عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 04-17-2010, 02:33 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي



الحمد لله وكفى وصلاة على من اصطفى

الدرس الثاني عشر



صفة العلو

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (أأمنتم من في السماء) وَقَوْلُ اَلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) (( رَبُّنَا اَللَّهُ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ تَقَدَّسَ اِسْمُكَ )) وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ (( أَيْنَ اَللَّهُ? قَالَتْ فِي اَلسَّمَاءِ قَالَ اِعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ )) رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ اَلْأَئِمَّةِ, وَقَالَ اَلنَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم ) لِحُصَيْنٍ (( كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ? قَالَ سَبْعَةً, سِتَّةً فِي اَلْأَرْضِ, وَوَاحِدًا فِي اَلسَّمَاءِ, قَالَ مَنْ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ? قَالَ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ, قَالَ فَاتْرُكْ اَلسِّتَّةَ, وَاعْبُدْ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ, وَأَنَا أُعَلِّمُكَ دَعْوَتَيْنِ )) فَأَسْلَمَ, وَعَلَّمَهُ اَلنَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم ) أَنْ يَقُولَ (( اَللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَقِنِي شَرَّ نَفْسِي )) .
إِنَّ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةَ كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ اَلْخَبَرَ إِلَى قَوْلِهِ ( وَفَوْقَ ذَلِكَ اَلْعَرْشُ, وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ ذَلِكَ )) فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا أَجْمَعَ اَلسَّلَفُ -رَحِمَهُمْ اَللَّهُ- عَلَى نَقْلِهِ وَقَبُولِهِ, وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِرَدِّه, وَلَا تَأْوِيلِهُ, وَلَا تَشْبِيهِهِ, وَلَا تَمْثِيلِهِ .
الشرح :
ذكر المصنف في هذه النصوص صفة العلو .
أولاً : علو الله ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : قهر .
القسم الثاني : علو قدر وشرف (شأن).
وهذان القسمان لم يخالف فيهما أحد ممن ينتسب إلى الإسلام .
وهو سبحانه عالي الصفات والقدر ، منزه عن النقائص والعيوب .
القسم الثالث : علو ذات : وهذا وقع فيه خلاف بين أهل السنة وأهل البدع .
فمذهب أهل السنة والسلف : أن الله تعالى عال بذاته فوق جميع خلقه ، بائن من خلقه مستو على عرشه .
ولهم أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والعقل والفطرة .
أما أدلة الكتاب والسنة فقد تنوعت دلالتهما بطرق كثيرة :
أحدها : التصريح بالفوقية .

كقوله تعالى ( يخافون ربهم من فوقهم ) .
وكقوله تعالى ( وهو القاهر فوق عباده ) .
الثاني : التصريح بالعروج إليه .

كقوله تعالى ( تعرج الملائكة والروح إليه ) .
وقوله e ( يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم . ) .
الثالث : التصريح بالصعود إليه .

كقوله تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب ) .
الرابع : التصريح برفعه بعض المخلوقات إليه .

كقوله تعالى ( بل رفعه الله إليه ) .
وقوله ( إني متوفيك ورافعك إلي ) .
الخامس : التصريح بالعلو المطلق الدال على جميع مراتب العلو .

كقوله تعالى ( وهو العلي العظيم ) وقوله ( وهو العلي الكبير ) ( وهو علي حكيم ) .
السادس : التصريح بنزيل الكتاب منه .

كقوله تعالى : ( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) ( تنزيل من الرحمن الرحيم ) ( تنزيل من حكيم حميد ) .
( قل نزله روح القدس من ربك ) .( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) .
السابع : التصريح باختصاص بعض المخـلوقات بأنها عنده ، وأن بعضها أقرب إليه من بعض

كقوله : ( إن الذين عند ربك ) .( وله من في السموات والأرض ومن عنده ) .
الثامن : التصريح بأن الله تعالى في السماء .

كقوله تعالى ( ءأمنتم من في السماء ) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) .
التاسع : التصريح بالاستواء على العرش .

كقوله ( الرحمن على العرش استوى ) .
العاشر : التصريح برفع الأيدي إلى الله تعالى .

كقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً ) .
والقول بأن العلو قبلة الدعاء فقط باطل بالضرورة والفطرة ، وهذا يجده من نفسه كل داع .
الحادي عشر : التصريح بنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا ،

والنزول المعقول عند جميع الأمم ، إنما يكون من علو إلى أسفل .
الثاني عشر : الإشارة إليه حساً إلى العلو

كما أشار إليه من هو أعلم به وبما يجب له ، لما كان بالجمع الأعظم الذي لم يجتمع لأحد مثله في اليوم الأعظم ، في المكان الأعظم ، قال لهم : ( أنتم مسؤولون عني ، فما ذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فرفع إصبعه الكريمة إلى السماء ، رافعاً لها إلى من هو فوقها وفوق كل شيء ، قائلاً : اللهم اشهد ) .
الثالث عشر : التصريح بلفظ ( الأين )

كقول أعلم الخلق به ، وأنصحهم لأمته ، وأفصحهم بياناً عن المعنى الصحيح ، بلفظ لا يوهم باطلاً بوجه: ( أين الله ) .
الرابع عشر : شهادته صلى الله عليه وسلم لمن قال : إن ربه بالسماء بالإيمان .

الخامس عشر : إخباره تعالى عن فرعون

أنه رام الصعود إلى السماء ليطلع إلى إله موسى ، فيكذبه فيما أخبره من أنه سبحانه فوق السموات ، فقال : ( يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً ) فمن نفى العلو من الجهمية فهو فرعوني ، ومن أثبتها فهو موسوي محمدي .
السادس عشر : إخباره صلى الله عليه وسلم

أنه تردد بين موسى عليه السلام وبين ربه ليلة المعراج بسبب تخفيف الصلاة .
من العقل :

أن العلو صفة كمال والسفل صفة نقص ، فوجب لله تعالى صفة العلو وتنزيهه عن ضده .
وأما الفطرة :

قال شارح الطحاوية : وأما ثبوته بالفطرة فإن الخلق جميعاً بطباعهم وقلوبهم السليمة يرفعون أيديهم عند الدعاء ، ويقصدون جهة العلو بقلوبهم عند التضرع إلى الله .
وأما الإجماع :

فقد أجمع الصحابة والتابعون والأئمة على أن الله فوق سمواته مستو على عرشه .
المخالفون لأهل السنة :

وقد نفت الجهمية والمعتزلة علو الله بذاته وقالوا : إنه في كل مكان بذاته وأنه لا داخل العالم ولا خارجه .
وقالوا : عن أدلة العلو كقوله ( وهو القاهر فوق عباده ) وغيرها أن المراد فـوقية القهر والقدر ، قالوا قوله تعالى ( فوق عباده ) أي خير من عباده وأفضل .
والرد عليهم :

أولاً : أن هذا تأويل باطل ، لأنه ليس في ذلك تمجيد ولا تعظيم ولا مدح ، والرب سبحانه وتعالى لم يتمدح في كتابه وعلى لسان رسوله بأنه أفضل من العرش ، وأن رتبته فوق رتبة العرش ، وأنه خير من السموات ، ولو تكلم أحد بمثل هذا الكلام في حق المخلوق لكان نقصاً مستهجناً جداً .
فلو قال شخص : الشمس أضوأ من السراج ، والسماء أكبر من الرغيف ، والجبل أثقل من الحصى ، ورسول الله e أفضل من اليهود لعد ذلك من ساقط القول، بل هو من أرذل الكلام وأسمجه وأهجنه لما فيه من التنقص، كما قيل في المثل السائر :
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل يوماً أن السيف أمضى من العصا
ثانياً : أن الله تعالى أثبت لنفسه الفوقية المطلقة ، وهي تشمل فوقية الذات وفوقية القدر وفوقية القهر ، فمن أثبت البعض ونفى البعض فقد جحد ما أثبته الله لنفسه .
· قوله ( أأمنتم من في السماء ) .
قد يتوهم واهم أن الله تعالى داخل السماء ، وأن السماء تحيط به ، كما لو قلنا : فلان في الحجرة ، فإن الحجرة تحيط به .
ومنشأ الوهم : ظنه أن ( في ) التي للظرفية تكون بمعنى واحد في جميع مواردها ، وهذا ظن فاسد ، فإن ( في ) يختلف معناها بحسب متعلقها .
فقوله ( أأمنتم من في السماء ) هذا عند أهل التفسير من أهل السنة على أحد وجهين :
الوجه الأول : أن تكون السماء بمعنى العلو ، فإن السماء يراد بها العلو ، كما في قوله تعالى ( وأنزل لكم من السماء ماء ) والمطر ينزل من السحاب المسخر بين السماء والأرض لا من السماء نفسها .
الوجه الثاني : أن تكون ( في ) بمعنى ( على ) ، كما جاءت بمعناها في مثل قوله تعالى ( فسيروا في الأرض ) أي على الأرض وقوله عن فرعون ( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) أي على جذوع النخل .

· فإن قيل ما الجواب عن قوله تعالى ( وهو في السماء إله وفي الأرض ) ؟
وكذلك قوله تعالى ( وهو الله في السموات وفي الأرض ) ؟
قال ابن تيمية : ليس معناهما أن الله في الأرض كما أنه في السماء ، ومن توهم هذا ، أو نقله عن أحد من السلف فهو مخطىء في وهمه ، وكاذب في نقله .
وإنما معنى الآية الأولى : أن الله مألوه في السماوات وفي الأرض ، كل من فيهما فإنه يتأله ويعبده .
وأما الآية الثانية فمعناها : أن الله إله في السماء ، وإله في الأرض ، فألوهيته ثابتة فيهما .
· الفرق بين علو الله وبين استوائه على العرش :
أولاً : أن العلو من صفات الذات ، فهو ملازم للرب لا يكون قط إلا عالياً ، والاستواء من صفات الأفعال ، وكان بعد خلق السموات والأرض كما أخبر الله بذلك ، فدل على أنه سبحانه تارة يكون مستوياً على العرش وتارة لم يكن مستوياً عليه .
ثانياً : أن العلو من الصفات المعلومة بالسمع والعقل، وأما الاستواء على العرش فهو من الصفات المعلومة بالسمع لا بالعقل، يعني أن صفة العلو ثابتة بالعقل والشرع ، كل الناس يثبتون ويدركون أن الله في العلو حتى البهائم ، وأما الاستواء على العرش ما عرف إلا عن طريق الشرع .
م / وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن استواء الله على عرشه ، فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ( العرق ) ثم قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعاً ، ثم أمر به أن يخرج .
سبق شرحه.



جزاكم الله خيرا
لاتنسوا الاختبار يوم الثلاثاء القادم ان شاء الله