عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 12-04-2010, 04:33 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي


الدرس السادس عشر

م/ ( قال ابن مسـعود : من أراد ينظر إلى وصية محمد e التي عليها خاتمه ، فليقرأ قوله تعالى : ﴿ قل تعالـوا أتلو ما حـرم ربكم عليكم ألا تشـركوا به شيئاً ... إلى قوله : وأن هذا صـراطي مستقيماً ﴾ . رواه الترمذي وحسنه
ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ
ابن مسـعود هو : عبـد الله بن مسعود بن غافل صحابي جليل من السابقين الأولين ، ومن أهل بدر ، وأحد ، والخندق ، وبيعة الرضوان ، وهو من كبار الصحابة ، مات سنة ( 32 ﻫ ) .
# معنى هـذا الأمر : من أراد أن ينظر إلى الوصية التي كأنها كتبت وختم عليها ، فلم تُغيَّر ولم تُبدَّل فليقرأ قوله تعالى : ﴿ قل تعالوا ... ﴾ إلى آخر الآيات .
شبهها بالكتاب الذي كتب ثم ختم ، فلم يزاد فيه ولم ينقص ، فإن النبي e لم يوصي إلا بكتاب الله سبحانه وتعالى ، كما قال u فيما رواه مسلم : ( وإني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله ) .
فابن مسعود يرى أن هذه الآيات قد شملت الدين كله ، فكأنها الوصية التي ختم عليها النبي e وأبقاها لأمته .
وكأن سبب هذا القول من ابن مسعود ـ والله أعلم ـ هو ما رواه البخاري عن ابن عباس t قال : ( لما اشتد بالنبي e وجعه ، قال : " ائتوني بكتـاب أكتب لكم كتاباً لا تختلفوا بعده " ، قال عمر : إن النبي e غلبه الوجع ، وعنـدنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : " قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع ، فخرج ابن عباس وهو يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول e وكتابه ) . البخاري (114) ، ومسلم (1637)

م/ ( وعن معاذ بن جبل t قال : كنت رديف رسول الله e ، فقال لي : " يا معاذ ! أتدري ما حق الله على العباد ؟ وما حق العباد على الله ؟ " قلت الله ورسـوله أعلم ، قال : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً " ، قلت : يا رسول الله ، أفلا أبشر الناس ؟ قال : " لا تبشرهم فيتكلوا " ) . رواه البخاري (128) ومسلم (30)
ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ
معـاذ هـو: معاذ بن جبل بن أوس الأنصاري ، صحابي مشهور من أعيان الصحابة ، شهد بدراً وما بعدها .
قال النبي e : ( معاذ يحشر يوم القيامة أمام العلماء برتوة ) . أخرجه ابن سعد وأبو نعيم
قال في النهاية : ( إنه يتقـدم العلمـاء برتـوة أي : برميـة سهم ، وقيل : بميل ، وقيل : مد البصر ) . أ . ﻫ
وهــذه الثلاث أشبه بمعنى الحديث .
مات سنة (18ﻫ) بالشام في طاعون عمواس .
( كنت رديف النبي e ) رديف : بمعنى رادف ، أي راكب خلفه .
ـ جواز الإرداف على الدابة إذا لم يشق عليها .
ـ فيه فضيلة لمعاذ t من جهة ركوبه خلف النبي e ، وقد قال النبي e لمعاذ : ( إني أحبك في الله ) . رواه أبو داود
( على حمار ) فيه تواضع النبي u والركوب على الحمار خلاف ما عليه أهل الكبر .
( فقال لي : يا معاذ ، أتدري ) أتدري : أتعلم .
( ما حق الله على العباد ) حق الله على العباد : هو ما يستحقه عليهم ، ويجعله متحتماً ، وما يجب أن يعاملوه به .
( حق العباد على الله ) أي : ما يجب أن يعاملهم به ، والعبـاد لم يوجبوا شـيئاً ، بل الله أوجبه على نفسه فضلاً على عباده .
فأهل السنة يقولون : هو الذي كتب على نفسه الرحمة ، وأوجب هذا الحق على نفسه لم يوجبه عليه مخلوق .
المعتزلة يدعون أنه واجب عليه بالقياس على الخلق ، وغلطوا في ذلك .
( قلت : الله ورسوله أعلم ) : فيه حسن أدب المتعلم ، وأنه ينبغي لمن سُئل عما لا يعلم ، أن يقول ذلك ، خلاف أكثر المتكلفين .
( أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ) أي يوحدوه بالعبادة وحده ولا يشركوا به شيئاً .
وفائدة هذه الجملة: بيان أن التجرد من الشرك لا بد منه في العبادة ، ومن لم يتجرد من الشرك لم يكن آتياً بعبادة الله وحده.
( وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً ) وهذا حق تفضل الله به على عباده ، ولم يوجبه عليه أحد .
المعنى الإجمالي للحديث :
أراد النبي e أن يبين وجوب التوحيد على العباد وفضله فألقى ذلك بصيغة الاستفهام ليكون أوقع في النفس وأبلغ في فهم المتعلم ، فلما بيّن لمعاذ فضل التوحيد ، استأذنه معاذ أن يخبر بذلك الناس ليستبشروا ، فمنعه النبي e من ذلك خوفاً من أن يعتمد الناس على ذلك فيقللوا من الأعمال الصالحة .
فوائــد الحديث :
1. يستحب للعالم أو المدرس أن يطـرح بعض المعلومات على وجه الاستفسـار ليكون أوقع في النفس ، وأبلغ في فهم المتعلم ، فإن الإنسان إذا سُئل عن مسألة لا يعلمها ، ثم أخبر بها بعد الامتحان بالسؤال عنها ، فإن ذلك أوعى لفهمها وحفظها ، وهذا من حسن إرشاده وتعليمه e ، والأمثلة من السنة كثيرة جداً .
2. ينبغي لمن سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم .
ولنا في رسول الله e قدوة حيث قال لا أدري حينما سئل عما لا يعلم كما جاء في الحديث :
3. استحباب بشارة المسلم بما يسره ، سواءً كان من أمر الدنيا أو الدين .
ولذلك بشرت الملائكة إبراهيم u ، قال تعالى : ﴿ وبشروه بغلام عليم ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ فبشرناه بغلام حليم ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحي ﴾ .
ولهذا لما أنزل الله توبة كعب بن مالك وصاحبيه ذهب إليه البشير فبشره .
( البشارة هي الإخبار بما يسر ) .
4. جواز كتمان العلم للمصلحة ، أما كتمانه على سبيل الإطلاق فلا يجـوز .
لقول النبي e : ( من سُئِل عن علمٍ فكتمه أُلجم بلجامٍ من نار ) .
وأما كتمه أحياناً أو عن بعض الأشخاص فجائـز إذا ترتب على إظهاره مفسـدة متحققة ، ولذلك قال u لمعاذ : ( لا تبشرهم فيتكلوا ) ، وقد أخبر بها معاذ عند موته متأثماً ، أي : تحرجاً من الإثم .
5. أن هذه المسألة لا يعرفها كثير من الصحابة ، وذلك أن معاذ أخبر بها عند موته خروجاً عن إثم الكتمان بعد أن مات كثير من الصحابة .
6. الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله، لأن الاتكال على سعة رحمة الله يسبب مفسدة عظيمة هي: الأمن من مكر الله .
7. جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض ، وذلك أن النبي u خص هـذا العلم بمعاذ دون أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، حيث أن بعض الناس لو أخبرته بشيء من العلم افتتن .
قال ابن مسعود : ( إنك لن تحدث قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) . رواه مسلم
وقال علي t : ( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ) . رواه البخاري
8. فضيلة معاذ ومنزلته من العلم ، لكونه خُص بما ذكر .
9. استئذان المتعلم في إشاعة ما خُص به من العلم .
10. فضل التوحيد وفضل التمسك به .
ـذكر المصنف في هذا الباب من النصوص ما يدل على أن الله خلق الخلق لعبادته والإخلاص له ، وأن ذلك حقه الواجب المفروض عليهم .
فجميع الكتب السماوية ، وجميع الرسل، دعوا إلى هذا التوحيد، ونهوا عن ضده من الشرك والتنديد، خصوصاً محمد e .
وهذا القرآن الكريم فإنه أمر به وفرضه وقرره أعظم تقرير ، وبيّنه أعظم بيان ، وأخبر أنه لا نجاة ولا سعادة إلا بهذا التوحيد وأن جميع الأدلة العقلية والنقلية والأفقية والنفسية أدلة وبراهين على هـذا الأمر بهذا التوحيد ووجوبه .
فالتوحيد هو حق الله الواجب على العبيد ، وهو أعظم أوامر الدين ، وأصل الأصول كلها ، وأساس الأعمال .

وبذلك نكون انتهينا من الباب الاول في الكتاب

وبيان : يقام ان شاء الله اختبار في الباب بأكمله يوم السبت القادم 11/12/2010م
ارجو الا يتخلف احد
واجو الهمة والجد فهذا دينكم فلا تفرطوا فيه
يوم الخميس القادم ان شاء الله تابعوا هنا لاني سأقوم بوضع لوائح وقوانين الاختبار ان شاء الله
اجو ان ترفعوا رأسي وتشرفوني وتكونوا كلكم من الاوائل ان شاء الله
جزاكم الله خيرا