الموضوع: نصيحة للشباب
عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 02-12-2009, 12:43 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

يدلُّك هذا في هذه المحن المتتاليات, ثمّ ما كان من محنة الرخاء المُطلق, والسُلطان الكامل, وتصريفِ الأمورِ بزمامِها قد أُلقِيَ بين يديه وحده, ثم يُلمُّ الشملُ بعد محنةٍ عنيفةٍ جداً تتصارعُ فيها النفسُ برغباتها بين الإقامة على دينِ ربِّها والتشفي وإنفاذِ الانتقامِ على من يستحقُّهُ وفيه, إذ جاء إخوتُهُ إليه, وصاروا في قبضتهِ وبين يديه، فأخذَ يُذهبهم ويُجيئهم, ويروحُ بهم ويغدو بهم, ويجعلهم بينه وبينَ أبيه غادينَ رائحين، والرجلُ الشيخُ النبي الكريمُ يعقوب صابرٌ محتسب قد ابيضت عيناه من الحزن؛ فهو كظيم, ثم يتأتى الفرجُ من اللهِ ربِّ العالمين عندما يذهبُ الإخوةُ بقميصِ يوسف, يذهبونَ به إليه, ويقولُ الشيخُ النبيُّ الكريم: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} [يوسف : 94], والفَنَدُ: هو الخَرَفُ من شيخوخةٍ أو من مرض, وهو لفظُ موحٍ بما كانَ يلقاهُ ممن هو حوله، إذ إنهم يجترئون على رميه بالفَنَدِ بالخَرَفِ من شيخوخة أو من مرض

اللهُ ربُّ العالمينَ يفعلُ ما يشاءُ ويحكمُ بما يريد، ما كانَ من يوسف بعد أن انتهى الأمرُ - واجتمع الشمل, وجاءت لمّة الأخوة وسجدوا له, ورفع أبويه على العرش, وتحققت الرؤيا - إلا أن يُلقيَ بزمامِ القلبِ بين يدي الرب {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف : 101], يتبدد كل شيء, ويذهب كل مُلك, ويبقي الأمر لله رب العالمين {تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ, هي ترنيمةُ العبدِ الصالحِ المُخبِتْ بين يدي سيِّدهِ ومولاه.
وتلمحُ في القصَّةِ طمأنينةَ القلبِ المؤمن, فلا تجدُ من يوسف عليه السلام انفعالاً, ولا تجدُ منه شهوةً في انتقام لمَّا جعل الله إخوته الذين كانوا سبب البلاء كلّه لم يجعل الله ربّ العالمين في قلبه شهوةً لانتقام, وإنّما هي الطمأنينة الراضية وهو في غيابة الجُبِّ, وهو في قيدِ الرِّق, وهو في ثورةِ غريزةِ المرأةِ تلاحقُهُ بالشهوةِ, وهو بعد ذلك في تلك المراودة من النسوة, ثم بعد ذلك في غيابة السجن, ثم وهو على دستِ الحُكمِ وفي سدة المُلك, في كُلِّ ذلك لا تجدُ منه إلا الطمأنينةَ - طمأنينة المؤمن الراضي بقضاءِ اللهِ ربِّ العالمين -.
هذه القِصَةُ كما ترى تدل المسلم في هذا الزمان وفي كُلِّ زَمان على أنّهُ يُمكِنُ أن يعيشَ عفيفاً في وسطَ لا عفةَِ فيه، ويمكنُ أن يحيا بفضلِ الله رب العالمين نظيفاً في وسطِ قد تجمعت الأوساخُ فيه, ولكن فليعلّق المرء قلبَهُ بالله ربِّ العالمين.
لا نجدُ عشيّةَ العام الدراسي الجديد إلا أن نُذَكِّر شبابَنا برجاءِ أمته فيه أن يكونوا مقبلين على تحصيلِ العلم تحصيلاً دائباً لا هوادةَ فيهِ ولا توان, وإنما بإقبالٍ واستفراغٍ للُجُهْدِ والطاقة؛ من أجلِ أن يرفع الله ربّ العالمين الأمّة رفعاً حسيّاً مادياً؛ إذ هي مرفوعةً دنيا وآخرة في ميزانِ اللهِ ربِّ العالمين.
فاللهمَّ يا ربّ العالمين ويا أكرمَ الأكرمين اهد الشباب الحائر المسكين، اللهم اهدِ الشبابَ الحائرَ المسكين، اللهم اهدِ الشبابَ الحائرَ المسكين، اللهم خذ بنواصيِهِم إلى صراطك المستقيم، اللهمّ خذ بنواصيهم إلى صراطك المستقيم، اللهم ثبّت أقدامنا, واهد قلوبنا, وبيض وجوهنا, وثَقِّل موازيننا, واشرح صدورنا, وأصلح بالنا, اللهم اسلُل سخيمةَ صدورنا, اللهم احرسنا من بينِ أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا, ونعوذ بعظمتك أن نُغتالَ من تحتنا، اللهم يا رب العالمين هيأ للأمّةِ أمرَ رُشْدٍ يُعَزُّ فيهِ أهل الطاعة ويُذلُّ فيه أهل المعصية ويُقضى فيه بكتابِكِ وسُنَّةِ نبيِّك صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، اللهم استر عورات المسلمين, وآمن روعات المسلمين, واحقن دماء المسلمين, اللهم سلِّم وطننا وجميعَ أوطان المسلمين ظاهراً وباطناً .. ظاهراً وباطناً .. ظاهراً وباطناً .. اللهم سلِّم وطننا وجميعَ أوطان المسلمين, واحرس أرضنا وجميع أرضِ المسلمين يا رب العالمين, ويا أكرم الأكرمين، اللهم احرس أرضنا وجميع أرضِ المسلمين من كل سوءٍ يا ربَّ العالمين, وطَهِّر هذه الأرضَ المُباركة يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين من كُلِّ غازٍ معتدٍ أثيِم يا ذا الجلالِ والإكرام يا عزيز يا عزيز يا عزيز، اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا.

التعديل الأخير تم بواسطة هجرة إلى الله السلفية ; 02-12-2009 الساعة 12:56 PM
رد مع اقتباس