عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 09-29-2012, 11:24 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي


التقليد الأعمى للعلماء
أحبتي الكرام ذكرنا في الحلقة الماضية أن بعض العلماء تنبه إلى خطورة التلبيس العقدي الذي قد يقع للمسلمين من دخول الأحزاب في البرلمان وغيرها من الممارسات.



وقلنا أن التلبيس حصل بالفعل، فالمطلوب من العلماء الآن هو إنكار الممارسات السياسية التي أدت إلى هذا التلبيس، وقلنا أن حشدهم الناس لتأييد حزب برلماني أو رئيس يمارس هذه الممارسات يزيد التلبيس والتشوش العقدي، فهذا عكس الدور المتوقع منهم. وأخذنا مثالا على ذلك كلام الدكتور محمد إسماعيل المقدم قبل الثورة ومقارنته بما بعد الثورة .


دعونا اليوم نأخذ مثالا من العلماء الذين كانوا مرجعية كبيرة لدى الإخوان المسلمين: الشيخ عبد المجيد الشاذلي حفظه الله، والذي كان قد انتسب إلى جماعة الإخوان ثم تأثر بفكر سيد قطب رحمه الله وكان أحد مؤسسي ما اشتهر باسم دعوة أهل السنة والجماعة في مصر .


قال حفظه الله في مقاله (الخطاب الديني والخطاب السياسي)، قال: (إن شرط أي تحرك سياسي ألا يكون على حساب الوضوح العقدي ولا على حساب بيانه، بل ورفع اللبس فيه)...يعني يجب أن يخلو التحرك السياسي من التلبيس في قضايا العقيدة، بل ولا بد أن يقترن ببيان عقيدتنا، وتصحيح المفاهيم الخاطئة في أذهان الناس .


ثم قال: (إن حسم الأمر وإقامة الوضع الإسلامى لا يعتمد على هذا الطريق –يعني المشاركة السياسية- وإنما هذا الخطاب وهذا التحرك خادم لانطلاق الدعوة وترسيخ المفاهيم العقدية الصحيحة )
يعني ينبغي أن يكون هدفُ الحراك السياسي هو ترسيخَ المفاهيم العقدية الصحيحة، لا أن نبيع الهدف من أجل الوسيلة، فنشوش المفاهيم من أجل الحراك السياسي .
ثم قال :
(ولهذا يشترط لأى تحرك سياسي للمسلمين وضوحُ البعد العقدي وعدم إقرار شرعية الأنظمة العلمانية، وألا يمثل هذا التحرك خصما من الرصيد العقدي، بل يكون المسلمون وحركاتهم الإحيائية على وضوح فى العقيدة والتوجه، يكون واضحا للعدو المخالف كما للصديق الموافق )...
ركز في هذا الكلام، سنحتاجه عندما نرى أن هناك تصريحات يطلقها الـديمقراطيون في غاية الضلال والتلبيس في أخطر قضايا العبودية والحاكمية، ومع ذلك يدافع عنها المدافعون بأنها تصريحات سياسية، يعني معفاة من الضوابط الشرعية، لأنه يراد بها مراوغة العدو. الشاذلي يقول: (وضوحْ فى العقيدة والتوجه، يكون واضحا للعدو المخالف كما للصديق الموافق ).
وهذه العبارة من الشاذلي هي كعبارة المقدم :
(فالشرط الأساسي للرخصة عدم التنازل, وعدم استخدام التقية؛ لأن التقية في قضايا العقيدة والقضايا الجوهرية يترتب عليها تلبيس الحق على جماهير الناس ).
ثم قال الشاذلي :
(إن تجربة التيارات الإسلامية المعروفة التى أخذت الحركة السياسية طريقا لها على حساب معتقداتها وثوابت العقيدة، بل لم تلتفت للثوابت الشرعية بل وتنكرت لها فى بعض الأحيان...إلى أن قال عن هذه التيارات: ضيعت من المفاهيم الواجب بلاغها وأوجدت فيها من اللبس والخلل مما سبب معوقا لحركة إحياء الأمة ).
إذن هو يؤكد أن هذه التيارات لبـَّست في الثوابت العقدية وأحدثت فيها خللا، وبالتالي أعاقت حركة إحياء الأمة. وأنا لا أدري إن لم يكن هذا الكلام عن الأحزاب التي خاضت العمل البرلماني فعن من يكون؟ !
ثم قال: (إن الواجب الآن للمسلمين ليس أن يذهبوا لانتخابات مزورة مع لبس عقدي وضياع للمفاهيم الشرعية وضعف شديد للمسلمين وعدم وضوح لا لقضاياهم ولا لمواقفهم... إنما الواجب بيان الحق وتوضيح المفهوم الصحيح للتوحيد ورفع الالتباس فى المفاهيم والتوجهات والعقيدة عموما والجد فى مشروع إحياء الأمة ).


وهذه الكلام منه هو ككلام د. المقدم إذ قال: (إن تطبيق الشريعة الذي يعتد به في هذا المجال لا يبدأ من اختيار بعض الأحكام الشرعية وتقنينها وفرضها على الناس، ولكنه يبدأ من إصلاح هذا الخلل الأكبر الذي تفشَّى روحه الدنسة في كل مرابط الأمة وهو مبدأ سيادة الأمة بالمصطلح الغربي ).


إذن فالنقولات عن الشيخين حفظهما الله تتفق على أن أوجب الواجبات في هذا الزمان (بيانُ الحق وتوضيح المفهوم الصحيح للتوحيد ورفع الالتباس فى المفاهيم والتوجهات والعقيدة) و(إصلاح هذا الخلل الأكبر الذي تفشَّى روحه الدنسة في كل مرابط الأمة وهو مبدأ سيادة الأمة

).
وهو ما نزعم أننا نمارسه بهذه السلسلة بإذن الله .
العجيب، بل والعجيب جداً في الأمر، أن الشيخ الشاذلي حفظه الله أصبح الآن يؤيد العمل البرلماني الرئاسي في مصر، وحشد الناس لانتخاب الرئيس على اعتبار (أن الدعوة، يعني جماعته دعوة أهل السنة والجماعة، رأت في الدكتور مرسي عدم تلون باسم الشريعة، وإنما رأت حديثًا عن تطبيقٍ واضح للشريعة الإسلامية ).
والآن نقول للشيخ الشاذلي: رأينا الخطابات التي تؤكد على سيادة الشعب وأنه هو الشرعية بمسلميه و"مسيحييه"، وتؤكد على احترام القضاء والقانون الوضعيين، ورأينا أن الشريعة لم تعُد تُذكر في الخطابات، ورأينا وعودا للأحزاب بإشراكها في كتابة الدستور (دين الدولة) مقابل انتخاب المرشح "الإسلامي

".
كنت أيها الشيخ قد عبت على مرشحَين من قبل لأنهما يقولان نريد الشريعة مبادئ لا أحكامًا ولا نصوصًا، وها قد رأينا الفشل الذريع بإبقاء مصطلح (مبادئ الشريعة الإسلامية) بينما ضمن اليهود والنصارى لأنفسهم الاحتكام إلى شرائعهم، ورأينا الرئيس الحالي عندما كان يواجَه أثناء حملته بالسؤال عن الشريعة يؤكد أنه إنما يتمسك بمبادئ الشريعة .
فأين الإنكار أيها الشيخ الجليل؟ أين التوضيح؟ أين (بيانُ الحق وتوضيح المفهوم الصحيح للتوحيد ورفع الالتباس فى المفاهيم والتوجهات والعقيدة عموما) الذي نصصت عليه؟ !
أين إنكاركما أيها الدكتور المقدم والشيخ الشاذلي لما اعتبرتموه من قبل جريمة وتنكرا للثوابت الشرعية؟ أين رفع اللبس والخلل ومحاربة المفاهيم التي تفشت روحها الدنسة في مرابط الأمة؟


لماذا أيها الشيخ الشاذلي حفظك الله نرى مقالاتك الحديثة فليس فيها أي إنكار بل تأييد مطلق وحديث عن حل المحكمة الدستورية العليا وإعادة البرلمان وغيرها من الخطوات التي لن تجدي ما دامت المفاهيم الأساسية مشوهة كما علمتنا عندما وضحت أن الواجب ليس الانتخاب مع لبس عقدي وضياع للمفاهيم؟
فمواقف العلماء إذن خلاف المتوقع. ماذا نفعل حيالها؟ هذا ما سنناقشه في الحلقة القادمة بإذن الله .
خلاصة الحلقة هي عبارة الشيخ الشاذلي بنصها: (إن شرط أي تحرك سياسي ألا يكون على حساب الوضوح العقدي ولا على حساب بيانه بل ورفع اللبس فيه ).
والسلام عليكم ورحمة الله
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس