عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-10-2008, 03:13 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




Islam كتاب شرح لمعة الأعتقاد للشيخ الجليل اللهيميد

 






بسم الله الرحمن الرحيــم

هذا كتاب قيم قام بشرحه الشيخ الفاضل سليمان محمد اللهيميد
اسأل الله العلي القدير ان ينفع به
اترككم مع الكتاب


( 1 )


شـرح

لمعـة الاعتـقــــاد

لابن قدامة المقدسي

الجزء الأول

الشيخ / سليمان بن محمد اللهيميد
السعودية / رفحاء
الموقع على الانترنت
www.almotaqeen.net






بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده

لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم

أما بعد

ضمن دروس العقيدة التي أقيمهـا في مدينتي [ رفحاء ] فهذا شرح

لمعة الاعتقاد للإمام ابن قدامة رحمه الله [ 541 - 620 ] .

حرصت على ذكر أدلة أهل السنة والجماعة من مظانها ، واجتهدت

أن لا أذكر إلا ما صح من الحديث .

أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح

أخوكم
سليمان بن محمد اللهيميد
السعودية – رفحاء
تفضل بزيارة موقعي
www.almotaqeen.net





بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
( اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمَحْمُودِ بِكُلِّ لِسَانٍ )
• الحمد : ذكر أوصاف المحمود الكاملة وأفعاله الحميدة مع المحبة والتعظيم .
فقول القائل : الحمد لله : أي أنه يخبر بمحاسن المحمود وهو الله محبة وتعظيماً .
وهذا هو الفرق بين الحمد والمدح ، فالمدح يذكر أوصاف الممدوح لكن لا يلزم ذلك أن يكون محبة ، أما الحمد فذكر الأوصاف الجميلة مع المحبة والتعظيم ، ولهذا جاء الحمد في حمد الله عز وجل (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) .
فالإنسان قد يمدح الإنسان ، لكن لا يلزم أن يحبه .
• الحمد لله : فالله يحمد على جميع نعمه وعلى كل شيء ،
فهو محمود على ما أمر به وعلى ما نهى عنه وعلى خلقه .

قال تعالى : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ)
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول في الاعتدال من الركوع :
( ربنا ولك الحمد ، ملء السماء ، وملء الأرض ، وملء ما بينهما ،
وملء ما شئت من شيء بعد ) .

• وقد أمرنا الله بحمده ، فقال تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) .
• ومما يحمد الله عليه :
- إنزال الكتاب .
قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَاً) .
- وعلى إرسال الرسل .
كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) .
- وعلى خلق السماوات والأرض .
كما قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) .

• قال شيخ الإسلام : ” الحمد نوعان :
حمد على إحسانه إلى عباده ، وهو الشكر .
وحمد لما يستحقه بنفسه من نعوت كماله ، وهذا الحمد لا يكون إلا لمن هو بنفسه
مستحق للحمد ، وإنما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال “ .
• قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله ) .

• قال بعض العلماء : الحمد لله هي كلمة كل شاكر ،
واستدلوا :
بقول أهل الجنة ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) .
وبقول نوح عليه السلام ( الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ) .
وبقول أهل الجنة أيضاً ( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) .
وبقول إبراهيم عليه السلام ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق ) .
وبقول داود وسليمان عليهما السلام ( الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ) .


• الحمد لله : ( ال ) للاستغراق ، أي جميع المحامد لله تعالى ،
فهو المستحق للحمد على الإطلاق .
كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
( ولك الحمد كله ) .
• بدأ بالحمد لله تأسياً بالكتاب العزيز
واقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - .
فأول سورة بالقرآن افتتحت بالحمد لله رب العالمين .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح خطبه بالحمد لله .



(اَلْمَحْمُودِ بِكُلِّ لِسَانٍ) .
أي أن الله يحمده سبحانه كل المخلوقات وكل الموجودات ، فكل المخلوقات تحمده وتسبحه .
قال تعالى : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)
وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ
كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) .
وقال تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ) .
وقال تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) .
• ومعنى تسبيح الجمادات : لها تسبيح حقيقي قد ألهمها الله إياه .
ولذلك قال تعالى : (وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)
فقول بعضهم : تسبيح الجمادات دلالتها على صانعها قول ضعيف .



( اَلْمَعْبُودِ فِي كُلِّ زَمَانٍ )

• أي أن الله تعالى له العبودية .
والعبادة : هي الذل والخضوع ، وعبودية الله قسمان :

عامة : ومعناها أن كل الخلق مقهورون خاضعون لله سبحانه وتعالى ،
يتصرف فيهم كيف يشاء ويحكم فيهم كما يريد .
كما قال تعالى : (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) .
وقال تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) .
وهذه العبودية لا يخرج منها أحد ، فهي تشمل جميع الخلق .

خاصة : وهي عبودية الطاعة العامة ( التي يتميز بها المؤمنون عن الكفار ) .
قال تعالى :
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) .
( اَلَّذِي لَا يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ )



مباحث علم الله تبارك وتعالى :

أولاً : علم الله شامل لكل شيء ، يشمل الجزئيات والكليات .
قال تعالى ( وهو بكل شيء عليم ) .
وقال تعالى ( إن الله بكل شيء عليم ) .
وقال تعالى ( والله يعلم ما في السموات وما في الأرض ) .

ثانياً : يعلم الماضي والمستقبل .
قال تعالى ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهـم )
[ ما بين أيديهم ] الحاضر والمستقبل [ وما خلفهم ] الماضي .

ثالثاً : يعلم الخفايا وما في الصدور .
قال تعالى ( إن الله عليم بذات الصدور ) .

رابعاً : علم الله لم يسبقه جهل ولا يلحقه نسيان .
قال تعالى ( ... قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ) .
وقال تعالى ( وما كان ربك نسياً ) .
أما علم ابن آدم فمسبوق بجهل ويلحقه نسيان كما قال تعالى
( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً ) .

خامساً : يستوي في علم الله السر والعلانية ، والصغير والكبير والغيب والشهادة .
قال تعالى ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء
ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) .
وقال تعالى ( عالم الغيب والشهادة ) .
وقال تعالى ( والله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار . عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال . سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) .

سادساً : وليس شيء يصل إلى الأرض أو يصعد من الأرض إلى السماء
إلا قد أحاط الله به علماً .
قال تعالى ( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء
وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ) .

سابعاً : قلة علمنا بالنسبة لعلم الله .
قال تعالى ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) .
ثامناً : يعلم الأمور التي لن تكون كيف تكون لو كانت .
كما قال تعالى عن الكفار حين يكونون في النار ( ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه ) .
وقال تعالى ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسـدتا ) .
(وَلَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ )

لكمال صفاته سبحانه وتعالى وعلمه .
فالله عز وجل لكمال صفاته لا ينشغل بسماع هذا عن هذا ، بل يدعوه مئات الألوف
ويجيب من يجيبه منهم ، فيسمع في وقت واحد دعاء الداعين وأنين المتضرعين
مهما كانت لغاتهم وأجناسهم .
لا يشغله فعله عن فعل ، يخلق ويرزق ، ويحي ويميت ،
يعطي هذا ويمنع هذا في نفس اللحظة .
يذل ويفقر ، ويعز ويذل ، فهو سبحانه يدبر أمر المخلوقات كلها ، لماذا ؟
لكمال قدرته سبحانه وكمال علمه .
ابن آدم :
لا يستطيع أن يسمع إلى شخصين .
لا يستطيع أن يدبر أكثر من عمل في وقت واحد .
يتعب من العمل الواحد ويرهق .
قال تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) .



( جَلَّ عَنْ اَلْأَشْبَاهِ وَالْأَنْدَادِ )

جل : أي عظم وتنزه ، أي تباعد .
الأشباه : جمع شبيه ، وهو الكفء .
الأنداد : جمع ند ، وهو المثيل .
فالله تعالى منزه عن الأشباه والأنداد ، فلا شبيه له ولا ند .
قال تعالى : (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) .
وقال تعالى : (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) أي لا يكافئه أحد .
نفى الكفء وذلك لكمال صفاته .
وقال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ) .
وأعظم ذنب أن تجعل لله نداً وهو خلقك .
لحديث ابن مسعود :
( قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أي الذنب أعظم ؟ فقال : أن تجعل لله نداً وهو خلقك ) .



( وَتَنَزَّهَ عَنْ اَلصَّاحِبَةِ وَالْأَوْلَادِ )

تنزه : تقدس . الصاحبة : الزوجة .
فالله عز وجل منزه عن الزوجة والولد ، وذلك لكمال غناه .
فالله سبحانه لا يحتاج إلى الولد وإلى الزوجة ، إنما يحتاجهما المخلوق الضعيف .
قال تعالى : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ) .
وقال تعالى : (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً) .
وقال تعالى : (قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ) .
وقال تعالى : (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً) .
وقال تعالى :
(لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) .

والذين وصفوه بأن له ولداً :
النصارى الذين قالوا : إن المسيح ابن الله .
واليهود قالوا : عزير ابن الله .
كما قال تعالى ( وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ) .
وأهل الجاهلية من المشركين الذين قالوا : الملائكة بنات الله .
وقال تعالى ( وجعلوا لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ) .

قال تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً . لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً) .
وقال 
( كذبني آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك : أما شتمه إياي قوله إن لي ولداً .. ) .



( وَنَفَذَ حُكْمُهُ فِي جَمِيعِ اَلْعِبَادِ )

أي أن حكمه سبحانه نافذ وواقع في جميع العباد .
قال تعالى : ( إن الحكم إلا لله ) .
فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، أي فلا يرد قضاء الله راد ولا يعقب
أي يؤخر حكمه مؤخر ، بل هو الواحد القهار .
فلا بد أن ينفذ حكم الله في وقته .
قال تعالى : (إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) .
وقال تعالى : (لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) .
( بخلاف المخلوق فإنه إذا قضى أمراً فإنه قد يتم وقد لا يتم ، فمن حكم عليه بالغنى استغنى ، ومن حكم عليه بالفقر افتقر ، ومن حكم عليه بالمرض مرض أو الصحة أو الهداية
أو الضلال أو الجهل أو العلم نفـذ حكمه في جميع البلاد وفي جميع العباد ) .



(لَا تُمَثِّلُهُ اَلْعُقُولُ بِالتَّفْكِيرِ, وَلَا تَتَوَهَّمُهُ اَلْقُلُوبُ بِالتَّصْوِيرِ) .

التوهم : الظن .
أي أن العقول والقلوب تعجز أن تصل إلى تمثيله .
لقوله تعالى : (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) أي مهما فكروا ومهما سألوا لا يحيطون به علماً .
وقال تعالى : (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء) .
فالله لكمال عظمته لا يحيط به العباد ، وهم يعلمونه سبحانه .
كما أنه تعالى يرى يوم القيامة ، لكن لا يحاط به سبحانه وتعالى لكمال عظمته ،
وهو أكبر من كل شيء .
- فالله أمر بالتفكر في مخلوقاته وآياته لا في ذاته .
قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) .
وقال تعالى (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) .



(لَهُ اَلْأَسْمَاءُ اَلْحُسْنَى) .

مباحث أسماء الله الحسنى :

أولاً : أنها كلها حسنى بالغة الحسن غايته ، فليس فيها نقص بوجه من الوجوه
ولا بحال من الأحوال .
وقد ذكر سبحانه أن له الأسماء الحسنى في أربعة مواضع من القرآن الكريم :

قال تعالى : (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ
فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) .

وقال تعالى : (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) .
وقال تعالى : (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى) .
وقال تعالى : (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى) .

مثال : ( الحي ) من أسماء الله متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال .
مثال : ( العليم ) اسم من أسماء الله تعالى متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان .


ثانياً : أسماء الله غير محصورة بعدد معين .
لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك
أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) .
رواه أحمد
وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به .
• فإن قيل : ما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -
: ( إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة ) متفق عليه ؟
قال العلماء : هذا لا يدل على الحصر بهذا العدد ، ولو كان المراد الحصر
لكانت العبارة : إن أسماء الله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة .


ثالثاً : لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
تعيين هذه الأسماء
والحديث المروي في تعيينها ضعيف ، وقد رواه الترمذي وغيره .
قال ابن تيمية :
” تعيينها ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - باتفاق أهل المعرفة بحديثه “ .


رابعاً : أسماء الله توقيفية ، فليس لنا أن نسمي الله بما لم يسمي به نفسه .
لقوله تعالى : (وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) .
وإثبات اسم لله لم يسم به نفسه هذا من القول عليه بلا علم .

ولقوله عز وجل : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)
وإثبات اسم لله لم يسم به نفسه من قفو ما ليس لنا به علم .

ولقوله عز وجل : (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) والحسنى البالغة في الحسن كماله ،
وأنت إذا سميت الله باسم ، فليس عندك أنه بلغ كمال الحسن ،
بل قد تسميه باسم تظن أنه حسن ، وهو سيء ليس بحسن .


خامساً : أسماء الله مشتقة ، أي أن كل اسم يتضمن الصفة التي اشتق منها .
ولولا ذلك لم تكن حسنى .
الخلاق : يضمن صفة الخلق .
العليم : يتضمن صفة العلم .
السميع : يتضمن صفة السمع .



( وَالصِّفَاتُ اَلْعُلَى )

أي أن صفات الله كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه ،
كالحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر وغير ذلك
لقوله تعالى : ( ولله المثل الأعلى ) .
ولأن الرب كامل فوجب له كمال صفاته .

مثال : صفة العلم ، صفة كاملة فهي تتضمن العلم الكامل الذي لم يسبق بجهل
ولم يلحق بزوال ، وعلمه سبحانه يشمل الجزئيات والكليات والماضي والمستقبل
وما كان وما لم يكن لو كان كيف يكون .

مثال آخر : الحياة ، صفة لله عز وجل متضمنة للحياة الكاملة
التي لم يسبقها عدم ولا يلحقها زوال .
(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) .
سيأتي شرح هذه الآيات ضمن آيات الصفات .



(أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )

كما قال تعالى : ( وإن الله قد أحاط بكل شيء علماً ) .
وقال تعالى : ( والله من ورائهم محيط ) .
وقال تعالى : ( ألا إنه بكل شيء محيط ) .
ففي هذه الآيات وغيرها إحاطة الرب سبحانه وتعالى بالعالم .
( سبقت مباحث العلم )



(وَقَهَرَ كُلَّ مَخْلُوقٍ عِزَّةً وَحُكْمًا)

القهر القوة والغلبة .
أي فلا يخرج أحد عن قهر الله مهما كان ، فهو سبحانه قوي عزيز .
قال تعالى : ( وهو العزيز الحكيم )
وقال تعالى : ( وكان الله قوياً عزيزاً ) .
وعزة الله لها ثلاث معانٍ :
عزة القدْر : ومعناه أن الله ذو قدر شريف
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( السيد الله ) .

عزة القهر : أي القاهر لكل شيء لا يُغلب بل هو الغالب قال تعالى
( وهو القاهر فوق عباده ) .

عزة الامتناع : أي أنه عز وجل يمتنع أن يناله سوء أو نقص .
( وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) .
أي أن الله علمه واسع ، وكذلك رحمته .
كما قال تعالى : ( وسع كل شيء رحمة علماً ) .
وقال : ( ورحمتي وسعت كل شيء ) . ( سبق الكلام عن العلم ) .



مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ اَلْعَظِيمِ, وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ اَلْكَرِيمِ .
وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي اَلْقُرْآنِ, أَوْ صَحَّ عَنْ اَلْمُصْطَفَى -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- مِنْ صِفَاتِ اَلرَّحْمَنِ
وَجَبَ اَلْإِيمَانُ بِهِ, وَتَلَقِّيهِ بِالتَّسْلِيمِ وَالْقَبُولِ, وَتَرْكُ اَلتَّعَرُّضِ لَهُ بِالرَّدِّ وَالتَّأْوِيلِ, وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ .

هذه قاعدة من قواعد أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات ، وهذه القاعدة هي :
إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -
من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .

فإذا جاءتنا صفة ، كالوجه مثلاً في قوله تعالى : ( ويبقى وجه ربك )
فإننا نقول : نثبت لله صفة الوجه إثباتاً يليق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل ،
ومن غير تكييف ولا تمثيل ، وهكذا بقية الصفات .

إذاً يجب أن نثبت الصفة إذا ثبتت بالقرآن أو السنة ، ونجتنب أربعة أمور :

الأول : الرد ، كتعطيلها .
والتعطيل هو : إنكار ما يجب لله من الأسماء والصفات ، إما كلياً كتعطيل الجهمية ،
وإما جزئياً كالأشعرية الذين لم يثبتوا من الصفات إلا سبع صفات مجموعة في هذا البيت :
حَيٌّ عليمٌ قديرٌ والكلامُ له إرادةٌ وكذلك السمع والبصر .
فأهل السنة والجماعة يثبتون ولا يعطلون ولا يردون أي اسم من أسماء الله
أو أي صفة من صفات الله ، بل يقرون بها إقراراً كاملاً .

الثاني : التأويل ( لو قال المؤلف : التحريف لكان أفضل ) .
هو التغيير والتبديل ، وينقسم إلى قسمين :
1 – تحريف لفظ ، مثل قول الجهمية والأشاعرة في قوله تعالى : ( استوى ) استولى .
2 – تغيير المعنى ، وهذا أكثر انتشاراً . مثل تفسير بعض المبتدعة الغضب بإرادة الانتقام ، وقولهم إن المراد باليدين النعمة والقدرة .

الثالث : التمثيل والتشبيه .
وهو إثبات مماثل للشيء ، كأن يقول : يدي الله كأيدينا ، وسمعه كسمعنا .
فأهل السنة يتبرؤون من تمثيل الله بخلقه لا في ذاته ولا في صفاته ،
ويثبتون لله الصفات بدون مماثلة .
يقولون إن لله حياة ليس كحياتنا ، وله وجه ليس كوجوهنا ، وله يد ليست كأيدينا .
الدليل على تحريم التمثيل قوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) فهو نص صريح بعدم التمثيل .
الفرق بين التشبيه والتمثيل ، التمثيل سبق ، أنه إثبات مثيل للشيء .
وأما التشبيه فإثبات مشابه له .
فالتمثيل يقتضي المماثلة وهي المساواة من كل وجه ( كقولهم له وجه كوجوهنا ) .
والتشبيه يقتضي المشابهة ، وهي المساواة في أكثر الصفات .
ومما يتجنب في صفات الله عز وجل :

التكييف .
وهو حكاية كيفية الصفة ، كقول القائل : كيفية يد الله كذا وكذا ،
أو يقول : استواء الله على عرشه كيفيته كذا وكذا .
والدليل على تحريمه قوله تعالى : ( وأن تقولا على الله ما لا تعلمون ) .
فإذا جاء رجل وقال : إن الله استوى على العرش على هذه الكيفية ،
ككيفية استوائي على السرير ، ووصف كيفية معينة فإن هذا قال على الله ما لا يعلم ،
لأن الله أخبرنا بأنه استوى على العرش ولم يخبرنا كيف استوى .
وسيأتي كلام الإمام مالك في ذلك وشرحه .



وَمَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ إِثْبَاتُهُ لَفْظًا, وَتَرْكُ اَلتَّعَرُّضِ لِمَعْنَاهُ, وَنَرُدُّ عِلْمَهُ إِلَى قَائِلِهِ, وَنَجْعَلُ عُهْدَتَهُ عَلَى نَاقِلِهِ, اِتِّبَاعًا لِطَرِيقِ اَلرَّاسِخِينَ فِي اَلْعِلْمِ, اَلَّذِينَ أَثْنَى اَللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِ اَلْمُبِينِ بِقَوْلِهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) وَقَالَ فِي ذَمِّ مُبْتَغِي اَلتَّأْوِيلِ لِمُتَشَابِه تَنْزِيلِهِ (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه) فَجَعَلَ اِبْتِغَاءَ اَلتَّأْوِيلِ عَلَامَةً عَلَى اَلزَّيْغِ, وَقَرَنَهُ بِابْتِغَاءِ اَلْفِتْنَةِ ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه) .
الشرح
أولاً : النصوص تنقسم إلى قسمين :
محكمة – ومتشابهة .
المحكمة : واضحة المعنى لا إشكال فيها .
مثل : إثبات العلم ( إن الله بكل شيء عليم )
والقدرة ( وكان الله على كل شيء قديراً ) وغيرها .

متشابهة : ما لم يتضح معناه لإجمال في دلالته أو لقصر في فهم قارئة .
والدليل على هذا التقسيم : قوله تعالى ( هو الذي أنزل عليك الكـتاب
منه آيات محكمات هـن أم الكتاب وآخر متشابهات ) .

ثانياً : طريقة أهل الحق الراسخين في العلم عند المتشابه :
هي رد المتشابه إلى المحكم ويفسر به ويزول بذلك الإشكال .
وطريقة أهل الزيغ : هو اتباع المتشابه ونشره .
لسببين :
صد الناس عن دينهم قال تعالى ( ابتغاء الفتنة ) .
ولتفسيره على مرادهم قال تعالى ( وابتغاء تأويله ) .
أمثلة :
قوله تعالى ( وهو معكم أينما كنتم ) تمسك بها أهل الزيغ
فقالوا : إن الله مختلط بخلقه .
فاتبعوا المتشابه وتركوا النصوص المحكمة المتواترة الكثيرة التي يزيد أفرادهــا
على ثلاث آلاف دليل على علو الله تبارك وتعالى .
فأهل الحق يردون المتشابه للمحكم ويفسرونه به ،
ويردون المتشابه إليه وتتفق النصوص وتتضح .
فأهل الزيغ يتركون النصوص الكثيرة المتواترة في علو الله –
ويتمسكون بدليل واحد من المتشابه .

مثال آخر :
قوله - صلى الله عليه وسلم -
( إذا صلى أحدكم فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ) .
قالوا أهل الزيغ: إن الله أمامنا في الجدار . ( نعوذ بالله من طريقة أهل الزيغ ) .

طريقة أهل الحق : نقول هذا من المتشابه – نرده إلى المحكم ؟؟ ما هو المحكم ؟؟ النصوص الكثيرة التي دلت على علو الله وكما ذكرت من قبل ، أكثر من ثلاثة آلاف دليل
( وهو العلي الكبير ) ( يخافون ربهم من فوقهم ) ( وهو القاهر فوق عباده )
( إليه يصعد الكلم الطيب ) ( تعرج الملائكة إليه .. ) وكثير جداً ( وسيأتي مبحث العلو ) .
وهذه القاعدة ( وهي رد المتشابه إلى المحكم ) عامة في نصوص الكتاب والسنة .

ثالثاً : يجب الحذر من أهل الزيغ الذين يتبعون المتشابه .
قال  ( إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) .



(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) .
( هو الذي أنزل عليك الكتاب ) أي أنزل عليك يا محمود القرآن العظيم .

( فيه آيات محكمات ) أي فيه آيات بينات واضحات الدلالة ،
لا التباس فيهال ولا غموض كآيات الحلال والحرام .

( هنّ أم الكتاب ) أي هذه الآيات الواضحات هنّ أصل الكتاب وأساسه .

( وأخر متشابهات ) أي وفيه آيات أُخَر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس ،
فمن ردّ المتشابه إلى الواضح المحكم فقد اهتدى ، وإن عكس فقد ضل ، ولهذا قال تعالى :
( فأما الذين في قلوبهم زيغ ) أي مرض وانحراف وسوء قصدهم .

( فيتبعون ما تشابه منه) أي يأخذون ويتبعون المتشابه ويستدلون به
على مقالاتهم الباطلة وآرائهم الزائفة .

( ابتغاء الفتنة ) أي طلباً لفتنة الناس في دينهم .

( وابتغاء تأويله ) أي تفسيره وتأويله على مشاربهم ومذاهبهم ليضلوا ويضلوا .

( وما يعلمون تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون ... ) سيأتي شرحها بعد قليل .
• قال بعضهم : إن هذه الآية تدل على أن هناك في القرآن شيئاً لا يعلم معناه إلا الله تعالى .
ورد هذا الكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في التدمرية ،

حيث قال رحمه الله : ” ما أخبرنا الله به عن نفسه فهو معلوم من جهة ومجهول من جهة ،
معلوم لنا من جهة المعنى ومجهول لنا من جهة الكيفية .
أما كونه معلوم لنا من جهة المعنى فثابت بدلالة السمع والعقل .
فمن أدلة السمع قوله تعالى :
( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) .
وقوله تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) .
فحث الله على تدبر القرآن كله ولم يستثن شيئاً منه ، ووبخ من لم يتدبره
وبين أن الحكمة من إنزاله : أن يتدبره الذين أنزل إليهم ويتعظ به أصحاب العقول ،
ولولا أن له معنى يُعلم بالتدبر لكان الحث على تدبره من لغو القول ، ولكان الاشتغال
بتدبره من إضاعة الوقت ولفاتت الحكمة من إنزاله ولما حسن التوبيخ على تركه .

والحث على تدبر القرآن شامل لتدبر جميع آياته الخبرية العلمية والحكمية العملية ،
فكما أننا مأمورون بتدبر آيات الأحكام لفهم معناها والعمل بمقتضاها - إذ لا يمكن
العمل بها بدون فهم معناها- فكذلك نحن مأمورون بتدبر آيات الأخبار لفهم معناها واعتقاد
مقتضاها والثناء على الله تعالى بها – إذ لا يمكن اعتقاد مالا نفهمه أو الثناء على الله تعالى به .

وأما دلالة العقل على فهم معاني ما أخبر الله تعالى به عن نفسه ، فمن وجهين :

الأول : أن ما أخبر الله تعالى به عن نفسه أعلى مراتب الإخبار ،
فمن المحال أن يكون ما أخبر الله تعالى عن نفسه مجهول المعنى ،
وما أخبر به عن فرعون وهامان وقارون وعن قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم
معلوم المعنى ، مع أن ضرورة الخلق لفهم معنى ما أخبر الله به عن نفسه أعظم وأشد .

الثاني : أنه من المحال أن يُنزل الله تعالى على عباده كتاباً يعرفهم به بأسمائه وصفاته
وأفعاله وأحكامه ، ويصفه بأنه عليٌّ حكيم كريم عظيم مجيد مبين بلسان عربي ،
ليعقل ويفهم ، ثم تكون كلماته في أعظم المطالب غير معلومة المعنى بمنزلة الحروف الهجائية
التي لا يعلمها الناس إلا أماني ولا يخرجون بعلمها عن صفة الأمية ،
كما قال تعالى : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) .

فإن قلت : ما الجواب عن قوله تعالى :
( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات
فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله
وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا
وما يذكر إلا أولوا الألباب ) ؟

قلنا الجواب : أن للسلف في الوقف في هذه الآية قولين :
أولاً : الوقف عند قوله تعالى : ( إلا الله ) وهو قول جمهور السلف والخلف
وبناء عليه يكون المراد بالتأويل في قوله : ( وما يعلم تأويله إلا الله ) الحقيقة التي يؤول الكلام
إليها ، لا التفسير الذي هو بيان المعنى ، فتأويل آيات الصفات - على هذا – هو حقيقة تلك
الصفات وكنْهها ، وهذا من الأمور الغيبية التي لا يدركها العقل ،
ولم يرد بها السمع فلا يعلمها إلا الله .

ثانياً : الوصل ، فلا يقفون على قوله : ( إلا الله ) وهو قول جماعة من السلف والخلف ،
وبناء عليه يكون المراد بالتأويل في قوله ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )
التفسير الذي هو بيان المعنى ، وهذا معلوم للراسخين في العلم ،
كما قال ابن عباس رضي الله عنهما :
( أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله )
وقال مجاهد : ( عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته
أوقفه عند كل آيات وأسأله عن تفسيرها ؟
وبهذا يتبين أن الآية لا تدل على أن في القرآن شيئاً لا يعلم معناه إلا الله تعالى ،
وإنما تدل على أن في القرآن شيئاً لا يعلم حقيقته وكنهه إلا الله
على قراءة الوقف ، وتدل على أن الراسخين في العلم يعلمون معنى المتشابه
الذي يخفى على كثير من الناس على قراءة الوصل .

وعلى هذا ، فلا تُعارضُ ما ذكرناه من أنه ليس في القرآن شيء لا يعلم معناه .



الترغيب في السنة والتحذير من البدعة
وَقَدْ أُمِرْنَا بِالِاقْتِفَاءِ لِآثَارِهِمْ, وَالِاهْتِدَاءِ بِمَنَارِهِمْ
وَحُذِّرْنَا اَلْمُحْدَثَاتِ, وَأُخْبِرْنَا أَنَّهَا مِنْ اَلضَّلَالَاتِ, فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :
( عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ اَلْخُلَفَاءِ اَلرَّاشِدِينَ اَلْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي, عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ,
وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ اَلْأُمُورِ, فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ, وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) .

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أتبعوا ولاتبتدعوا فقد كفيتم .
وقال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - كلاماً معناه :
( قف حيث وقف القوم ، فإنهم عن علم وقفوا ، وببصر نافذ كفوا ،
وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كانوا فيها أحرى، فلئن قلتم : حدث بعدهم،
فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم ، ولقد وصفوا منه ما يشفي ،
وتكلموا منه ما يكفي ، فما فوقهم محسر ، وما دونهم مقصر ، لقد قصر عنهم قوم فجفوا ،
وتجاوزهم آخرون فغلوا ، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم .

وقال الإمام أبو عمر - رضي الله عنه -: ( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ،
وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول ).



أولاً : تعريف البدعة :

البدعة لغة : الشيء المستحدث .
واصطلاحاً : التعبد لله بما ليس عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه الراشدون .
وأما الأمور العادية التي تتبع العادة والعرف ، فهذه لا تسمى بدعة في الدين وإن كانت تسمى بدعة في اللغة ، لكن ليست بدعة في الدين ،
وليست هي التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والبدع الدنيوية
كثيرة جداً ، منها مثلاً في المباني والمساكن والفرش والكراسي وغيرها .



ثانياً : البدعة حرام .
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من البدع .
فعن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) . متفق عليه
قال النووي :
” هذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال بها “ .

قال الشيخ الألباني : ” وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهو من جوامع كلمه  ، فإنه صريح في رد وإبطال كل البدع والمحدثات “ .

وقال : ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) .

وهذا عام ، فكل بدعة ضلالة ، فليس هناك بدعة حسنة أو سيئة ،
لأن هذا لفظ عام من أفصح الخلق  .

( محدثات ) الأمر المحدث . ( الأمور ) الدينية . ( إياكم ) احذروا .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) .


ثالثاً : البدعة تستلزم محاذير .

1- تكذيب القرآن ، لأن الله يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم )
لأنه إذا جاء ببدعة جديدة يعتبرها ديناً فمقتضاها أن الدين لم يكمل .

2- القدح في الشريعة وأنها لم تكتمل .

3- القدح في المسلمين الذين لم يأتوا بها ،
فكل من سبق هذه البدع دينهم ناقص ؟؟ وهذا خطير !! .


رابعاً : من أقوال السلف :

قال مجاهد في قوله تعالى :
( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) :
” قال البدع والشبهات “ .
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب ( العيال ) :
( أن عطاء قال : سئلت عائشة عن العقيقة ، قيل لها : أرأيت إن نحر إنساناً جزوراً ؟
فقالت : السنة أفضل ) .

وعن عمر بن الخطاب أنه لمّا قبّل الحجر الأسود قال :
( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ،
ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك ) . متفق عليه

وعن مجاهد قال : ( كنت مع ابن عمر فثوّب رجل في الظهر أو العصر ،
فقال : اخرج بنا فإن هذه بدعة ) . رواه أبو داود

وعن نافع أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر فقال : الحمد لله والسلام على رسول الله ،
فقال ابن عمر : وأنا أقول : الحمد لله والسلام على رسول الله ، وليس هكذا علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، علمنا أن نقول : الحمد لله رب العالمين ) .
رواه الترمذي والحاكم

قال ابن مسعود : ” اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ، وكل بدعة ضلالة ) . رواه أبو خيثمة
وقال : ” اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة “ . رواه ابن المبارك في الزهد

وكان أبو الأحوص يقول لنفسه : ” يا سلاّم نَمْ على سنة ، خير من أن تقوم على بدعة “ .

وقال إبراهيم النخعي : ” لو أن أصحاب محمد مسحوا على ظُفُر ،
لما غسلته التماس الفضل في اتباعهم “ . رواه الدارمي

وما أجمل تقرير الله سبحانه في ذلك :
” ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) أي خيرٌ عملاً ، ولم يقل : أكثر عملاً “ .

كما قال ابن كثير في تفسيره :
” ومن لم تسعه طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم -
وطريقة المؤمنين السابقين فلا وسّع الله عليه “ .

قال قتادة : ” إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تُذكر حتى تُحذر “ .

قال ابن الماجشون : ” سمعت مالكاً يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة
فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة ،
لأن الله يقول : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) فما لم يكن يومئذٍ ديناً ،
فلا يكون اليوم ديناً “ .



فمما جاء من آيات الصفات قول الله عز وجل :
صفة الوجه
(ويبقى وجه ربك) .
الوجه ثابت لله تعالى بدلالة الكتاب والسنة وإجماع السلف .
أما الكتاب :
فقوله تعالى : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) .
وقوله : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) .
أما السنة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لسعد بن أبي وقاص :
( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت عليها ) . متفق عليه

وأجمع السلف على إثبات الوجه لله تعالى فيجب إثباته له
بدون تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، وهو وجه حقيقي يليق بالله .
المخالفون لأهل السنة :
أولّ أهل التحريف الوجه لله ، قالوا : المراد بالوجه في الآيات الثواب ،
وكل شيء يفنى إلا ثواب الله .
والرد عليهم :
أولاً : أنه مخالف لإجماع السلف ، فلم يقل أحد منهم أن المراد بالوجه الثواب .
ثانياً : أنه مخالف لظاهر اللفظ ، فإن ظاهر اللفظ أن هذا وجه خاص وليس هو الثواب .
ثالثاً : هل يمكن أن يوصف الثواب بهذه الصفات العظيمة :
( ذو الجلال والإكرام ) هذا لا يمكن .
رابعاً : ما تقولون في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( حجابه النور ،
لو كشـفه لأحرقت سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصـره من خلقه ) . رواه مسلم
فهل الثواب له هذا النور الذي يحرق ما انتهى إليه بصر الله من الخلق ، لا يمكن .
خامساً : أن الثواب مخلوق ، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه استعاذ بوجه الله تعالى ، فقال : ( أعوذ بوجهك الكريم أن تضلني لا إله إلا أنت
الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون ) . رواه أبو داود


صفة اليد

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : (بل يداه مبسوطتان ) .
عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات أن لله يدين إثباتاً يليق بجلاله
من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تمثيل ولا تشبيه .
الأدلة من الكتاب :
قال تعالى : ( وما منعك أن تسجد لما خلقت بيديَّ )
وقال تعالى : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا
بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم -
( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ) .

المخالفون لأهل السنة :
أولها أهل التعطيل من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة ،
أن المراد باليد هي القوة أو النعمة .

والرد عليهم :
1- أن تفسير اليد بالقوة أو النعمة مخالف لظاهر اللفظ ،
وما كان مخالفاً لظاهر اللفظ فهو مردود إلا بدليل .
2- أنه مخالف لإجماع السلف ، فقد أجمع السلف على إثبات اليدين لله ،
فيجب إثباتها له بدون تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .
3- أنه يمتنع غاية الامتناع أن يراد باليد النعمة أو القوة في مثل قوله :
( لما خلقت بيديّ ) لأنه يستلزم أن تكون النعمة نعمتين فقط ونِعَمُ الله لا تحصى ،
ويستلزم أن تكون القوة قوتان والقوى بمعنى واحد لا تتعدد .
4- أنه لو كان المراد باليد القوة ، ما كان لآدم فضل على إبليس ولا على الحمير والكلاب
، لأنهم كلهم خلقوا بقوة الله ، ولو كان المراد باليد القوة ما صح الاحتجاج على إبليس ،
إذ أن إبليس سيقول : ( وأنا يا رب خلقتني بقوتك فما فضْله علي ) .
5- أن يقول أن هذه اليد التي أثبتها الله جاءت على وجوه متنوعة
يمتنع أن يراد بها النعمة أو القوة فإن فيها ذكر الأصابع والقبض والبسط والكف واليمين ،
وكل هذا يمتنع أن يراد بها القوة ، لأن القوة لا توصف بهذه الأوصاف .


صفة النفس

وقوله تعالى عن عيسى - عليه السلام -
أنه قال : ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك)
عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات النفس لله تعالى
من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تمثيل ولا تشبيه .
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة :
أما الكتاب :
فقوله تعالى : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) .
وقوله تعالى عن عيسى أنه قال : ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) .
وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -
: ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ) . رواه مسلم
وأجمع السلف على ثبوتها على الوجه اللائق به ،
فيجب إثباتها لله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .


صفة المجيء والإتيان

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ : (وجاء ربك) .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّه) .
عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات المجيء لله والإتيان للفصل بين عباده يوم القيامة .
وهذا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب :
فقوله تعالى : ( وجاء ربك ) .
وقال تعالى : ( كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً . وجاء ربك والملك صفاً صفاً ) .
وقال تعالى : ( ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً ) .
وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم - :
( حتى إذا لم يبق إلا من يعبد الله أتاهم رب العالمين ) .
أما الإجماع فقد أجمع السلف على ثبوت المجيء لله تعالى فيجب إثباته له
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، وهو مجيء حقيقي يليق بالله تعالى .

المخالفون لأهل السنة :
قال أهل البدع : إن المراد بالمجيء والإتيان مجيء أمر الله كما قال تعالى
( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) .
الرد عليهم :
نقول لهم إن قولكم هذا لا يستقيم ، والدليل الذي استدللتم به
هو دليل عليكم وليس لكم ، لو كان الله يريد أمره في الآيات الأخرى
لقال : ( أمره ) ،
ما الذي يمنعه أن يقول أمره ، فلما أراد الأمر عبر بالأمر .
والآيات الأخرى فيها دلالة ظاهرة لذلك ، ومن أشدها صراحة الآية الثانية
( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك ) .
فهذا التقسيم يمنع المجاز ، ولأنه ردد فيها بين إتيان الملائكة
وإتيان الرب وإتيان بعض آيات الرب سبحانه .


صفة الرضى

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه) .
عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات الرِّضا لله إثباتاً يليق بجلاله
من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تمثيل ولا تشبيه .
وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب :
فقوله تعالى : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) .
وأما السنة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله ليرضى عن العبد
أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها ) .
رواه مسلم
أما الإجماع فقد أجمع السلف على إثبات الرضا لله تعالى فيجب إثباته له
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .

المخالفون لأهل السنة :
قال أهل البدع : المراد بالرضى إرادة الثواب .
والرد عليهم :
أن هذا خلاف ظاهر النصوص وخلاف طريقة السلف .



صفة المحبة

وَقَوْلُهُ تَعَالَى:( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) .
عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات المحبة لله إثباتاً يليق بجلاله
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه .
وهي ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف .
أما الكتاب :
فقوله تعالى : ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) .
وقوله تعالى : ( وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) .
وقوله تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .
وأما السنة :
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر :
( لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ) . متفق عليه
وأجمع السلف على ثبوت المحبة لله ، يُحِبُّ ويُحَبُّ ، فيجب إثبات ذلك حقيقة
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، وهي محبة تليق بالله تعالى .

المخالفون لأهل السنة :
فسرها أهل البدع : إن المراد بالمحبة الثواب .
والرد عليهم :
مخالف لإجماع السلف .
أنه خلاف ظاهر النصوص .
• الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله :
أولاً : قراءة القرآن بتدبر .
ثانياً : التقرب إلى الله بالنوافل .
ثالثاً : دوام ذكره على كل حال .
رابعاً : إيثار محابه على محابك عند إيثار الهوى .
خامساً : مطالعة القلب لأسمائه وصفاته .
سادساً : مشاهدة بره وإحسانه .
سابعاً : انكسار القلب بكليته بين يدي الله .
ثامناً : الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته .
تاسعاً : مجالسة المحبين الصادقين .
عاشراً : مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله .


صفة الغضب

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي اَلْكُفَّارِ : (غَضِبَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ )
عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات الغضب لله إثباتاً يليق بجلاله
من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تمثيل ولا تكييف .
وهي صفة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف .
أما الكتاب :
فقوله تعالى فيمن قتل مؤمناً متعمداً : ( وغضب الله عليه ولعنه ) .
وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله كتب كتاباً عنده فوق العرش : إن رحمتي تغلب غضبي ).
وأجمع السلف على ثبوت الغضب لله فيجب إثباته من غير تحريف ولا تعطيل
ولا تكييف ولا تمثيل ، وهو غضب حقيقي يليق بالله عز وجل .

المخالفون لأهل السنة :
فسر أهل التعطيل غضب الله بالانتقام .
والرد عليهم :
ونرد عليهم أن الله تعالى غاير بين الغضب والانتقام ،
فقال تعالى : ( فلما آسفونا ) أي أغضبونا ( انتقمنا منهم ) .
فجعل الانتقام نتيجة الغضب ، فدل على أنه غيره .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّه) .
السُّخط من صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف .
قال تعالى : ( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله ) .
وكان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ... ) . رواه مسلم
وأجمع السلف على ثبوت السخط لله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف
ولا تمثيل على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى(وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ) (التوبة: من الآية46)
الكراهة من الله لمن يستحقها ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف .
أما الكتاب فقوله تعالى : ( ولكن كره الله انبعاثهم ) .
وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ) . رواه البخاري
وأجمع السلف على ثبوت ذلك فيجب إثباته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف
ولا تمثيل ، وهي كراهة حقيقية من الله تليق به .
والمقصود بالآية : ( ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم )
يعني المنافقين الذين لم يخرجوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغزوات ،
لأن الله كره انبعاثهم لأن عملهم غير خالص له .


صفة النزول

وَمِنْ اَلسُّنَّةِ, قَوْلُ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
: (( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ اَلدُّنْيَا )) .
في الحديث إثبات نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ،
ونثبت ذلك من غير تشبيه ولا تمثيل ، ومن غير تكييف ولا تحريف .
وهو نزول حقيق يليق بجلاله وعظمته .

• وقد روى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
نحو ثمان وعشرين نفساً من الصحابة ، واتفق أهل السنة على تلقي ذلك بالقبول .
المخالفون لأهل السنة :
• قال أهل التحريف إن المراد : نزول أمره أو رحمته ، أو ملك من الملائكة .
والرد عليهم من وجوه :
الأول : أنه خلاف ظاهر الحديث ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أضاف النزول إلى الله ، والأصل أن الشيء إنما يضاف لمن وقع منه أو قام به .

الثاني : أن نزول أمره أو رحمته لا تختص بهذا الجزء من الليل ،
بل أمره ورحمته ينزلان كل وقت .

الثالث : أن الحديث دل على أنه هو الذي ينزل سبحانه بقوله :
( من يدعوني فأستجب له ، من يسألني فأعطيه ... )
ولا يمكن أن يقول ذلك أحد سوى الله تعالى .
• إذا نزل هل يخلو منه العرش ؟
قيل : يخلو منه العرش .
وقيل : لا يخلو منه العرش .
وقيل : بالتوقف .
والأرجح أنه لا يخلو منه العرش ، وهو سبحانه فوق العرش .



صفة العجب
وَقَوْلُهُ (( يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ اَلشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ )) .
في الحديث إثبات صفة العجب لله تعالى ، وهذا الحديث ضعيف ،
وقد دل عليها القرآن الكريم والسنة الصحيحة .
فمن الكتاب :
قوله تعالى : ( بل عجبتُ ويسخرون ) على قراءة الضم وهي قراءة سبعية صحيحة .
ومن السنة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل ) . رواه البخاري

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال : يا رسول الله ، أصابني الجهد ؟ فقال رسول الله : ألا رجل يضيفه هذه الليلة
يرحمه الله ؟ ... فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسول الله ....
والحديث فيه : قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة ) .
قال الشيخ محمد في تعريف العجب ” هو استغراب الشيء .
ويكون ذلك لسببين :
السبب الأول : خفاء الأسباب على هذا المستغرب للشيء المتعجّب منه ،
بحيث يأتيه بغتة بدون توقع ، وهذا مستحيل على الله تعالى ، لأن الله بكل شيء عليم ،
لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
الثاني : أن يكون السبب فيه خروج هذا الشيء عن نظائره وعما ينبغي أن يكون عليه ،
بدون قصور من المتعجب ، بحيث يعمل عملاً مستغرباً لا ينبغي أن يقع من قبله ،
وهذا ثابت لله تعالى ، لأنه ليس عن نقص من المتعجِّب ،
ولكنه عجب بالنظر إلى حال المتعجَّب منه “ .


صفة الضحك

وَقَوْلُهُ (( يَضْحَكُ اَللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا اَلْآخَرَ ثُمَّ يَدْخُلَانِ اَلْجَنَّةَ )) .
هذا الحديث فيه إثبات الضحك لله عز وجل ، إثباتاً يليق بجلاله
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه .
المخالفون لأهل السنة :
قال أهل التعطيل إن المراد بالضحك إرادة الثواب .
والرد عليهم :
أن هذا خلاف الظاهر .
استواء الله على عرشه
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) .
في هذه الآية إثبات استواء الله على عرشه استواء يليق بجلاله
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه .
وقد ورد ذلك في سبع آيات من القرآن :
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) .
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) .
(اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) .
(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) طه : 5
(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) .
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) .
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) .
ومن أدلة السنة :
ما رواه الخلال في كتاب السنة بإسناد صحيح على شرط البخاري
عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
( لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه ) .
وقد أجمع أهل السنة على أن الله فوق عرشه ، ولم يقل أحـد منهم أنه ليس على العرش ،
ولا يمكن لأحد أن ينقل عنهم ذلك ، لا نصاً ولا ظاهراً .

وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن استواء الله على عرشه ، فأطرق مالك رأسه
حتى علاه الرحضاء ( العرق ) ثم قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ،
والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعاً ، ثم أمر به أن يخرج .

وقد روي بنحو هذا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك قوله :
الاستواء غير مجهول ، أي غير مجهول المعنى في اللغة فإن معناه العلو والاستقرار ،
كما قال تعالى : ( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك ) .
قوله ( والكيف غير معقول ) :
أي مجهول ، فكيفية استواء الله على عرشه مجهول لنا ، وذلك لوجوه ثلاثة :
الأول : أن الله أخبرنا أنه استوى على عرشه ، ولم يخبرنا كيف استوى .
الثاني : أن العلم بكيفية الصفة فرع عن العلم بكيفية الموصوف وهو الذات ،
فإذا كنا لا نعلم كيفية ذات الله ، فكذلك لا نعلم كيفية صفاته .
الثالث : أن الشيء لا يعلم كيفيته إلا بمشاهدة نظيره ، أو الخبر الصادق عنه ،
وكل ذلك منتف في استواء الله عز وجل على عرشه ، وهذا يدل على أن السلف
يثبتون للاستواء كيفية لكنها مجهولة لنا .

قوله ( الإيمان به واجب ) :
أي أن الإيمان بالاستواء على هذا الوجه واجب ، لأن الله تعالى أخبر به عن نفسه
وهو أعلم بنفسه ، وأصدق قولاً وأحسن حديثاً ، فاجتمع في خبره كمال العلم ،
وكمال الصدق ، وكمال الإرادة ، وكمال الفصاحة والبيان ، فوجب قبوله والإيمان به .

قوله ( والسؤال عنه بدعة ) :
أي عن كيفيته بدعة .
لأن السؤال عنها لم يعرف في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -
ولا خلفائه الراشدين ، وهو من الأمور الدينية ، فكان إيراده بدعة ،
ولأن السؤال عن مثل ذلك من سمات أهل البدع ، ثم إن السؤال عنه
مما لا يمكن الإجابة عليه فهو من التنطع في الدين ،
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( هلك المتنطعون ) . رواه مسلم .

هذا القول الذي قاله مالك وشيخه ، يقال في صفة نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا
وغيره من الصفات ، أنها معلومة المعنى ، مجهولة الكيفية ،
وأن الإيمان بها على الوجه المراد بها واجب ، والسؤال عن كيفيتها بدعة .

المخالفون لأهل السنة :
أنكرت الجهمية والمعتزلة علو الله على خلقه واستوائه على عرشه
وفسروا الاستواء بالاستيلاء .
وحجتهم البيت المشهور :
ثم استوى بشر على العراق من غير سيف ولا دم مهراق .
والرد عليهم :
أن هذا خلاف الظاهر .
وخلاف الأدلة المتواترة على علو الله تعالى .
قال ابن تيمية : ولم يثبت نقل صحيح أنه شعر عربي ، وكان غير واحد
من أئمة اللغة أنكروه ، وقالوا إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغة .
ثم قال ابن تيمية : وقد علم أنه لو احتج بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لاحتاج إلى صحته ، فكيف ببيت من الشعر لا يعرف إسناده ، وقد طعن فيه أئمة اللغة .
مجموع الفتاوى ( 5/146 )

فائدة :


العرش : في اللغة هو السرير ، قال تعالى عن يوسف : ( ورفع أبويه على العرش ) .
وقال عن ملكة سبأ : ( ولها عرش عظيم ) .
والعرش أعظم المخلوقات .
وأما عرش الرحمن الذي استوى عليه : فهو عرش عظيم ، ذو قوائم تحمله الملائكة ،
وهو كالقبة على العالم ، وهو سقف هذه المخلوقات .
هذا العرش وصفه الله بأوصاف عظيمة :
وصفه بالعظمة : كما في قوله (( وهو رب العرش العظيم ) .
ووصفه بأنه كريم : كما في قوله ( رب العرش الكريم ) .
وتمدح سبحانه بأنه ذو العرش : كما قال تعالى ( رفيع الدرجات ذو العرش ) .
وأخبر سبحانه أن للعرش حملة : كما في قوله تعالى ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) .
وأخبر سبحانه أن عرشه كان على الماء قبل أن يخلق السموات والأرض :
كما قال تعالى ( وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ) .
وأخبر  أن للعرش قوائم كما في قوله ( لا تخيروا بين الأنبياء ، فإن الناس يصعقون
فأكون أول من يُفيق ، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش .. ) .

كما أخبر النبي - النبي صلى الله عليه وسلم -
أن العرش فوق الفردوس كما قال - صلوات الله عليه -
( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن )
رواه البخاري .
كما اخبر  أن التقدير كان بعد وجود العرش وقبل خلق السموات والأرض
فقال - صلوات الله عليه - ( إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات
والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ) رواه مسلم .


صفة العلو

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (أأمنتم من في السماء) وَقَوْلُ اَلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم)
(( رَبُّنَا اَللَّهُ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ تَقَدَّسَ اِسْمُكَ ))
وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ (( أَيْنَ اَللَّهُ? قَالَتْ فِي اَلسَّمَاءِ قَالَ اِعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ))
رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ اَلْأَئِمَّةِ,

وَقَالَ اَلنَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم ) لِحُصَيْنٍ (( كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ? قَالَ سَبْعَةً, سِتَّةً فِي اَلْأَرْضِ,
وَوَاحِدًا فِي اَلسَّمَاءِ, قَالَ مَنْ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ? قَالَ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ, قَالَ فَاتْرُكْ اَلسِّتَّةَ,
وَاعْبُدْ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ, وَأَنَا أُعَلِّمُكَ دَعْوَتَيْنِ )) فَأَسْلَمَ, وَعَلَّمَهُ اَلنَّبِيُّ
(صلى الله عليه وسلم ) أَنْ يَقُولَ (( اَللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَقِنِي شَرَّ نَفْسِي )) .
إِنَّ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةَ كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ اَلْخَبَرَ إِلَى قَوْلِهِ ( وَفَوْقَ ذَلِكَ اَلْعَرْشُ,
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ ذَلِكَ )) فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا أَجْمَعَ اَلسَّلَفُ -رَحِمَهُمْ اَللَّهُ- عَلَى نَقْلِهِ
وَقَبُولِهِ, وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِرَدِّه, وَلَا تَأْوِيلِهُ, وَلَا تَشْبِيهِهِ, وَلَا تَمْثِيلِهِ .

الشرح :
ذكر المصنف في هذه النصوص صفة العلو .
أولاً : علو الله ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : قدر .
القسم الثاني : علو شرف .
وهذان القسمان لم يخالف فيهما أحد ممن ينتسب إلى الإسلام .
وهو سبحانه عالي الصفات والقدر ، منزه عن النقائص والعيوب .
القسم الثالث : علو ذات : وهذا وقع فيه خلاف بين أهل السنة وأهل البدع .
فمذهب أهل السنة والسلف : أن الله تعالى عال بذاته فوق جميع خلقه ،
بائن من خلقه مستو على عرشه .
ولهم أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والعقل والفطرة .
أما أدلة الكتاب والسنة فقد تنوعت دلالتهما بطرق كثيرة :
أحدها : التصريح بالفوقية .
كقوله تعالى ( يخافون ربهم من فوقهم ) .
وكقوله تعالى ( وهو القاهر فوق عباده ) .
الثاني : التصريح بالعروج إليه .
كقوله تعالى ( تعرج الملائكة والروح إليه ) .
وقوله  ( يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم . ) .
الثالث : التصريح بالصعود إليه .
كقوله تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب ) .
الرابع : التصريح برفعه بعض المخلوقات إليه .
كقوله تعالى ( بل رفعه الله إليه ) .
وقوله ( إني متوفيك ورافعك إلي ) .
الخامس : التصريح بالعلو المطلق الدال على جميع مراتب العلو .
كقوله تعالى ( وهو العلي العظيم ) وقوله ( وهو العلي الكبير ) ( وهو علي حكيم ) .
السادس : التصريح بنزيل الكتاب منه .
كقوله تعالى : ( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) ( تنزيل من الرحمن الرحيم )
( تنزيل من حكيم حميد ) .
( قل نزله روح القدس من ربك ) .( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) .
السابع : التصريح باختصاص بعض المخـلوقات بأنها عنده ، وأن بعضها أقرب إليه من بعض ، كقوله : ( إن الذين عند ربك ) .( وله من في السموات والأرض ومن عنده ) .
الثامن : التصريح بأن الله تعالى في السماء .
كقوله تعالى ( ءأمنتم من في السماء ) وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -
( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) .
التاسع : التصريح بالاستواء على العرش .
كقوله ( الرحمن على العرش استوى ) .
العاشر : التصريح برفع الأيدي إلى الله تعالى .
كقوله  : ( إن الله يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً ) .
والقول بأن العلو قبلة الدعاء فقط باطل بالضرورة والفطرة ، وهذا يجده من نفسه كل داع .
الحادي عشر : التصريح بنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا ،
والنزول المعقول عند جميع الأمم ، إنما يكون من علو إلى أسفل .
الثاني عشر : الإشارة إليه حساً إلى العلو كما أشار إليه من هو أعلم به وبما يجب له ،
لما كان بالجمع الأعظم الذي لم يجتمع لأحد مثله في اليوم الأعظم ، في المكان الأعظم ،
قال لهم : ( أنتم مسؤولون عني ، فما ذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فرفع إصبعه الكريمة إلى السماء ، رافعاً لها إلى من هو فوقها وفوق كل شيء ، قائلاً : اللهم اشهد ) .
الثالث عشر : التصريح بلفظ ( الأين ) كقول أعلم الخلق به ، وأنصحهم لأمته ،
وأفصحهم بياناً عن المعنى الصحيح ، بلفظ لا يوهم باطلاً بوجه: ( أين الله ) .
الرابع عشر : شهادته  لمن قال : إن ربه بالسماء بالإيمان .
الخامس عشر : إخباره تعالى عن فرعون أنه رام الصعود إلى السماء ليطلع إلى إله موسى ، فيكذبه فيما أخبره من أنه سبحانه فوق السموات ، فقال :
( يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى
وإني لأظنه كاذباً ) فمن نفى العلو من الجهمية فهو فرعوني ، ومن أثبتها فهو موسوي محمدي .
السادس عشر : إخباره  أنه تردد بين موسى  وبين ربه ليلة المعراج بسبب تخفيف الصلاة .

