عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 04-02-2009, 04:58 AM
أم مريم* أم مريم* غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هذا الإله الذي أوجد الكون من عدم فأبدعه، وخلق الإنسان في أحسن تقويم وكرمه، وركز في فطرته الإقرار بربوبية الله وألوهيته، وجعل نفسه لا تستقر إلا إذا استسلمت لخالقها وسارت على منهجه، وفرض على روحه ألا تطمئن إلا إذا سكنت إلى بارئها، واتصلت بخالقها، ولا صلة لها إلا من خلال صراطه المستقيم الذي بلغته الرسل الكرام، ومنحه عقلاً لا يستقيم أمره ولا يقوم بوظيفته على أكمل وجه إلا إذا آمن بربه.
فإذا استقامت الفطرة، واطمأنت الروح، واستقرت النفس، وآمن العقل تحققت له السعادة والأمن والاطمئنان في الدنيا والآخرة.. وإن أبى الإنسان غير ذلك عاش مشتتاً متفرقاً يهيم في أودية الدنيا، ويتوزع بين آلهتها، لا يدري من يحقق له النفع، ومن يدفع عنه الضر، ومن أجل أن يستقر الإيمان في النفس، وتتضح شفاعة الكفر، ضرب الله لذلك مثلاً -لأن المثل مما يقرب المعنى إلى الذهن- قارَنَ فيه بين رجل تفرق أمره بين آلهة متعددة ورجل يعبد ربه وحده فقال سبحانه: {ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون}([1]). يضرب الله المثل للعبد الموحد والعبد المشرك بعبد يملكه شركاء يخاصم بعضهم بعضاً فيه، وهو بينهم موزع، ولكل منهم فيه توجيه، ولكل منهم عليه تكليف، وهو بينهم حائر لا يستقر على منهج، ولايستقر على طريق، ولا يملك أن يرضي أهواءهم المتنازعة المتشاكسة المتعارضة التي تمزق اتجاهاته وقواه! وعبد يملكه سيد واحد،

([1]) سورة الزمر، الآية 29.

رد مع اقتباس