عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 08-05-2011, 04:24 PM
ابو جندل المصري ابو جندل المصري غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي

ما ورد عن علماء السلف و من بعدهم
من الصبر على ظلم الولاة و التحذير من الخروج عليهم

1-الآثار الواردة عن الصحابة
عن سويد بن غفلة قال قال لي عمر بن الخطاب رضى الله عنه : " لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبداً حبشياً، و إن ضربك فاصبر، و إن حرمك فاصبر، وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك، فقل سمعاً و طاعة، دمي دون ديني"[1].
و عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: " أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أن لا نسب أمراءنا، و لا نغشهم، و لا نعصيهم، وأن نتقي الله و نصبر، فإن الأمر قريب "[2].
و عن بشير بن عمرو رحمه الله قال: خرجنا مع ابن مسعود رضى الله عنه قلنا أوصنا، قال: " عليكم بالجماعة، فإن الله لن يجمع أمة محمد على ضلالة حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر"[3].
و قال t : "عليكم بالسمع و الطاعة و الجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به ثم قبض يده، و قال: إن الذين تكرهون في الجماعة خير من الذي تحبون في الفرقة"[4].
و عن أبي البختري رحمه الله قال: " قيل لحذيفة رضى الله عنه ألا تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر؟ قال: إن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لحسن، و لكن ليس من السنة أن ترفع السلاح على إمامك" [5].
و عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة "يزيد بن معاوية" جمع ابن عمر رضى الله عنه حشمه و ولده، فقال: " إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:« ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة »، و إنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله و رسوله، و إني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله و رسوله، ثم ينصب له القتال، و إني لا أعلم أحداً منكم خلعه و لا بايع في هذا، إلا كانت الفيصل بيني و بينه"[6].
و عن محمد بن المنكدر رحمه الله قال:بلغ ابن عمر رضى الله عنه أن "يزيد بن معاوية" بويع له، فقال: "إن كان خيراً رضينا و إن كان شراً صبرنا " [7].
و سئل أبو مسعود الأنصاري رضى الله عنه عن الفتنة، فقال: " عليك بالجماعة، فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة، و اصبر حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، و قال : إياكم الفرقة فإن الفرقة هي الضلالة "[8].
و عن أبي اليمان الهوزني عن أبي الدرداءt قال : " إياكم و لعن الولاة، فإن لعنهم الحالقة وبغضهم العاقرة، قيل يا أبا الدرداء كيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب؟ قال: اصبروا فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت"[9].
و عن سماك بن الوليد الحنفي أنه لقي ابن عباس رضى الله عنه بالمدينة، ما تقول في سلطان علينا يظلموننا، و يشتموننا، و يعتدون علينا في صدقاتنا ألا نمنعهم ؟ قال: ابن عباس رضى الله عنه لا، أعطيهم، الجماعة الجماعة، إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها، أما سمعت قول الله تعالى :{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}[10].



2-الآثار الواردة عن التابعين

و عن عمر بن يزيد سمعت الحسن أيام اليزيد بن المهلب بن أبي صفرة قال: وأتاه رهط، فأمرهم أن يلزموا بيوتهم، و يغلقوا عليهم أبوابهم، ثم قال: " و الله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم، و ذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، و الله ما جاؤوا بيوم خير قط ثم تلا{ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ}"[11] .
و عن المعلى بن زياد قال:" قيل للحسن يا أبا سعيد خرج خارجي بالخُريبة، فقال: المسكين رأى منكراً فأنكره، فوقع فيما هو أنكر منه"[12].
و عن أبي التيّاح قال: " شهدت الحسن -يعني البصري – و سعيد بن أبي الحسن حين أقبل "ابن الأشعث فكان الحسن ينهى عن الخروج على "الحجّاج"، و يأمر بالكف وكان سعيد بن أبي الحسن يحضض ثم قال سعيد فيما يقول : ما ظنك بأهل الشام إذا لقينهم غداً؟ فقلنا: و الله ما خلعنا أمير المؤمنين و لا نريد خلعه، و لكن نقمنا عليه استعماله "الحجّاج"فاعزله عنا، فلما فرغ سعيد من كلامه، تكلم الحسن فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إنه و الله ما سلط الله "الحجّاج" عليكم إلا عقوبة فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف، و لكن عليكم السكينة و التضرع، و أما ما ذكرت من ظني بأهل الشّام فإن ظني بهم أن لو جاؤوا فألقمهم "الحجّاج" دنياه لم يحملهم على أمر إلا ركبوه، هذا ظني بهم"[13].
و عن سليمان بن علي الرّبعي قال: لما كانت الفتنة فتنة "ابن الأشعث" إذ قاتل "الحجاج بن يوسف"، انطلق عقبة بن عبد الغافر و أبو الجوزاء و عبدالله بن غالب في نظر من نظرائهم، فدخلوا على الحسن فقالوا: يا أبا سعيد ما تقول في قتال هذا الطّاغية الذي سفك الدم الحرام، و أخذ المال الحرام، و ترك الصلاة و فعل و فعل؟ قال: و ذكروا ما فعل "الحجّاج"، فقال الحسن:" أرى أن لا تقاتلوا فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم رَادّيْ عقوبة الله بأسيافكم، و إن تكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، قال : فخرجوا من عنده و هم يقولون نطيع هذا العِلْج، قال : و هم قوم عرب، قال: و خرجوا مع "ابن الأشعث" فقتلوا جميعاً. وقال مرة بن ذباب: أتيت عقبة بن عبد الغافر وهو صريع في الخندق، فقال: يا أبا المعذل لا دنيا و لا آخرة"[14].
و قال مالك بن دينار سمعت الحسن يقول: " إن الحجاج عقوبة من الله لم تك، فلا تستقبلوا عقوبة الله بالسيف، و لكن استقبلوها بتوبة و تضرع و استكانة و توبوا تُكْفَوْه"[15] .
و عن مالك بن دينار قال: " لقيت معبد الجهني بمكة بعد "ابن الأشعث" و هو جريح، و قد قاتل "الحجّاج" في المواطن كلها، فقال لقيت الفقهاء و الناس، لم أر مثل الحسن ، يا ليتنا أطعناه كأنه نادم على قتاله الحجّاج"[16].
و عن علي بن محمد أنّ علي بن الحسين بن أبي طالب: " كان ينهى عن القتال، و إن قوماً من أهل خراسان لقوه فشكوا إليه ما يلقونه من ظلم ولاتهم، فأمرهم بالصبر و الكف، و قال: إني أقول كما قال عيسى عليه السلام : {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } "[17].

