عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-05-2015, 04:02 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي انقطاع الصلة بين الاشاعرة والاحباش وابو الحسن الاشعري في مسائل كثيرة

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله

انقطاع صلة الأشاعرة بأبي الحسن الأشعري في أكثر المسائل


ومن ذلك:-
إن أبا الحسن نفسه قد تكلم في دليل المتكلمين لإثبات وجود الله، وبين أنه لا يسوغ الاستدلال به، وأن الواجب الاستدلال بدليل الآيات فقال: "ما يستدل به من أخباره عليه السلام على ذلك أوضح دلالة من دلالة الأعراض التي اعتمد على الاستدلال بها الفلاسفة ومن اتبعهم من القدرية وأهل البدع المنحرفين عن الرسل عليهم السلام" (1) ثم أخذ يبين صعوبة هذا المسلك وما يرد عليه من إشكالات في المقدمات الطوية الخفية، ثم بين سبب اعتماد الفلاسفة على هذه الطريقة فقال: "وإنما صار من أثبت حدث العالم والمحدث له من الفلاسفة إلى الاستدلال بالأعراض والجواهر لدفعهم الرسل وإنكارهم لجواز مجيئهم" (2) وأما المؤمنون بالرسل فإنهم قد تلقوا عنهم أقرب الطرق وأسهلها لمعرفة الله وأبعدها عن الشبه، ثم بين الحكم بأنه يحرم اتباع طريقة هؤلاء فقال: "وإذا كان العلم قد حصل لنا بجواز مجيئهم في العقول، وغلط من دفع ذلك، وبأن صدقهم بالآيات التي ظهرت عليهم، لم يسع لمن عرف من ذلك ما عرفه أن يعدل عن طريقهم إلى طرق من دفعهم وأحال مجيئهم" (3) .
ومن مخالفة الأشعرية كذلك لأبي الحسن الأشعري المنهجية: اعتمادهم على المقاييس العقلية التي هي في الحقيقة في أكثرها شبهات، ومنعهم الاستدلال بالدليل النقلي مطلقاً في بعض المسائل، وفي بعضها إلا بعد العلم بعدم المعارض العقلي – فهذا يخالف ما عليه منهج الأشعري الذي نص على وجوب اتباع الطريقة الشرعية، وقوى اختياره هذا بحجج منها:
1- قال: "إن الله أغناهم عن التطلع إلى غيرها من البراهين, ودلل على ذلك بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة: 3] وليس يجوز أن يخبر الله عز وجل عن إكمال الدين مع الحاجة إلى غير ما أكمل لهم الدين به" (4) ا هـ.
2- إن الله عز وجل قد ذم المشركين في تقليدهم لمن يعظمونه، وأمر بطاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وتكفل بحفظ هذا الدين إلى آخر الزمان، ليقوم حجة على الناس لأنه قد ختم الرسالة بمحمد –صلى الله عليه وسلم- ثم بين الرسول صلى الله عليه وسلم للناس في حجة الوداع أنهم لن يضلوا ما تمسكوا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا يدل على كفاية الطريقة الشرعية وغناها عما سواها (5) .
3- ثم بين الأشعري سلامة الأدلة الشرعية من الطعن والقدح، بدليل عدم طعن المشركين فيها – فلو كان فيها شيء من الخلل والتشبيه ونحو ذلك لسارع المشركون إلى بيانه فقال. "ولم يدع صلى الله عليه وسلم لسائر من دعاه على توحيد الله حاجة إلى غيره ولا لزائغ طعناً عليه" (6) .
ولذلك فقد سلك أبو الحسن الأشعري لإثبات الصفات طريقة شرعية بالكتاب والسنة في كتابه (الإبانة).
فمن ذلك قوله: "... وأن الله استوى على العرش على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده، وأن له سبحانه وجهاً بلا كيف كما قال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27]، وأن له سبحانه يدين بلا كيف كما قال سبحانه: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75] وكما قال: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64] وأن له سبحانه عينين بلا كيف، كما قال سبحانه: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14]... " (7) إلخ.
وأما في المسائل فمخالفاتهم له أيضاً كثيرة منها: أن أبا الحسن الأشعري قد أثبت صفات نفاها المتأخرون من الأشعرية فمن ذلك: الاستواء، والوجه، واليدين، والعينين، والأصابع (8) ، والنزول (9) ، والمجيء (10) ، والقرب (11) .
وقال في رسالته إلى أهل الثغر في الإجماع العاشر مما أجمع عليه أهل السنة: "وأجمعوا على وصف الله تعالى بجميع ما وصف به نفسه ووصفه به نبيه من غير اعتراض فيه ولا تكيف له، وأن الإيمان به واجب وترك التكييف له لازم" (12) . (21)

