عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 03-04-2008, 10:31 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




Islam


بـســم الله الرحــمن الرحـــيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين ( صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ) ، ثم أما بعد :

كتاب التحفة السنية يبتدىء كما يبتدىء غيره من شروح الآجرومية بكلمة موجـزة عن علم النحو وعن ترجمة المؤلف ابن آجروم ، فسنكتفى بأن يقوم كل منا بقراءة هذه المقدمات ، وسندخل سويا إلى بداية المتن فنقول مستعينين بالله العلىّ العظيم :




تعريف الكلام

المؤلف من بعد ابتدائه بالبسملة ، شـَـرَعَ فى تعريف الكلام ، فقال : [ الكَلاَمُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ ] .
وهذا هو تعريف الكلام فى علم النحــو .

[ اللَّفْظُ ] فلابد أن يكون منطوقا ملفوظا باللسان .
فلو جاء أخـوك وسألك عن شىء هل حدث أم لا ، وأشرت إليه برأسك مثلا ، فهذه الإشارة لاتسمى عند علماء النحو كلاما .
فلا بد أن يكون الكلام منطوقا باللسان ومشتملا على بعض حروف الهجاء ، حتى يكون كلاما.

[ الْمُرَكَّبُ ] وهذا الشرط الثانى من شروط الكلام ، بأن يكون مُـركـَّـبا .
يعنى يتكون من كلمتين أو أكثر .

فحينما أقول : ( الـجِـِـهَادُ شـرفٌ ) فأنا قد نطقت وتلفظت بجملة مركبة مكونة من كلمتين ؛ فيسمى هذا عند أهل النحـو ( كلاماً ) .
ولو اقتصرت فى نطقى على كلمة ( الجهاد ) فقط ، فهل يمكننى أن أعلم وجها صحيحا لإعرابها ؟ هل يمكننى أن أعلم ماالذى تستحقه هذه الكلمة من إعراب ؟
أما لو قلت ( الجهادُ شرفٌ ) فالجملة مركبة من كلمتين ؛ علمت منها أن كلمة ( الجهاد ) وقعت موقع المبتدأ ، والمبتدأ يستحق الرفع ، فأضع علامة الضمة على الحرف الأخير .
وكذلك لو قلت ( عزمْـتُ على الجهادِ ) فالجملة تكونت من أربع كلمات ، يمكننى معها بكل سهولة أن أفهم أن كلمة ( الجهاد ) مسبوقة بحرف الجـر ( على ) فتكون مجرورة بالكسرة .

وعلم النحـو فى الأصل يبحث فى الكلام وضبط أواخر الكلمات ، ولكى أعلم علامة الضبط الصحيحة التى يستحقها الحرف الأخير من أى كلمة ؛ فلابد أن تكون هذه الكلمة داخل جملة من الجمل ، ولا تكون مفردة .
فـلـو قلنا ( الجهاد ) فقط وسكتنا ، ماإعراب هذه الكلمة ؟
لانعلم ، لابد أن ندخلها فى جـملة أولا ثم نتبين موقعها وإعرابها الصحيح من خلال موقعها فى تلك الجملة .

[ الْمُفِيدُ ] بأن يكون هذا الكلام فى مجموعه يحقق معنىً مفيدا ، بحيث لو قاله المتكلم وسكت ، يكون السامع قد أخذ الإفادة من كلامه ولايحتاج لمزيد .

فقد ننطق بقولٍ يتكون من كلمتين ويكون مركبا ، ولكن لايفيد معنىً واضحـًا يفيد السامع بالمراد ، كم لو قلت مثلا : ( إطلاقُ اللحيةِ ) فهل السامع استفاد من قولى وخرج بفائدة تامة كاملة وفهم المراد منه ؟
هو يعلم معنى كلمة ( إطلاقُ اللحيةِ ) ولكن هل استفاد جديدا ؟
لا ؛ وإنما لو قلت له : ( إطلاقُ اللحيةِ واجبٌ ) يكون قد فهم المراد على وجهه الصحيح .

وقد يكون القول مركبا من كلماتٍ كثيرةٍ جدا ولا يكون مفيدا .
فلو قلنا مثلا : ( إذا زارنى أبى وأخى وأمى وأختى وخالى وعـمى وابنى وابنتى وجميع أقاربى )
فهذا التركيب يتكون من كلمات كثيرة كما نرى ، ولكن هل فى النهاية علمنا الفائدة من وراء هـذا التركيب ؟
لا ؛ لأننا نحتاج لمزيد من الإيضاح ، فـنريد أن نعرف ماذا سيحدث إذا زارنى كل هؤلاء .
أما لو قلت : ( إذا جاءَ أبى وأخى وأمى وأختى وخالى وعـمى وابنى وابنتى وجميعُ أقاربى سيمتلىء البيتُ بالسعادةِ ) .
فالآن قد علمت كل شىء ، فإذا جاء كل هؤلاء للزيارة سأسعد وأفرح ، وانتهى المراد من الجملة .

[ بِالْوَضْعِ ] ومعنى هذا أنه يشترط فى الكلام أن يكون من وضع لغة العرب ، بأن يكون كلاما عربيا ، فإن كل لغة من اللغات لها قواعدها ولها نظامها الذى تسير عليه ، وإن أردت أن تـُـلـزِمَنى بقواعد اللغة العربية وقواعد النحـو العربى ، لابد أن يكون كلامى من لغة العرب .
ولو كان ماأتلفظ به ليس من لغة العرب وإنما هو من لغة أخرى ، فهذا ليس كلاما .

فهذا هو معنى تعريف الشيخ للكلام بأنه : [ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ ] .
بأن يكون صوتا خارجا من اللسان ، ومُـكَـوَّناً من كلمتين أو أكثر ، ويفيد معنى تاما يحسن السكوت عليه وتتم به الفائدة ، ويكون من أصل لغة العرب .


أنواع الكلام

وبعد أن تحدث الشيخ عن تعريف الكلام ، شرع يعرفنا أقسامه فقال : [ وأَقْسَامُهُ ثَلاَثَةٌ : اسْمٌ ، وَفِعْلٌ ، وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًي ] .

فالنوع الأول ( الإسم ) : هـو مادل على معنىً فى نفسه ، والزمن غير داخـل فى معناه .
فلو قلنا : ( الإنسان ) ، ( الزيتون ) ، ( الإناء ) ، ( الكوب ) ، ( الأرض ) ، ( السماء ) .
فكل هذه الكلمات حينما تسمعها تتبين معناها ومدلولها ، فتتبادر إلى ذهنك صورة الإنسان أو صورة الإناء أو أو .. .
فهذا هو الإسم ، يدل على معنىً فى نفسه ، ونلاحظ هنا عبارة [ دل على معنىً فى نفسه ] ولم يقل [ دل على معنى يحسن السكوت عليه ( كما فى تعريف الكلام ) ] .
فالإسم حينما تسمعه يفيدك إفادة مفردة ، بأن تفهم مقصود الكلمة مفردة هكذا ، أما الكلام فيشترط فيه حصول الإفادة التامة الكاملة .

وكذلك فالإسم لايدخل الزمن فى معناه ، فلو قلت لك : ( البحر ) فيستحضر ذهنك صورة البحر بدون زمن معين فهذا هو الإسم ، أما لو قلت لك : ( أبْحَــرَ عبدُ الله ) فيأتيك المعنى مقترنا بإفادة أن هذا الإبحار تم حـدوثه فى زمن معين ، وهو زمن الماضى .

والنوع الثانى ( الفعل ) : وهـو مادل على معنىً فى نفسه ، والزمن داخـل فى معناه .
وينقسم إلى ثلاثة أقسام : الماضى ، والمضارع ، والأمر .

الماضى : مادل على حدث قبل زمان التكلم .
فلو قلت : ( إعْـتـَـدَلَ الجَــوُّ )؛أفهم أن الجـو قد اعتدل قبل أن أتكلم،والفعل الماضى(اعتدلَ) يدل على معنىً فى نفسه،وهذا المعنى الذى يدل عليه مقترن كما قلنا بزمان الماضى فجاءت تسميته بــ ( الفعل الماضى ) .

المضارع : مادل على حـدثٍ فى زمن الحاضر أو المستقبل .
فلو قلت : ( يعتدلُ الجـوُّ ) ؛ أفهم من هذا أن الجوّ يعتدل الآن وقد يتوالى اعتداله أيضا ، فهو
يقبل الدلالة على زمَـنَـىْ الحاضر والمستقبل .
أما لو أدخلت حرف مثل ( السين ) على الفعل المضارع فسينصرف معناه للمستقبل وحده ، بأن أقول مثلا : ( سَـيَـعْـتـدِل الجـوُّ ) فهذا يفيد أن الإعتدال سوف يحدث فى المستقبل كما نرى.

الأمر : مايُـطـْـلـَـبُ به حـدث بعد زمان التكلم .
كما لو قلنا : ( اشـْـرَبْ اللبنَ ) فهنا نحن نطلب حدوث الفعل ؛ ولكن نفهم أن هذا الفعل سيتم بعد انتهاء الكلام .

وهنا نسأل أنفسنا ، لماذا لم يتم تقسيم الأفعال حسب الزمن فقط ، فتكون ( ماضى ، حاضر ، مستقبل ) ؟
لأن علماء النحو يسمون الفعل بحسب وظيفته فى الكلام ، ففعل الأمر يُـطـْـلـَـبُ به حدوث الفعل فى المستقبل ، والمضارع سُـمِّىَ هكذا لأنه يضارع الإسم ويشبهه ، ولأنه فى أصله يحتاج إلى إعراب مثل الإسم تماما .

النوع الثالث من أنواع الكلام ( الحرف ) : وهـو مادل على معنىً فى غيره .
فلو قلت : ( فى ) فأى شىء فهمت ؟ هل فهمت معنى ؟
ولكن لو قلت : ( الماءُ فى الكوبِ ) فقد تحددت وظيفة الحرف ( فى ) أنه دلنا على المعنى فى كلام آخـر ، ولكن الحرف بذاته لايحـقق المعنى .

ويقول الإمام ابن آجُـرُّوم ( رحمه الله ) : [ وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًي ] .
فهذا التقييد فى الكلام ماسببه ؟ لماذا لم يقـلْ المؤلف [ اسم ، وفعل ، وحرف ] ويكتفى ؟
ليستبعد من الكلام حروف الهجاء الأصلية ، وهى الحروف التى تتكون منها الكلمات .

فمثلا فى قول الله تعالى : {وَالضُّحَى } فهذه الواو ليست من حروف هجاء الكلمة وليست داخلة فى تركيبها ، وإنما هى حرف من حروف القـَـسَـم ،فالله سبحانه يُـقـْسِمُ بـالضحى ، وجاءت الواو كحرف مستقل عن حروف هذه الكلمة ، فأفادت الواو معـنىً من المعانى ؛ فهذا النوع هو المقصود بكلامنا .

أما لو قلت : ( وَلـِـيــد ) فهل حرف الواو فى اسم ( وليد ) يستقل عن الكلمة أم يدخل فى تكوينها ؟
لا يستقل عن الكلمة ؛ بل هو جزء من هجائها .

فحرف الواو الموجود فى الآية : {وَالضُّحَى } فهذا النوع من الحروف يسمى بـ ( حروف المعانى ) .
أما الواو الموجودة فى كلمة ( وليد ) فهذا النوع من الحروف يسمى بـ ( حروف المبانى ) وهى الحروف الداخلة فى أصل تكوين الهجاء للكلمة .
وكذلك فالباء التى تأتى فى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) الباء هذه كلمة ( حرف جر ) .
أما الباء التى تأتى فى ( باسم ، بطل ) هى حرف من حروف هجاء الكلمة ، وليست كلمة .
الهمزة الأولى فى قوله تعالى : [ أأنت فعلت هذا بآلهتنا ياإبراهيم ] كلمة ( آداة استفهام ) .
أما الهمزة فى (أحـمد ) ليست كلمة .

فهذا التقييد [ وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًي ] الغاية منه معرفة أن الحروف التى تكون نوعا من أنواع الكلام هى ( حروف المعانى ) مثل حروف الجر وحروف القسم وهـكـذا .

** وهذا التقسيم لأنواع الكلام إلى ( اسم ، وفعل ، وحـرف ) من أين جاء به علماء النحـو ؟
من الإستقراء والتتبع ، بمعنى أنهم بحثوا ونظروا فى كلام العرب وتتبعوه ، فوجـدوا أن كل مافى كلامهم لايخرج عن هذه الأنواع الثلاثة .



ونكتفى بهذا القدر من النقل ونسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم حسن النية مع حسن العمل ، وأشير كما أشرت فى أول مشاركاتى إلى أننى لاأشرح شيئا من الكتاب وإنما أنا مجرد متجـول يطوف على الشروح وينتقى من كل منها مايستهويه ثم يسردها جميعا للإخوة فحسب .
ولن نضع أسئلة فى ختام هذه المشاركة حيث لامجال لها ، وإن شاء الله نبدأ فى وضع الأسئلة لإخواننا من الأسبوع القادم .


وفى النهاية فما كتبناه فى هذه المشاركة ؛ إنما يتلخص فى هاتين الصورتين :



و

وفى الأسبوع المقبل إن شاء الله نتناول علامات كل من الإسم والفعل والـحـرف .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو يوسف السلفي ; 12-30-2009 الساعة 05:18 PM سبب آخر: التنسيق
رد مع اقتباس