عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-25-2011, 12:21 PM
أبو أسلم المنصوري. أبو أسلم المنصوري. غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

حقيقة جيوش الدول والمباحث من باب أولى

قبل أن نتكلم عن الحكم على هذا القطاع بالذات نود التوصيف لحالهم ولماذا وضعوا وفي خدمة من يقدمون كل هذه التضحيات ..الخ وقد قرأت كلاما في توصيف الجيوش للدول المسَماة زورا وبهتانا بالإسلامية فأعجبني وكفاني موؤنة البحث والتنقيب وصوغ العبارة المناسبة للتوصيف ويحسن بي أن أنقله لكم هنا والمباحث في هذا الكلام من باب أولى .

يقول صاحب كتاب (مسائل هامة في بيان حال جيوش الأمة) (2ـ8) :قبل أن نبين حكم الشرع في هذه الجيوش، وحكم القائمين عليها من الطواغيت، وفيمن يلتحق بها من الجند والعسكر لا بد أولاً من توصيفها وبيان حالها ومهامها وغاياتها التي صُنعت وأسست لأجلها ..

فأقول: لم يخرج المستعمر الصليبي من بلاد المسلمين إلا بعد أن أوجد الحكام والأنظمة التي يرضى عنها وتحقق له مصالحه وأهدافه في المنطقة، وأي حاكم يأتي فيما بعد لا بد من مراعاته لمدى رضى أمريكا ودول الغرب عليه، فإن حظي على الموافقة منهم وعلى رضاهم عنه فقد اجتاز

المرحلة الأصعب نحو الوصول إلى سدة الحكم واعتلاء العرش، وناله من القوم كل دعم مادي وسياسي وإعلامي([1])..!!


ورضى أمريكا ودول الغرب الصليبي على أي حاكم مشروط بعدة شروط:

أولها: أن يتعهد لهم أن يقف بحزم وقوة ضد أي توجه أو عمل إسلامي راشد يستهدف استئناف حياة إسلامية على المستوى القطر أو الأمة .. وأن يُحيل بين الشعوب المقهورة وبين هدفهم هذا، وبأي طريقة من الطرق .. !!

ثانياً: أن يضمن مصالحهم الاستعمارية في المنطقة، ويعمل على حمايتها وحراستها .. وإن كان ذلك تحت عناوين براقة مستساغة للشعوب المقهورة، كشركات الاستثمار .. والحاجة إلى الخبرات والطاقات الأجنبية .. أو المصالح المشتركة .. أو ضرورة التنقيب عن البترول .. وغير ذلك من الإطلاقات التي تمرر مثل هذه المصالح الأجنبية في المنطقة !!

ثالثاً: أن يعترف بدولة إسرائيل، وبضرورة السلام مع المغتصبين المحتلين الصهاينة .. السلام الذي يُعطي أصحاب الحقوق الفُتات والعظام المجردة عن لحومها وعظامها مما اغتصب ونهب منهم .. لذلك نجد جميع حكام العرب وغيرهم يصرحون على الملأ بأن السلام مع الصهاينة المحتلين خيار استراتيجي لا محيد لهم عنه، مهما حادت عنه دولة إسرائيل واختارت الحرب والقتل والقتال، وارتكبت من المجازر بحق الشعب الفلسطيني المسلم ..!!

فهو خيار استراتيجي لهم لأنه لا بقاء لعروشهم ومصالحهم الذاتية الشخصية إلا بالموافقة على هذا الخيار .. وهؤلاء الحكام لو كانوا من دعاة السلام بحق لسالموا شعوبهم أولاً، ولأخرجوا شباب الأمة الأحرار من سجونهم الظالمة التي تكتظ بالآلاف من الشباب المسلم ..!!

رابعاً: أن ينهج الطريق الديمقراطي ـ دين الغرب ـ لما تحقق لهم الديمقراطية في المنطقة من مآرب ومصالح عديدة .. لكن إذا جاءت هذه الديمقراطية معارضة للنقاط الثلاثة الآنفة الذكر أو لشيءٍ منها، فهم يسمحون له أن يتحول إلى ديكتاتوري، وإلى وحش كاسر ضد شعبه وأمته، ولا حرج عليه في ذلك البتة([2]).. !!

هذه أهم الشروط التي يجب على الحاكم أن يوافق عليها لكي ترضى عنه أمريكا ودول الغرب، ولكي يحظى على موافقتهم وتأييدهم ..!

