الموضوع: التحفة السنية
عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 12-19-2008, 06:49 AM
أم عبد الرحمان السلفية أم عبد الرحمان السلفية غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

ومن هنا يُعلم أن أي طعن في الصحابة فإنما هو طعن في الدين , لأن الطعن في الناقل طعن في المنقول , لأن الصحابة هم الذين نقلوا الدين , ولذا ما من حديث نرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا والواسطة بيننا وبينه أحد الصحابة , فالطعن فيهم طعن في الدين , ولذا يقول أبوزرعة الرازي رحمه الله ( إذا رأيتم الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق , لأن الدين حق , والقرآن حق , وإنما نقل لنا ذلك الصحابة فهؤلاء أرادوا الجرح في شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة وهم بالجرح أولى وهو زنادقة ) .
فتكفير الصحابة وتكذيبهم دسيسة من دسائس اليهود وليس المقصود به الطعن في الصحابة ذاتهم , وإنما المقصود الحيلولة بين الناس وبين الدين , فعندما يروج الروافض أن أبا هريرة رضي الله عنه كذاب أو غيرَه من الصحابة فإن مَنْ انطلت عليه هذه الدعاية ينصرف عن الدين ولا يثق به ولا يطمئن لعدم ثقته بمن نقله , وأي ثقة تبقى في دين يُرمى حملته بالكذب ويُتهمون بالكفر , وبهذا يُعرف مراد القوم .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من سب الصحابة أشد التحذير وأمر بالإمساك عن القدح فيهم أو الطعن .
ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُد أحدهم ولا نصيفه )(2) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ( إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا )(3) . والمراد : إذا ذكروا بغير الجميل .
فالصحابة رضي الله عنهم لا يُذكرون إلا بالخير والجميل والإحسان مع الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان , خلاف ما يفعله ذوو القلوب المنكوسة والعقول والمعكوسة من خوضٍ في الصحابة أو بعضهم طعناً وتنقصاً وسبًّا وتجريحاً . ففعلوا نقيض ما أمروا به , واقترفوا ضد ما دُعوا إليه .
روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة بن الزبير ( يا ابن أخي أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم )(4) . نعوذ بالله من الزيغ والبهتان , ونسأله سبحانه ألا يجعل في قلوبنا غِلا لأحد من أهل الإيمان , وأن يغفر للصحابة الأبرار العدول الأخيار ولكل من اتبعه بالخير والإحسان .
ثم إن الناظم لمل بين مكانة الصحابة وحث على قول الخير فيهم وحذر من الطعن فيهم قال مبيناً الدليل على ما ذكر .
ــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد في المسند برقم 3839 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 320
(2) البخاري برقم 3673 , ومسلم برقم 2541
(3) أخرجه الطبراني في الكبير برقم 1448 , وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم34
(4) مسلم برقم 3022



20- فقد نطقَ الوحيُ المبينث بفضلِهم--- وفي الفتح آيٌ للصَّحابةِ تمدحُ


ما سبق هو تقرير لمعتقد أهل السنة والجماعة في الصحابة , وهذا البيت فيه دليل ذلك المعتقد , ولذا فإن المنظومة على اختصارها ذُكِرت فيها المباحث بأدلتها وقوله ( فقد نطق ... ) منن قوله تعالى ( هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )(الجاثية29)
( الوحي ) هو القرآن الكريم كلام الله , الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
( المبين ) الواضح البين الذي لا لبس فيه ولا غموض , والمبين للشرائع والأحكام , والموضح لطريق الحق والهدى من الباطل والضلال .
( بفضلهم ) الجار والمجرور متعلق بالفعل نطق , والقرآن مليء بالأدلة التي تبين فضل الصحابة ومن ذلك ما أشار إليه الناظم رحمه الله بقوله :
( وفي الفتح آي للصحابة تمدح ) وفي نسخة ( وفي الصحابة تمدح ) يشير إلى أن الوحي مليء بالأدلة الدالة على فضل الصحابة , وينبه في الوقت نفسه على كثرة الآيات في سورة الفتح التي تمدح الصحابة وتبين فضائلهم , وعند تأمل هذه السورة نجد مواضع كثيرة فيها مشتملة على مدح الصحابة : ففي أول السورة ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )(الفتح4)
ثم بعدها بآيات ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )(الفتح10)

رد مع اقتباس