عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 03-14-2009, 02:17 AM
أبو مصعب السلفي أبو مصعب السلفي غير متواجد حالياً
الراجي سِتْر وعفو ربه
 




افتراضي

من أروع مطالب الكتاب

المطلب الثاني:
الموعظة الحسنة

الموعظة في اللغة: كما جاء في القاموس المُحيط: وعظه, يعظه, وعظاً, وعظةً وموعظةً: ذكّره ما يليّن قلبه من الثواب والعقاب فاتّعظ. (القاموس مادة "وعَظَه صـ 903)

والموعظة في الاصطلاح هي: التذكير بالخير والحق على الوجه الذي يرق له القلب, ويبعث على العمل.

وقيل: هي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب. (فتح القدير 3/230)
وأسلوب الوعظ هو من أنفع الأساليب التي يستخدمها المرء في التأثير على الغير.

ولأسلوب الوعظ أو الموعظة الحسنة صفات منها:

-النصح ومنه قوله سبحانه على لسان نوح " ولا ينفَعُكُم نُصْحِي إن أردْتُ أن أنصَحَ لكم إن كانَ الله يُريدُ أن يُغْوِيَكُم "

-ومنها التذكير, وأعظمه التذكير بيوم الحساب كما قال سبحانه وتعالى " ذلك يوعَظُ به من كانَ مِنكم يؤمِنُ بالله واليومِ الآخِر "

وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يعظ أصحابه بالمواعظ الحسان, ويتخولهم بالموعظة, ويشدُّ أفئدتهم للانتباه له, وذلك امتثالاً لتوجيه الله له بذلك, حيث قال سبحانه " وعِظْهُم وَقُل لَّهُم في أنفُسِهِم قولاً بليغاً ", وقال الله سبحانه وتعالى " ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ "
فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد هذا التوجيه يعظ أصحابه ومن ذلك:

-حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ذات يومٍ ثم أقبل علينا بوجهه, فوعظنا موعظة بليغة, ذرفت منها العيون, ووجلت منها القلوب..."
فانظر كيف فعلت موعظة النبي -عليه الصلاة والسلام- في قلوب سامعيه, حيث وجلت من موعظته قلوبهم, ودمعت لها أعينهم, وذلك لأنه وعظهم موعظة بليغة جعلت قلوبهم تتأثر ذلك التأثر...

-وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخوّل أصحابه بالموعظة كراهة السآمة, فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخوّلنا بالموعظة في الأيام كراهية السآمة علينا..
قال ابن حجر تعليقاً على الحديث: وفيه رفق النبي -عليه الصلاة والسلام- بأصحابه(1), وحُسن التوصل إلى تعليمهم وتفهيمهم; ليأخذوا عن نشاط لا عن ضجر ولا ملل, ويُقتدى به في ذلك, فإن التعليم بالتدريج أخفُّ مؤنة, وأدعى إلى الثبات من أخذه بالكدِّ والمغالبة. (الفتح 11/232)

وقال العلامة الطيبي: المعنى أنه كان يتفقدنا بالموعظة في مظان القبول(2), ولا يُكثر علينا لئلا نسأم.

وهكذا كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يعظ أصحابه, ويوجز في الموعظة ويتخولهم بها,
ومن تلك المواعظ ما استخدمه -عليه الصلاة والسلام- في تصحيح الأخطاء,
وقد كان هذا المنهج -منهج تصحيح الخطأ بالموعظة- من المناهج التي أثَّرت في الصحابة -رضوان الله عليهم- ووقرت في نفوسهم, وبالتالي انقادوا لها
ومن هذه المواقف ما يلي:

1- قصة أسامة بن زيد -رضي الله عنه- حين قتل الرجل الذي قال: لا إله إلا الله, فلما قدموا وبلغ النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فعل أسامة
قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- "أقتلته؟" قال نعم
قال "فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذ جاءت يوم القيامة؟"
قال: يارسول الله استغفر لي
قال "وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذ جاءت يوم القيامة؟" ثلاثاً
علّق ابن حجر -رحمه الله- على هذا الحديث بقوله: قال ابن التِّين: وفي هذا اللوم تعليم وإبلاغ في الموعظة, حتى لا يقوم أحد على قتل من تلفظ بالتوحيد. (الفتح 12/203)

والنبي -عليه الصلاة والسلام- زجر أسامةوكرر عليه الإنكار لفداحة ما صنع, بل وزاده -عليه الصلاة والسلام- موعظة بليغة, حيث وعظه وذكّره باليوم الآخر, وأن ذلك اليوم تبلى فيه السرائر, ولا يخفى على الله فيه خافية!, فوعى أسامة هذ الدرس الكبير(3) حتّى تمنى أنه لم يُسلم إلا ذلك اليوم مخافة وقوعه في العذاب الشديد يوم القيامة.

قال ابن بطّال: كانت هذه القصة سبب حَلِفِ أسامة أن لا يقاتل مسلماً بعد ذلك, ومن ثم تخلف عن عليٍّ في الجمل وصِفِّين. (الفتح 12/204)

2- قصة أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- حينما ضرب غلامه, واشتدَّ عليه في الضرب حتى أنه لم يسمع نداء النبي -عليه الصلاة والسلام- له من أول وهلة, ثم سمعه يقول له " اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام " فقال أبو مسعود: يارسول الله هو حُرٌ لوجه الله, فقال -عليه الصلاة والسلام- " أما لو لم تفعل للفحتك النار, أو لمستك النار "

ففي هذا الحديث وعظُ النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي مسعود وتضكيره بالله تبارك وتعالى,
قال النووي -رحمه الله-: فيه الحثُّ على الرِّفق بالمملوك, والوعظ, والتنبيه على استعمال العفو, وكظم الغيظ, والحكم كما يحكم الله على عباده. (شرح مسلم 4/290)
فالنبي -عليه الصلاة والسلام- وعظه, وأبلغ في الموعظة بالتذكير بالله سبحانه وبقدرته على العبد.


-----
(1) ونحن لنا في رسولنا إسوة حسنة -عليه الصلاة والسلام-, فعلينا بالرفق مع مَن حولنا, والحرص على هدايتهم لا مُجرد تلقينهم الحجة فقط ولو كانت بغلظة!.
(2) وما أحلى هذا التأسي بالنبي في هذا الموطن, فبه تكون الفتوحات لفتح القلوب لرب البريات.
(3) وياليت شعري ليتنا نتعلمه نحن أيضاً ونتقي الله في أنفسنا وفي الخوض في المسلمين والعلماء بالسوء, فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- "المُسلم من سلم المُسلمون من لسانه" والله المستعان.
التوقيع

قال الشاطبي في "الموافقات":
المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبداً لله اختيارًا, كما هو عبد لله اضطراراً .
اللـــه !! .. كلام يعجز اللسان من التعقيب عليه ويُكتفى بنقله وحسب .
===
الذي لا شك فيه: أن محاولة مزاوجة الإسلام بالديموقراطية هى معركة يحارب الغرب من أجلها بلا هوادة، بعد أن تبين له أن النصر على الجهاديين أمر بعيد المنال.
د/ أحمد خضر
===
الطريقان مختلفان بلا شك، إسلام يسمونه بالمعتدل: يرضى عنه الغرب، محوره ديموقراطيته الليبرالية، ويُكتفى فيه بالشعائر التعبدية، والأخلاق الفاضلة،
وإسلام حقيقي: محوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأساسه شريعة الله عز وجل، وسنامه الجهاد في سبيل الله.
فأي الطريقين تختاره مصر بعد مبارك؟!
د/أحمد خضر

من مقال
رد مع اقتباس