من العقل :
أن العلو صفة كمال والسفل صفة نقص ، فوجب لله تعالى صفة العلو وتنزيهه عن ضده .
وأما الفطرة :
قال شارح الطحاوية : وأما ثبوته بالفطرة فإن الخلق جميعاً بطباعهم وقلوبهم السليمة
يرفعون أيديهم عند الدعاء ، ويقصدون جهة العلو بقلوبهم عند التضرع إلى الله .
وأما الإجماع :
فقد أجمع الصحابة والتابعون والأئمة على أن الله فوق سمواته مستو على عرشه .

المخالفون لأهل السنة :
وقد نفت الجهمية والمعتزلة علو الله بذاته وقالوا : إنه في كل مكان بذاته
وأنه لا داخل العالم ولا خارجه .
وقالوا : عن أدلة العلو كقوله ( وهو القاهر فوق عباده ) وغيرها أن المراد
فـوقية القهر والقدر ، قالوا قوله تعالى ( فوق عباده ) أي خير من عباده وأفضل .
والرد عليهم :
أولاً : أن هذا تأويل باطل ، لأنه ليس في ذلك تمجيد ولا تعظيم ولا مدح ،
والرب سبحانه وتعالى لم يتمدح في كتابه وعلى لسان رسوله بأنه أفضل من العرش ،
وأن رتبته فوق رتبة العرش ، وأنه خير من السموات ، ولو تكلم أحد بمثل هذا الكلام
في حق المخلوق لكان نقصاً مستهجناً جداً .
فلو قال شخص : الشمس أضوأ من السراج ، والسماء أكبر من الرغيف ،
والجبل أثقل من الحصى ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من اليهود
لعد ذلك من ساقط القول، بل هو من أرذل الكلام وأسمجه وأهجنه لما فيه من التنقص،
كما قيل في المثل السائر :
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل يوماً أن السيف أمضى من العصا

ثانياً : أن الله تعالى أثبت لنفسه الفوقية المطلقة ، وهي تشمل فوقية الذات وفوقية القدر
وفوقية القهر ، فمن أثبت البعض ونفى البعض فقد جحد ما أثبته الله لنفسه .
• قوله ( أأمنتم من في السماء ) .
قد يتوهم واهم أن الله تعالى داخل السماء ، وأن السماء تحيط به ،
كما لو قلنا : فلان في الحجرة ، فإن الحجرة تحيط به .
ومنشأ الوهم : ظنه أن ( في ) التي للظرفية تكون بمعنى واحد في جميع مواردها ،
وهذا ظن فاسد ، فإن ( في ) يختلف معناها بحسب متعلقها .
فقوله ( أأمنتم من في السماء ) هذا عند أهل التفسير من أهل السنة على أحد وجهين :
الوجه الأول : أن تكون السماء بمعنى العلو ، فإن السماء يراد بها العلو ،
كما في قوله تعالى ( وأنزل لكم من السماء ماء ) والمطر ينزل من السحاب المسخر
بين السماء والأرض لا من السماء نفسها .
الوجه الثاني : أن تكون ( في ) بمعنى ( على ) ، كما جاءت بمعناها في مثل قوله تعالى
( فسيروا في الأرض ) أي على الأرض وقوله عن فرعون
( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) أي على جذوع النخل .


• فإن قيل ما الجواب عن قوله تعالى ( وهو في السماء إله وفي الأرض ) ؟
وكذلك قوله تعالى ( وهو الله في السموات وفي الأرض ) ؟
قال ابن تيمية : ليس معناهما أن الله في الأرض كما أنه في السماء ، ومن توهم هذا ،
أو نقله عن أحد من السلف فهو مخطىء في وهمه ، وكاذب في نقله .

وإنما معنى الآية الأولى : أن الله مألوه في السماوات وفي الأرض ،
كل من فيهما فإنه يتأله ويعبده .

وأما الآية الثانية فمعناها : أن الله إله في السماء ، وإله في الأرض ، فألوهيته ثابتة فيهما .



• الفرق بين علو الله وبين استوائه على العرش :

أولاً : أن العلو من صفات الذات ، فهو ملازم للرب لا يكون قط إلا عالياً ،
والاستواء من صفات الأفعال ، وكان بعد خلق السموات والأرض كما أخبر الله بذلك ،
فدل على أنه سبحانه تارة يكون مستوياً على العرش وتارة لم يكن مستوياً عليه .

ثانياً : أن العلو من الصفات المعلومة بالسمع والعقل، وأما الاستواء على العرش
فهو من الصفات المعلومة بالسمع لا بالعقل، يعني أن صفة العلو ثابتة بالعقل والشرع ،
كل الناس يثبتون ويدركون أن الله في العلو حتى البهائم ، وأما الاستواء على العرش
ما عرف إلا عن طريق الشرع .

م / وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن استواء الله على عرشه ، فأطرق مالك رأسه
حتى علاه الرحضاء ( العرق ) ثم قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ،
والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعاً ، ثم أمر به أن يخرج .
سبق شرحه صفحة .



كلام الله

وَمِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى, أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ قَدِيمٍ, يَسْمَعْهُ مِنْهُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ,
سَمِعَهُ مُوسَى -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- مِنْهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ, وَسَمِعَهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ-,
وَمَنْ أَذِنَ لَهُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ, وَأَنَّهُ -سُبْحَانَهُ- يُكَلِّمُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي اَلْآخِرَةِ, وَيُكَلِّمُونَهُ,
وَيَأْذَنُ لَهُمْ فَيَزُورُونَهُ, قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)(النساء: من الآية164)
وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي) .

• من عقيدة أهل السنة والجماعة : إثبات صفة الكلام لله حقيقة على ما يليق بجلاله
وعظمته ، وحقيقة الإيمان بصفة الكلام لله أنه الاعتقاد الجازم بأن الله يتكلم بكلام
قديم النوع حادث الآحاد ، وأنه لم يزل يتكلم ، يتكلم بماء شاء ، متى شاء ، كيف شاء .
( بما شاء ) باعتبار الكلام ، يعني من أمر ونهي .
( متى شاء ) باعتبار الزمن .
( كيف شاء ) يعني على الكيفية والصفة التي يريدها سبحانه .

والأدلة على إثبات الكلام لله كثيرة :
قوله تعالى ( وكلم الله موسى تكليماً ) .
وقوله تعالى ( ومنهم من كلم الله ) .
وقوله تعالى (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي) .
وقوله تعالى ( يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي .. ) .
وقوله تعالى ( وكلمه ربه ) .
وقوله تعالى ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة
ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) .

قال شارح الطحاوية : فأهانهم بترك تكليمهم ، والمراد أنه لا يكلمهم تكليم تكريم ،
فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين ، لكانوا في ذلك هم وأعداؤه سواء ،
ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنه لا يكلمهم فائدة أصلاً .

ومن السنة حديث أبي هريرة . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
( يقول الله تعالى : يا آدم أخرج بعث النار ، فيقول : لبيك وسعديك ....... ) متفق عليه .

وعن عبد الله بن أنيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال ( يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غرلاً بهماً ، فيناديهم بصوت يسمعه
من بعُد كما يسمعه من قرب : أنا الملك ، أنا الديان ) رواه أحمد .
ومن العقل : إن الوصف بالتكلم من أوصاف الكمال ،
وضده – عدم الكلام – من أوصاف النقص ، والله منزه عن النقائص .
• وكلام الله بحروف . قال تعالى : ( يا موسى إني أنا ربك ) .
فإن هذه الكلمات حروف ، وهي من كلام الله .
• بصوت ، الدليل : قال تعالى : ( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً ) .
والنداء لا يكون إلا بصوت .

والدليل على أنه بمشيئة الله :
قوله تعالى ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ) .
فالتكليم حصل بعد مجىء موسى ، فدل على أنه متعلق بمشيئته تعالى .
• سمعه موسى من غير واسطة ، الدليل : قال تعالى : ( وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى ) .
• وسمعه جبريل ، لقوله تعالى : ( قل نزله روح القدس من ربك ) .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة
على صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير ) .
• ويتكلم الله سبحانه بصوت لا يشبه شيئاً من المخلوقين .
كما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( يقول الله تعالى : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ،
فينادي بصوته : إني آمرك أن تخرج من أمتك بعث النار ... ) .
• ويكلم الله سبحانه أهل الجنة ويكلمونه .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله تعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ،
فيقولون : لبيك وسعديك والخير بيديك ، فيقول : هل رضيتم ؟
فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ... ) .
رواه البخاري
المخالفون لأهل السنة :
خالفت المعتزلة والجهمية وقالوا : إن كلام الله مخلوق .
وقال بعضهم : كلام الله معنى قائم بنفسه لا يتعلق بمشيئته ، وهذه الحروف والأصوات المسموعة مخلوقة للتعبير عن المعنى القائم بنفس الله .
والرد عليهم :
أن هذا خلاف إجماع السلف .
خلاف المعقول : لأن الكلام صفة للمتكلم وليس شيئاً قائماً بنفسه منفصلاً عن المتكلم .
قال في شرح الطحاوية :
وأنكرت الجهمية حقيقة التكليم ، وكان أول من ابتدع هذا في الإسلام هو
الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية ، فضحى به خالد بن عبدالله القسري أمير العراق
والمشرق بواسط ، خطب الناس يوم الأضحى فقال : أيها الناس ضحوا ، تقبل الله ضحاياكم ،
فإني مضحٍ بالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ،
ولم يكلم موسى تكليماً ، ثم نزل فذبحه، وكان ذلك بفتوى أهل زمانه من علماء التابعين .



القرآن كلام الله

وَمِنْ كَلَامِ اَللَّهِ -سُبْحَانَهُ- اَلْقُرْآنُ اَلْعَظِيمُ وَهُوَ كِتَابُ اَللَّهِ اَلْمُبِينُ, وَحَبْلُهُ اَلْمَتِينُ,
وَصِرَاطُهُ اَلْمُسْتَقِيمُ, وَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ, نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ, عَلَى قَلْبِ سَيِّدِ اَلْمُرْسَلِينَ
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ, مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ, مِنْهُ بَدَأَ, وَإِلَيْهِ يَعُودُ .
--------------
أراد المصنف في هذا الفصل أن يبين أن القرآن المتلو والمسموع والمكتوب بين دفتي المصحف
هو كلام الله على الحقيقة ، وليس فقط عبارة أو حكاية عن كلام الله ، كما تقول الأشاعرة .
فعقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن :
أنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود .
• قوله ( كلام الله ) قال تعالى :
( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) .
• قوله ( منزل ) قال تعالى : ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ) .
وقال سبحانه : ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ) .
وقال سبحانه : ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً ) .
وقال تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) .
• قوله ( غير مخلوق ) قال تعالى : ( ألا له الخلق والأمر ) .
فجعل الخلق غير الأمر ، والقرآن من الأمر ، لقوله :
( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ) .
وقال : ( وذلك أمر الله نزله إليكم ) .
المخالفون لأهل السنة :
قالت المعتزلة : إن القرآن مخلوق .
واحتجوا على مخلوقية القرآن بقوله تعالى : ( خالق كل شيء ) .
والرد عليهم :
أنه عام مخصوص .
كقوله تعالى ( تدمر كل شيء ) أي ريح عاد ، فهل فعلاً دمرت كل شيء ؟
الجواب : لا ؟
• قوله ( منه بدأ ) أن الله أضافه إليه ، ولا يضاف الكلام إلا لمن قاله مبتدئاً .
• قوله ( وإليه يعود ) أي يرفع من الصدور والمصاحف ،
فلا يبقى في الصدور منه شيء ولا في المصاحف .
قال ابن ماجه : ( باب ذهاب القرآن والعلم ) ثم ذكر فيه حديث حذيفة بن اليمان ،
وفيه : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( يُدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك
ولا صدقة ، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ... ) .

• وهذا القرآن هو الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا :
( لن نؤمن بهذا القرآن ) .
وقال بعضهم : ( إن هذا إلا قول البشر ) .
فقال الله سبحانه : ( سأصليه سقر ) .

وقال بعضهم : هو شعر ، فقال الله :
( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) .

• وهذا القرآن حق لا يأتيه الباطل من أي جهة :
( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) .
• وهو المعجز ، لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله ولو عاونه غيره :
( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن
لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ) .
• وقد وصفه الله تعالى بأوصاف كثيرة ، منها :
1- المبارك . قال تعالى : ( هذا كتاب أنزلناه مبارك ) .
2- هدى ورحمة . قال تعالى : ( هدى ورحمة للمحسنين ) .
3- الكريم . قال تعالى : ( إنه لقرآن كريم ) .
4- الحكيم . قال تعالى : ( الر . تلك آيات الكتاب الحكيم ) .
5- الفصل . قال تعالى : ( إنه لقول فصل ) .

• ولهذا الكتاب أسماء كثيرة ، منها :
1- القرآن . قال تعالى : ( إنه لقرآن كريم ) .
2- الكتاب . قال تعالى : ( الم . ذلك الكتاب لا ريب فيه ... ) .
3- الذكر . قال تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .
4- الفرقان . قال تعالى : ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ... ) .
5- النور . قال تعالى : ( فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ) .



رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

وَالْمُؤْمِنُونَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ بِأَبْصَارِهِمْ وَيَزُورُونَهُ, وَيُكَلِّمُهُمْ, وَيُكَلِّمُونَهُ, قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى :
(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فَلَمَّا حَجَبَ أُولَئِكَ فِي حَالِ اَلسُّخْطُ,
دَلَّ عَلَى أَنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ فِي حَالِ اَلرِّضَى, وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ, وَقَالَ اَلنَّبِيُّ
(صلى الله عليه وسلم) (( إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا اَلْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ ))
حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ لِلرُّؤْيَةِ, لَا لِلْمَرْئِيّ, فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا شَبِيهَ لَهُ, وَلَا نَظِيرَ
-----------
من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله يرى في الآخرة .
وهو الاعتقاد الجازم بأن المؤمنين يرون ربهم عياناً بأبصارهم
في عرصة القيامة وفي الجنة ، ويكلمهم ويكلمونه .

• وهذه المسألة من المسائل التي وقع فيها النزاع بين أهل السنة وغيرهم ،
وقد اتفق عليها الأنبياء والمرسلون وجميع الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام على تتابع القرون .
الأدلة :
1- قال تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ) .
( ناضرة ) أي حسنة ، من النضارة . ( ناظرة ) من النظر .
قال شارح الطحاوية : وهي من أظهر الأدلة .
2- قال تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) .
قال شارح الطحاوية : احتج الشافعي وغيره من الأئمة رحمهم الله تعالى بهذه الآية
على الرؤية لأهل الجنة ، وسئل مالك عن هذه الآية فقال : لما حجب أعداؤه
فلم يروه تجلى لأوليائه حتى يروه .
• في الآية : أن أعظم عذاب الكفار هو الحجاب عن ربهم .
• أعظم نعيم الجنة هو رؤية الله عز وجل .
3- قال تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
فالحسنى : الجنة ، والزيادة : هي النظر إلى وجهه الكريم فسرها بذلك
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما روى مسلم في صحيحه :
عن صهيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئاً أزيدكم ؟
فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ، وتجنبنا النار ، قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئاً
أحب إليهم من النظر إلى ربهم ، ثم تلا هذه الآية : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
4- عن جرير بن عبد الله قال : كنا جلوساً مع النبي - صلى الله عليه وسلم -
إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال :
( إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضـامون في رؤيته ،
فإن استـطعتم ألا تغـلبوا على صـلاة قبل طـلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا )
متفق عليه ، يعني العصر والفجر .
( لا تضامون ) أي لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته .
معنى [ كما ترون هذا القمر ] يعني يراه المؤمنون في الجنة كما يرون هذا القمر ،
فليس المعنى أن الله مثل القمر ، لأن الله ليس كمثله شيء ، بل هو أعظم وأجل ،
لكن المراد من المعنى تشبيه الرؤية بالرؤية ، فكما أننا نرى القمر ليلة البدر رؤية حقيقية ليس
فيه اشتباه ، فإننا سنرى ربنا عز وجل كما نرى هذا القمر رؤية حقيقية بالعين دون اشتباه .

5- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن أناساً قالوا : يا رسول الله ،
هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- :
( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ ) قالوا : لا يا رسـول الله .
قال : ( هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ )
قالوا : لا . قال : ( فإنكم ترونه كذلك ) . متفق عليه .

6- وعن أبي موسى . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ،
وما بين القوم وبين أن يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) متفق عليه .
وأحاديث الرؤية متواترة كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم ، منهم :
ابن القيم في حادي الأرواح ، وابن أبي العز في شرح الطحاوية ،
والحافظ ابن حجر في فتح الباري .

المخالفون لأهل السنة :
وخالف في ذلك المعتزلة والجهمية وقالوا : إن الله لا يرى .
واستدلوا بقوله تعالى لموسى ( لن تراني ) .
الرد عليهم :
هذا مذهب باطل ، والآية دليل عليهم من وجوه :
أولاً : أنه لا يظن بكليم الله ورسوله الكريم وأعلم الناس بربه في وقته ،
أن يسأل ما لا يجوز عليه ، بل هو عندهم من أعظم المحال .
ثانياً : أن الله لم ينكر عليه سؤاله ، ولما سأل نوح ربه نجاة ابنه أنكر سؤاله وقال
( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) .
ثالثاً : أنه تعالى قال ( لن تراني ) ولم يقل : إني لا أُرَى ، أو لا تجوز رؤيتي ،
والفرق بين الجوابين ظاهر .
رابعاً : قوله ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )
فعلق الرؤية على استقرار الجبل وهو ممكن في نفسه ، والمعلق على الممكن ممكن ،
لأن معنى التعليق الإخبار بوقوع المعلق عند وقوع المعلق به ،
والمحال لا يثبت على شيء من التقادير الممكنة .
فصارت الآية دليل على الرؤية .
واستدلوا بقوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) .
قالوا : إن الله نفى إدراك الأبصار له ، فدل على أن الله لا يرى في الآخرة .
والجواب :
إن الله نفى الإدراك ، ولم ينف الرؤية ، والإدراك قدر زائد على الرؤية
وهو أخص من الرؤية والرؤية أعم ، ونفي الأخص لا يدل على نفي الأعم ،
والإنسان قد يرى الشيء ولا يدركه ، لأن الإدراك هو الإحاطة ، فالله نفى الإدراك
وهو الإحاطة ولم ينف الرؤية ، فأنت ترى السماء لكن لا تحيط بها رؤية .
• ورؤية الله في الدنيا مستحيلة .
كما قال الله تعالى لموسى : ( لن تراني ) .
قال شيخ الإسلام في الفتاوى :
وكذلك كل من ادعى أنه رأى ربه بعينه قبل الموت فدعواه باطلة
باتفاق أهل السنة والجماعة ، لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحداً من المؤمنين
لن يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت ، وثبت ذلك في صحيح مسلم
عن النواس بن سمعان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه ذكر الدجال قال : ( اعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت ) .
[ الفتاوى : 2/389 ]
• واختلفوا : هل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج :
القول الأول : أنه رآه .
وهو قول ابن عباس ورجحه ابن خزيمة في كتابه التوحيد واختاره النووي .
لقوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا )
روي عن ابن عباس هي : رؤية عين أريها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به .

القول الثاني : أنه لم يره .
وهذا مذهب عائشة والجمهور .
عن عائشة أنها قالت :
( من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ) رواه مسلم .
وعن أبي ذر قال ( سألت رسول الله ! هل رأيت ربك ؟ قال : نور أنى أراه ) رواه مسلم .
والمعنى : نور كيف أراه .
ولحديث أبي موسى الأشعري .
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ،
يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور ،
لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) رواه مسلم .
وجه الدلالة : قوله : حجابه النور – يعني الله – احتجب بالنور ،
لو كشفه – يعني الحجاب – لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ،
وهذا صريح في أن الله لو كشف الحجاب لأحرق جميع خلقه .
وهذا هو الراجح .

القول الثالث : التوقف .
ورجحه القاضي عياض والقرطبي ، نظراً لتكافـؤا الأدلة .
والراجح مذهب الجمهور وهو أنه لم ير ربه .


• أسباب رؤية الله :
أولاً : سؤال الله ذلك .
كما في الحديث قال - صلى الله عليه وسلم -
( وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ) .
ثانياً : المحافظة على صلاة الفجر والعصر .
للحديث الذي سبق عن جرير بن عبد الله قال :
كنا جلوساً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال :
( إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضـامون في رؤيته ،
فإن استـطعتم ألا تغـلبوا على صـلاة قبل طـلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا )
متفق عليه ، يعني العصر والفجر .


القضاء والقدر

وَمِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ اَلْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ,
وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ مَشِيئَتِهِ, وَلَيْسَ فِي اَلْعَالَمِ شَيْءٌ يَخْرُجُ عَنْ تَقْدِيرِهِ,
وَلَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ تَدْبِيرِهِ, وَلَا مَحِيدَ عَنْ اَلْقَدَرِ اَلْمَقْدُورِ, وَلَا يَتَجَاوَزُ مَا خُطَّ فِي اَللَّوْحِ
اَلْمَسْطُورِ, أَرَادَ مَا اَلْعَالَمُ فَاعِلُوهُ, وَلَوْ عَصَمَهُمْ لَمَا خَالَفُوهُ, وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُطِيعُوهُ جَمِيعًا
لَأَطَاعُوهُ, خَلَقَ اَلْخَلْقَ وَأَفْعَالَهُمْ, وَقَدَّرَ أَرْزَاقَهُمْ وَآجَالَهُمْ, يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ,
وَيَضِلُّ مَنْ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ, قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وَقَالَ تَعَالَى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) وَقَالَ تَعَالَى:
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا)
وَقَالَ تَعَالَى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ) رَوَى اِبْنُ عُمَرَ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
(( مَا اَلْإِيمَانُ? قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ, وَمَلَائِكَتِهِ, وَكُتُبِهِ, وَرُسُلِهِ, وَالْيَوْمِ اَلْآخِرِ, وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" فَقَالَ جِبْرِيلُ صَدَقْتَ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
(( آمَنْتُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ, وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ )) وَمِنْ دُعَاءِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
اَلَّذِي عَلَّمَهُ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَدْعُو بِهِ فِي قُنُوتِ اَلْوِتْرِ (( وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ )) .
من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالقضاء والقدر .
القدر : ما سبق به العلم وجرى به القلم مما هو كائن إلى الأبد ،
وأنه عز وجل قدر مقادير الخلائق وما يكون من الأشياء قبل أن تكون في الأزل ، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وعلى صفات مخصوصة ،
فهي تقع على حسب ما قدرها .
الأدلة :
قال تعالى : ( وخلق كل شيء فقدره تقديراً ) .
وقال تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر ) .
وقال تعالى : ( وكان أمر الله قدراً مقدوراً ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم -
( إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة )
رواه مسلم .
• والإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربعة أمور :
أولاً : الإيمان بعلم الله الشامل .
معناه : الإيمان بأن الله تعالى قد علم بعلمه الأزلي الأبدي ما كان وما يكون من صغير ،
وكبير ، وظاهر ، وباطن مما يكون من أفعاله أو أفعال مخلوقاته .
دليل هذه المرتبة :
قال تعالى : ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ) .
وقال تعالى : ( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ) .


ثانياً : أن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء .
ومعناه : الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ،
فما من شيء كان أو يكون إلا وهو مكتوب مقدر قبل أن يكون .
ودليل هذه المرتبة :
قوله تعالى ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) .
عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة
وكان عرشه على الماء ) . رواه مسلم .
وهناك آية فيها دليل لكلا المرتبتين :
قال تعالى ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض
إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) .

ثالثاً : كل شيء بمشيئة الله .
ومعناه : الإيمان بمشيئة الله وأنها عامة في كل شيء ، فما وجد موجود ،
ولا عدم معدوم من صغير ، وكبير ، وظاهر ، وباطن ، في السموات والأرض
إلا بمشيئة الله سواء كان ذلك من فعله تعالى أم من فعل مخلوقاته .
ودليل هذه المرتبة :
قوله تعالى ( ويفعل الله ما يشاء ) .
رابعاً : أن الله خالق كل شيء .
ومعناه : الإيمان بخلق الله تعالى ، وأنه خالق كل شيء من صغير ، وكبير ،
وظاهر ، وباطن ، وأن خلقه شامل لأعيان هذه المخلوقات وصفاتها
وما يصدر عنها من أقوال وأفعال وآثار .
دليل هذه المرتبة :
قال تعالى : ( وخلق كل شيء فقدره تقديراً ) .
وقال تعالى ( والله خلقكم وما تعملون ) .

• الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان لا يتم الإيمان إلا به .
لقوله - صلى الله عليه وسلم -
لجبريل لما سأله عن الإيمان
( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره )
رواه مسلم
• أنواع الكتابة :
أولاً : الكتابة العامة في اللوح المحفوظ .
وقد كتب الله فيه كل شيء .
كما سبق في حديث ( إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق ... ) .

ثانياً : الكتابة العمرية :
كمل في حديث ابن مسعود . قال : حدثنا الصادق المصدوق
( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ،
ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ،
ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ) متفق عليه .
فهذه كتابة عمرية لأنها مقيدة بالعمر ، أي تكتب مرة واحدة ، ولا يعاد كتابتها .

ثالثاً : الكتابة الحولية .
وهي في ليلة القدر ، ففيها يكتب من أم الكتاب
ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر .

قال تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين .
فيها يفرق كل أمر حكيم . أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين ) .
وهي كتابة ما قدر للإنسان وهو جنين في رحم أمه إذا تم له أربعة أشهر .

• ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر :
أولاً : الطمأنينة والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله .
ثانياً : الاعتماد على الله سبحانه ، عند فعل الأسباب
بحيث لا يعتمد على السبب نفسه ، لأن كل شيء بقدر الله .
ثالثاً : أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده ،
لأن حصوله نعمة من الله ، بما قدره من أسباب الخير .

• ما المراد بقوله ( وبالقدر خيره وشره ) هل في القدر شر ؟
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ليس في القدر شر ، وإنما الشر في المقدور ،
يعني ليس فعل الله وتقديره شراً ، الشر في مفعولات الله لا في فعله ،
والله لم يقدر هذا الشر إلا لخير .

كما قال تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس )
هذا بيان سبب الفساد .
وأما الحكمة فقال ( ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ،
إذاً هذه مصائب مآلها الخير .
المخالفون لأهل السنة :
الطائفة الأولى : الجبْرية :
قالوا : إن العبد مجبور على عمله ، وليس له إرادة ولا قدرة .
واستدلوا بقوله تعالى ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) .
قالوا : إن الله نفى عن نبيه الرمي ، وأثبته لنفسه سبحانه ، فدل على أنه لا صنع للعبد .
واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) متفق عليه .
قالوا : إن الجزاء غير مرتب على الأعمال ، فدل على أنه لا صنع للعباد فيه .
والرد عليهم :
أن استدلالهم بقوله تعالى ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )
دليل عليهم وليس لهم ، لأنه تعالى أثبت لرسوله - صلى الله عليه وسلم -
رمياً بقوله ( إذ رميت ) .
وأما استدلالهم بحديث ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) فهذا قول باطل ،
لأن ( الباء ) هنا ، باء العوِض ، وهو أن يكون العمل كالثمن الذي يستحق صاحبه
أن يدخل به الجنة ، بل دخول الجنة بفضل الله ورحمته .

الطائفة الثانية : القدرية :
وقالوا : إن العبد مستقل بعمله ، وليس لمشيئة الله وقدرته فيه أثر .
والرد عليهم :
أن الله تعالى خالق كل شيء ، وكل شيء كائن بمشيئته ،
وقد بين الله تعالى أن أفعال العباد تقع بمشيئته فقال تعالى
( ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات .. )
وقال تعالى ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها .. ) .

ومن العقل : إن الكون كله مملوك لله تعالى ، والإنسان من هذا الكون ،
فهو مملوك لله ، ولا يمكن للمملوك أن يتصرف في ملك المالك إلا بإذنه ومشيئته .
وَلَا نَجْعَلُ قَضَاءَ اَللَّهِ وَقَدَرَهُ حُجَّةً لَنَا فِي تَرْكِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيه,
بَلْ يَجِبُ أَنْ نُؤْمِنَ وَنَعْلَمَ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْنَا اَلْحُجَّةَ بِإِنْزَالِ اَلْكُتُبِ, وَبِعْثَةِ اَلرُّسُلِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى:
(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )
البعض يحتج بالقدر على فعل المعصية ، وليس في ذلك حجة لأمور :

أولاً : أن الله أضاف عمل العبد إليه وجعله كسباً له فقال
( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت ) ولو لم يكن له اختيار وقُدرة عليه ما نسب إليه .

ثانياً : أن الله أخبر أنه أرسل الرسل لقطع الحجة
( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) ،
ولو كان القدر حجة للعاصي لم تنقطع بإرسال الرسل .

ثالثاً : أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال ( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار أو من الجنة ،
فقال رجل من القوم : ألا نتكل يا رسول الله قال - عليه الصلاة والسلام - : لا ،
اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) رواه البخاري .
فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمل ونهى عن الاتكال على القدر .

رابعاً : أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه من أمور دنياه حتى يدركه ،
ولا يعدل إلى مالايلائمه ، ثم يحتج على عدوله بالقدر ، فلماذا يعدلُ عما ينفعه
في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر ؟ أفليس شأن الأمرين واحداً ؟


فصل
الإيمان قول وعمل

وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ, وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَعَقْدٌ بِالْجَنَانِ, يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ, وَيَنْقُصُ بِالْعِصْيَانِ,
قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: â(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) فَجَعَلَ عَبَادَةَ اَللَّهِ تَعَالَى, وَإِخْلَاصَ اَلْقَلْبِ,
وَإِقَامَ اَلصَّلَاةِ, وَإِيتَاءَ اَلزَّكَاةِ كُلَّهُ مِنْ اَلدِّينِ
وَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) (( اَلْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً, أَعْلَاهَا
شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ اَلْأَذَى عَنْ اَلطَّرِيقِ )) فَجَعَلَ اَلْقَوْلَ وَالْعَمَلَ مِنْ اَلْإِيمَانِ
وَقَالَ تَعَالَى : (فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ) وَقَال تعالىَ : (ليزدادوا أيمانا)
وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم (( يَخْرُجُ مِنْ اَلنَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ
وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ, أَوْ خَرْدَلَةٍ, أَوْ ذَرَّةٍ مِنْ اَلْإِيمَانِ )) فَجَعَلَهُ مُتَفَاضِلاً .

من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول باللسان ،
وعمل بالأركان ، وعقد بالجنان .
وقد حكى اتفاق السلف على أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل
، غير واحد من أهل العلم ، كالشافعي وأحمد والبخاري وابن عبد البر والبغوي .
مثال القول : لا إله إلا الله ، والذكر ، وقراءة القرآن .

مثال العمل : الركوع .
مثال العقد : الإيمان بالله وملائكته وكتبه وغير ذلك مما يجب اعتقاده .
الدليل على أن الإيمان قول وعمل واعتقاد .

قول باللسان : الأدلة :
قوله تعالى ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ... ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم -
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ،
فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) متفق عليه

عمل الجوارح : الأدلة :
قال تعالى ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) ثبت في سبب نزول هذه الآية
كما جاء في حديث البراء الطويل وفي آخره ( أنه مات رجال على القبلة قبل أن تحول
وقتلوا ، فلم ندرِ ما نقول فيهم ، فأنزل الله : وما كان الله ليضيع إيمانكم ) يعني صلاتكم .

فثبت أن الصلاة إيمان ، وقد بوب البخاري باب ( الصلاة من الإيمان ) .
والحديث الذي ذكره المصنف
( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله ،
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ،والحياء شعبة من الإيمان ) متفق عليه .

قال ابن مندَه ( فجعل الإيمان شعباً بعضها باللسان والشفتين ،
وبعضها بالقلب ، وبعضها بسائر الجوارح ) .

وقال تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء
ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) .
فجعل الإخلاص والصلاة والزكاة من الدين .

المخالفون لأهل السنة :
قال بعضهم : الإيمان مجرد المعرفة في القلب وهذا قول الجهمية [ وهذا من أخبث الأقوال ] .
وعلى هذا القول يكون إبليس مؤمناً لأنه عرف ربه [ قال رب بما أغويتني ] .
وقال بعضهم : إن الإيمان هو تصديق بالقلب ونطق باللسان ،
وهؤلاء هم مرجئة الفقهاء ومنهم الحنفية ، وهؤلاء لا يجعلونالأعمال من الإيمان .

م / ( يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) .
من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ،
لأدلة كثيرة .
قال تعالى ( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ) .
وقال تعالى ( ويزداد الذين آمنوا إيماناً ) .
وقال تعالى ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
وقال تعالى ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ) .
وقال  ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن .... )
متفق عليه .
وقال صلى الله عليه وسلم ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) رواه أبو داود .
وعن ابن مسعود أنه قال ( اللهم زدنا إيماناً ويقيناً وفقهاً ) .رواه ابن بطة بإسناد صحيح .
وعن أبي الدرداء أنه كان يقول ( الإيمان يزداد وينقص ) رواه ابن ماجه .



تم بحمد الله الجزء الأول
ويليه الجزء الثاني إن شاء الله
أخوكم / سليمان بن محمد اللهيميد
السعودية - رفحاء


رحمكِ الله ياقرة عيني

التعديل الأخير تم بواسطة أم سُهَيْل ; 06-25-2012 الساعة 04:06 AM
رد مع اقتباس