عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 06-03-2013, 06:22 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

ولا تنس أن الله هو الموفق لذلك، لذلك ستأتينا عبادة منفصلة نناقشها إن شاء الله وهي عبادة الاستعانة، وهو معنى قولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم، وماذا تعتقد فيهم، وكيف يؤثران عليك؟

وقال الحسن البصري رحمه الله -مبيناً معنى تدبّر القرآن-: (أَمَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِحِفْظِ حُرُوفِهِ وَإِضَاعَةِ حُدُودِهِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَقُولُ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فَمَا أُسْقِطَ مِنْهُ حَرْفًا، وَقَدْ وَاللَّهِ أَسْقَطَهُ كُلَّهُ!مَا تَرَى الْقُرْآنَ لَهُ مِنْ خُلُقٍ وَلا عَمَلٍ!) شخص يقرأ القرآن كله وحفظه بحروفه، فيقول له الحسن البصري: وقد والله أسقطه كله، فيظن الإنسان نفسه وهو حافظ أنه أتى بالقرآن كله، وهو قد أسقطه كله، لأنه لا أثر للقرآن على عمله و لا على خُلقه.حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَقُولُ:( إِنِّي لأَقْرَأُ السُّورَةَ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ!) هذا تمدح الآن لقوة القراءة! وَاللَّهِ مَا هَؤُلاءِ بِالْقُرَّاءِ وَلا الْحُكَمَاءِ وَلا الْوَرَعَةِ، مَتَى كَانَتِ الْقُرَّاءُ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا؟! لا أَكْثَرَ اللَّهُ فِي النَّاسِ مِنْ هَؤُلاءِ!) ليسوا القوم الذين حقًا وقع منهم الورع.

ويدعو أن الله ـ عز وجل ـ لا يكثرهم لأنهم ضلوا وأضلوا ، وهذه المشكلة أنهم جمعوا علينا بمصيبتين، هم بنفسهم ضلوا وأصبح الناس ينافسونهم، فأصبح هناك من يدرب نفسه على أن يأتي بالسورة من أولها إلى آخرها بنفسه واحد، وهذا من مهارات القراءة العناية بالحروف و النفس و المخارج ، إلى آخره، فهؤلاء الآن دخلوا على القرآن لكن من جهة أفسدوا بها القرآن على أنفسهم وعلى الخلق.

قال قتادة رحمه الله: (ما جالس أحد كتاب الله إلا قام عنه إما بزيادة أو نقصان). لا يوجد حل ثالث، إما بزيادة أو نقصان، فأنت الآن تجلس مع القرآن، فإما تغلق المصحف وقد زدت، أو نقصت، زدت واضح أن تفهم آيات يزيد إيمانك يزيد فهمك عن الله يزيد معرفتك بأسمائه وصفاته، نقصتِ كيف نقصتِ ؟

تمري على الآيات يلعن الله الفاسقين يلعن الله فيها المنافقين الكاذبين تقرأيها وكأن لا أحد يخاطبك، كأن الكلام ليس لك، كأنك ما عرفتِ أن الذي فيه هذه الصفة يصبح منافق، أو ما عرفتِ أن هذا باب من أبواب الخير قريب منك، فتقومي عن القرآن وقد وجه لك الخطاب وأهملتيه فيكون الناتج نقص الإيمان، نتيجة أن الرحمن يتكلم بهذا الكلام ويخاطبك به وأنت يكون علاقتك به الإغفال، وهذا كثير، لدرجة أن الآن نحن نقرأ آيات ونفهمها نقول سبحان الله! أين سنين كانت هذه الآيات تتلى علينا وتقرأ ولم يكن حتى سؤال استفهام يثار في عقولنا. وفهمنا أن مثل هذه الآيات نحن أهلها وفي مواقف كثيرة ممكن نقوم بها وما نشعر،كم تثبطنا عن عمل صالح كم مرة تكاسلنا عن العمل الصالح وما خفنا، فلم تقرئين في التوبة وتقرأ أن من العقوبات أن الله عز وجل يثبطهم ،{كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}[1] معنى ذلك كل مرة اتثبط عن عمل صالح علامة استفهام هل أنا ممن كره الله انبعاثهم أو اختبار لي وابتلاء أو هذا معناه أنه يجب أن أجاهد؟المعنى أن الإنسان يجلس مع كتاب الله فينتفع بالخطاب ويستجيب له ويفهمه أو يهمله، والإهمال يقيمك عن القرآن وأنت ناقص في إيمانك ناقص تعظيمك لله ناقص في انتفاعك، فلا تظني أن هذا الإهمال الحاصل أمر لا بأس به الإهمال الحاصل لابد أن أثره على المدى الطويل يجعل الآيات ترد وتعاد علينا والقلوب قد انقطعت عن التأمل والتفكر.

ولهذا انظر لما يدخل واحد في الإسلام جديد وتوصفي الله ـ عز وجل ـ ببعض الصفات أو تقرئي له آية الكرسي وهو يفهم ما تقولين، كيف تنزل على قلبه وتنير له الحياة؟! كانت تقول لي أخت في دعوة الجاليات في خارج المملكة تقسم أنها ما شرحت لأحد سورة الإخلاص إلا أسلم! كم مرة نقرأ سورة الإخلاص كم مرة نرددها؟ ولا زلنا في يأس وخوف وقلق مع أني أعيد على نفسي اطمئني يا نفسي ترى أنت لك واحد سيّد قد كمُل في سُؤدده له كمال الصفات جوده واسع كرمه واسع ملكه واسع قربه عظيم بيده كل شيء هذا الواحد تفزع إليه الخلائق ولا يردهم ، صمد ركن شديد، فما بالك تبات خائفًا أليس لك ركن شديد؟ هذه السورة التي نرددها بعد الصلوات في أذكار الصباح والمساء قبل أن ننام أين هي في الطمأنينة النفسية؟
أين هي في انشراح الصدر؟
أين هي في الثقة؟
أين هي في عبادة التوكل؟
أين هي في إرشاد بعضنا لبعض نترك لا واسطة لا تتكلم لا تتذلل للخلق؟

أنت عندك واحد في الثلث الأخير يناديك، يقول لك: هل لك حاجة؟ فكيف تترك بابه؟ كيف تترك أن تتعلق بالركن الشديد؟ كيف تخاف؟ هذه سورة الإخلاص منهج للتربية كل واحد يربي أولاده المفروض سورة الإخلاص من سن ثلاث سنوات إلى سن تسعة سنوات وهي المادة الأساسية في الغرس، طيلة الوقت أقول له: ترى أنت واحد فقط لواحد، والواحد الذي أنت له واحد كامل الصفات، كل شيء عنده الملك كله ملكه، الأمر كله أمره، لا يمكن تلجأ إليه ويخذلك، لكنه حكيم يعطيك هو في الوقت المناسب، وهكذا هذا كله دائر في سورة واحدة، حُق لها أن تكون ثلث القرآن، لكن كلنا نعرف أن سورة الإخلاص ثلث القرآن، أين الجهد في استخراج كنوزها؟

ولهذا تصور هذه السورة العظيمة التي تردد وهي لها هذا الفضل العظيم كم قارئ لها يقرؤها وهو لا يجد في نفسه ولا شعرة من مفهومها؟ يقرأها وهو خائف لا زال غير مطمئن لفعل الله عز وجل! لا زال يشعر أن شكواه لله لا تكفيه. لا زال يشعر أنه لازم يفتش له عن واسطة كبيرة ليخرج من المشكلة. والنبي ـ عليه السلام ـ يقول: (حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله مرمى ) من هذا الذي ستكلمه من وراء الله تعالى من هذا الذي سيأتيك بمرادك من وراء الله؟ هو الصمد وحده لا شريك له.

فالمقصد أن هذا القرآن إما تقرؤه فيزيدك، وإما تقرؤه فتهمله، ولا يكون عندك أي نوع من الإثارات والاستفهامات، فماذا يحصل؟ تقوم عنه وقد نقص فيك الإيمان وقد نقص فيك التعظيم لله، كان المرغوب منك أن تفتح كتاب الله فيزيد إيمانك، ليس المرغوب منك أن تفتح كتاب الله فتقول:
ماذا أراد الله بهذا مثلاً؟
لماذا ضرب الله هذا المثل؟
لماذا قصّ علينا هذه القصة؟
هذا الكلام الشيطان يتركه في عقلك وأنت تترك الشيطان يقول هذا الكلام في عقلك، وبعد ذلك تهمله تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانتهينا، لا المسألة تحتاج إلى خطة عملية في كشف مثل هذا.

سأقول كلامًا عامًا الآن وأنت تقرأ القرآن بماذا تعتني؟ ما هي المباحث الأولية في قراءتنا للقرآن؟ نتكلم عن الخطة العملية، القرآن الآن مباحث وأنا أقرأ على ماذا أركز؟ المفروض على القرآن من أوله لأخره، لكن الآن نحن بهدوء بعد هذه السنين كلها نريد أن نعيد ونبني علاقتنا مع القرآن، نبدأ بالترتيب نتكلم عن أمور نهتم بها، هذه الأمور نرصها كلها مرة واحدة ثم نختار منها أمرين وهي التي ننفذها ـ إن شاء الله ـ


[1] سورة التوبة:46.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس