عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 08-06-2011, 01:30 AM
ابو جندل المصري ابو جندل المصري غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الملك بن عطية مشاهدة المشاركة
أولا: المظاهرات السلمية لا تعد خروجا على الحاكم


حينما يستعمل العلماء كلمة (الخروج) فهم يقصدون : الخروج المسلح للقتال . وواقع هذه المظاهرات أنها لا علاقة لها بالخروج على الحاكم ، فعن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم" ، قيل : يا رسول الله ، أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال: "لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة" (صحيح مسلم)

انظر الى لفظ "بالسيف" .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ" (مسلم)

قال ابن رجب الحنبلي في (جامع العلوم والحكم) : وهذا يدلُّ على جهاد الأمراءِ باليد . وقد استنكر الإمامُ أحمد هذا الحديث في رواية أبي داود ، وقال : هو خلافُ الأحاديث التي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها بالصَّبر على جَوْرِ الأئمة . وقد يجاب عن ذلك : بأنَّ التَّغييرَ باليدِ لا يستلزمُ القتالَ . وقد نصَّ على ذلك أحمدُ أيضاً في رواية صالحٍ ، فقال : التَّغييرُ باليد ليسَ بالسَّيف والسِّلاح ، وحينئذٍ فجهادُ الأمراءِ باليد أنْ يُزيلَ بيده ما فعلوه مِنَ المنكرات ، مثل أنْ يُريق خمورَهم أو يكسِرَ آلات الملاهي التي لهم ، ونحو ذلك ، أو يُبطل بيده ما أمروا به مِنَ الظُّلم إن كان له قُدرةٌ على ذلك، وكلُّ هذا جائزٌ، وليس هو من باب قتالهم، ولا مِنَ الخروج عليهم الذي ورد النَّهيُ عنه، فإنَّ هذا أكثرُ ما يخشى منه أن يقتل الآمر وحده.

قلت : انظر إلى قول الامام احمد في رواية صالح : التَّغييرُ باليد ليسَ بالسَّيف والسِّلاح ، والمظاهرات كانت سلمية ولم تستخدم السيف ولا السلاح .

أقول : بل إن الإمام أحمد صرح بأن الانكار بالقول لا يعتبر خروجا فيما حكاه عنه ابن حزم في [الفصل ج4/132] : قال أبو محمد : اتفقت الامة كلها علي وجوب الامر بالمعروف والنهي المنكر بلا خلاف من احد منهم ... ثم اختلفوا في كيفيته ؛ فذهب بعض اهل السنة من القدماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم ، وهو قول أحمد بن حنبل وغيره وهو قول سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وابن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم ، إلي أن الفرض من ذلك إنما هو بالقلب فقط ولا بد أو باللسان إن قدر علي ذلك ولا يكون بسل السيوف ووضع السلاح اصلا . ا.هـ فهذا اتفاق ممن يقول بالمنع من الخروج ان اللسان لا يدخل في المنع وكذلك باليد ، فتبين مما سبق اتفاق الجميع أن المراد بالخروج الذي هو محل النزاع هو الخروج بالسيف والسلاح .

عن كعب بن عجرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن جلوس على وسادة آدم فقال : ( سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس يرد علي الحوض ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وهو وارد علي الحوض ) (صحيح) (الترمذي)

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه عمهم الله بعقابه" رواه أبو داود ، والترمذي وقال: حسن صحيح، وابن ماجه، والبيهقي .

وقال أيضا "سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" رواه الحاكم بسند صحيح .

ولذلك أقول :
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا تعلق بالحاكم وخُرج بإطلاق حكم استباقي عام برجحان مفسدة الانكار على مصلحته فهذا عين الرجم بالغيب .
- أنه يلزم على اعتبار المظاهرات السلمية خروجا على الحكام وصفَ خيرة السلف بهذا الوصف الشنيع ؛ لما وقع منهم من الإنكار العلني على الحكام ، وكفى بهذا اللازم دليلا على بطلان المقالة .
- أن هذا الوصف بالخروج صار سيفا على رقاب المصلحين وحصنا حصينا للظالمين من الولاة و الطواغيت .

