عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-29-2010, 07:14 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




3agek13 أَهَميةُ العِلْمِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلقد استأذنتُ من شيخنا أبي عبد الله أحمد بن أبي العينين- حفظه الله، وبارك الله في علمه، وعُمُرِه – أن يضعَ منهاجًا لطالب العلم يسير عليه في زمنٍ كَثُر فيه الخلاف، والاختلاف فلبَّي طلبي؛ فجزاه الله خيرًا.
وقال- حفظه الله- :
أَهَميةُ العِلْمِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فقد قال الله عز وجل:
((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ))،
وهذا استفهامٌ المراد منه الإنكار على مَن يظنُ التسويةً بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فقد ظهر أثرُ العلمِ على أهله، بتمييز
الله لهم على من سواهم، بل قد ميز الله بالعلم الكلاب المعلّمة على غيرها، فقال سبحانه وتعالى:
((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ الله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ الله عَلَيْهِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله سَرِيعُ الْحِسَابِ)).

قال القرطبي- رحمه الله - في تفسيره:
«وفي هذه الآية دليل على أن العالم له من الفضيلة ما ليس للجاهل؛ لأن الكلب إذا عُلِّم يكون له فضيلةً على سائرِ الكلابِ فالإنسانُ إذا كان له علمٌ أولى أن يكون له فضل على سائر الناس، لاسيما إذا عَمِل بما علم، كما رُوي عن على بن أبي طالب -رضي الله عنه - أنه قال:
«لكل شيء قيمة، وقيمة المرء ما يحسنه».

وروى مسلمٌ في صحيحه (817)، عن عامر بن وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ:
مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟
فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى؟
قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا،
قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟
قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ،
قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ:
«إِنَّ الله يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».

وهذا تصديقٌ لقوله عز وجل:
(( يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ))،
وروى البخاري (71)، ومسلم (1037) عن مُعَاوِيَةَ- رضي الله عنه- قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
«مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ».

وروى البخاري (73)، ومسلم (816) عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ- رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :
«لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ الله مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْـحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ الله الْحِكْمَةَ فَهْوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا».

وفيهما نحوُهُ من حديث عبدِ الله بنِ عمرَ- رضي الله عنهما-.
وقال الله عزوجل لنبيّه- صلى الله عليه وسلم-
((و قل رب زدني علمًا))،
قال الحافظ ابنُ حجر في

فتح الباري (1/141):
« هذا واضح الدلالة في فضل العلم؛ لأن الله تعالى لم يأمر نبيَّه- صلى الله عليه
وسلم- بطلب الازدياد من شيء؛ إلا من العلم.

والمراد بالعلم: العلم الشرعى الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته والعلم بالله وصفاته وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص، ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه».اهـ
وروى مسلم في صحيحه (2699) عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
« مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الله فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ الله لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْـجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتْلُونَ كِتَابَ الله وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْـمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ».

والعلم سبب لعصمة المسلم من الزلل، فقد روى البخاري في صحيحه (4425)،
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ:
لَقَدْ نَفَعَنِي الله بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ:
« لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً».

فهذا حديث واحد حفظه أبو بكرة - رضي الله عنه- من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سببًا في عصمته من الخطأ، فكلُّ دعوةٍ تقوم على غير علم فمآلها إلى الفشل، وهي على غير هدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ودعوته، وإن اجتهد أهلها، وبذلوا فيها الجهد والمال، فقد قال عز وجل لنبيه- صلى الله عليه وسلم- :
((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَا مِنَ
الـْمــُشْرِكِين)).

ومن ترأس على المسلمين، وهو جاهل بشرع الله عزوجل فهو يضر نفسَّه وغيرَه، فقد روى البخاري في صحيحه (100)، ومسلم (2673) من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
«إِنَّ الله لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».

فإذا كان الضلال للتابع والمتبوع نصيب من لم يرجع إلى العلماء ويقدمهم، ويستفيد من علمهم، ويجتهد في صرف الناس
إليهم للاستفادة من علمهم، فما يتوقع أن يكون جزاءُ من يحذر المسلمين من العلم والعلماء، بزعم أن الإقبال على العلم مما يصرف الناس على الاجتهاد في دعوة الناس، وهذا تناقض عجيب!

فأيُّ دعوةٍ هذه التي تقوم على تحذير الناس من العلم والعلماء؟!
لقد روى البخاري في صحيحه(66)، ومسلم (2176)، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-
بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْـمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا ، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
«أَلاَ أُخْبِرُكُمْ ، عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَآوَى إِلَى اللهِ فَآوَاهُ الله، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا الله مِنْهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ الله عَنْهُ».

فمن الذي يريد أن يجتهد في دعوة الناس، ثم تكون حصيلته إعراض الله عنه؟!
وقد علم سلفنا الصالح قيمة العلم فاجتهدوا في تحصيله، ولم يتكبروا على السؤال عنه حتى عند من هو دونهم، فهذا نبي الله موسى- عليه السلام-ـ، قد ارتحل إلى الخضر ليتعلمَ منه ما ليس عنده من العلم، مع أنه أفضل منه بالاتفاق، وقال له:
((هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ))،
وتحملوا المشاق في سبيله، ففي الصحيحين أن عبد الله بن مسعود قال:
«ما أنزلت آية إلا وأنا أعلم فيما أنزلت، ولو أني أعلم أن أحدًا بكتاب الله مني تبلغه الإبل والمطايا لأتيته»،
ورحل جابر بن عبد الله إلى الشام إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد، وقال يزيد بن هارون لحماد بن زيد:
«يا أبا إسماعيل، هل ذكر اللـه تعالى ـ أصحاب الحديث في القرآن؟ فقال: نعم، ألم تسمع إلى قوله عز وجل:
((فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ))
فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه، ورجع به إلى من وراءه، فعلمه إياه.

وقال عكرمة في قوله تعالى: ((السَّائِحُونَ ))
قال: «هم طلبة الحديث».

وقال إبراهيم بن أدهم:
«إن الله تعالى ـ يرفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث»،

ورُؤي عبد الله بن المبارك في النوم،
فقيل له: ما فعل الله بك؟

قال: «غفر لي برحلتي في الحديث».
وعن أبي العالية قال:
«كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه، فأول ما أتفقد منه صلاته فإن أجده يقيمها أقمت وسمعت منه وإن أجده يضيعها رجعت ولم أسمع منه وقلت هو لغير الصلاة أضيع».

وعن بسر بن عبيد الله الحضرمي قال:
«إن كنت لأركب إلى المصر من الأمصار في الحديث الواحد لأسمعه».

فلابد لتحصيل العلم من جدٍ واجتهادٍ وصبرٍ ومصابرةٍ، وقد قال بعضهم:

أخي لن تنال العلم إلا بستة ** سأنبيك عن تفصيلها ببيانِ
ذكاءٍ وحرصٍ واجتهادٍ وبُـلغـةٍ ** وصحبةِ أستاذٍ وطولِ زمانِ

بقي أمرٌ أُحبُّ أن أنبه عليه، وهو أن كثيرًا من الناس قد يرون بعضَ الدعاة ممن أُوتيَ فصاحة وحسن إلقاء يأخذون بألباب كثيرٍ من الناس، فيظنونهم أعلى قدرًا وأرفع منزلةً من كبار العلماء، وقد يتجرأُ بعضُهم فيقول:
إن هذا العالم الكبير علمه مخزون، ولا ينتفع الناس منه، وقد تجرأ بعضهم، فقال عن واحد من أئمة هذا العصر: إنه مكتبة مستقلة، ولم نستفد منه سوى أن زدنا نسخًا من النسخ القديمة لمكتبة المكتبات أو نحو هذا الكلام، وهذا جهل فاضح، فإن العالم الكبير إذا تكلم تكلم بعلم، وكلامُه يظل الناس في حاجته،
وهو مرجعٌ للناسِ في أمورِهم وفي كلّ شؤونهم، وفي نوازلهم، وفتوى واحدة للعالم الكبير في النوازل تزيد عن عملٍ كثيرٍ ممن يتكلمون بغير رسوخ في العلم، وحين يكتب العالم في مسألة فإن كتابه يضاف إلى التراث الإسلامي، وأما الداعية فإن أكثرَ أثره يزول بموته كما هو معلوم، فأين الثرى من الثريا؟
وأنا لا أنتقص من قدر الداعية إلى الله على منهج السلف الصالح، ولكن يجب عليه أن يسترشدَ في أموره بالعلماء الكبار،
وأن يستغلَ مكانته في قلوب العامة في حملهم على تقدير كبار العلماء والرجوع إليهم في كل أمورهم.

أسأل الله عز وجل أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يحسن خاتمتنا، والحمد لله رب العالمين.

وكتب
أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين
3 من جمادى الآخرة عام 1431هـ.
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس