عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 09-14-2008, 06:16 AM
ابو عبيد الله ابو عبيد الله غير متواجد حالياً
الفقير إلى ربه
 




افتراضي

قيام سلمان الفارسي
أبو عبد الله، سابق الفرس، صاحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخادمه.

كان من العباد القائمين لله في دجى الليالي، لكنه كان ذا قيام على نسق فريد، على نسق من الاعتدال والاقتصاد، وينبض من معين هديه روح الإسلام وسماحته وواسطيته، فلا إفراط ولا تفريط
لا تغل في شيء من الأمر واقتصد كِلاَ طَرَفَيْ قصد الأمور ذميم.

كان يقول: " حافظوا على هذه الصلوات الخمس، فإنهن كفارات لهذه الجراحات، ما لم تصب المقتلة ـ يعني الكبائر ـ فإذا صلى الناس العشاء صدروا على ثلاث منازل: منهم من عليه ولا له، ومنهم من له ولا عليه، ومنهم من لا له ولا عليه، فرجل اغتنم ظلمة الليل، وغفلة الناس فركب رأسه في المعاصي فذلك عليه ولا له.
ومنهم من اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصليّ فذلك له ولا عليه.
ومنهم من لا له ولا عليه فرجل صلى ثم نام فذلك لا له ولا عليه، إياك والحَقْحَقَة [شدة السير وهو إشارة إلى الرفق في العبادة]، وعليك بالقصد والدوام فإنه أبلغ ".

رضي الله عن سابق الفرس وفقيهها فقد كان كما قال الذهبي: " لبيباً حازماً، من عقلاء الرجال وعبادهم ونبلائهم ".
لم يأل ـ رضي الله عنه ـ نصحاً حتى لصحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العهد النبوي، فعن أبي جحيفة قال: " آخى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء مبتذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل فإني صائم، فقال ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل، فلما كان من الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نم، فلما كان آخر الليل، قال سلمان: قم الآن. قال: فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا،ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر ذلك له. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (صدق سلمان) وفي رواية: ( لقد أوتى سلمان من العلم ) ".

فعلاً ... إنه الصادق العالم، صدق حين كان ينصح جلساءه بقوله: " صلوا ما بين صلاتي العشاء، فإن أحدكم يخفف عنه من حزبه، ويذهب ملغاة أول الليل، فإن ملغاة أول الليل مهدمة الآخرة "
ويقول: " لو بات رجل يعطى البيض القيان [الإماء الجميلات] وبات آخر يتلو كتاب الله عز وجل " أي أن الذاكر أفضل.

ولما كانت :
مواعظ الواعظ لن تقبلا حتى تعيها نفسه أولا
فقد كان أيضاً صادقاً مع الله عز وجل ومع نفسه بفعله، فهذا طارق بن شهاب يبيت عنده لينظر ما اجتهاده فيقول: " فقام ـ أي سلمان ـ يصلي من آخر الليل ".
وقال عنه: " أتيته فقلت: لأنظرنّ كيف صلاته، فكان ينام من الليل ثلثه ". وهذا هو العلم، فالثلث الأخير من الليل تتنزل فيه الرحمات وتنشر عنده البركات بنزول رب الأرض والسماوات.


ألم يكن هذا هدي الأنبياء، وكفى بهم أسوة. فذا داود ـ عليه السلام ـ يقوم ثلث الليل بعد شطره ويرقد آخره، وهذا نبينا ـ عليه أزكى الصلاة، وأزكى التسليم ـ كان ينام أول الليل، ويقوم آخره ثم يرجع إلى فراشه، فإذا أذن المؤذن وثب ... .

فصدق سلمان، وقد أوتى من العلم


هبت رياح وصـالهم سحـرا لحدائق الأشـواق في قلبـي
واهتز عود الوصل في طرب وتسـاقط ثـمر من الحـب
ومضت خيول الهجرت سادرة مطـرودة بعسـاكر القـرب
وبدت شموس الوصل حارقـة بشعاعها لسـرادق الحجـب
وصفا لنا وقـت أضاء بــه وجه الرضا عن ظلمة العتب
فقف يا أخي في السحر على أقدام الذل، وقل: يا أيها العزيز مسنا وأهلنا ضر.
ولا تنس" صدق سلمان فقد أوتي من العلم".
يتبع ان شاء ربى
رد مع اقتباس