عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 06-30-2008, 03:59 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


قال الشيخ علي الخضير في شرح الواسطية


قال تعالى{ يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ } { بل رفعه الله إليه } { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } { ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب . أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا } { ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور . أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير } " .
ومن الأحاديث التي ذكر المصنف في فصل السنة : " قوله في رقية المريض [ ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ ] حديث حسن رواه أبو داود وغيره وقوله للجارية [ أين الله ] قالت في السماء قال [ من أنا ] قالت أنت رسول الله قال [ أعتقها فإنها مؤمنة ] رواه مسلم " .
فيه مسائل :
المسألة الأولى : هذه الآيات الخمس في صفة العلو لله , وإثبات اسم (24/العلي لله تعالى) ومنه العال , والمتعالي , والأعلى .
المسألة الثانية : مذهب السلف في مسألة العلو :
مذهبهم إثبات العلو لله على ما يليق بجلاله سواء أكان علو الذات , أوعلو القدر أوعلو القهر ، فهذه ثلاث علوات ثابتة لله تعالى ، ويثبتون لله جهة العلو , وأنه يشار إليه بالعلو ، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر ، بل دل على إثبات العلو : القرآن والسنة والإجماع والعقل والفطرة ، بل حتى البهائم تثبت لله العلو ، فإنها ترفع وجهها وبصرها إلى السماء ، وقد نقل الصابوني في كتاب عقيدة أهل الحديث : إجماع السلف على إثبات صفة العلولله , وأن منكر العلو كافر .
المسألة الثالثة : مذهب أهل الكلام في العلو :
1 ـ مذهب الكلاّبية والأشاعرة الأولى , ومثلهم الكرّامية : أنهم يثبتون العلو لله بأنواعه الثلاثة ، علو القدر , وعلو القهر , وعلو الذات .
2 ـ مذهب الجهمية والمعتزلة والماتريدية ومتأخري الأشاعرة : فهؤلاء يثبتون لله علو القدر , والقهر , فهو عالي في قدره وقهره , وينفون علو الذات وعلو المكان ، ويقول الجهمية إنه في كل مكان ، وأما الماتريدية والأشاعرة , فيقولون : لاخارج العالم ولاداخله ولا متصل ولا منفصل ولا فوق ولا تحت .
المسالة الرابعة : بماذا يفسر أهل البدع الآيات المثبتة للعلو ؟
الجواب : أنهم يفسرونه بعلو القدر والقهر والملك ، ويقولون في قوله تعالى { أأمنتم من في السماء } يقولون : أأمنتم من ملكه السماء ، ويرد عليهم : أن ملك اللَّه في السماء والأرض ، وكذا في حديث [ أين اللَّه ] قالت : في السماء , أي : ملكه في السماء .
مسائل في صفة العلو :
1 ـ هل يثبت لله الجهة أنه في جهة العلو ؟ الجواب : نعم بإجماع السلف .
2 ـ هل يُسأل عن اللَّه بالأين ، أي : يقال أين اللَّه ؟ الجواب : نعم ، بإجماع السلف لحديث [ أين اللَّه ؟ ] قالت : في السماء .
3 ـ العلو من صفات الله اللازمة التي لا تنفك عنه تعالى , قال المصنف في الجواب الصحيح 4/317 : بل العلو عليها صفة لازمة له حيث وجد مخلوق فلا يكون الرب إلا عاليا عليه اهـ .
مسألة : يرد في الآيات والأحاديث عبارة [{ في السماء }] مثل قوله تعالى { أأمنتم من في السماء } وكما في الحديث الصحيح قال [ أين اللَّه ؟] قالت: في السماء , رواه مسلم , فما معنى في السماء ؟
الجواب : أن تحديد تفسير كلمة ( في ) يتوقف على ما المقصود بكلمة ( السماء ) ؟
فإن قُصد بكلمة ( السماء ) بمعنى : العلو , فإن ( في ) على بابها , ويكون في السماء أي في العلو , وإن قُصد بالسماء , أي السموات السبع المعهودة ، فمعنى في ، أي : على ، ويكون المعنى اللَّه على السموات فوق عرشه ، وكلا المعنيين صحيح , وهو مذهب أهل السنة والجماعة ، وراجع الفتاوى 5 / 106 .
مسألة : هل العلو ينافي النزول كل ليلة إلى السماء الدنيا ؟
قال المصنف على ذلك في الجواب الصحيح 4 / 317 : ولهذا قال غير واحد من أئمة السلف : إنه ينزل إلى السماء الدنيا , ولا يخلو العرش منه , فلا يصير تحت المخلوقات وفي جوفها قط , بل العلو عليها صفة لازمة له , حيث وجد مخلوق , فلا يكون الرب إلا عاليا عليه اهـ .
مسألة : في تحديد نوعية العلو : هي من الصفات الذاتية اللازمة لله تعالى كما قال المصنف في الجواب الصحيح 4/317 : بل العلو عليها صفة لازمة له , حيث وجد مخلوق , فلا يكون الرب إلا عاليا عليه اهـ , وقال المصنف في درء التعارض 6/208: قلت ـ أي ابن تيمية ـ وهذا الذي اختلف فيه قول القاضي , اختلف فيه أصحاب أحمد وغيرهم فكان طائفة يقولون : العلو من الصفات السمعية الخبرية , كالوجه واليد ونحوذلك وهذا قول طوائف من الصفاتية , ولهذا نفاة من متأخري الصفاتية من نفي الصفات السمعية الخبرية , كأتباع صاحب الإرشاد , وأما الأشعري وأئمة أصحابه , فإنهم متفقون على إثبات الصفات السمعية , مع تنازعهم في العلو هل هو من الصفات العقلية أو السمعية ؟
وأما أئمة الصفاتية كابن كلاب وسائر السلف , فعندهم أن العلو من الصفات المعلومة بالعقل , وهذا قول الجمهور من أصحاب أحمد وغيرهم , وإليه رجع القاضي أبو يعلى آخرا , وهو قول جمهور أهل الحديث والفقه والتصوف , وهو قول الكرامية وغيرهم اهـ .
وقال في الفتاوى 5 / 122 : ولهذا كان العلو من الصفات المعلومة بالسمع مع العقل والشرع عند الأئمة المثبتة , وأما الاستواء على العرش , فمن الصفات المعلومة بالسمع فقط دون العقل اهـ .
مسألة : قال المصنف في تاريخ مسألة العلو في درء التعارض 6 / 245 : وما ذكره ابن رشد من أن هذه الصفة صفة العلو , لم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله تعالى , حتى نفتها المعتزلة , ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية , كلام صحيح , وهو يبين خطأ من يقول : إن النزاع في ذلك ليس إلا مع الكرامية والحنبلية , وكلامه هذا أصح مما زعمه ابن سينا , حيث ادعى أن السنن الإلهية منعت الناس عن شهرة القضايا , التي سماها الوهميات , مثل : أن كل موجود فلابد أن يشار إليه , فإن تلك السنن ليست إلا سنن المعتزلة والرافضة والإسماعيلية ومن وافقهم من أهل البدع , ليست سنن الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين اهـ.
مسألة : قال المصنف في الدرء 6 / 327 : والاعتراض على هذا من وجوه :
أحدها : أن يقال : القائلون بأن العالم كرة , يقولون إن المحيط هو الأعلى وإن المركز الذي هو جوف الأرض هو الأسفل , ويقولون إن السماء عالية على الأرض من جميع الجهات والأرض تحتها من جميع الجهات .
ويقولون : قسمان حقيقية وإضافية , فالحقيقية جهتان : وهما العلو والسفل , فالأفلاك وما فوقها هو العالى مطلقا وما في جوفها هو السافل مطلقا ، وأما الإضافية فهي بالنسبة إلى الحيوان , فما حاذى رأسه كان فوقه وما حاذى رجليه كان تحته وما حاذى جهته اليمنى كان عن يمينه وما حاذى اليسرى كان عن يساره وما كان قدامه كان أمامه وما كان خلفه كان وراءه ، وقالوا هذه الجهات تتبدل , فإن ما كان علوا له قد يصير سفلا له , كالسقف مثلا يكون تارة فوقه وتاره تحته وعلى هذا التقدير , فإذا علق رجل جعلت رجلاه إلى السماء ورأسه إلى الأرض , أومشت نملة تحت سقف رجلاها إلى السقف وظهرها إلى الأرض كان هذا الحيوان باعتبار الجهة الحقيقية السماء فوقه والأرض تحته لم يتغير الحكم , وأما باعتبار الإضافة إلى رأسه ورجليه فيقال : إن السماء تحته والأرض فوقه .
