عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 09-18-2011, 06:50 PM
أبو عبد الله محمد السيوطي أبو عبد الله محمد السيوطي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

يا أخي الفاضل .... هب أن المظاهرات وسيلة مباحة في الأصل ...... فاذا استخدمت في منابذة الحاكم كان لها نفس حكم المنابذة

و اقرأ الاّتي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و على اّله و صحبه أجمعين و بعد
يقول تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59) " النساء
و يقول سبحانه : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65) " النساء
و يقول جل شأنه : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا(36) " الأحزاب
فرسولنا صلى الله عليه و سلم لم يترك خيرا الا و أمرنا به و لم يترك شرا الا و حذرنا منه قال أبو ذر رضي الله عنه: «ما ترك النبي صلى الله عليه وسلّم طائراً يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً» رواه أحمد
و يقول تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شيء} (النحل 89) ، فما من شيء يحتاج الناس إليه في معادهم ومعاشهم إلا بينه الله تعالى في كتابه إما نصّاً أو إيماء وإما منطوقاً وإما مفهوماً.
و يقول تعالى : {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} (النساء 80) ، {وَمَآءَاتَكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر 7)
يقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله : " أيها الأخوة: إذا تقرر ذلك عندكم فهل النبي صلى الله عليه وسلّم توفي وقد بقي شيء من الدين المقرب إلى الله تعالى لم يبيّنه؟
أبداً فالنبي عليه الصلاة والسلام بين كل الدِّين إما بقوله، وإما بفعله، وإما بإقراره إما ابتداءاً أو جواباً عن سؤال، وأحياناً يبعث الله أعرابياً من أقصى البادية ليأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسأله عن شيء من أمور الدين لا يسأله عنه الصحابة الملازمون لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ولهذا كانوا يفرحون أن يأتي أعرابي يسأل النبي صلى الله عليه وسلّم عن بعض المسائل. ويدلك على أن النبي صلى الله عليه وسلّم ما ترك شيئاً مما يحتاجه الناس في عبادتهم ومعاملتهم وعيشهم إلا بينه يدلك على ذلك قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} (المائدة 3) ." اه
و قد ورد بسند حسن لغيره قوله صلى الله عليه و سلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به "
و ليس العكس بأن يكيف الانسان قول رسول الله صلى الله عليه و سلم طبقا لهواه ..... فتنبه
و من حسن الأدب مع كلام رسول الله ألا نخصص عمومه و لا نقيد مطلقه الا بدليل معتبر عن الله أو رسوله
و قد ظهر علينا أخيرا من يقيد و يخصص قول رسول الله صلى الله عليه و سلم محتجا بكلام فلان و فلان و نقل فلان اجماع الفقهاء على كذا و كذا .. و لم يكلفوا أنفسهم هل هذا اجماع معتبر أم مضطرب ....و هل يوافق النصوص أم يخالفها

فالأدلة الشرعية المعتبرة هي الكتاب و السنة و القياس و الاجماع ....... و لا ينتقل من الكتاب و السنة الى القياس و الاجماع الا اذا عدم النص الصريح في المسألة كما في حديث معاذ المشهور أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: " كَيْفَ تَقْضِي؟" قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللهِ. قَالَ: " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ". قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ" ( رواه الترمذي و أحمد و أبو داود و غيرهم و حسنه شيخ الاسلام و الحافظ بن كثير و رد ابن القيم على من ضعفه .. و حسنه الشوكاني و ابن باز رحم الله الجميع )

و معلوم أن الكتاب و السنة لا تتعارض نصوص بعضهما البعض لأنها صادرة عن شارع حكيم لا يتعارض قوله و يتضارب
يقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله : " ولا يمكن أن يصدر عن الصادق المصدوق قول يكذب له قولاً آخر، ولا يمكن أن يتناقض كلام رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبداً، ولا يمكن أن يرد على معنى واحد مع التناقض أبداً، ومن ظن أن كلام الله تعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلّم متناقض فليعد النظر، فإن هذا الظن صادر إما عن قصور منه، وإما عن تقصير. ولا يمكن أن يوجد في كلام الله تعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلّم تناقض أبداً. " اه
و لكن ماذا اذا تعارض اجماع "الفقهاء" – مثلا – مع نص من النصوص؟ هل نجعل الاجماع حاكما على النص فنقيد به المطلق و نخصص به العام؟
و هناك من يتعللون بقولهم ... نعم نحن نؤمن بهذا النص و لكنه لا ينطبق على الواقع قلت و هل هذه النصوص موجهة الى زمان دون زمان أو أشخاص دون أشخاص؟!!!
يقول حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَقَدْ خَطَبَنَا النَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ ذَكَرَهُ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ؛ إِنْ كُنْتُ لأَرَى الشَّيْءَ قَدْ نَسِيتُ فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ ( متفق عليه )
و هناك دليل خاص يبطل ما قاموا به في مسألة التكييف الفقهي للثورات .......... يقول صلى الله عليه و سلم : " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعهاثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذاشاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذاشاء الله أن يرفعها، ثم تكون """ملكا جبريا""" فتكون ما شاء الله أن تكون، ثميرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. ثم سكت ". رواه أحمد و الطيالسي و حسنه الألباني و شعيب الأرناؤوط

و هذا من أعلام نبوته صلى الله عليه و سلم ...... و هناك من حمل الحديث من العلماء المتقدمين على عمر بن عبد العزيز و هذا لا وجه له .... يقول الألباني رحمه الله : " ومن البعيد عندي حمل الحديث على عمر بن عبد العزيز، لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة ولم تكن بعد ملكين: ملك عاض وملك جبرية،والله أعلم."اه

فكيف -و هو صلى الله عليه و سلم الذي أخبرنا ذلك -..... لا ينبهنا أن الملك الجبري مستثنى من أحاديث النهي عن الخروج كما يزعم البعض بحجة أنه طالما لا بيعة اذن يجوز الخروج
و الملك الجبري ... يقول الملا القاري رحمه الله :(ثُمَّ تَكُونُ) أَيِ: الْحُكُومَةُ (مُلْكًا جَبْرِيَّةً) أَيْ: جَبْرُوتِيةٌ وَسُلْطَةٌ عَظَمُوتِيةٌ (فَيَكُونُ) أَيِ: الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ (" مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ تَعَالَى) أَيِ: الْجَبْرِيَّةَ، (" ثُمَّ تَكُونُ ") أَيْ: تَنْقَلِبُ وَتَصِيرُ (" خِلَافَةً ") وَفَى نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ، أَيْ: تَقَعُ وَتَحْدُثُ خِلَافَةٌ كَامِلَةٌ (" عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ") أَيْ: مِنْ كَمَالِ عَدَالَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا: زَمَنُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمَهْدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ. اه
و يقول الشيخ حسن أبو الأشبال : " (ثم يكون ملكاً جبرياً) وهو الذي تمر به الأمة اليوم، فالملك الجبري: أن يؤتي بهؤلاء السلاطين والحكام "بغير اختيار" من شعوبهم ولا اقتراع ولا انتخاب ولا رضا، وإنما جيء بهم فجثموا على صدور شعوبهم، وهم يعلمون أن الذي جاء بهم قادر على أن يذهب بهم مرة أخرى؛ ولذلك "يعقدون الولاء" لهم، فهم حكام في بلادهم لتنفيذ مصالح الغرب، وكنا من قبل نقول: لتنفيذ مصالح الغرب والشرق، وإن شاء الله غداً لا يكون هناك غرب بإذن الله تعالى، ولا يبقى إلا الإسلام عزيزاً منتصراً ما دام "الناس" ""يرجعون"" إلى دينهم، ويطيعون الله تعالى، ويطيعون النبي صلى الله عليه وسلم. " اه

