْ كانَ رُكْنًا مِنْ رُكْنَيْ جُمْلَةِ الشَّرْطِ، ويَكُونُ مَنْصُوبًا إذا سَبَقَتْهُ آداةٌ مِنْ أدَوَاتِ النَّصْبِ، ويَكُونُ مَرْفُوعًا إذَا لَمْ تَسْبِقْهُ آداةُ نَصْبٍ وَلا آداةُ جَزْمٍ وَلَمْ يَدْخُلْ في تَرْكِيبَةٍ لِجُمْلَةٍ شَرْطِيَّةٍ.
وحاولوا أن تتابعونا في دورَةِ (رفع العدوان) فلعلَّ اللهَ يرزقُكم شيئًا ولو يسيرًا مِنَ النَّفْعِ بها.
أسألُ اللهَ الكريمَ العَظِيمَ أنْ أكونَ قد أفدْتُكم بشيْءٍ وَلوْ يَسِيرٍ يا رَحِمَكِ اللهُ ورَعَاكِ.
وصَلِّ اللهمَّ على سَيِّدِنَا محمدٍ وآلهِ وصحبِهِ أجمعين.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-11-2010 الساعة 05:43 AM
رد مع اقتباس