عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 04-19-2008, 07:57 AM
أبو الفرج أبو الفرج غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فهذه مناقشة عاجلة لبعض الأسس التي يجب أن تتضح جلية قبل الحكم في مثل هذه المسألة
والموضوع للمناقشة .. ونسأل الله عز وجل أن يعيننا على إجابة الإشكالات

أولاً :
تقسيم الأشياء إما أن يكون تقسيمًا شرعيًّا ، وإما أن يكون تقسيمًا اصطلاحيًّا
فالتقسيم الشرعي هو ما ورد في الشرع : في كلام الله عز وجل أو في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذا التقسيم تُبنى عليه أحكام لأنه تقسيم من الشارع
ومثاله : تقسيم الكفر إلى كفرين : أكبر وأصغر
فهذا تقسيم شرعي ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال :
( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )
فالشرك قُسم شرعًا إلى أكبر وأصغر
وهذا التقسيم تُبنى عليه أحكام
فالشرك الأكبر يوجب الخروج من الملة والخلود في النار
والشرك الأصغر لا يخرج من الملة ولا يوجب الخلود في النار
فالحكم بُني على التقسيم لكونه تقسيمًا شرعيًّا

أما التقسيم الاصطلاحي فهو التقسيم الحادث بعد أن أكمل الله الدين على نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله :
( اليوم أكملت لكم دينكم )
وهذا التقسيم له أسباب متعددة منها على سبيل المثال : تسهيل الدراسة ، وترتيب الأبواب ونحو ذلك
فهذا التقسيم الاصطلاحي ـ الذي اصطلح عليه العلماء ـ لا يصح أن تُبنى عليه أحكام
أي لا يصح أن يُفرق بين قسم وآخر في حكم من الأحكام
لماذا ؟
لأن التقسيم نفسه لم يرد في الشرع
فلا يُنكر هذا التقسيم إلا إذا بُني عليه حكم
ومثال ذلك : تقسيم الدين إلى فروع وأصول
فهذا التقسيم تقسيم اصطلاحي لم يرد في كتاب ولا سنة وإنما اصطلح عليه العلماء
فلا يصح أن يُبنى عليه حكم لأن من بنى عليه حكمًا فإنه يطالب بالدليل أولاً على هذا التقسيم من الكتاب والسنة
وبهذا يتضح لماذا يقر شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه تقسيم الدين إلى أصول وفروع ولماذا ينكرها في مواضع أخرى
فهو يقرها من باب الاصطلاح ، وينكر على بنى على هذا التقسيم الاصطلاحي حكمًا
فهذه المقدمة لابد منها لمن يفرق في العذر بالجهل بين مسائل الفروع ومسائل الأصول
ويقول : يعذر بالجهل في مسائل الفروع ولا يعذر بالجهل في مسائل الأصول
فيقال له :

س : لماذا فرقت بين الأصول والفروع في العذر بالجهل ؟
فإن قال : لأن هذا التقسيم معلوم عند العلماء
قلنا : ولكنه تقسيم اصطلاحي ونريد منك أن تأتي لنا بدليل من الكتاب أو السنة على هذا التقسيم
فإن أصر قلنا له : ماذا تقصد بالأصول التي لا تعذر فيها والفروع التي تعذر فيها

فإن قال : الأصول هي مسائل الاعتقاد والتوحيد والفروع هي مسائل الفقه والعبادات
قلنا : على اصطلاحك فإن من الأصول ما هو مختلف فيه بين أهل السنة كمسألة هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه أم لا ، ومسألة رؤية الكافرين لربهم ، ومسألة عصمة الانبياء ، ومسألة نبوة الخضر ، وغيرها الكثير ، فكل هذه من مسائل الاعتقاد التي ساغ فيها الخلاف
ثم إن من مسائل الفروع من يكفر منكرها ولا يعذر بالجهل كمن ينكر وجوب الصلوات الخمس ، أو وجوب زكاة المال ، أو وجوب غسل الجنابة ، وغيرها الكثير
فلا يستقيم كلامك في مسألة العذر بالجهل في مسائل الفروع دون مسائل الأصول

فإن قال : إنما أقصد بمسائل الأصول مسائل توحيد الألوهية
قلنا : وهذا أيضًا تقسيم اصطلاحي ( تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات )
فتفريقك في الحكم بين أنواع التوحيد الثلاثة لا دليل عليه ولا يستقيم مع كون التقسيم اصطلاحيًّا
فإن قال : التقسيم شرعي لا اصطلاحي
قلنا له : ائتنا بدليل على ذلك ، ولا دليل

فإن قال : ولكن توحيد الألوهية قامت به الحجة مع الميثاق الأول الذي أخذه الله على بني آدم
قلنا : هنا نقطتان :
الأولى : الله عز وجل جعل الحجة في البلاغ لا في الميثاق الأول
فالذي أخذ الميثاق على عباده هو من قال : ( لأنذركم به ومن بلغ )
فمن لم يبلغه فهذا معذور بجهله
الثانية : هذه المقولة هي عين كلام المعتزلة من قيام الحجة في مسائل التوحيد بالعقل والميثاق الأول
فأصل التفريق بين مسائل الأصول والفروع في العذر بالجهل مأخوذ عن المعتزلة والله أعلم

إذا تقرر ما سبق نخلص بالآتي :
1. أن التفريق بين الأصول والفروع أو الاعتقاد والعبادات في العذر بالجهل لا دليل عليه لأن التقسيم اصطلاحي .
2. إذا تقررت النقطة السابقة فلا يسع أحدًا إلا أن يعذر في الأصول والفروع ، أو لا يعذر فيهما جميعًا

وهنا يأتي الكلام عن الأدلة على العذر بالجهل

وللكلام تتمة بإذن الله بعد المناقشة مع الإخوة الكرام
وأعتذر عن أي خطأ فيما كتبت حيث أني كتبته على عجالة
والله يعفو ويغفر
رد مع اقتباس