عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 06-03-2013, 06:16 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

اعتقدنا أن القرآن يهدي للتي هي أقوم واعتقدنا أنه (شفاء لما في الصدور) وهذه مهمة فالقلب مليء الأمراض وشعورك بأنك مريض يجعلك تتمسك بالقرآن لأنه شفاء.

نعتقد أن الإنسان في ظلمة والقرآن يخرجه من الظلمة إلى النور، يعني كل شيء ستتعلمه سينير لك، لكن هذه المشاعر لا تشعر به إلا إذا شعرت أنك حقًا في ظلمة، وكل مرة تجد نفسك في مكان واسع ومظلم، مثلاً أريد أن تتصوري هذه القاعة لو أنت موجودة في مكانك وهي مظلمة تامة الظلام أي مشاعر خوف ستكون موجودة في القلب؟ خصوصًا أن هذا ليس بيتي ولا أعرف ملامحه من أجل أن أتمسك فأخرج مكان جديد لا أعرفه وتصوري نفسك أنه ظلام وأنت ما تعرفه وداخل عليه ماذا سيكون؟ أكيد أنك لا تستطيع أن تسير لا تعرف هذا الذي تحت يدك ما هو ماذا يكون، كل شيء لين يخوفك ممكن يكون حشرة أو حيوان شيء مخيف، ممكن يكون بالعكس، فالنتيجة لو شعرت تجاه الحياة بهذه المشاعر لابد أنك ستتمسكي بما يقال لك أنه نور لكننا مكتفين بالنور المادي وصرنا ننظر إلى الحياة على أنها منيرة لا نعرف أن القلوب واقعة في وحشة وظلمة، لأنها لا تعرف ماذا يريد الله؟

فإن الظلمة أن تعيش كثير من زوايا حياتك ولم تسأل نفسك هل هذا الذي أفعله يحبه الله يرضاه الله أم لا؟ كثير من زوايا الحياة لا أعرف أُفسر ما الذي يجب أن أكون فيه ما هو الحال الذي يرضي الله ـ عز وجل ـ هنا أنا ماذا يرضي الله ـ عز وجل ـ ؟ هذه كلها تعتبر نقاط ظلمة في حياة العبد.

نأتي إلى النقطة الرابعة: لابد أن تعتقد أن القرآن روح للقلوب، كما أن هناك روح في البدن هناك روح في القلب الدليل واضح في سورة الشورى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا}[1] بكلمة مختصرة يعني ماذا أعتقد في القرآن؟ ماذا يعني أنه روح؟ أنك ميت بدونه لازم تفهم هكذا، لأن الحياة الحقيقية هي حياة القلب بدون القرآن أنت ميت، وهذه المشاعر القلبية الدقيقة هي التي تنقصنا فلما أقيس حياتي أقول ما ينقصني أكل وأشرب وأنام وعايش حياة طيبة، وهذا كله والإنسان بعيد عن القرآن، متى يشعر بنقصه؟ لما يذوق القرآن ويشعر بأنه يُحي القلب ثم يحُرم منه، يفهم أنه حقًا انقطعت حياته، لكن أنت لابد أن تتيقني كما أخبرـ سبحانه وتعالى ـ أن القرآن روحٌ للقلب بدونه القلوب ميتة، مهما تفلسف من يكلمك فلسفة طويلة عريضة وشرّق وغرّب كلامه وبفلسفة ترى ما دام هو لا يعرف القرآن إذًا هذا واحد قلبه ميّت، لأن الله أخبر عن الوحي عن القرآن بأنه روح. وليس هذا الموطن الوحيد الذي في الشورى الإخبار بأنه روح كُرّر الخبر عن القرآن بأنه روح، فمن ليس له علاقة بالقرآن كما ينبغي فليس له روح في قلبه.

واعلم أن الله ـ عز وجل ـ لما جعل في البدن صورة من دفق الدم من القلب وجعل في البدن صورة الروح جعل بمثيلها في القلب، يعني جعل للقلب مادة يعيش بها وهي العلم، وجعل للقلب روح يتمتع بها الإنسان وهي القرآن، وهذا كله من عظيم تقريب الأمر لنا يعني ترى واحداً قلبه لا ينبض فترى أنه ساكن لا قيمة له، هذا بالضبط مثل واحد لا يدخل إلى قلبه العلم لأن العلم حياة القلب.
مثله واحد هامد لا روح فيه هل ينفع؟ لا ينفع، كذلك واحد موجود في الحياة يأكل ويشرب لكن ليس له علاقة بالقرآن إذاً لا روح فيه، يعني تصوّر أن واحد لا يوجد في جوفه شيء من القرآن إذًا يمشي على قدميه صحيح يأكل ويشرب في نظر الناس أن له روح، لكن حقيقته أن لا روح له، لذلك شُبهّ الذي ما في جوفه قرآن بالبيت الخرب صحيح صورة بيت لكن في الحقيقة شيء مهجور لا قيمة ولا نفع له. أيضاً لابد أن نعتقد أن الكتاب الذي أحيا الله به قلوباً كانت ميتة وجعلها به في مصاف المؤمنين الصادقين.

سنأتي إلى مرحلة أعلى من المرحلة التي مضت: القرآن فيه روح وفيه حياة هذه الحياة كلما زادت علاقتك بالقرآن زادت روحك كلما زدت نشاطاً وقرباً من الله كلما اقتربت من وصف المؤمنين الصادقين. على قدر ما معك من القرآن ـ ولا نقصد بذلك الحفظ ـ بقدر ما نقصد الفهم العميق بقدر ما يزيد فيك الإيمان وبقدر ما تكتسب نوراً وبقدر ما تكون فيك الروح قوية، يعني روح شاب تتمتع بالحيوية أكثر من روح طفل، الذي عنده من القرآن الشيء القليل فيه روح لكن ليس مثل روح من عنده أكثر من القرآن. يعني قوتك وصبرك وانتفاعك بمواقف الحياة وتأملك في أفعال الله كله يعتمد على قوة ما معك من القرآن، ثم انظر كم تهنا ونحن نتعامل مع الناس كم تهنا ولست أعلم هل ردة فعلي صحيحة أو غير صحيحة؟



انظر للقران أولاً اتفقنا {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ }[1] ثم أن القرآن ليس حياة لك فقط، فجمع في الآية الأمرين، يكون لك حياة وفي نفس الوقت نتيجة وجود القرآن سيكون معك نور، ماذا تفعل بهذا النور؟ تمشي به في الناس، دائماً نحتار ما هي ردة الفعل الصائبة؟ كيف أتعامل مع الخلق؟ كلما زاد عندك القرآن
كلما وُفقت لتصرف سوي، صار معك كأنه نور تسير في الطريق، وعلى ذلك الناس كلهم في ظلمة ومن معه القرآن في نور يمشي ومعه القرآن الذي هو بمثابة النور الذي يسير فيه.
على كل حال، نريد أن نصل إلى برنامج نتفق عليه ونصل منه إلى أول خطوة في عملية التدبر قبل أن أناقش هذه المسألة لنرى ماذا كان يرى الأسلاف، أي سلف الأمة، ماذا كانوا يرون القرآن؟

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (إن مَن كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبّرونها بالليل وينفذونها بالنهار). إذاً أنت المخاطب بذلك تقرأ في الليل وتفهم وفي النهار تنفعل بالآية التي فهمتها. وكان يعتب على من جعل همّه مجرّد القراءة! وإن كان القارئ يُؤجر بمجرد قراءته، لكن الذي لا شك فيه أن القراءة النافعة للقلب المؤثرة في زيادة الإيمان هي القراءة المتدبّرة النافعة لخاشعة هي التي تؤثر في القلب وتكون روحًا ونورًا كل هذا أتى في القراءة النافعة. ولهذا يقول الحسن رحمه الله:(يا ابن آدم: كيف يرقّ قلبك وإنما همّك في آخر سورتك؟!)أي: أفتح المصحف وأبدأ السورة وأعدّ كل قليل كم بقي لي من الصفحات، إذا كان هذا هو الهم، إذًا لن يرق القلب بالقرآن.

وهذا أحد الممنوعات المهمة التي لابد أن نمتنع عنها من أجل أن ننتفع بالقرآن هي همومنا ونحن نقرأ القرآن، احذر أن يكون همك آخر السورة ، وهذا موجود خصوصًا لما نسارع في الختمة يكون عقلنا في آخر السورة. قال الآجري رحمه الله: (ومن تدبر كلامه عرف الرب عز وجل، وعرف عظيم سلطانه وقدرته، وعرف عظيم تفضله على المؤمنين، وعرف ما عليه من فرض عبادته، فألزم نفسه الواجب، فحذر مما حذّره مولاه الكريم، فرغب فيما رغّبه، ومن كانت هذه صفته عند تلاوته للقرآن وعند استماعه من غيره كان القرآن له شفاءً فاستغنى بلا مال، وعزّ بلا عشيرة، وأنس مما يستوحش منه غيره،وكان همّه عند التلاوة للسورة إذا افتتحها متى أتّعظُ بما أتلو؟! ولم يكن مراده متى أختم السورة؟! وإنما مراده متى أعقل عن الله الخطاب؟! متى أزدجر؟! متى أعتبر؟! لأن تلاوة القرآن عبادة، لا تكون بغفلة، ولاتنسى ان الله هو الموفق لذلك) أي متى أفهم عن الله ماذا يريد مني؟ متى أعتبر؟






[1] سورة الشورى:52.

سورة الأنعام:122.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس