عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-01-2007, 02:17 AM
سلفي غريب سلفي غريب غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي المنظومة الهائية (الشَّيخِ العَلاَّمَةِ حَافِظِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَمِيِّ )

 

ما لي و للدُّنيا وليستْ ببُغْيَتي *** وَ لاَ مُنْتَهى قَصْدي ولستُ أَنا لها



ولستُ بميّالِ إِليها ولا إِلى *** رئاساتِها فتناً وقبْحاً لحالها



هي الدارُ دارُ الهمِّ والغمِّ والعَنا *** سريعٌ تقضِّيها قريبٌ زوالُها



مياسيرُها عُسْرٌ وحزنٌ سرورُها *** وأَرباحُها خسرٌ ونقصٌ كمالُها



إِذا أَضحكتْ أَبكتْ وإِن رامَ وصلَها *** غبيٌّ فيا سُرْعَ انقطاعِ وصالِها



فأَسأَلُ ربي أَنْ يحولَ بحوله *** وقُوَّتِهِ بيني وبين اغتيالِها



فيا طالبَ الدنيا الدنيئةِ جاهداً *** أَلا اطلبْ سواها إِنها لا وفا لها


فَكَمْ قَدْ رأَينا من حريصٍ ومشفقٍ *** عليها فلمْ يَظْفَرْ بِها أَن ينالَها



لَقَدْ جاء في آيِ الحديدِ ويُونسٍ *** وفي الكهفِ إِيضاحٌ بضربِ مثالِها



وَفي آلِ عمرانَ وسورةِ فاطرٍ *** وفي غافرٍ قد جاء تِبْيانُ حالِها



وَفي سورةِ الأَحقافِ أَعظمُ واعظٍ *** وكمْ من حديثٍ موجبٍ لاعتزالِها



لَقَدْ نظروا قومٌ بعينِ بصيرةٍ *** إِليها فلمْ تَغْرُرْهُمُ باختِيالها



أُولئك أَهلُ اللهِ حقّاً وحزبُه *** لهم جنةُ الفردوسِ إِرثاً ويا لها



ومالَ إِليها آخرونَ لِجَهْلِهِمْ *** فلمَّا اطمأَنُّوا أَرشَقَتْهُمْ نِبالُها



أولئك قومٌ آثروها فأَعقبوا *** بها الخِزْيَ في الأُخرى وذاقوا وَبالَها



فَقُلْ للذينَ اسْتَعْذَبوها رُوَيْدَكُم *** سَيَنْقَلِبُ السُّمُّ النقيعُ زلالَها



لِيَلْهوا ويغترُّوا بها ما بدا لهُمْ *** متى تبلُغِ الحلقومَ تُصْرَمْ حبالُها



ويوم توفَّى كلُّ نفسٍ بكَسْبِها *** تَوَدُّ فداءً لو بَنيها ومالها



وتأْخذُ إما باليمينِ كتابَها *** إِذا أَحسنتْ أَو ضدَّ ذا بشِمالِها



ويبدو لَدَيْها ما أْسَرَّتْ وأَعلنتْ *** وما قدَّمَتْ من قولِها وفعالِها



بأَيدي الكرامِ الكاتبينَ مسطرٌ *** فلم يُغْنِ عنها عُذْرُها وجدالُها



هنالك تدري ربحَها وخسارَها *** وإِذ ذاك تَلْقى ما إليه مآلُها



فإن تكُ من أَهل السعادةِ والتُّقى *** فإِنَّ لها الحسنى بِحُسنِ فِعالِها



تفوزُ بجنَّاتِ النعيمِ وحورِها *** وتُحْبَرُ في روضاتِها وظلالِها



وترزقُ ممَّا تَشْتَهي من نعيمِها *** وتشربُ من تَسْنيمها وَزُلاَلِها



وَإِنَّ لهم يومَ المزيدِ لموعداً *** زيادة زُلْفى غيرُهُم لاَ ينالُها



وجوهٌ إِلى وجهِ الإِلهِ نواظرُ *** لقد طالَ ما بالدمعِ كانَ ابتلاؤها



تجلى لها الربُّ الرحيمُ مسلِّماً *** فيزدادُ من ذاك التَّجلِّي جمالُها



بمقْعَدِ صدقٍ حبَّذا الجارُ ربُّهم ً *** ودارِ خلودٍ لم يخافوا زوالَها



فواكِهُها ممَّا تَلَذُّ عيونهُم *** وتَطَّرِدُ الأَنهارُ بين خلالِها



على سُرُرٍ موضونةٍ ثم فرشهم *** كما قال فيه ربُّنا واصفاً لها



بطائِنُها إِسْتَبْرَقٌ كيف ظَنُّكُم *** ظواهِرُها لا مُنْتَهى لجمالِها



وإِن تكنِ الأُخرى فويلٌ وحسرةٌ *** ونارُ جحيمٍ ما أَشدَّ نَكالَها



لهم تحتَهُم منها مهادٌ وفوقَهم *** غواشٍ ومِنْ يحمومٍ ساء ظلالُها



طعامُهُمُ الغسلينُ فيها وإِن سُقُوا *** حميماً بهِ الأَمعاءُ كان انْحِلالُها



أَمانِيُّهم فيها الهلاكُ وما لَهم *** خروجٌ ولا موتٌ كما لا فنا لها



مَحَلَّيْنِ قل للنفسِ ليس سواهما *** لِتَكْسَبْ أَو فَلْتَسْكُتْ ما بدا لها



فطوبى لنفسٍ جَوَّزَتْ وتَخَفَّفَتْ *** فَتَنْجو كفافاً لا عليها ولا لها
رد مع اقتباس