ولما كان الأمر كذلك فإن طواغيت الحكم منذ سقوط الخلافة العثمانية وإلى يومنا هذا يعملون بكل همة ونشاط على تشكيل المؤسسات الحكومية التي تعينهم على تنفيذ تلك السياسات والمصالح المشار إليها آنفاً، ومن أهم هذه المؤسسات التي عنيت باهتمامهم المؤسسة العسكرية؛ حيث عملوا جاهدين ـ ومنذ زمن ـ على تطهيرها من العناصر النظيفة المؤمنة، وعلى تشكيل الجيوش التي تعينهم على السير في تلك السياسة المرسومة لهم من قبل أعداء الأمة من دون مواجهة أي عقبة أو مشاكل ..!

الجيوش([3]) التي تسهر على أمن وسلامة الطاغوت الحاكم، وأمن وسلامة سياساته الجائرة الداخلية والخارجية ..!!

الجيوش التي لا تعرف غاية ولاهماً.. سوى خدمة الطاغوت، وخدمة مآربه وأهوائه وقوانينه ..!!

لذا نجد أن العناصر الفاعلة لهذه الجيوش منتقاة انتقاء غريباً جداً وفق معايير ومواصفات عديدة منها: أن تكون هذه العناصر غير متدينة .. ليس عليها سمات التدين والالتزام، ولم يُعرف عنها التدين من قبل !!

ومنها: أن تكون غير أخلاقية ومن ذوي الاهتمامات الوضيعة التافهة؛ لا هم لهم إلا كيف يُشبعوا غرائزهم ونزواتهم وبأي طريقة كانت .. ولا حديث لهم إلا ما يدور حول البطن والفرج والشهوات .. !!

ومنها: أن تكون هذه العناصر من ذوي الولاء المطلق، والطاعة العمياء للحاكم والفئة الحاكمة المتنفذة .. ينفذون الأوامر مهما كانت جائرة أو تصب في غير صالح الأمة ومن دون أدنى تلكؤ أو تردد ..!!

ينفذون الأوامر ولو كان مفادها سحق الشعوب وقتلها وإذلالها وسجنها .. فمرضاة الطاغوت عندهم أغلى وأسمى من الشعوب ومن الأمة برمتها ..!!

ومنها: أن لا يُعرف عنهم أنهم من ذوي الثقافات الواسعة التي تعرفهم على خفايا وحقيقة وغايات هذه الأنظمة الطاغية الحاكمة .. فكلما كان الضابط أو العسكري جاهل بدينه وعقيدته وبالسياسة الدولية وبما يدور حوله وما يُحاك من مؤامرات ضد الأمة كلما كان أكثر قرباً من الطواغيت وأسرع في الارتقاء إلى الرتب العالية ..!!

ومنها: أن لا يُعرف عنهم انتماؤهم لأي تجمع أو حزب لم يحظ على الرضى التام من النظام أو الطاغوت الحاكم ..!!

ومنها: أن لا يُعرف عنهم أنهم من ذوي الرجولة والحمية والغيرة، أو أنهم من ذوي الهمم والاهتمامات العالية .. التي قد تحملهم يوماً من الأيام على الذود عن حرمات الأمة ومقدساتها والغضب لأجلها، وعلى العصيان والتمرد على الطاعة .. والخروج عن السياسة العامة التي رُسمت لهم ولحكامهم ..!

وأي ضابط أو عسكري يُعرف عنه شيء خلاف ما تقدم فإنه يُعرض للمساءلة والمحاسبة، وإلى عقوبة تتراوح بين الطرد أو السجن أو الإعدام .. بحسب درجة المخالفة ونوعها، وهذا أمر معروف للجميع لا خفاء فيه، ولظهوره لا يحتاج منا إلى استدلالٍ أو برهان ..!

هذه أهم المقاييس والموازين المعتبرة عند القوم التي على أساسها يتم اختيار أو قبول الأفراد في جيوشهم أو رفضهم ..!


ـ صفات هذه الجيوش العامة .

بعد أن عرفنا طريقة القوم في انتقاء عناصر الجيش وبخاصة منها العناصر القيادية المؤثرة كالضباط وغيرهم، لا بد من أن نتعرف على أبرز صفات هذه الجيوش التي تتكون من تلك الفئة من الناس المنتقاة حسب الموازيين والمعايير التي وضعها وأرادها الطاغوت لهم .

فأقول: هذه الجيوش لا تحكم بما أنزل الله وإنما تحكم بشرائع الكفر والطغيان، كما أنها لا تلتزم بصوم ولا صلاة ولا حج، وإن وجد منهم بعض الأفراد من يؤدي هذه الفرائض فهو يؤديها بطريقة فردية .. وربما بعدها قد يخضع للمراقبة والمتابعة والمساءلة .

يكثر في هذه الجيوش من يشتم الله والدين والاستهزاء والطعن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من دون أن ينكر عليهم أحد، بينما لو تجرأ منهم من تكلم بكلمة نابية أو اعتراض على الطاغوت الحاكم أو من هو دونه رتبة من الفئة المتنفذة الحاكمة فإنه يسجن ويُضرب ضرباً شديداً، وربما في بعض الجيوش يكون ذلك مبرراً لقتله وإعدامه ..!!

لا يُعظمون شعائر الله ولا يعرفون لها الوقار ولا الاحترام .. بل هي مهانة ومُزدَرَاة وفي كثير من البلدان تحولت فيها المساجد إلى متاحف أثرية تستقبل السائحين العراة [4] !!

يبكون الأقصى الأسير مسرى النبي صلى الله عليه وسلم بدموع التماسيح .. وبنفس الوقت هم أنفسهم ينتهكون حرمات بيوت الله تعالى لأتفه الأسباب .. ولا يتورعون لأدنى سببٍ أن يدخلوا المساجد بأحذيتهم النجسة ليروعوا من فيها من المصلين الآمنين([5]) ..!


هذه الجيوش فيها الكافر الأصلي كالنصارى وغيرهم وكثير من الكفرة المرتدين والزنادقة الملحدين، والكثير الكثير من الفسقة المجرمين .. لا يُفرقون بين مؤمن وكافر أو مرتد، فكلهم يستوون في الولاء للحاكم ولأنظمة الجيوش الطاغية .. بل الكافر المجرم في نظرهم مقدم ومفضل على المؤمن التقي ولا مجال للمقارنة بينهما !!

يُعقد الولاء والبراء في شخص الحاكم .. فيوالون من يواليه، ويعادون من يُعاديه، ويُقاتلون ويُسالمون فيه وعليه ..!!

إن أمرهم أطاعوه وإن كان أمره فيه كفر ومعصية لله تعالى، وإن نهاهم انتهوا وإن كان في نهيه نهي عن طاعة وعبادة لله تعالى .

وإن أمرهم بقتل وسجن العباد امتثلوا لأمره لأنه صاحب الأمر والنهي الذي يجب أن يُطاع لذاته، بغض النظر هل هؤلاء الناس يستحقون القتل والسجن أم لا ..!!

عسكر هذه الجيوش كالوحوش الضارية على من يقترب بسوء من سياج الطاغوت الحاكم ومن حكمه ونظامه .. بينما تراهم على أعداء الأمة الخارجيين رحماء كلهم وداعة ولطف ورحمة ولكن بجبنٍ وذلةٍ وخسة..!!

على الشعوب المقهورة كالأسود .. بينما في الحروب مع أعداء الأمة، وعلى الجبهات كالنعاج والأرانب!

أين هذه الجيوش من قضايا الأمة المصيرية .. أين هي من قضية فلسطين المسلمة ..؟!!

هاهم الصهاينة اليهود في كل يوم يقومون بمجازر ضد أهالينا وأبنائنا في فلسطين .. ينتهكون الحرمات .. ويدنسون المقدسات .. ويعتدون على المسجد الأقصى .. ويفعلون كل ما يحلو لهم ويريدون، وما تملي عليهم وساوسهم الشيطانية المدونة في برتوكولاتهم وكتبهم الصهيونية، ومن دون أن يحسبوا لهذه الجيوش أدنى حساب ..!!

فما هي ردة فعل هذه الجيوش المغوارة .. فإنها محصورة بنستنكر ونشجب، ونأسف .. نحن لا نريد الحرب .. نحن خيارنا هو خيار العقلاء وهو السلام .. السلام مع المغتصبين الصهاينة خيار استراتيجي لا محيد عنه .. قضية فلسطين لا يُمكن أن تُحسم عن طريق القوة أو الحروب .. وغير ذلك من الاطلاقات الجبانة والذليلة والعميلة ؟!!

بل بعض هذه الجيوش كالجيش المصري، والجيش الأردني وغيرها من الجيوش قد أقامت علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء، وسلاماً صريحاً مع دولة الصهاينة اليهود وقبل أن تُسترد الحقوق لأهلها وأصحابها، أو يأخذ الحق طريقه إلى معاقبة الصهاينة المجرمين سفاكي دماء الأبرياء ..؟!

وإذا كان الأمر كما وصفنا فإنه يحق لنا ولغيرنا أن يسأل: لمن أعدت هذه الجيوش الجرارة .. ومن أجل من ولماذا تُشترى هذه الأسلحة الفتاكة ـ من مقدرات الأمة ـ بمليارات الدولارات لتكدس في مخازنها إلى أن تتعفن وتنتهي فعاليتها .. من المعني والمراد إرهابه من هذه الجيوش الجرارة .. ؟؟!!

الجواب واضح لكل ذي لبٍّ وفهم: هذه الجيوش لم تُعد من أجل أعداء الأمة .. وإنما من أجل قهر الشعوب وإذلالها .. من أجل إبادة أي حركة تمرد أو عصيان على سياسة الطواغيت الحاكمين .. !!

فهي عصاة الطاغوت الغليظة يؤدب بها من يشاء ممن يخرج عن طاعته وعبادته أو سياسته وطريقته ..!!

ولا نبتعد كثيراً عن الصواب لو قلنا أن هذه الجيوش أعدت لحماية وحراسة دولة اليهود .. فهم يعملون على مدار الساعة موظفين ككلاب حراسة أوفياء يحرسون حدود دولة إسرائيل من أي هجوم أو عمل فدائي يقوم به المجاهدون الأحرار ..!

والويل كل الويل لهذه الجيوش الجبانة لو استطاع مجاهد أن يتسلل من بينهم إلى دولـة

الصهاينة اليهود .. حيث ترى جميع القوى العميلة الخائنة تستنفر بكل قواها كالكلاب المسعورة، يتوعدون ويهددون من كان سبباً في هذه الخروقات الإرهابية .. ليؤكدوا من جديد للصهاينة المغتصبين أننا لا نزال نعمل بوفاء وإخلاص على ثغور دولتكم ككلاب حراسة وصيد على أكمل ما يكون العمل وتكون الحراسة!!

هذا بما يخص فلسطين .. أما ما يخص موقف هذه الجيوش من بقية قضايا الأمة؛ كقضية المسلمين في البوسنة والهرسك، وقضية كشمير، وقضية المسلمين في الفلبين ، وقضية أفغانستان، وقضية الشيشان وما يعانيه أهل هذا البلد المسلم من ظلم وجبروت وكفر المجرمين الروس ..!

فإذا أردت أن تتحدث عن المواقف المخزية لهذه الجيوش نحو هذه القضايا الهامة وغيرها فحدث ولا حرج .. فما يجري للمسلمين في تلك الديار لا يعنيهم في شيء، ولا يهمهم من قريب ولا من بعيد، بل كثير من الأنظمة العربية وجيوشها تقف في صف الدول الطاغية الكافرة المعتدية ضد الشعوب المسلمة المضطهدة والمحاربة ..!!

هذا كله يجعلنا نجزم أن هذه الجيوش لم تُعد لخدمة الأمة في شيء، ولا من أجل الدفاع عن الشعوب المقهورة المحرومة .. ولا من أجل رسالة أو هدف عظيم .. وإنما هي صُنعت فقط ـ كما تقدم ـ من أجل حماية الطواغيت ومكاسبهم الشخصية، وحراسة مصالح اليهود والغرب الصليبي في المنطقة ..!! ا.هـ

إن عمل المباحث المهين يتميز بالخسة الزائدة عن كل ما مضى بكونه يختص عمله بالصالحين من البشر من الدعاة والمجاهدين العاملين لنصرة دين الله فيقوم هؤلاء الأذناب بمطاردتهم واعتقالهم وسجنهم وتعذيبهم والتحقيق معهم وكل واحد منكم أيها القراء يملك قصة عنهم واليك هذه النماذج يقول صاحب كتاب مقالات بين منهجين في المقال رقم(57 ) :

إنّ السّجن في العالم المعاصر وخاصّة في بلاد الردّة لم يعد هو حبس فقط، حيث يوضع المرء في جبّ يمنعه من ممارسة بشريّته في الحياة وحركتها؛ فيمنع من أهله وبيته وعمله، بل صارت السّجون آلاما لا تقوى لها النّفس البشريّة بحال، وعلينا على الدّوام أن نتذكّر صنائع المرتدّين مع المسلمين في كلّ وقت وحين، لتبقى قلوبنا ونفوسنا مليئة بالبغض لهم، وعدم التّفكير البتّة بالعفو عنهم أو مسامحتهم، وإن أقلّ ما يحكم فيهم إذا ظفر المسلم بهم هو حكم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - في حلفائه من بني قريظة، حيث حكم أن تقتل مقاتلتهم، وكلّ من بلغ منهم الحلم، وتسبى نساؤهم، وتغنم أموالهم، وهو حكم الله تعالى من فوق سبع سماوات، لأنّنا للأسف ما نراه من ضعف ذاكرة قادة الحركات الإسلاميّة مع خصوم الإسلام جدّ مؤلم، ولا تتلاءم مع طبيعة المعركة بيننا وبين هؤلاء المرتدّين.

- في تونس: عندما يسجن المرء بتهمة الانتماء للإسلام، وهي تهمة يكفي لإثباتها أن يصلّي الشّابّ في المسجد، أو أن تطلق لحيته، فيؤخذ بعد عذاب لا يعلم مداه إلاّ الله ثمّ يصار به إلى السّجن، وإلى هنا فالأمر يمكن تصوّره، لكن هل يمكن تصوّر ما يصنع بعائلته بعد ذلك؟ في هذا الظّرف تبدأ معاناة أهله في الخارج، حيث قال وزير الدّاخليّة التّونسيّ: سنتابع الإسلاميين وسنحاصرهم حتّى تضطّر نساؤهم إلى الأكل بأجسادهن. وعلى هذا فلو أنّ أختاً جاءت ودفعت فاتورة الماء والكهرباء، وكان زوجها سجيناً بتهمة (الإخونجيّة) كما يسمّونها هناك، فإنّها تكون عرضة للمساءلة: من أين أحضرت هذا المال؟ ولا يرتاح لهم بال حتّى تبيع الأخت نفسها تحت وطأة الحاجة وتكاليف الحياة. فهل هذا هو السّجن الذي يريدنا جودت سعيد وتلميذه خالص جلبي أن نسارع بالذّهاب إليه بأنفسنا حتّى نجعل السّجن مدرسة ترتقي فيها أفهام الإخوة، ومجالاً رحباً للدّعوة إلى الله؟. ثمّ يصبح ذنباً في هذا العصر إذا طالب المسلمون بإخراج المساجين؟ أهذه العقلانيّة التي يدعونا إليها؟.

- صورة من الأردن لما يمارسه أفراد المخابرات مع السّجين المسلم هناك: جرّدوا الأخ من ثيابه، ثمّ ألقي أرضاً، وقام ضابط من ضبّاط المخابرات الأردنيّة (ومن المهم التّنبيه أن أغلب، إن لم يكن كلّ ضبّاط المخابرات وأغلب أفرادهم حجّوا إلى بيت الله الحرام، وهم لا ينادون بعضهم البعض إلاّ بلقب الحاجّ فلان، بل أغلبهم يصلّي وبعض أفرادهم خرّيج كلّيّة الشّريعة!!) وبعد أن ألقي أرضاً وهو مجرّد من ثيابه، قام ضابط منهم (الحاجّ فلان) وخلع ثيابه من جهة عورته، ثمّ جعل يدير ذكره على لحية الشّاب ورأسه وهو يقول مستهزئاً: دعنا يا شيخنا نتبرّك منك. هذا هو الواقع ولتجرحنا الحقيقة بآلامها وقرفها.

فهل هذا هو السّجن- يا قوم - هو الذي يجب علينا أن نسارع بالذّهاب إليه، حسب وصيّة هذه المدرسة؟

- هل نتحدّث عن سوريّا وحكّامها البعثيين والقادة النّصيريين؟ فنتكلّم عن مآسي الأخوات المسلمات هناك؟ أو مآسي الشّباب المسلم في داخل السّجون؟ حيث يربط الأخ في غرفة كالقبر، لا يزيد ارتفاعها عن أربعين سم، وتكون بقدر جسم الإنسان طولاً، ويبقى فيها السّجين لا الأيّام والشّهور ولكن السّنين والأعوام (راجع شيئاً من الآلام في بحثنا في "جواز قتل الذّرّيّة والنّسوان درئاً لهتك الأعراض وقتل الإخوان").

- هل سمعتم الدّكتور محمّد المسعري النّاطق الرّسمي باسم لجنة الدّفاع عن الحقوق الشّرعيّة في الجزيرة العربيّة وعن معاناته في السّجن وعمّا رأى وذاق وسمع؟. (وأقول أنا ما ذاقه المجاهدون أكثر بكثير مما مر على المسعري مع تقديرنا وأسفنا على الجميع ولكن مشكلة المجاهدين أنهم لابواكي لهم والله المستعان)

- هل قرأتم ما كتب بعض المساجين المسلمين عمّا ذاقوه في سجون جمال عبد النّاصر، وكيف وصل الحال ببعض المساجين إلى الجنون؟.

- هل أصغيتم السّمع إلى ما يحكيه البعض عن بطش وظلم صدّام حسين وحزبه البعثيّ؟ وعن فنونه في ممارسة ساديّته ضدّ خصومه؟.

إنّ من يعلم هذا أو يعرف بعضه أو قريباً منه، ثمّ يجعل من منهجه في إحياء دين الله تعالى أن يطالب الشّباب المسلم بالذّهاب إلى السّجون باختيارهم، ثمّ يجرّب من يطالب بفكّ أسارى المسلمين، لهو جدير أن يدخل في عداد المجرمين وأعداء الدّين، لا أن يصبح مفكّراً وزعيـماً لتيّار يلتحق بركبه الشّباب، لكنّنا والله نعيش زمن العجائب .






([1]) على سبيل المثال ـ والأمثلة كثيرة ـ ما حصل مؤخراً في الأردن؛ فإن العالم والناس أجمع يعلمون ويتوقعون أن يكون ولي العهد بدلاً عن الملك حسين أخوه الحسن، حيث ظل أكثر من ثلاثين سنة وهم يخاطبونه بولي العهد، والأمير المحبوب .. ولكن لما كان ولده عبد الله الحاكم الحالي مرضي عنه من قبل أمريكا واليهود والغرب الصليبي أكثر من الآخر، ويمكن من خلاله تمرير المصالح الأمريكية واليهودية والغربية أكثر من الآخر، كان لا بد من اختياره ملكاً وحاكماً على البلاد والعباد، وإخراج ولي العهد السابق كلياً من دائرة الحكم أو التأثير على القرار .. علماً أن الأول لا يحق له من ناحية دستورهم وقوانينهم أن يكون ملكاً لأن أمه إنكليزية .. ولكن لما تصطدم هذه الدساتير والقوانين ـ في مرحلة من المراحل ـ مع مصالح أمريكا والصهاينة وغيرهم من قوى الاستكبار العالمي فإنه يسهل تغيير تلك الدساتير والقوانين إلى دساتير وقوانين أكثر تلائماً وانسجاماً مع مصالحهم وأهدافهم ..!!
ولما علم الآخر بالموقف الأمريكي والصهيوني والغربي هذا نحوه، فما كان منه إلا أن يرضى ويُسلم للإرادة الدولية من دون أن يقول حتى كلمة اعتراض أو لماذا؛ لعلمه باللعبة الدولية، وأن أي حاكم في المنطقة لا بد أولاً من أن تتم الموافقة عليه من تلك السلطات الاستعمارية المتنفذة في العالم !! وهو نفسه لو وافقت عليه أمريكا ودول الغرب الصليبي .. ثم أن الشعب الأردني كله قال له: أمَّا نحن لا نريدك حاكماً علينا .. لما تردد لحظةً في أن يبيدهم بآلته العسكرية المعدة مسبقاً لمثل هذه الطوارئ والحالات !!

([2]) كما حصل ويحصل في الجزائر، وتونس، ومصر، وتركيا وغيرها من الأمصار .
([3]) التوصيف هنا للجيوش والمباحث أو الإستخبارات أو مباحث أمن الدولة أو الأمن الوقائي أو الأمن السياسي أو ما شئت من أسماء هي داخلة في الوصف من باب الأولوية .
([4]) هذه الصفات الآنفة الذكر تتفاوت الجيوش المعاصرة فيما بينها من حيث الاتصاف بها، فليسوا كلهم سواء في هذه الصفات وبنفس الدرجة .. لكن إن عُدمت صفة في جيش من الجيوش توفرت فيه الأخرى، فكل جيش له ما يميزه من شارات الطغيان والكفر، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

([5])على سبيل المثال لا الحصر ما قام به الجيش المغوار السوري من تدمير لمساجد مدينة حماه التي يزيد تعدادها عن المائة مسجد بعضها لها امتداد تاريخي حتى العهد الأموي، في مجزرة حماه المشهورة والتي ذبحوا فيها ـ بآلتهم العسكرية ـ في ليلة واحدة ما يزيد عن عشرين ألف مسلم بينهم كثير من الأطفال والنساء، لا ذنب لهم سوى أنهم يقولون ربنا الله ..!!
رد مع اقتباس