و الأحاديث الناهية عن الخروج على الحكام لم تحدد هل المقصود هم حكام الخلافة فقط أم المقصود فترة الملك العاض فقط أم فترة الملك الجبري فقط ......... بل جاءت الألفاظ عامة و هو صلى الله عليه و سلم قد أوتي جوامع الكلم و لا يتكلم الا بوحي و لا ينطق عن الهوى ..... فكيف يكون صلى الله عليه و سلم عالم بهذه المراحل التي يمر بها الحكم و لا يخبرنا أن هذه النصوص لا تنطبق على الملك الجبري كما يزعمون ؟!!!
و ها هي النصوص :
1 – حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ جُنَادةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأُثْرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ" ( متفق عليه )
فهل في هذا الحديث دليل على أن فترة الملك الجبري مستثناة من هذا الحكم؟
هل في هذا الحديث ما يدل على أنه خاص بفترة الصحابة فقط؟
و هنا مسألة ....... من هم أهل الأمر المذكورين في قوله "وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ" ؟
قولان :
أحدهما ... أهل الأمر أي مستحقيه الذين يؤدونه على أكمل وجه كما يقال .. أنت أهل لهذه الوظيفة
و هذا باطل لأنه جاء في نفس الحديث : " وَأُثْرَةٍ عَلَيْنَا " و الأثرة هي استئثار أولياء الأمور بالأموال و أعراض الدنيا لهم و لذويهم و خاصتهم .... فكيف مع ذلك يكونون أهلا للأمر بمعنى مستحقينه؟!!!
الثاني ... أهل الأمر أي أصحاب الأمر الذين يتولونه
كما يقال .. أهل البيت أي أصحاب البيت ... و هذا هو الصحيح
و في هذا الحديث أسلوب قصر واضح بالنهي عن المنازعة ثم استثاء الكفر البواح الذي عندنا من الله فيه برهان .... و الاستثناء هو اخراج بعض أفراد العام ب" إِلاَّ "
فقوله " وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ " ... حكم عام
و قوله " إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ" ..... هذا مستثنى من الحكم العام


2-عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» ، قَالُوا: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ - و في لفظ : أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ - قَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» و في اللفظ الاّخر فَقَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» رواه مسلم و أحمد و الترمذي و ابن حبان و الطبراني
يقول الملا القاري : (قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ) أَيْ أَفَلَا "نَعْزِلُهُمْ" وَلَا نَطْرَحُ عَهْدَهُمْ وَلَا نُحَارِبُهُمْ (عِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ إِذَا حَصَلَ مَا ذُكِرَ (قَالَ: لَا) أَيْ لَا تُنَابِذُوهُمْ (مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ) أَيْ مُدَّةَ إِقَامَتِهِمُ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَكُمْ ; لِأَنَّهَا عَلَامَةُ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ فِي الْأُمَّةِ، قَالَ الطِّيبِيٌّ: فِيهِ إِشْعَارٌ بِتَعْظِيمِ أَمْرِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ تَرْكَهَا مُوجِبٌ لِنَزْعِ الْيَدِ عَنِ الطَّاعَةِ كَالْكُفْرِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا. الْحَدِيثَ وَلِذَلِكَ كَرَّرَهُ وَقَالَ: (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (مَنْ وُلِّيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّوْلِيَةِ بِمَعْنَى التَّأْمِيرِ أَيْ أُمِّرَ (عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ) أَيِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الْوَالِيَ (يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [الشعراء: 216] وَالْمَعْنَى فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ (وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ) أَيْ بِالْخَلْعِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِ. اه
فهل يقول عاقل أن المقصود بالحديث هم الصحابة فقط؟!!! أو أن الحديث لا ينطبق على فترة الملك الجبري التي أخبرنا بها صلى الله عليه و سلم؟!!! ....... كيف و هو صلى الله عليه و سلم قد أوتي الحكمة و جوامع الكلم
و قد زعم البعض أن الحديث يدل على أن المنابذة لا تكون الا بالسيف ....... مستدلين بسؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه و سلم في أحد ألفاظ الحديث " أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ " .... و هذا استدلال بين الضعف لكل ذي عقل مفكر ... و لكن لنناقش المسألة من الناحية الأصولية .....
معلوم أنه من تمام البلاغة و الفصاحة و المنطق أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة و هذا مجمع عليه بين الأصوليين بل كل ذي عقل ...... أي لا يجوز – مثلا – أن اّمر كافرا بالصلاة الاّن ثم أوضح له كيفيتها لاحقا ... هذا لا يقبله العقل
فحينما سأل الصحابة رضوان الله عليهم الرسول صلى الله عليه و سلم " أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ " قال لهم " لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، " اذا سكت صلى الله عليه و سلم هنا لكنا الأمر مبهم .. هل النهي عن المنابذة ذاتها أم عن وسيلة المنابذة (السيف) .......... و لما كان صلى الله عليه و سلم قد أوتي الحكمة و فصل الخطاب لم يؤخر البيان عن وقت الحاجة فقال " وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ " .... فبين لهم صلى الله عليه و سلم أن النهي انما كان عن أصل المنابذة و ليس وسيلتها ( السيف )
و يشهد لهذا الوجه اللفظ الاّخر الذي قال فيه الصحابة رضي الله عنهم " أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ " فهنا لم يذكر السيف و هذا دليل على أن المقصود هو النهي عن أصل المنابذة .... و بالتالي لو استخدمت وسيلة مباحة لمنابذة الحكام لكان ذلك محرما ..... فتأمل

و يقوي مسألة أن الأحاديث تنال عموم ولاة الأمور و ليس أشخاصا دون أشخاص قوله صلى الله عليه و سلم " أَلَا "مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ"، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ " ....... فها هنا العموم واضح .. " من ولي عليه وال " – نكرة بصيغة المجهول و هذا يدل على العموم - و لم يذكر له الشروط العديدة التي وضعتموها لولي الأمر لكي تطبقون عليه النصوص ... و هذا ما زينتموه باسم " تحرير محل النزاع "

و الأحاديث الناهية عن الخروج على الحاكم و الاّمرة بالصبر كثيرة جدا في الصحيحين و غيرهما



وأما الاستدلال بحديث «يَقُودُكُم بِكِتَابِ اللَّهِ» أو «مَا قَادَكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ» و قولكم أن الإمام إذا لم يكن يقودنا بكتاب الله فلا ولاية له فهذا منقوض لعدة أسباب منها أن الأخذ بمفهوم المخالفة من النصوص الشرعية ليس على إطلاقه؛
و لو افترضنا الأخذ بمفهوم المخالفة لكان تقدير الكلام : «لَوْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ لاَ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فلا َتَسْمَعُوا لَهُ وَلاَ تُطِيعُوا». فهل يفهم من ذلك سقوط الطاعة مطلقا فضلا عن سقوط الولاية؟!!! أم أن السمع و الطاعة تكون في ما ليس بمعصية و اذا أمر بغير كتاب الله لا تجب طاعته في ذلك
فان فهم منه لا سمع و لا طاعة مطلقا و أن ولايته تسقط لزم من ذلك أن يستدل بقوله: "فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ" على سقوط الولاية والطاعة مطلقًا لأي حاكم لمجرد أنه أمر بالمعصية

قال ابن بطال في "شرحه للبخاري" (5/ 126): «قال الرسول: { .. فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ} احتج بهذا الحديث الخوارج ورأوا الخروج على أئمة الجور والقيام عليهم عند ظهور جورهم» اهـ.

و يعضد هذا ما روي في الصحيحين : حديث حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ
قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بَغَيْرِ هَدْيي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي، إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذلِكَ

يقول الألباني في الصحيحة:"وفي طريق أخرى: يكون بعدي ""أئمة"" [يستنون بغير سنتي و] ، يهدون بغير هديي،
تعرف منهم وتنكر" اه ...

و قد سماهم صلى الله عليه و سلم "أئمة" و هم لا يهدون بهدي محمد و لا يستنون بسنته مع أن أول مقتضيات القيادة بكتاب الله هي الاستنان بسنة محمد و اتباع هديه صلى الله عليه و سلم ......... و سمى من في نصوص تحريم الخروج "أئمة" و " أولي الأمر- و معناها من ولي الأمر- " و "أهل الأمر" و "الأمير" و " السلطان- وهو من له سلطة-" فتأمل!!!!!

و قد بينت من قبل أنه لا تعارض بين أحاديث الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بين أحاديث النهي عن الخروج فمقتضى انكار المنكر هو ازالة ما فعله الأمراء من المنكرات باليد أو اللسان أو الانكار بالقلب حسب الاستطاعة و المصالح و المفاسد ...... و ان ظن أحدكم أن مقتضاهما متعارض قلت له اذن فأحاديث النهي عن الخروج أخص مطلقا من أحاديث الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كما قال ذلك الشوكاني رحمه الله




و نسأل الله تعالى أن يوفقنا الى ما يحب و يرضى و يهدنا الى صراطه المستقيم
التوقيع

روى الامام مسلم و غيره عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ، بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ، سَدَادَ السَّهْمِ»

و في رواية : قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ» ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهِ

رد مع اقتباس