وقد صرح الأشعري أن أهل الحديث هم أهل الحق فقال "الحق والصواب ما عليه أهل الحديث الذين يثبتون آيات وأحاديث الصفات، القائلين بأن لله يدين ووجهاً وعينين وسمعاً وبصراً وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يجيء يوم القيامة كما أخبر، وأنه يقرب من خلقه كيف شاء لا يتأولونها" (13) .
فأهل الحديث لا يتأولونها، والأشاعرة إما يحرفون المعنى ويسمونه تأويلاً، وإما يتجاهلون المعنى ويسمونه تفويضاً، وكلاهما مخالف لأهل الحديث.
4) أن ابن حجر نقد علم الكلام نقداً شديداً, ودعا إلى تركه، ومعلوم أن المذهب الأشعري قد شيدت أركانه على علم الكلام.
قال ابن حجر "ويكفي في الردع عن الخوض في طرق المتكلمين: ما ثبت عن الأئمة المتقدمين كعمر بن عبدالعزيز, ومالك, والشافعي، وقد قطع بعض الأئمة بأن الصحابة ماتوا ولم يعرفوا الجوهر ولا العرض.. وقد أفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك، وببعضهم إلى الإلحاد". "وصح عن السلف أنهم نهوا عن علم الكلام وعدوه ذريعة للشك والارتياب (14) .
- وكان يحذر من مغالطات الجوهر والعرض، لما لها من نتائج فاسدة فيقول: "وكان مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: التوحيد. بل هو أصل ما أمر به، فلم يترك شيئاً من أمور الدين إلا بلغه، ثم لم يدع إلى الاستدلال بما تمسكوا به من الجوهر والعرض" (15) قال: "فالحذر من كلامهم والاكتراث بمقالاتهم فإنها سريعة التهافت".
ونقل عن أبي المظفر السمعاني "بيان فساد طريقة" المتكلمين في تقسيم الأشياء إلي جسم وجوهر وعرض. وزعمهم أن الجسم ما اجتمع من الافتراق، والجوهر ما حمل العرض، والعرض ما لا يقوم بنفسه. "فجعلوا الروح من الأعراض".
وحتى الجويني فإنه صرح أن "الجوهر والعرض ألفاظ اصطلح عليها المتكلمون ولم يكن معروفاً عند السلف" (16) .
5) أن ابن حجر ذكر أن الرازي الأشعري "أوصى بوصية تدل على أنه حسن عقيدته" (17) . فعلى أي عقيدة كان وعلى أي عقيدة مات؟
وكيف يكون ابن حجر موافقاً له على عقيدته وقد كان الرازي قبل موته أشعري الاعتقاد. وهل التوبة إلا عن هذا المذهب؟
6) أن ابن حجر انتقد موقف أهل الكلام من خبر الواحد وأيد موقف أهل الحديث ووقف موقف الشافعي (18) .
فقد ذكر أربعة أنواع للخبر المحتف بقرائن الصحة، وأهمها آخرها وهو التلقي الرابع:
قال "وهذا التلقي وحده أقوى من إفادته العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر".
وقال الحافظ ".. منها ما أخرجاه في الصحيحين مما لم يبلغ حد المتواتر، فإنه احتفت به قرائن منها: جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تميز الصحيح على غيرهما، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول" (19) .
7) أن ابن حجر نقل تشنيع أهل الحديث واللغة على قول المعتزلة استوى أي استولى (20) . ولو كان أشعريا لوافق الأشاعرة على تأويل الاستواء بالاستيلاء الذي قلدوا فيه المعتزلة.

المقصود هنا بيان انقطاع هذه الصلة: وذلك من وجوه:
الوجه الأول: إن السلف لم يؤولوا نصوص الصفات، بل أمروها كما جاءت وأجمعوا على ذلك، وقد أقر بهذا الجويني (1) . لا يقال إنهم قد أولوا تأويلاً إجمالياً لثلاثة أمور:
الأمر الأول: إنه قد ورد عنهم إثبات الصفات ومنهم الصحابة كما مر بل لقد أجمع التابعون على ذلك كما قال الأوزاعي: "كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته" (2) .
الأمر الثاني: إن مدعي ذلك لم يأت بما يصحح دعواه.
والأمر الثالث: إن في ترك الصحابة والتابعين النصوص على ظاهرها دليلاً على أنهم يقولون بموجبها وبما دلت عليه، إذ يستحيل أن يكون ظاهرها يوجب التشبيه ثم لا يبينون ذلك ولا مرة واحدة.
الوجه الثاني: إن هؤلاء الأئمة الذين يفتخر الأشاعرة بالانتماء إليهم قد ذموا الكلام وأهله، فمن ذلك قول الإمام الشافعي: "والله لأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك به خير له من النظر في الكلام" (3) وقال ابن الماجشون "إياك والكلام فإن لآخره أول سوء" (4) وقال الإمام أحمد "من تعاطى الكلام لم يفلح، ومن تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم" (5) وكلامهم في هذا الباب كثير جداً؛ وهذا خلاف ما عليه الأشاعرة.
الوجه الثالث: إن هؤلاء الأئمة لم يكونوا يردون الأخبار الصحيحة بأقيستهم وعقولهم، بل كانوا يسلمون بها، وهذا قد مر ذكر شيء منه في (التمهيد). وهذا خلاف ما عليه الأشاعرة.
وبالجملة فكل ما تقدم نقله عن الأئمة الأعلام من إثبات الاستواء والوجه والعينين وأن القرآن كلام الله غير مخلوق يخالف ما عليه الأشعرية (6) .
ومن وقف على كتب الأئمة المصنفة في العقيدة علم يقيناً بلا ريب ولا شك أنهم يؤمنون بما وردت به الأخبار من الصفات وبقية مسائل العقيدة، وعلى سبيل المثال من هذه الكتب: خلق أفعال العباد للبخاري – التوحيد لابن خزيمة – عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني – و(الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية) لابن بطة، وشرح السنة للبربهاري – وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي.

لا بد أن يعلم أيضاً أن ابن كلاب، والأشعري، وكبار أصحابه كأبي الحسن الطبري، وأبي عبدالله بن مجاهد الباهلي، ثم من بعدهم كأبي بكر الباقلاني وأبي إسحاق الإسفرائيني، لم يختلف قولهم في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى التي في القرآن كالوجه، واليدين، والعينين، والاستواء، ونحوها، وإبطال قول من نفاها وتأولها، ولم ينقل عنهم غير ذلك، وليس لهم فيها قولان، وهذه كتبهم موجودة، ليس فيها حرف من تأويلها أو ذكر قولين، ومن قال غير ذلك فقد وهم، وإنما أدخل هذا في مذهبه متأخرو الأشاعرة كأبي المعالي الجويني والرازي وأبي حامد ونحوهم.
قال أبو العباس أحمد بن ثابت الطرقي الحافظ صاحب كتاب (اللوامع في الجمع بين الصحاح والجوامع) في بيان مسألة الاستواء من تأليفه: "ورأيت هؤلاء الجهمية – يشير إلى متأخري الأشاعرة -، ينتمون – في نفي العرش، وتعطيل الاستواء – إلى أبي الحسن الأشعري، وما هذا بأول باطل ادعوه، وكذب تعاطوه، فقد قرأت في كتابه الموسوم بـ(الإبانة عن أصول الديانة) أدلة من جملة ما ذكر على إثبات الاستواء، وقال في جملة ذلك: "ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل بهم، يقولون جميعاً: يا ساكن العرش"، ثم قال: "ومن حلفهم جميعاً قولهم: لا والذي احتجب بسبع سماوات" (1) ا هـ........
وقد درس الشيخ أبو زهرة منهج أبي الحسن الأشعري ولخصه في النقاط التالية:
1- أنه يرى الأخذ بكل ما جاء به الكتاب والسنة في مسائل الاعتقاد، ويحتج بكل وسائل الإقناع والإفحام في تأييد ذلك.
2- أنه يأخذ بظواهر النصوص في الآيات الموهمة للتشبيه من غير أن يقع في التشبيه، فهو يعتقد أن لله وجهاً لا كوجه العبيد، وأن لله يداً لا تشبه أيدي المخلوقات.
3- أنه يرى الاحتجاج بحديث الآحاد في العقائد، وهو دليل لإثباتها، وقد أعلن اعتقاد أشياء تثبت بأحاديث الآحاد.
4- أنه في آرائه كان يجانب أهل الأهواء جميعاً والمعتزلة، ويجتهد في أن لا يقع فيما وقع فيه كثير من المنحرفين

نصوص أئمة أصحاب الأشعري في إثبات الصفات لله تعالى والمنع من تأويلها


أبو الحسن علي بن مهدي الطبري:
قال الذهبي في "العلو" نقلاً عنه: "قال الإمام أبو الحسن علي بن مهدي الطبري تلميذ الأشعري في كتاب (مشكل الآيات) له في باب قوله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5]: "اعلم أن الله في السماء، فوق كل شيء، مستو على عرشه، بمعنى أنه عال عليه، ومعنى الاستواء الاعتلاء، كما تقول العرب: استويت على ظهر الدابة، واستويت على السطح، بمعنى علوته، واستوت الشمس على رأسي، واستوى الطير على قمة رأسي، بمعنى علا في الجو فوجد فوق رأسي، فالقديم جل جلاله عال على عرشه، يدلك على أنه في السماء عال على عرشه قوله: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء [الملك: 16]، وقوله: يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران: 55]، وقوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فاطر: 10]، وقوله: ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ [السجدة: 5]
وزعم البلخي أن استواء الله على العرش هو الاستيلاء عليه، مأخوذ من قول العرب: استوى بشر على العراق، أي استولى عليها، وقال: إن العرش يكون "الملك"، فيقال له: ما أنكرت أن يكون عرش الرحمن جسماً خلقه، وأمر ملائكته بحمله؟ قال وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة: 17]، وأمية يقول:
مجدوا الله فهو للمجد أهل ربنا في السماء أمسى كبيرا
بالبناء الأعلى الذي سبق الناس وسوى فوق السماء سريرا


