عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 04-06-2010, 02:42 AM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




افتراضي

ورثة المهنة فى دسوق: الخطأ فى الصنعة قد يؤدى إلى الموت أو الشلل

يحيط مسجد سيدى إبراهيم الدسوقى الكثير من محال الفسخانية وتعد مدينة دسوق بكفر الشيخ من أشهر المدن فى صناعة الفسيخ والسردين، اللافت للانتباه أن أغلب لافتات المحال تشير إلى عائلة «أبوطاحون»، التقينا عائلة شحاتة أبوطاحون الذى توفى فى ديسمبر الماضى، لكن أبناءه الثلاثة قرروا أن يستكملوا مسيرة والدهم لاقتناعهم بها، ليديرها الابن الأصغر، الذى كان يعيش ويعمل فى الولايات المتحدة الأمريكية.
«الفسيخ مش صناعة.. لكنه خبرة وموروث ثقافى يعود إلى مصر الفرعونية، ولا يمكن القضاء عليه بعد أن عاش أكثر من ٧٠٠٠ سنة».. بهذه الكلمات بدأ أحمد عبدالفتاح أبوطاحون، الذى يرى أنه لا يجب أن يتخلى عن خبرته وصنعته، بعدما ذاع صيت عائلته فى كل محافظات مصر، حتى إن المشترين يأتون إليهم كى يتذوقوا ما صنعت أيديهم.
وقال: حرفة الأجداد تراث مصرى لا يجب التخلى عنها، لأنها لا تقل عن شوربة الضفادع الفرنسية، أو حشرات الصين المطهية، وأضاف: «يكفى مريض الأنفلونزا، الذى فشل فى علاج المرض، أن يتناول فسيخة واحدة مع بصل أخضر وليمون ليشفى تماماً».
يقول أحمد: «الفسيخ زى الشيكولاتة، لازم يسيح فى الفم ويحس المتذوق بجمال طعمه، والوصول لهذا المذاق لا يحتاج إلى مجرد ملح وصندوق خشبى وسمكة بورى، ولكنه محتاج خبرة ورثناها عن أجدادنا منذ ١٤٠ سنة، فنحن الجيل الرابع من عائلة شحاتة أبوطاحون، الذى جاء من المغرب وعاش فى دسوق فى محافظة كفر الشيخ، ولنا سر صنعة خاصة بنا وميزتنا عن كل الفسخانية، لأن الفسيخ مش سمكة وشمس وملح فقط، فالخطأ البسيط قد يؤدى إلى الموت أو الشلل، وهو ما نواجهه مع الدخلاء على المهنة، ممن يتخيلون أنها مهنة ذات ربح سريع،
وقال: «أول خطوة فى صناعة الفسيخ هى اختيار سمكة بورى من مياه عذبة، ذات مواصفات خاصة، منها أن تكون من سمك المزارع الكبيرة الجيدة، التى نثق فى أصحابها ممن يعتمدون على العيش والأعلاف وكسر المكرونة فى إطعام السمك، أما من يعتمدون على المخلفات الحيوانية فنبتعد عنهم، لأن تلك الأسماك عند تمام نضجها تكون رائحتها كريهة، الأمر الذى يضر بسمعة محالنا خاصة أنه لا يمكن التعرف على هذه السمكة إلا بعد نضوجها التام».
ويستكمل: كلما كانت السمكة سمينة كانت جيدة بعد تمليحها وتحويلها إلى فسيخ، لأن كل شىء يؤثر على الجودة، مثل طريقة الصيد والنقل والتمليح، وما يقال عن ضرورة وصول السمكة إلى درجة «النتانة» أمر خاطئ، فلكل مرحلة زمنها الخاص بما يتناسب مع درجة حرارة الجو ونوع الملح «ناعم أو خشن»، وحجم ونوع السمكة «بورى أو طوبار»، والانتقال من مرحلة إلى مرحلة يتوقف على الخبرة وسر الصنعة الموروث الذى تتحكم فيه لمسة اليد، هذه اللمسة لا يمكن أن يكتسبها إلا من تربى عليها.
وأشار إلى أن الطريقة الحديثة تعتمد على «الكمر» فى أماكن مجهزة بعد غسل الأسماك وتنظيفها من الطين الموجود بخياشيمها، ثم تمليحها فى براميل خشبية، توضع فيها الأسماك على طبقات يفصل بين الطبقة والأخرى طبقة من الملح، التى تعد مادة مطهرة وقاتلة للبكتيريا، ويتم تحديد كميات الملح المستخدم وفقا للفترة الزمنية المحدد بيع الفسيخ فيها، فهناك فسيخ صالح لمدة عام كامل، وآخر لا يصلح إلا لشهر واحد، وفقا لمهارة وحاجة الفسخانى، ويكون الفسيخ جاهزا للتناول بعد ٥ أيام من تمليحه فى فصل الصيف، تصل إلى ١٠ فى فصل الشتاء، إلا أنه وفقا لتعليمات وزارة الصحة لا يمكن بيعه إلا بعد مرور ٢١ يوما على تمليحه، وهو ما يتم تسجيله فى ورقة معلقة على البرميل،
وتتميز الفسيخة الجيدة بكونها «سايحة» أو كما كان يسميها والدى «ملبن»، وعن سبل الغش فى الصنعة قال: هناك الكثير من طرق الغش، منها «سلق السمكة» كى تنتفخ فى وقت أقل، أو تخزين الأسماك فى براميل بلاستيكية ومعدنية، مع لصق الغطاء الصفيح بجسم البرميل باللحام الأمر الذى يزيد من شدة التلوث ويجعل من تناول الفسيخ سببا فى حدوث التسمم والشلل.
 

رد مع اقتباس