3- الآثار الواردة عن علماء السلف و أئمة الدين
و قال حنبل بن إسحاق:" اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله في ولاية الواثق وشاوروه في ترك الرضا بإمرته وسلطانه، فقال لهم عليكم بالنكرة في قلوبكم ولا تخلعوا يداً من طاعة، و لا تشقوا عصا المسلمين، و لا تسفكوا دماءكم و دماء المسلمين و ذكر الحديث عن النبي t «إن ضربك فاصبر»، وأمر بالصبر"[18].
و قال الإمام أحمد رحمه الله: " لا تتعرض للسلطان فإن سيفه مسلول"[19].
و قال الإمام البربهاري رحمه الله في شرح السنة: " و لا يحل قتال السلطان و الخروج عليه و إن جار و ليس في السنة قتال السلطان فإن فيه فساد الدين و الدنيا ".
قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في الاستذكار {5/16}:" و أما جماعة أهل السنة و أئمتهم فقالوا هذا هو الاختيار أن يكون الإمام فاضلاً عالماً عادلاً محسناً قوياً على القيام بما يلزمه في الإمامة، فإن لم يكن فالصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه، لأن في منازعته من الخروج عليه استبدال الأمن و إراقة الدماء و انطلاق أيدي الدهماء و تبيت الغارات على المسلمين و الفساد في الأرض و هذا أعظم من الصبر على جور الأئمة "إهـ.
و قال النووي رحمه الله في شرح مسلم {12/229}:" و أما الخروج عليهم و قتالهم فحرام بإجماع المسلمين و إن كان فسقة ظالمين، و قد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته و أجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق ".
و قال شيخ الإسلام في منهاج السنة {4/527}:" ففي الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله و رسوله بحسب الإمكان كما قال الله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم »، و يعلمون أن الله تعالى بعث محمد صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش و المعاد، و أنه أمر بالصلاح و نهى عن الفساد، فإذا كان الفعل فيه صلاح و فساد، رجحوا الراجح منهما، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله، و إن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه.
فإن الله بعث رسوله بتحصيل المصالح و تكميلها، و تعطيل المفاسد و تقليلها، فإذا تولى خليفة من الخلفاء، كيزيد و عبدالملك و المنصور و غيرهم، فإما أن يقال يجب منعه من الولاية و قتاله حتى يولى غيره كما يفعله من يرى السيف، فهذا رأي فاسد، فإن مفسدة هذا أعظم من مصلحته، فقلَّ من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولّد من الخير، كالذين خرجوا على "يزيد" بالمدينة، كابن الأشعث الذي خرج على "عبدالملك" بالعراق، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان، كأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم من خراسان أيضاً وكالذين خرجوا على "المنصور" بالمدينة و البصرة و أمثال هؤلاء.
و غاية هؤلاء إما أن يغلِبوا أو يُغلَبوا، ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة، فإن "عبدالله بن علي" و "أبا مسلم" هما اللذان قتلا خلقاً كثيراً، وكلاهما قتله "أبو جعفر المنصور"، و أما أهل الحرّة و"ابن الأشعث"و"ابن المهلب" و غيرهم، فهزموا و هزم أصحابهم، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا و الله لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين و لا صلاح دنيا، وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين و من أهل الجنة فليسوا أفضل من علي و عائشة و طلحة و الزبير و غيرهم، و مع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال، و هم أعظم قدراً عند الله و أحسن نيّة من غيرهم.
و كذلك أهل الحرّة كان فيهم من أهل العلم و الدين خلق، وكذلك أصحاب "ابن الأشعث" كان فيهم خلق من أهل العلم و الدين، و الله يغفر لهم كلهم.
و قد قيل للشعبي في فتنة "ابن الأشعث" أين كنت يا عامر قال كنت حيث يقول الشاعر:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى



وصوّت إنسان فكدت أطير


أصابتنا فتنة لم يكن فيها بررة أتقياء و لا فجرة أقوياء.
و كان الحسن البصري رحمه الله يقول :" إنّ "الحجّاج" عذاب الله، فلا ترفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع فإن الله تعالى يقول: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ }، و كان طلق بن حبيب يقول :" اتقوا الفتنة بالتقوى فقيل له أجمل لنا التقوى، فقال: أن تعمل بطاعة الله على على نور من الله ترجو رحمة الله، و أن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله "، رواه أحمد و ابن أبي الدنيا.

[1] - رواه الآجري في الشريعة بإسناد صحيح.

[2] - رواه ابن أبي عاصم في السنة و قال الإمام الألباني رحمه الله إسناده جيد.

[3] - رواه البيهقي في الشعب.

[4] - رواه ابن جرير و غيره.

[5] - رواه نعيم بن حماد في الفتن و البيهقي في الشعب{6/2546}.

[6] - رواه البخاري.

[7] - رواه ابن أبي شيبة {11/100}.

[8] - رواه الفسوي في المعرفة و التاريخ{3/244}.

[9] - رواه ابن أبي عاصم في السنة.

[10] - رواه ابن أبي حاتم في التفسير كما في الدر المثور.

[11] - رواه ابن سعد في الطبقات {7/164-165} و الآجري في الشريعة {1/373-374}.

[12] - رواه الآجري {1/345}.

[13] - رواه ابن سعد في الطبقات{5/216}.

[14] - رواه بن سعد في الطبقات {5/215}.

[15] - رواه ابن أبي الدنيا في العقوبات.

[16] - رواه البخاري في التاريخ الكبير و الأوسط{1/343}.

[17] - رواه ابن سعد في الطبقات {3/422}.

[18] - طبقات الحنابلة {1/145}.

[19]- رواه أبوبكر الخلال في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
رد مع اقتباس