قال أبو محمد في [الفصل في الملل] : اتفقت الأمة كلها على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف من أحد منهم ؛ لقول الله تعالى "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" .
ثم اختلفوا في كيفيته : فذهب بعض أهل السنة من القدماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم ، وهو قول أحمد بن حنبل وغيره وهو قول سعد بن أبي وقاص وأسامة ابن زيد وابن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم ، إلى أن الغرض من ذلك إنما هو بالقلب فقط ولا بد ، وباللسان إن قدر على ذلك ، ولا يكون باليد ولا بسل السيوف ووضع السلاح أصلا . ا.هـ

اقول : وهذه المظاهرات كانت سلمية ، وسوف يَرِدُ لاحقا في البحث ردُّ ابن حزم على جواز الخروج بالسلاح أيضا.

أما ثبوت الإنكار على الولاة علانية أمامهم وعلى ملأ من الناس؛ فإنه لا يُماري فيه إلا رجلٌ رَضِيَ لنفسه أن يحكم عليها بالجهل؛ إذ أن هذا أوضح من أن يحتاج إلى إيضاح لا في تاريخ السلف فقط، أو في كتب التراجم، بل في دواوين السنة، بما في ذلك الصحيحين في غير موضع.

في الموطأ : عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدِم الكوفةَ على سعد بن أبي وقاص، وهو أميرها [أي سعد] فرآه عبدالله بن عمر يمسح على الخفين، فأنكر عليه، فقال له سعد: سَلْ أباك إذا قدمت عليه، فقدم عبد الله، فنسي أن يسأل عمر عن ذلك، حتى قدم سعد، فقال أسألتَ أباك، فقال عمر: إذا أَدْخلتَ رجليك في الخفين وهما طاهرتان؛ فامسح عليهما، قال عبدالله: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ فقال عمر: وإن جاء أحدكم من الغائط [الموطأ، (49)].

مع أن الحق لم يكن مع عبد الله بن عمر الذي أنكر على الأمير بل كان الحق مع الأمير، فقد أنكر عبدالله بن عمر على أمير البلدة سعد بن أبي وقاص؛ لأن ابن عمر قد اعتقد خطأ الأمير في مسحه على الخفين في الحَضَر؛ فأنكر عليه، وتأمل ما قاله بعض شرَّاح الموطأ في هذا الأثر. قال في (المنتقى شرح الموطأ): (إنكار عبدالله بن عمر على سعد بن أبي وقاص المسح على الخفين في الحضر وهو أمير البلدة، على ما عُلِم من حال الصحابة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولا يهابون في ذلك أميرًا، ولا غيره) اهـ [المنتقى شرح الموطأ، الباجي، (1/75)].

روى البخاري رحمه الله بسنده عن زيد بن وهب قال: مررت بالرَّبَذَة، فإذا بأبي ذر رضي الله عنه، فقلتُ له: ما أنزلك منزلَك هذا؟ قال: كنتُ بالشام فاختلفتُ أنا ومعاوية في الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلتُ [أي أبو ذر]: نزلت فيْنا وفيهم؛ فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إليَّ عثمانُ أنِ اقدَم المدينة، فقدمتُها، فكثُر عليَّ الناسُ حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرتُ ذلك لعثمان؛ فقال لي: إن شئتَ تنحيْتَ فكنتَ قريبًا، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمَّروا عليَّ حبشيًّا لسمعتُ وأطعتُ) [رواه البخاري، (1406)].

في هذا الحديث فوائد جمةٌ سأخصُّها ببحث ـ إن شاء الله ـ وأكتفي منها بالآتي:
قد كان أبو ذر يتأول الآية المذكورة على أنه يجب ألا يبيتَنَّ أحدٌ وعنده دينار ولا درهم إلا ما ينفقه في سبيل الله، أو يُعِدُّه لغَريم، لذا أنكر على معاوية في ذلك، واشتهر هذا الإنكار، وكان معاوية رضي الله عنه حاكم البلاد، وقد كانت فتنة الخوارج في بداية ظهورها، ومع هذا لم يترك أبو ذر رضي الله عنه الإنكار الذي رآه واجبًا عليه، ولم يَعُدّ أحدٌ من أهل العلم أبا ذر رضي الله عنه من الخوارج، ولم يكن الإنكار بين أبي ذر وبين معاوية في السر، بل إن معاوية رضي الله عنه خشي الفتنة؛ فأرسل إلى الحاكم الأعلى عثمان رضي الله عنه يشكو إليه.

وتأمل ما يقوله ابنُ بطَّال في شرحه على البخاري: (إنما كتب معاوية [والي الشام] إلى عثمان يشكو أبا ذر؛ لأنه كان كثير الاعتراض عليه، والمنازعة له، وكان وقع في جيشه تشتيتٌ من مَيْلِ بعضِهم إلى قول أبي ذر؛ فلذلك أَقْدَمَه عثمانُ إلى المدينة، إذ خشي الفتنةَ في الشام ببقائه، لأنه كان رجلًا شديدًا، لا يخاف في الله لومة لائم، وقال المهلب: وكان هذا توقيرًا من معاوية لأبي ذر حين كتب إلى السلطان الأعلى يستجلِبه، وصانَه معاويةُ من أن يُخرجه، فتكون عليه وصمة) اهـ [شرح ابن بطال على صحيح البخاري، (5/452)].

وروى الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج في صحيحه بسنده إلى أبي سعيد الخدْري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر، فيبدأ بالصلاة، فإذا صلَّى وسلم قام، فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم ... فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم، فخرجتُ مخاصرًا مروان، حتى أتينا المصلى، فإذا كثيرُ بن الصلت قد بنى منبرًا من طين ولَبِن، فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر، وأنا أجرُّه نحو الصلاة، فلما رأيت ذلك منه، قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ فقال: لا يا أبا سعيد، قد تُرِك ما تعلم، قلت (أبو سعيد): كلا، والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم، ثلاث مرات ثم انصرف) [رواه مسلم، (2090)].

في الحديث إنكار أبي سعيد الخدري على الوالي على رءوس الناس يوم العيد، وفي الحضور عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكثير من التابعين، وما أنكر أحد على أبي سعيد ما فعله، بل أقره الناس على ذلك، وما نعلم أحدًا نسب إلى أبي سعيد أنه خارجيٌّ؛ لإنكاره في هذا المشهد العظيم على الوالي، والحادثة مشتهرة في كتب السنة.

وما ذكرتُه هنا ليس منهج الخوارج بل كلام أهل الهدى والفضل، فقد قال أبو زكريا يحيى النووي تعليقًا على هذا الحديث: (وفيه أن الخطبة للعيد بعد الصلاة، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان المنكر عليه واليًا) [شرح النووي على مسلم، (3/280)].

ثم زاد النووي في تعليقه فقال: (وفيه أن الإنكار عليه ـ أي على الوالي ـ يكون باليد لمن أمكنه، ولا يجزي عن اليد اللسان مع إمكان اليد) [شرح النووي على مسلم، (3/280)].

وقد ذكر النووي هذا الحديث برواية أخرى في باب: بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وذكر فوائد حقُّها أن تُكتَب بماء الذهب، فراجعها غيرَ مأمورٍ، ومنها قال: (قال العلماء: ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات، بل ذلك جائز لآحاد المسلمين) [شرح النووي على مسلم، (1/131)].

والحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي صاحب الجامع قد بوب في جامعه: باب ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب، وساق في الباب أحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبدأ بخبر مروان؛ فقال الترمذي: حدثنا بُنْدار، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان عن قَيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: أولُ مَنْ قدَّم الخطبة قبل الصلاة مروان، فقام رجل، فقال لمروان: خالفتَ السنةَ، فقال: يا فلان تُرِكَ ما هنالك، فقال أبو سعيد: أمَّا هذا فقد قَضَى ما عليه، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكرًا فلينكره بيده، ومن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه الترمذي، (2327)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (2172)]، فهل كان الحافظ الترمذي أحدَ الخوارج يوم بوَّب هذا الباب، وساق حديث إنكار المنكر على الوالي على رءوس الناس، وغيره؟!

وقد علق المباركفوري رحمه الله صاحب تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي، وقد نقل كثيرًا من كلام النووي، وفيه: (اعلم أن هذا الباب، أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد ضُيِّع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه إلا رسومٌ قليلة جدًّا، وهو باب عظيم، به قِوام الأمر ومَلاكه، وإذا كثُر الخبث عمَّ العقابُ للصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، فينبغي لطالب الآخرة، والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب، فإن نفعه عظيم لاسيما وقد ذهب معظمه، ويخلص نيته، ولا يهابَنَّ مَنْ يُنكر عليه لارتفاع مرتبته؛ فإن الله تعالى قال: {وَلَيَنْصُرَن اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]) اهـ [تحفة الأحوذي، المباركفوري، (5/464)].

ويشهد لهذا المعني وهو ان الانكار باللسان لايعتبر منكرا فضلا عن انه واجب ماثبت في حديث ام سلمة في صحيح مسلم( سيكون عليكم ائمة تعرفون وتنكرون فمن انكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع)فالذي يكره محله القلب ، والذي ينكر فأقل درجاته المتفق عليها اللسان .

يقول الشيخ العلامة عبدالرحمن البراك [تلميذ الشيخ عبد العزيز بن باز ؛ درس عليه خمسين سنة ، كما درس على الشنقيطي وعبد الرزاق عفيفي وغيرهم] :
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلامُ على سيِّدِ المرسلين، المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:
فإنَّ من آيات الله الدالةِ على قدرته سبحانَه أن تقوم مظاهراتٌ سلميةً يجمع عليها جمهور أكثرِ بلد عربي إسلامي عدداً، فتطيح بحكومة مضت عليها ثلاثون سنة، ومن نعم الله أن ما حصل من قتل وإصابات لم يكن من فعل المحتجين، بل من فعل خصومهم من أصحاب السلطة والسفهاء المأجورين، فالحمد لله على ما حصل من المطلوب لشعب مصر، وزال من المكروه المحذور، وسبحان الذي يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعزُّ من يشاء، ويذلُّ من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

يقول الشيخ حاتم العوني:
فالمظاهرات السلمية، التي لا تُشهر السلاح، ولا تسفك الدماء، ولا تخرج للاعتداء على الأنفس والممتلكات ليست خروجًا مسلحًا على الحكام؛ ولذلك فلا علاقة للمظاهرات السلمية بتقريرات الفقهاء عن الخروج وأحكامه؛ لأنها ليست خروجًا، ومن أدخلها في هذا الباب فقد أخطأ خطأً بيّنًا. والمظاهرات السلمية هي وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي، ومن وسائل التغيير، ومن وسائل الضغط على الحاكم للرضوخ لرغبة الشعب. فإن كان الرأيُ صوابًا، والتغييرُ للأصلح، ورغبةُ الشعب مشروعةً - كانت المظاهرةُ حلالاً.
ومع أن الوسائل من المصالح المرسلة التي لا تتوقف مشروعيّتها على ورود النص الخاص بها؛ لأن عمومات النصوص ومقاصد الشريعة تدلّ على مشروعيتها؛ فقد سبق السلف من الصحابة الكرام إلى عمل مظاهرة بصورتها العصرية: فإن من خرج من الصحابة يوم الجمل للمطالبة بدم عثمان وعلى رأسهم الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعائشة أجمعين، وكانوا ألوفًا مؤلّفة، خرجوا من الحجاز للعراق، ولم يخرجوا لقتال ابتداءً (كما يقرره أهلُ السُّنَّة في عَرضهم لهذا الحدَث). وإذا لم تخرج تلك الألوفُ للقتال، فلم يبق إلاّ أنهم قد خرجوا للتعبير عن الاعتراض على عدم الاقتصاص من قتلة عثمان ، وللضغط على أمير المؤمنين وخليفة المسلمين الراشد علي بن أبي طالب ؛ لكي يبادر بالقصاص من قتلة عثمان. وهذه مظاهرة سلفية، بكل معنى الكلمة، وقعت في محضر الرعيل الأول من الصحابة الكرام، ولا أنكر عليهم عليٌّ أصلَ عملهم، ولا حرّمه العلماء، ولا وصفوه بأنه خروج على الحاكم. مع ما ترتب على هذا الحدَث من مفسدة؛ لأن مفسدته كانت طارئةً على أصل العمل، ودخيلةً عليه.
والمهم هو موقف عليّ ، فهو من كانت تلك المظاهرة ضدّه، ومع ذلك فما شنّع على الذين تَجمّعوا بدعوى حُرمة مجرد التجمع والمجيء للعراق، ولو كان تَجمُّعهم وتوجّههم للعراق منكرًا، لأنكره عليهم عليٌّ ، بل حتى لو أنكره عليهم، فيكفي أن يخالفه الزبير وطلحة وعائشة ومن معهم من الصحابة أجمعين، لبيان أن مسألة مظاهرتهم مسألةٌ خلافية.
- فلا هناك نصٌّ خاص من نصوص الوحي (القرآن أو السنة) يدل على تحريم المظاهرات، فيلزم المسلمين التعبُّد بالرضوخ له.
- ولا يرفضها العقل مطلقًا؛ لعدم جريان العادة التي لا تتخلف بكونها مُفسدةً.
- والواقع يشهد بأن من المظاهرات ما أصلح ونفع وأفاد، ومنها ما هو بخلاف ذلك. فلا يصحّ ادّعاءُ أن واقعها يدل على تحريمها.
هذا هو حكم المظاهرات، كما تقرره أصول العلم وقواعده. والله أعلم. (نقل بتصرف)

ونصوص الشرع جاءت عامة في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لم تحدد كيفية ، فمثلا : الإنكار باللسان قد يكون كتابة ، وقد يكون مشافهة ، وقد يكون عبر الوسائل الحديثة مثل التليفون او الدوائر المغلقة ، ولا يتصور أن يعترض أي أحد علي هذه الوسائل ، فكذلك أمر المظاهرة هي وسيلة تشملها نصوص الأمر بالمعروف ، ولم يتعبدنا الشرع بطريقة معينة مثل إثبات دخول رمضان مثلا .

وقولهم إن هذا تشبه كلام مرفوض ؛ لأن باب التشبه فيما إذا ثبت شئ معين في الشرع ، فقد هم النبي صلي الله عليه وسلم أن ينهي عن الغيلة ثم قال : "رأيت فارس والروم تفعلها" .. فهل هذا تشبه وقد كان يلبس الجبة الرومية(وهي التي تسمي اليوم تي شيرت)؟!

قال الامام النووي في شرحه على صحيح مسلم : لَا تُنَازِعُوا وُلَاة الْأُمُور فِي وِلَايَتهمْ ، وَلَا تَعْتَرِضُوا عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ تَرَوْا مِنْهُمْ مُنْكَرًا مُحَقَّقًا تَعْلَمُونَهُ مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَنْكِرُوهُ عَلَيْهِمْ ، وَقُولُوا بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنْتُمْ ، وَأَمَّا الْخُرُوج عَلَيْهِمْ وَقِتَالهمْ فَحَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَة ظَالِمِينَ .

أقول : وقوله (قولوا بالحق حيث ما كنتم) فيه إشارة على عدم اشتراط أن يكون وجه لوجه مع الحاكم ، وإشارة منه أيضا أن القول باللسان لا يعتبر خروجا بحال ، وهو ما تتابع عليه كل من صنف في المسألة ، أي جعلهم الخروج المراد به القتال والسيف ، وأن القول لا يعد خروجا .


أما قوله (بإجماع المسلمين) فليس بصحيح لما سيأتي .





اولا مسألة اعتراف الحكومة بالثورة لا يهمنا
الذى يهمنا هو شرعنا
وليس قول فلان وفلان
وايضا الحكومة الان تحكم بالديموقراطية
اذا انتم موافقون على الديموقراطية
ثانيا
الم يقتل في المظاهرات شباب وغيرهم
ثالثا
اليس المولتوف والحجارة من ضمن وتدخل في حكم السيف لانها اعتداء
واين المحال وترويع الامنين
واين الامن والامان
كنا نجلس في شوارعنا وامام بيوتنا لنحافظ عليها
وهم في حماية الجيش في الميدان
انا لا انسي ما كان يحدث لاطفالنا من رعب وخوف في الليل
ولا تقول لى بفعلهم ولنقول بفعلهم
ولكنه بسبب الفوضى
الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها )
"السلسلة الصحيحة" (رقم/2318)

والله المستعان
واما الفتاوى
فاليك ايضا رد المشايخ الاكابر



حكم المظــاهرات الشيخ ابن باز والعثيمين والالبانى رحمهم الله والشيخ صالح الفوزان - حفظه الله


كلام الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله
قال رحمه الله : فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق ، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله ، أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات ، ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شرَّاً عظيماً على الدعاة ، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة .



فالطريق الصحيح :
بالزيارة ، والمكاتبات بالتي هي أحسن فتنصح الرئيس ، والأمير ، وشيخ القبيلة
بهذه الطريقة ، لا بالعنف والمظاهرة
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ، ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم ، واغتيالهم ، ولا شك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة ، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها و مضادتها بكل ممكن ، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب ، لكن يحصل به ضده ، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر الدعوة ويضايقها
أو يقضي عليها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله )
إ.هـ [مجلة البحوث الإسلامية – العدد : 38صـ210
------------



- و سئل – رحمه الله - : هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة ؟


وهل من يموت فيها يعتبر شهيدا في سبيل الله؟

فأجاب :
( لا أرى المظاهرات النسائية و الرجالية من العلاج، ولكنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حق .

ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير، بالطرق السلمية، هكذا سلك أهل العلم، وهكذا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئين ومع الأمير ومع السلطان، بالاتصال به و مناصحته والمكاتبة له، دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا.
والله المستعان
[ نقلاً عن شريط بعنوان مقتطفات من أقوال العلماء ] .

