عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-30-2010, 03:20 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

وأظنه شريح القاضي _ فقال: قم وأنت قاضي أهل البصرة أو أهل الكوفة " حكم على فهم من يقول له بهذه المسألة قال له أنت تصلح أن تكون قاضيًا ، لأن القاضي لا يحتاج فقط إلى العلم الظاهر بل يحتاج أن يتصرف فيما عنده من الأدلة ، وهذا بطبيعة الحال إنما يكون بالتجربة .
أبو عبيد القاسم بن سلاَّم صاحب الكتاب الشهير غريب الحديث وهو من طبقة أحمد بن حنبل ويحي بن معين ، وكان إبراهيم بن إسحاق الحربي إذا ذكر أبا عبيد يقول: (جبل نفخ فيه الروح) وهذا أعلى درجات التزكية ، جبل نفخ فيه الروح ، قال: كنت أذهب إلى أن الجالس المتمكن إذا نام لا يعيد الوضوء لأن النبي يقول:" العينان وكاء السهِ " طالما أن الإنسان جالس ومتمكن يمكن أن يكون متحكم في مسألة الريح فأبو عبيد يوم الجمعة جالس بجانب الإسطوانة العمود ، ورجل يجلس متمكن ثم أخرج ريح فقال له أبو عبيد قم توضأ ، فجعل الرجل يقسم أنه لم يفعل شيئًا من ذلك فغير أبو عبيد مذهبه بسبب هذه الواقعة وذهب إلى ما ذهب إليه جماعات من أهل العلم إلى أن النعاس قليله وكثيره ينقض الوضوء .
فانا أريد أن أقول ونحن بين يدي هذه الخواطر للإمام أبي الفرج بن الجوزي -رحمه الله تعالي- في كتابه صيد الخاطر ، وطبعًا كتاب صيد الخاطر واضح من العنوان أنه يصطاد إذا مرَّ بخاطره شيءٌ يستحق أن يسجل فيسجله وأنا ندمت كثيرًا أنني لم أسجل خواطر كثيرة مرت بي ، احتجت إليها فندَّت عن ذهني وكانت المعاني فيها رائقة ,بن الجوزي يقول أنه فرط فيما مضي من الزمان ثم انتبه إلى هذا الأمر فبدأ كلما خطر عليه شيء يسجله ، وهذه كانت عادة أهل العلم .
فعادة أهل العلم كلما مرَّ عليه شيء ذي بال سجله:يقول محمد بن أبي حاتم الوراق عن الإمام البخاري- رحمه الله- الذي كان ينسخ له كان يقول :(ربما استيقظ في الليلة ثلاثين مرة يسجل شيئًا ثم يطفئ المصباحشيء يخطر بباله )كما قال بن عقيل الحنبلي( أنه لا يحل لي أن أضع ساعة من عمري حتى إذا كلَّ لساني عن مناظرة وبصري عن مطالعة استطرحت ، فأعمل فكري حال استطراحتي فلا أقوم إلا وقد خطر لي ما أسطره ،) حتى في استطراحته يعمل فكره ، هؤلاء هم الذين شغلوا الزمان ، واستغلوا الأعمار الشيء الأخير: أنبه عليه وهو أنني كثيرًا ما أذكر حكايات قيلت لي فبعض الناس قد يلومني ، يقول لي أنا أحكي لك الحكاية وأنت تقصها على الناس أنا لا أقول ما اسمه ولا قلت أين بلده ، هذا مثل ما بال أقوام ، والنبيلما كان يقول " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " كان يعني أناسًا بأعينهم ، جاء جماعات إلى بيوت النبي- يسألوا عن عمله فكأنهم تقالوها ، والحديث أنتم تعرفونه ، قال أحدهم أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال الثاني وأنا أقوم ولا أنام ، وقال الثالث وأما أنا فلا أتزوج النساء فلما بلغ النبي هذا الكلام قال الصلاة جامعة وجمع الناس وقال: " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " ، الذين قالوا كذا وكذا هم أناس بأعينهم , فعندما أحكي حكاية ربما حدث تشابه ما بين حكاية الحاكي وحكاية حاكٍ أخر ، لكن على أي حال أنا ما ذكرت اسمه أصلاً ولا قلت هو من أي بلد حتى يقال لي لما قلت ، إنما أقول هذا الكلام من باب التجربة .
انْتَهَي الْجُزْء الْأَوَّل مِن الْدَّرْس الْأَوَّل
الْجُزْء الْثَّانِي مِن الْدَّرْس الْأَوَّل
كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي- رحمه الله- كتاب ممتع وفيه تجارب بل لعله أشهر واعظ للإسلام على الإطلاق ، كان الخليفة يصلي خلفه ، وكان يقول الكلام على بديهته يحتار المرء كيف أتي به علي البديهة ، وكان يحضر مجلسه مائة ألف ، وأسلم على يديه مائتا ألف ، أما العُصاة الذين تابوا على يديه فحدِّث ولا حرج ، وكان مع هذه الحشمة كثير التصنيف .يقول الذهبي رحمه الله-( أنا لا أعلم في الإسلام رجلٌ صنَّف مثل هذا الرجل ) صنَّف ستمائة كتاب ، الكتاب يتراوح ما بين ملزمة إلى عشرين مجلدًا هذا مع الوعظ ، وعندما يكون الإنسان واعظاً مسدداً في الوعظ كل الناس تتهافت عليه كل مشاكل الناس عنده ، أي واحد يريد أن يتوب كما يحدث الآن , يأتي ويقول أعطيني وقت لكي أحكي لك عن حياتي الماضية وأقول لك ماذا عملت في حياتي لكي تقول لي أخرج من هذه المظلمة بالطريقة الفلانية ومن هذه المظلمة بالطريقة الفلانية .لو أنك ستعطي للناس من صبرك وحلمك ، ممكن تعطيهم كم ساعة في اليوم مع مراعاة أنك رجل لك مؤلفات ، ولك أسرة ولك حياتك الخاصة ، ممكن تعطيهم كم ساعة في اليوم ، خمس ساعات ، ستسمع كم واحد في اليوم تسمع لخمسة ، ستة ، ومع هذا الجهد الكبير استطاع أن يؤلف ستمائة مؤلف وفي شتي فروع المعرفة ، لم يترك شيء لا حديث ، ولا فقه ، ولا عربية ولا تاريخ ، ولا تفسير ولا بلاغة ولا عروض ، ولا أدب وغير ذلك إلا صنف فيه كتابًا وكتابين وثلاثة وأربعة ، فنحن أمام رجل صاحب تجربة عريضة .
وأنا اخترت هذه الخاطرة لأنها تصلح أن تكون أول خاطرة في الكتاب لأنها آفة كلنا نعاني منها .يقول- رحمه الله-: (قد يَعرِضُ عند سماعِ المواعظ للسامِع يقظةٌ فإذا انفصل عن مجلسِ الذِكر عادت القسوة والغفلة ، فتدبرت السببُ في ذلك ، فَعَرفته ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين:-
أحدهما:أن المواعظ كالسِيَاط، والسياط لا تُؤلِم بعد انقِضَائِها إِيلَامَهَا وقت وقوعها.ثانيها:أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَة ، قد تَخَلَّى بجسمهِ وفكرهِ عن أسباب الدنيا ، وأنصَتَ بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغلِ اجتَذَبَتهُ بِآفَاتِهًا ، فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ وهذه حالة تَعُمُ الخلق ، إلا أن أربابَ اليقظة يتفاوتون في بقاء الأَثَر ، فمنهم من يَعزِم بلا تردد ويمضي من غير التفات ، فلو توقف بهم رَكبُ الطَبعِ لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حَنظلة ، ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلةِ أحيانا ويدعوهم ما تقدم من المواعظِ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسُنبلة تُمِيلُها الرياح وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كمَاءٍ دَحرَجتَهُ على صفوان)
قَسَمٌ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْنَاسْ فِيْ مُقَابِلِ الْمَوْعِظَةِ ، إِلَىَ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :يقول أن الإنسان عند سماع الموعظة ، يعرض له نوع يقظة ، أنت أتيت اليوم المسجد ، غافل عن معاني كثيرة أنا تحدثت وقرعت قلبك وسمعك استيقظت على معنى من المعاني ،و هذا المعني ربما أيقظك ولم يوقظ غيرك ، لأن كل إنسان له مقتضى في حياته ، ونحن كنا نقول منذ قليل الفهم في العلم ، أنظر إلى الغباء في العلم ، الصورة بضدها تتميز الأشياء .
من الغباء في العلم:الجماعة الذين اتهموا أبا هريرة بأنه كذب على النبي في زيادة ذكر كلب الزرع في الحديث ، " من اقتنى كلبًا ليس كلب زرع ولا ضرع نقص من أجره كل يوم قيراط " ، والفتوى الرسمية التي طلعت لنا هذه الأيام لأن أولاد الذوات يحبون الكلاب ، الولد يركب السيارة والكلب معه يجلس بالكرسي الخلفي ويخرج لسانه لمن يقفون في محطة الأتوبيس في الحر فأولاد الذوات الذين لديهم الكلاب كيف تقول لهم هذا الحديث ، ينقص كل يوم من أجره قيراط ,فيعترض ويقول ماذا يحدث إذا اقتنى المرء كلب إذا كان مالك يقول أن لعاب الكلب طاهر ، فما العلاقة ما بين طهارة لعاب الكلب وما بين حرمة اقتناء الكلب ، هل الكلب حُرِّمَ اقتناءه للعابه ولا لأن النبي قال:" إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أو صورة " ، سواء لعابه طاهر أو غير طاهر ، نعم المالكية إذا كانوا يقولون أن لعاب الكلب طاهر ، فسائر العلماء يخالفونهم في ذلك .
مفهوم العدد عند المالكية : لذلك العدد كان عند المالكية ليس له معني المسألة تعبدية فليغسله سبع مرات ، ليس المقصود سبع مرات ، واحد ، اثنين ، ثلاثة ، أربعة خمسة ستة ، سبعة ، لا ، هم عندهم ماء النار والصابون وغير ذلك يقوم مقام التراب مثلاً خلافًا لما عليه جمهور العلماء وهذا من الأقوال الشاذة ، وكل فترة تجد قول شاذ والزمخشري لما توجع من الأقوال الشاذة ، وكان قديمًا يقول ما مذهبك ؟ حنفي ، أنتم الذين تحلون الخمر ، وأنتم المالكية ، أنتم الذين تقولون الكلب يؤكل ، وأنت الشافعية الذين تقولون يجوز نكاح البنت من الزنا ، وأنتم الحنابلة الذين تقولون أن ربنا جسم ، كل مذهب له ناس يقعدون له على الرصد .يقول الزمخشري:
وإن يسألوني عن مذهبي لم أبُح به
وأكتمهُ كتمانهُ ليَ أسلمُ
فإن حنفياً قلت قالوا بأنني
أبيح لهم الطِلَى وهو الشراب المحرَّمُ
وإن مالكياً قلت قالوا بأنني أبيحُ لهم
أكل الكلاب وهم همُ
وإن شافعياً قلت قالوا بأنني أبيحُ
نكاح البنتِ والبنتُ تحرمُ
وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني
حلوليٌ بغيض مجسم
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه
يقولون تيسٌ ليس يدري ويفهمُ
تعجبت من هذا الزمان وأهلهِ
ومن ذا من ألسن الناسِ يسلمُ
وأخرني دهري وقدم معشرًا
علي أنهم لا يعلمون وأعلمُ
قالوا: أبو هريرة زاد كلب زرع لأنه كان عنده زرع وكان محتاج إلى هذه الزيادة لكي يكون عنده كلاب يحرصون المزرعة ، فمن الذي قال لكم هذا الكلام ، قالوا بن عمر ، لما روي بن عمر الحديث, قال: سمعت رسول الله يقول:" من اقتني كلبًا ليس كلب حرث ولا ماشية إلا نقص كل يوم من أجره قيراط " ، فقال له واحد أن أبو هريرة يقول: أو كلب زرع ، فقال له أن أبو هريرة كان صاحب زرع قال أنظر كان صاحب زرع ووجد الحديث ليس فيه كلب زرع ، وهو يحتاج أن يأتي بالكلاب لحراسة المزرعة فألف هذه الزيادة علي النبي ﷺ.
لِمَا حُفِظَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ هَذِهِ الْزِّيَادَةِ ؟ إنما أنظر إلى أهل العلم ماذا قالوا ؟ قالوا إنما حفظ أبو هريرة هذه الزيادة لاحتياجه إليها ، وأي إنسان يكون محتاجًا إلي شيء من العلم يحفظه ويفوت على غيره ، فلو أنني اليوم سأتكلم عن العفاريت والمس وغير ذلك ، وإذا دخلت الحمام ولم تقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث تجد عفريت يمسك مباشرة ، من الذي يمكن أن يأخذ باله من هذه الجزئية ؟، الممسوس، ممكن هذه الجزئية التي أتكلم فيها نصف المجد لا ينتبه لها ، ولا تعنيه ، إنما حفظها المتلبس بها والمحتاج إليها ,الإنسان عندما يتكلم في موعظة من المواعظ لا أتصور أن الموعظة كلها من أولها إلى أخرها ممكن توقظ إنسان من أوله إلى أخره ، لا ، قد يستيقظ بحرف أو بجملة أو بواقعة ، لكنها على أي حال تُحدث نوعاً من اليقظة عند المستمع ، يكون غافل يستيقظ على الموعظة .
يقول ابن الجوزي:أن الموعظة قد تعرض أو قد تسبب يقظة للمستمع بعدما يخرج من المجلس ننسى كثيرًا مما سمعناه ،بن الجوزي كرجل واعظ لابث الناس وخبير يدلنا وسيضع يده على الأسباب الحقيقية ، لماذا ينفعل المرء للموعظة في حال السماع فإذا انفصل عن مجلس التحديث فتر أثر الوعظ عنده ,
يقول ابن الجوزي: ( فتدبرت السببُ في ذلك ، فَعَرفته ، ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين )فيكون المقصود الأعظم من هذه الموعظة القلب وهذا الذي سندندن عليه إن شاء الله عز وجل .يقول: (الحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين:-أولاً: ( أن المواعظ كالسِيَاط، والسياط لا تُؤلِم بعد انقِضَائِها إِيلَامَهَا وقت وقوعها.)الرسول كان إذا وعظ احمرَّ وجهه وانتفخت أوداجه كأنه منذر جيش ، يقول صبَّحكم ومسَّاكم ، فنفهم من هذا الكلام أن الوعظ له سمت ، هذا السمت نحن ممكن نسميه تسميه ربما أتجاوز فيها سمت استفزازي ، وأن الواعظ الحقيقي هو الذي يستطيع أن يستفز المستمع وليس الذي يصعد المنبر ليقول محاضرة ، لا ، الموعظة أمر مختلف ، القصد من الموعظة إيقاظ القلب ممكن لا يكون الهدف إلا إيقاظ القلب ، إذا استيقظ القلب من رقدته استفاد بأقل كلام
سَمَتْ الْمَوْعِظَةِ: الشدة ، الاستفزاز .لذلك يقول للعلماء: إذا لم يكن للكلام مقتضي ينبغي أن توجد له مقتضي لما شُتم خالد بن الوليد و أبو هريرة ، بعض الناس أرسل إلي وقال لي بدل ما أنت تهيج الناس وتستفزهم وغير ذلك ، كنت بمنتهى البساطة تعمل محاضرة في فضل خالد بن الوليد ومحاضرة في فضل أبو هريرة ، وهكذا الناس تستفيد وتعرف من هو خالد بن الوليد ومن هو أبو هريرة ، فأنا لما أحضر والأحداث الجارية والدنيا ساخنة من حولك وأطلع المنبر وأقول لهم سأحدثكم اليوم عن فضائل خالد بن الوليد ، أي إنسان يسمع يقول ما المناسبة ؟ خالد بن الوليد نحن نعرف أنه سيف من سيوف الله ، ولا أحد منا يؤذي خالد ولا يضع من قدر خالد ، فأنت طالع تقول لما لكن عندما أقول لك شُتم خالد ، أنت على الفور تستنكر كيف يُشتم خالد أقول لك اسمع ما الذي قيل عن خالد ، قيل كذا كذا كذا ، فأنا هيئتك أولاً هيئت سمعك هيئت قلبك لمقتضى ما سأقول ، فيكون خالد بن الوليد صار قضية ، أنا لا أريد أن أعطيك معلومة باردة ، أنا أريد أن تكون قضية حياة وهذا الذي يفرق بين إنسان وأخر في الفهم ، الكلام ليس له مقتضي هات له مقتضى ، كما كان النبي- يفعل كما في صحيح مسلم( لما مرَّالنبي على جدي أسك ميت ، فقال: أيكم يشتري هذا بدرهم , قالوا والله يا رسول لو كان حيًا ما اشتريناه إنه أسك).
الشاهد من الحديث: صغير الأذنين أو مقطوع الأذنين ، فالنبي لما وقف وقال لهم أيكم يشترى هذا بدرهم كان يريد أن يتلقي جواب أحدهم أن يقول أنا أشتريه لا النبي سأل هذا السؤال لأنه يريد أن يقول كلمة .قال:" ترون هذه هينة على أهلها غالية أم رخيصة ، طبعًا لو كانت غالية كانوا دفنوها وبكوا عليها وعملوا لها سرادق من البدع المحدثات الموجودة اليوم ، لكن مباشرة ماتت خذها يا بني من أرجلها وارميها ." ترون هذه هينة على أهلها, قالوا: نعم يا رسول الله ، قال: والله للدنيا أهون عند الله من هذا على أهله " وهذا الذي يريد أن يقوله لكن أنا لما أجِد المقتضى وأنا أمامي الآن جدي أسك ميت ملقى على قارعة الطريق لا قيمة له ، ولا استحضرت أن هذا لا يساوي درهم واحد ، لو كان حيًا ما اشتريناه فكيف وقد خرجت منه الروح .فيقول: " والله للدنيا أهون عند الله من هذا على أهله " ، هذا هو الفهم في العلم الإنسان يأتي بالمقتضى إذا لم يكن للكلام مقتضى ، فهو هنا يقول: أن الموعظة كالسياط تجلي القلب وتجلي السمع ، والسياط تؤلم في حال وقوعها أما بعدما يبرد الجلد فينتهي أثر الألم فالموعظة كذلك .ثانياً: ( أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَة )مُزَاحَ الْعِلَّةِ: أي ليس عنده عله ، أتى إلى المسجد وقد هيأ نفسه لسماعالموعظة وكما قلت لكم لو أن واحد من الناس ، جاء ليصلي الجمعة دخل وجد مسرح في المسجد وجماعة ممثلين يرقصون على المسرح وغير ذلك ، هل سيقبل هذا الكلام ؟ لا ، لن يقبله ، لماذا ؟ لأنه أتي ليسمع الموعظة ، بالضبط كما لو أنه كان يذهب للمسرح ليضحك ويرى مسرحية كوميدية وغير ذلك وجد واحد لحيته طويلة وانفرجت عنه الستارة وقال لهم: الموت قادم ، الموت قادم ، أنا أتيت لأضحك وأقضي الليلة وتقول الموت قادم ، أعطوني فلوسي ويسب ، نفس الرجل إذا جاء المسجد وجد المسرح قال كيف يحدث هذا في بيت ربنا ؟ ، يذهب للمسرح فلو وجدني في المسرح ممكن يهد الدنيا كما هدها في المسجد ، ما السبب في ذلك ؟ أنه عندما يأتي إلى المكان يكون مزاح العلة ، أتي وهو ينوي أن يسمع ، يفتح أذنه وقلبه لكي يستمع إلى نوع معين من المواعظ ,فيقول: ( الإنسان في حال الموعظة يكون مزاح العلة ،قد تَخَلى بجسمهِ وفكرهِ عن أسباب الدنيا ، وأنصَتَ بحضور قلبه ، فإذا عاد إلىالشواغلِ اجتَذَبَتهُ بِآفَاتِهًا ، فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ وهذه حالة تَعُمُ الخلق ) لا يوجد أحد فينا فاضل أو غير فاضل إلا يعرض له هذا ، يكون في المسجد حالته عالية جدًا وبعد أن يترك المسجد ويمشي حالته تقل ، وقال هذه حالة تعم الخلق .( إلا أن أربابَ اليقظة يتفاوتون في بقاء الأَثَر ) هذه الموعظة كم ستظل معك ؟ أسبوع ، عشرة أيام شهر ، سنة ، فهذا الذي يتفاوت فيه الخلق بقاء أثر الموعظة ، على قدر بقاء اليقظة في القلب وكما تعلمون حديث حنظلة الأُسيدى وكان من كتاب رسول الله كما في صحيح مسلم " لما لقي أبا بكر في الطريق , فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قال نافق حنظلة ، قال له: أنظر ماذا تقول ، قال: نكون عند النبي يحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين فإذا رجعنا إلى رحالنا عافسنا النساء والأولاد والأموال والضياع نسينا كثيرًا مما سمعنا ، فقال أبو بكر والله إني لأجد ذلك ، فذهبوا إلى النبي أول ما دخل حنظلة علي النبي قال: نافق حنظلة ، قال: ماذا تقول ؟ قال: يا رسول الله نكون عندك فتحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين ، فإذا عافسنا النساء والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا مما تقول ، قال يا حنظله: لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقات " ، أي سيكون رباني لو يدوم على ما يكون عليه في مجلس الوعظ من انتباه القلب الكامل .(لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر ) أي وفي ذكر الله- تبارك وتعالي- ( لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقاتولكن يا حنظله ساعة وساعة ) .
من الغباء في الفهم: يأخذ هذه الجزئية فقط ويعمل برنامج اسمه ساعة لقلبك ، لا ساعة ربك هذه لا يقولها ، لا ، ساعة لقلبك على اعتبار أن ساعة الرب هي التعب والغم ، أنت مهموم وهو يريد أن يجعلك تضحك .
ذات مرة سنة ثمانين ذهبت لحضور فرح واحد من أصحابنا ، فجال في رأسه أن يقوم بتشغيل القرءان ، وطبعًا الأفراح في ذلك الزمان كانت فرقة حسب الله وتجد الأنوار والكاسيتات تبث الأغاني وغير ذلك ، وهو كان رجل ملتزم ويريد أن يشغل القرءان ، فكنت واقفاً قبل البيت بقليل فواحد يقول للآخر هل نحن أخطأنا في العنوان أم لا ؟ قال له لما ؟ قال أليس هذا بيت فلان الفلاني ؟ قال نعم ، قال فلماذا يشغلون القرءان القرءان للحزن ، عندما يموت ميت نشغل القرءان ، وصار منطبع في أذهاننا أن ساعة الرب هي ساعة النكد والحزن ، فالمطلوب ساعة للفرفشة ، ساعة لقلبك .
وَمَا عَلِمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ سَاعَةً الْقَلْبُ عَلَىَ الْحَقِيقَةِ هِيَ سَاعَةٌ ذِكِرَ الْرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَي-هذه هي ساعة القلب وحياة القلب ، والإنسان الذي لا يعرف هذه الحقيقة ميت فعلاً ، لا يعرف معنى الحياة ، قال الله تعالي: :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾(الأنفال:24) ، وقال في شأن القرءان﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ﴾(يس:70) أي إنسان حي القلب هو الذي ينتفع بقراءة القرءان , فقول النبي- ﷺ " ساعة وساعة " أي أن ساعة الباطل أُذن لك فيها لأنه لا تستقيم حياتك إلا بشيء من هذا ، وربنا- عز وجل- عندما ركبك ، ركبك على هذا ، لابد أن تستجم بساعة باطل الذي قال فيه النبي - ﷺ" كل لهو باطل إلا ملاعبة الرجل امرأته وفرسه وولده والرسول - ﷺلما كان يسابق عائشة مثلاً ، أو كان يخرج لسانه للصبي ، فيظن الصبي أن لسان النبي - ﷺتمرة ، فيريد أن يخطفها فيدخل النبي- ﷺ لسانه ، وهذا استجمام وكان الصحابة كما في الأدب المفرد كانوا يتبادحون بقشر البطيخ حتى إذا جد الجد وجدتهم رجال ، وحديث جابر بن سمرة ، " قيل له: أكان النبي- ﷺيضحك ؟ قال: كنا نذكر أشياءً من أمور الجاهلية نضحك وهو يبتسم " ، طالما ليس فيه فحش ولا مخالفات شرعية كان النبي- ﷺيشاركهم في بعض هذا ، وهذا هو الاستجمام الذي أذن للمرء فيه ، فالنبي- ﷺيقول: " يا حنظله ساعة وساعة ، ساعة وساعة " .أي إذا استجممت ببعض الباطل المباح فهذا مما يعين الدابة على السير إلى آخر الطريق ، وبن الجوزي ذكر ثلاثة أنماط من البشر لا يخرجون عنها في مقابل هذا ، ونتمم الكلام عنها إن شاء الله- عز وجل فيما يستقبل بإذن الله تعالى .
انْتَهَىالْجُزْء الْثَّانِي مِن الْدَّرْس الْأَوَّل
رد مع اقتباس