قال: مما يدل على أن الاستواء ههنا ليس بالاستيلاء أنه لو كان كذلك لم يكن ينبغي أن يخص العرش بالاستيلاء عليه دون سائر خلقه، إذ هو مستول على العرش، وعلى الخلق، ليس للعرش مزية على ما وصفته، فبان بذلك فساد قوله.
ثم يقال له أيضاً: إن الاستواء ليس هو الاستيلاء الذي هو من قول العرب: استوى فلان على كذا، أي: استولى، إذا تمكن منه بعد أن لم يكن متمكناً، فلما كان الباري عز وجل لا يوصف بالتمكن بعد أن لم يكن متمكناً لم يصرف معنى الاستواء إلى الاستيلاء.
ثم ذكر ما حدثه نفطويه عن داود بن علي عن ابن الأعرابي – وقد مر – ثم قال: فإن قيل: ما تقولون في قوله: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء [الملك: 16]؟ قيل له: معنى ذلك أنه فوق السماء على العرش، كما قال: فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ [التوبة: 2]، بمعنى: على الأرض، وقال: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه: 71]، فكذلك: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء [الملك: 16]. فإن قيل: فما تقولون في قوله: وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ [الأنعام: 3]؟ قيل له: إن بعض القراء يجعل الوقف في: السَّمَاوَاتِ، ثم يبتدئ: وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ، وكيفما كان فلو أن قائلاً قال: فلان بالشام والعراق ملك، لدل على أن ملكه بالشام والعراق، لا أن ذاته فيهما...".
إلى أن قال: "وإنما أمرنا الله برفع أيدينا قاصدين إليه برفعهما نحو العرش الذي هو مستو عليه" (1) ا هـ.
قلت: فانظر إلى حكايته عن المعتزلة القول بأن العرش: الملك، ثم انظر إلى ما قاله عبدالقاهر البغدادي في الاستواء: "والصحيح عندنا تأويل العرش في هذه الآية على معنى الملك" (2) ا هـ.
وانظر أيضاً إبطاله لتفسير الملك بالاستيلاء والقهر، وجعل هذا من أقوال الجهمية، ثم انظر إلى ما قاله أبو المعالي الجويني: "لم يمتنع منا حمل الاستواء على القهر والغلبة" (3) ا هـ.
القاضي أبو بكر محمد بن الطيب البصري الباقلاني:
قال في كتاب (الإنصاف): "فنص تعالى على إثبات أسمائه وصفات ذاته، وأخبر أنه ذو الوجه الباقي بعد تقضي الماضيات، كما قال عز وجل: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88]، وقال وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27]، واليدين اللتين نطق بإثباتهما له القرآن في قوله عز وجل: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64]، وقوله: قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ [ص: 75]، وأنهما ليستا جارحتين، ولا ذوي صورة وهيئة، والعينين اللتين أفصح بإثباتهما من صفاته القرآن، وتواترت بذلك أخبار الرسول عليه السلام؟ فقال عز وجل: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39] و تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14]، وأن عينه ليست بحاسة من الحواس، ولا تشبه الجوارح والأجناس" (4) ا هـ.
وقال الذهبي في (العلو): "قال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب البصري الباقلاني الذي ليس في المتكلمين الأشعرية أفضل منه مطلقاً في كتابه (الإبانة) من تأليفه: فإن قيل فما الدليل على أن لله وجهاً؟ قيل: قوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن: 27]، وقوله: مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75]، فأثبت لنفسه وجهاً ويداً.
فإن قيل: فما أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة، إذ كنتم لا تعقلون وجهاً ويداً إلا جارحة؟ قلنا: لا يجب هذا، كما لا يجب في كل شيء كان قديماً بذاته أن يكون جوهراً، لأنا وإياكم لم نجد قديماً بنفسه في شاهدنا إلا كذلك.
وكذلك الجواب لهم إن قالوا: فيجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضاً، واعتلوا بالوجود.
فإن قيل: فهل تقولون إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله، بل هو مستو على عرشه، كما أخبر في كتابه فقال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5]، وقال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فاطر: 10]، وقال: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء [الملك: 16].
قال: ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه وفي الحشوش، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، ويصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا ويميننا وشمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه، وتخطئه قائله. إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفاً بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضا.
وقال مثل هذا القول في كتاب (التمهيد) (5) له.
وقال في كتاب (الذب عن أبي الحسن الأشعري) كذلك: قولنا في جميع المروي عن رسول الله في صفات الله إذا صح من إثبات اليدين والوجه والعينين، ونقول: إنه يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام، وإنه ينزل على السماء الدنيا كما في الحديث، وإنه مستو على عرشه...".
إلى أن قال: "وقد بينا دين الأئمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف، ولا تحديد، ولا تجنيس، ولا تصوير، كما روي عن الزهري وعن مالك في الاستواء، فمن تجاوز هذا فقد تعدى وابتدع وضل.
قلت – أي: الذهبي معلقاً -: فهذا النفس نفس هذا الإمام، وأين مثله في تبحره وذكائه وبصره بالملل والنحل، فلقد امتلأ الوجود بقوم لا يدرون ما السلف، ولا يعرفون إلا السلب، ونفي الصفات وردها، صم بكم غتم عجم، يدعون إلى العقل ولا يكونون على النقل" (6) ا هـ.
نقل كلام أبي الحسن الأشعري في (الإبانة): "فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة أبي الحسن هذه، ولزموها، لأحسنوا، ولكنهم خاضوا كخوض حكماء الأوائل في الأشياء، ومشوا خلف المنطق، فلا قوة إلا بالله" (7) ا هـ. (

موقع درر
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الأحد ; 10-05-2015 الساعة 04:03 PM سبب آخر: العنوان
رد مع اقتباس