وإذا كان كذلك , فالملائكة الذين في الأفلاك من جميع الجوانب , هم باعتبار الحقيقة كلهم فوق الأرض , وليس بعضهم تحت بعض , ولا هم تحت شيء من الأرض أي الذين في ناحية الشمال , ليسوا تحت الذين في ناحية الجنوب , وكذلك من كان في ناحية برج السرطان ليس تحت من كان في ناحية برج العقرب , وإن كان بعض جوانب السماء تلي رؤوسنا تارة وأرجلنا أخرى , وإن كان فلك الشمس فوق القمر وكذلك السحاب وطير الهواء , هو من جميع الجوانب فوق الأرض وتحت السماء ليس شيء منه تحت الأرض ولا من في هذا الجانب تحت من في هذا الجانب , وكذلك ما على ظهر الأرض من الجبال والنبات والحيوان والأناسي وغيرهم , هم من جميع جوانب الأرض فوقها , وهم تحت السماء وليس أهل هذه الناحية تحت أهل هذه الناحية , ولا أحد منهم تحت الأرض , ولا فوق السماء البتة , فكيف تكون السماء تحت الأرض , أو يكون من هو فوق السماء تحت الأرض , ولو كان شيء منهم تحت الأرض , للزم أن يكون كل منهم تحت الأرض وفوقها , ولزم أن تكون كل من الملائكة وطير الهواء وحيتان الماء ودواب الأرض , فوق الأرض وتحت الأرض , ويلزم أن يكون كل شيء فوق ما يقابله وتحته , ولزم أن يكون كل من جانبي السماء فوق الآخر , وتحت الأرض , وأن يكون العرش إذا كان محيطا بالعالم تحت السماء , وتحت الأرض , مع أنه فوق السماء , وفوق الأرض , ولزم أن تكون الجنة تحت الأرض , وتحت جهنم , مع أنها فوق السموات , وفوق الأرض , وفوق جهنم , ولزم أن يكون أهل عليين , تحت أهل سجين , مع أنهم فوقهم , فإذا كانت هذه اللوازم وأمثالها باطلة باتفاق أهل العقل والإيمان , علم أنه لا يلزم من كون الخالق فوق السموات , أن يكون تحت شيء من المخلوقات , وكان من احتج بمثل هذه الحجة , إنما احتج بالخيال الباطل , الذي لا حقيقة له , مع دعواه أنه من البراهين العقلية , فإن كان يتصور حقيقة الأمر , فهو معاند جاحد , محتج بما يعلم أنه باطل وإن كان لم يتصور حقيقة الأمر , فهو من أجهل الناس بهذه الأمور العقلية , التي هي موافقة لما أخبرت به الرسل , وهو يزعم أنها تناقض الأدلة السمعية , فهو كما قيل :
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
الوجه الثاني : أن يقال : هب أنا لا نأخذ بما يقوله هؤلاء , أليس من المعلوم عند جميع الناس , أن السموات فوق الأرض , والهواء فوق الأرض , والسحاب والطير فوق الأرض , والحيتان والدواب والشجر فوق الأرض , والملائكة الذين في السموات فوق الأرض , وأهل عليين فوق أهل سجين , والعرش أعلى المخلوقات كما في الصحيحين عن النبي أنه قال [ إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفه عرش الرحمن ] وهذه الأمور بعضها متفق عليه عند جميع العقلاء , وما لم يعرفه جميع العقلاء , فهو معلوم عند من يقول به , ولم يقل أحد من العقلاء : إن هذه الأمور تحت الأرض وسكانها , وعلم العقلاء بذلك أظهر من علمهم بكرية الأفلاك , لو قدر أن ذلك معارض لهذا , فكيف إذا لم يعارضه وإذا كانت المخلوقات التي في الأفلاك والهواء والأرض , لا يلزم من علوها على ما تحتها أن تكون تحت ما في الجانب الآخر من العالم , فالعلي الأعلى سبحانه , أولى أن لا يلزم من علوه على العالم , أن يكون تحت شيء منه اهـ .


رد مع اقتباس