كلام الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
سُئل – رحمه الله تعالى – هذا السؤال :
هل تعتبر المظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة المشروعة؟
فأجاب :
( الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن المظاهرات أمر حادث ، لم يكن معروفاً في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ولا في عهد الخلفاء الراشدين ، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم .
ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمراً ممنوعاً ، حيث يحصل
فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها ..
ويحصل فيه أيضاً اختلاط الرجال بالنساء ، والشباب بالشيوخ ، وما أشبه من المفاسد والمنكرات .
وأما مسألة الضغط على الحكومة :
فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واعظاً
كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - ، وهذا خير ما يعرض على المسلم .
وإن كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء " المتظاهرين "
وسوف تجاملهم ظاهراً ، وهي ما هي عليه من الشر في الباطن
لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر .
وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية ، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية ، وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار ، وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان )
[ انظر : الجواب الأبهر لفؤاد سراج ، ص75 ] .





حكم المظاهرات :الشيخ الألباني


فهذا سؤال وجه إلى أحد من العلماء الربانيين الراسخين في العلم وهو العلامة أسد السنة ناصر الدين الألباني تغمده الله برحمته
جواب الشيخ ناصر رحمة الله عليه :- المرجع شريط فتاوى جدة رقم 12 -
السؤال: فضيلة الشيخ عندي أسئلة مهمة جدا وهي تخص بعض الشباب، فهذه المسألة، وأستسمح من إخوتي الكرام لأنها مهمة جدا للأمة أن ألقيها على فضيلتكم وهي أولا: ماحكم هذه المظاهرات؟ مثلا يجتمع كثير من الشباب أو الشابات ثم يخرجون إلى الشارع ,الألباني: والشابات أيضا؟ السائل: نعم , الألباني: ما شاء الله! السائل: قد حدث هنا، يخرجون إلى الشوارع مستنكرين لبعض الأفعال التي يفعلها الطواغيت أو لبعض ما يأمر به هؤلاء الطواغيت أو ما يطالب به غيرهم من الأحزاب الأخرى السياسية المعارضة، ماحكم هذا العمل في شرع الله؟
الألباني: أقول وبالله التوفيق الجواب عن هذا السؤال يدخل في قاعدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، الشك مني الآن، قال : قال رسول الله : ( بعثت يبن يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).الشاهد من الحديث قوله عليه الصلاة والسلام (ومن تشبه بقوم فهو منهم)، فتشبه المسلم بالكافر لا يجوز في الاسلام، وهذا التشبه له مراتب من حيث الحكم ابتداء من التحريم وأنت نازل إلى الكراهة، وقد فصل في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه العظيم المسمى (اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم) تفصيلا لا نجده عند غيره -رحمه الله-، وأريد ان أنبه إلى شيء آخر ، ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا له وأن لا يظنوا أن التشبيه هو فقط المنهي عنه في الشرع،،فهناك شيء آخر أدق منه ألا وهو مخالفة الكفار، فالتشبه بالكفار أن تفعل فعلهم، أما مخالفة الكفار فأن تتقصد مخالفتهم في ما يفعلونه حتى لو كان هذا الفعل الصادر منهم فعلا لا يملكون التصرف فيه بخلاف ما فرض عليهم فرضا كونيا، كمثل الشيب الذي هو سنة كونية، لا يختلف فيه المسلم عن الكافر لأنه ليس في طوعهم ولافي إرادتهم وإنما هي سنة الله تبارك وتعالى في البشر ولن تجد لسنة الله تبديلا، ومع ذلك فقد صح عن النبي أنه قال: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم)، فقد يشترك المسلم مع الكافر في شيبه وهو مفروض عليهما لا فرق، فلا تجد مسلما لا يشيب إلا ماندر جدا كما أنك لا تجد كذلك كافرا من باب أولى، فيصبح هنا اشتراك في المظهر بين المسلم وبين الكافر في أمر لا يملكانه كما قلنا آنفا، فأمرنا رسول الله أن نتقصد مخالفة المشركين في أن نصبغ شعورنا سواء كان هذا الشعر لحية أوشعر رأس، لماذا؟ ليظهر الفرق بين المسلم والكافر، فما بالكم إذا كان الكافر يتكلف عمل شيء ثم يأتي بعض المسلمين فيفعلون فعلهم ويتأثرون بأعمالهم، فهذا أشد وأنكى من المخالفة، لذلك أردت التنبيه قبل أن أمضي فيما أنا بصدده من بيان الجواب الذي وجه السؤال عنه، فإذا عرفتم الفرق بين التشبه وبين المخالفة، حينئذ فالمسلم الصادق في إسلامه يحاول دائما وأبدا ،ليس أن يتشبه بالكافر وإنما يتقصد مخالفة الكافر،
ومن هنا نحن سننا وضع الساعة في اليد اليمنى، لأن العادة الكافرة وهم الذين اخترعوا هذه الساعة فإنما يضعونها في يسراهم، وهذا مما استنبطناه من قوله عليه السلام: ( فخالفوهم )، عرفتم هذا الحديث: ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم)، فكما يقول شيخ الاسلام في ذاك الكتاب ، فقوله عليه السلام : (فخالفوهم) ؛ جملة تعليلية تشير إلى أن مخالفة الكفار مقصود للشارع الحكيم حيثما تحققت هذه المخالفة، ولذلك نجد لها تطبيقا في بعض الأحكام الأخرى ولو أنها ليست في حكم الوجوب، كمثل قوله عليه الصلاة والسلام: (صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود) علما بأن الصلاة في النعال ليس فرضا بخلاف إعفاء اللحية فهو فرض يأثم حالقها، أما الصلاة منتعلا فهو أمر مستحب، إذا ثابرالمسلم وواظب على إقامة الصلاة دائما وأبدا حافيا غير منتعل فقد خالف السنة ولم يخالف اليهود المتنطعين في دينهم، وقد جاء في بعض المعاجم من كتب السنة أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان في جمع فأقيمت الصلاة، وكان فيهم صاحبه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنهما- فقدمه ليصلي بالناس إماما لعلم ابن مسعود أولا بان النبي كان معجبا بقراءة أبي موسى هذا-رضي الله عنه- حيث قال له ذات يوم: (لقد مررت بك البارحة يأبا موسى ، فاستمعت لقراءتك)، فقال عليه الصلاة والسلام: (لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير داود عليه السلام)، فلما سمع هذا الثناء أبو موسى من النبي ،قال: (يا رسول الله لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا)، بما يعلم ابن مسعود من رضا النبي عن قراءة أبي موسى الأشعري، قدمه إماما، مع أن ابن مسعود ليس دون أبي موسى فضلا في القراءة، بل لعله أعلى وأسمى منه في ذلك، فقد قال النبي : (من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل ، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)، مع ذلك فهذا في الواقع يعطينا درسا عمليا نحن المسلمين في آخر الزمان ، حيث قد نجد صحوة علمية ولكننا مع الأسف لا نجد معها صحوة سلوكية أخلاقية ، فلا تؤاخذوني إذا قلت لكم إنني أشعر أنكم حينما تدخلون في هذا المكان تتزاحمون وتتنافرون، وهذا ليس من الأخلاق الإسلامية في شيء، فيجب أن نمثل الصحوة في جانبيها ؛في العلم وفي السلوك والأخلاق. الشاهد أن بن مسعود فيما نرى نحن هو أقرأ من أبي موسى ومع ذلك تواضع مع صاحبه وآثره وقدمه ليصلي به وبالناس الحاضرين إماما، فتقدم أبو موسى -رضي الله عنه- وكان -الشاهد- منتعلا، فخلع نعليه، فقال له بن مسعود مستنكرا عليه أشد الاستنكار; أهذه اليهودية؟ أفي الواد المقدس أنت؟،يشير إلى قوله عليه السلام : (صلوا في نعالكم، خالفوا اليهود)، إذا عرفتم هاتين الحقيقتين النهي عن التشبه من جهة والحض على مخالفة المشركين من جهة أخرى، حينذاك وجب علينا ان نجتنب كل مظاهر الشرك والكفر مهما كان نوعها مادام أنها تمثل تقليدا لهم ، ولكي نتحاشى أن يصدق علينا نحن معشر المنتمين إلى العمل بالكتاب والسنة قوله عليه الصلاة والسلام: ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع ،حتى لو سلكوا أو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، هذا خبر من النبي يتضمن تحذيرا وذلك لأن هذه الأمة كما قال النبي في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة)، وفي رواية: (حتى يأتي أمر الله)، إذن قد بشرنا الرسول في هذا الحديث الصحيح بأن الأمة لا تزال في خير، فعندما يأتي ذلك الإخبار الخطير( لتتبعن سنن من قبلكم)، فلا يعني أن كل فرد من أفراد الأمة سيتبع سنن الكفار وإنما سيكون ذلك في هذه الأمة ، فحينما يقول (لتتبعن) فهو بمعنى التحذير أي إياكم أن تتبعوا سنن من قبلكم فإنه سيكون منكم من يفعل ذلك، وقد جاء في رواية أخرى خارج الصحيحين وهي ثابتة عندي ، يمثل فيها الرسول تقليد الكفار إلى درجة خطيرة لا يكاد الانسان لا يصدق بها إلا إذا كان مؤمنا خالصا، ثم الواقع يؤكد ذلك، قال عليه السلام في تلك الرواية: ( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق، لكان فيكم من يفعل ذلك)، حتى لو كان فيهم من يأتي أمه، يزني بأمه وليس ساترا على نفسه وعلى أمه بل على مرئ من الناس وعلى قارعة الطريق، لكان فيكم من يفعل ذلك، التاريخ العصري اليوم يؤكد أن ما نبأنا النبي من اتباع بعض هذه الأمة لسنن من قبلنا قد تحقق إلى مدى بعيد وبعيد جدا، وإن كنت أعتقد ان لهذا التتبع بقية، فقد جاء في بعض الأحاديث الثابتة أن النبي قال: ( لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس على الطرقات تسافد الحمير)، وهو الفاحشة، على الطرقات كما تتسافد الحمير، هذا هو منتهى التشبه بالكفار، إذا علمتم النهي عن التشبه والأمر بالمخالفة، نعود الآن. هذه التظاهرات التي كنا نراها بأعيننا في زمن فرنسا وهي محتلة لسوريا ونسمع عنها في بلاد أخرى وهذا ما سمعناه الآن في الجزائر، لكن الجزائر فاقت البلاد الأخرى في هذه الضلالة وفي هذا التشبه ، لأننا ما كنا نرى أيضا الشابات يشتركن في التظاهرات، فهذا منتهى التشبه بالكفار والكافرات، لأننا نرى في الصور أحيانا وفي الأخبار التي تذاع في التلفاز والراديو ونحو ذلك خروج الألوف المؤلفة من الكفار سواء كانوا أوربيين أو صينيين أو نحو ذلك......يقولوا في التعبير الشامي وسيعجبكم هذا التعبير ، يخرجون رجالا ونساء( خليط مليط)، يتزاحمون الكتف بالكتف وربما العجيزة بالقبل، ونحو ذلك، هذا هو تمام التشبه بالكفار، أن تخرج الفتيات مع الفتيان يتظاهرون، أنا أقول شيئا آخر بالإضافة إلى أن التظاهر ظاهرة فيها تقليد للكفار في أساليب استنكارهم لبعض القوانين التي تفرض عليهم من حكامهم أو إظهار منهم لرضا بعض تلك الأحكام أو القرارات ،أضيف إلى ذلك شيئا آخر ألا وهو: هذه التظاهرات الأوربية ثم التقليدية من المسلمين، ليست وسيلة شرعية لإصلاح الحكم وبالتالي إصلاح المجتمع، ومن هنا يخطئ كل الجماعات وكل الأحزاب الاسلامية الذين لا يسلكون مسلك النبي في تغيير المجتمع، لا يكون تغيير المجتمع في النظام الاسلامي بالهتافات وبالصيحات وبالتظاهرات، وإنما يكون ذلك على الصمت وعلى بث العلم بين المسلمين وتربيتهم على هذا الاسلام حتى تؤتي هذه التربية أكلها ولو بعد زمن بعيد، فالوسائل التربوية في الشريعة الاسلامية تختلف كل الاختلاف عن الوسائل التربوية في الدول الكافرة، لهذا أقول باختصار إن التظاهرات التي تقع في بعض البلاد الاسلامية أصلا هذا خروج عن طريق المسلمين وتشبه بالكافرين وقد قال رب العالمين: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا).اه كلامه رحمه الله.].







كلام الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله

ديننا ليس دين فوضى
ديننا دين انضباط ، دين نظام ، ودين سكينة
والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين
وما كان المسلمون يعرفونَها
ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة لا فوضى فيه
ولا تشويش ، و لا إثارة فتن
هذا هو دين الإسلام ، والحقوق يتوصل إليها
دون هذه الطريقة ، بالمطالبة الشرعية ،والطرق الشرعية
هذه المظاهرات تحدث فتناً ، وتحدث سفك دماء
وتحدث تخريب أموال ، فلا تجوز هذه الأمور " .
شريط فتاوى العلماء في حكم المظاهرات




رد مع اقتباس