عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 05-11-2010, 04:44 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي


الدرس الرابع عشر



رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة
وَالْمُؤْمِنُونَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ بِأَبْصَارِهِمْ وَيَزُورُونَهُ, وَيُكَلِّمُهُمْ, وَيُكَلِّمُونَهُ, قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى :(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فَلَمَّا حَجَبَ أُولَئِكَ فِي حَالِ اَلسُّخْطُ, دَلَّ عَلَى أَنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ فِي حَالِ اَلرِّضَى, وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا
فَرْقٌ, وَقَالَ اَلنَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) (( إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا اَلْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ )) حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ لِلرُّؤْيَةِ, لَا لِلْمَرْئِيّ, فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا شَبِيهَ لَهُ, وَلَا نَظِيرَ
-----------
من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله يرى في الآخرة .
وهو الاعتقاد الجازم بأن المؤمنين يرون ربهم عياناً بأبصارهم في عرصة القيامة وفي الجنة ، ويكلمهم ويكلمونه .
· وهذه المسألة من المسائل التي وقع فيها النزاع بين أهل السنة وغيرهم ، وقد اتفق عليها الأنبياء والمرسلون وجميع الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام على تتابع القرون .
الأدلة :
1- قال تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ) . ( ناضرة ) أي حسنة ، من النضارة . ( ناظرة ) من النظر .
قال شارح الطحاوية : وهي من أظهر الأدلة .
2- قال تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) .
قال شارح الطحاوية : احتج الشافعي وغيره من الأئمة رحمهم الله تعالى بهذه الآية على الرؤية لأهل الجنة ، وسئل مالك عن هذه الآية فقال : لما حجب أعداؤه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى يروه .
· في الآية : أن أعظم عذاب الكفار هو الحجاب عن ربهم .
· أعظم نعيم الجنة هو رؤية الله عز وجل .
3- قال تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
فالحسنى : الجنة ، والزيادة : هي النظر إلى وجهه الكريم فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم في صحيحه :
عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ، وتجنبنا النار ، قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم ، ثم تلا هذه الآية : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
4- عن جرير بن عبد الله قال : كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضـامون في رؤيته ، فإن استـطعتم ألا تغـلبوا على صـلاة قبل طـلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) متفق عليه ، يعني العصر والفجر . ( لا تضامون ) أي لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته .
معنى [ كما ترون هذا القمر ] يعني يراه المؤمنون في الجنة كما يرون هذا القمر ، فليس المعنى أن الله مثل القمر ، لأن الله ليس كمثله شيء ، بل هو أعظم وأجل ، لكن المراد من المعنى تشبيه الرؤية بالرؤية ، فكما أننا نرى القمر ليلة البدر رؤية حقيقية ليس فيه اشتباه ، فإننا سنرى ربنا عز وجل كما نرى هذا القمر رؤية حقيقية بالعين دون اشتباه .
5- عن أبي هريرة : أن أناساً قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ ) قالوا : لا يا رسـول الله . قال : ( هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ ) قالوا : لا . قال : ( فإنكم ترونه كذلك ) . متفق عليه .
1- وعن أبي موسى . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) متفق عليه .
وأحاديث الرؤية متواترة كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم ، منهم :
ابن القيم في حادي الأرواح ، وابن أبي العز في شرح الطحاوية ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري .
المخالفون لأهل السنة :
وخالف في ذلك المعتزلة والجهمية وقالوا : إن الله لا يرى .
واستدلوا بقوله تعالى لموسى ( لن تراني ) .
الرد عليهم :
هذا مذهب باطل ، والآية دليل عليهم من وجوه :
أولاً : أنه لا يظن بكليم الله ورسوله الكريم وأعلم الناس بربه في وقته ، أن يسأل ما لا يجوز عليه ، بل هو عندهم من أعظم المحال .
ثانياً : أن الله لم ينكر عليه سؤاله ، ولما سأل نوح ربه نجاة ابنه أنكر سؤاله وقال ( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) .
ثالثاً : أنه تعالى قال ( لن تراني ) ولم يقل : إني لا أُرَى ، أو لا تجوز رؤيتي ، والفرق بين الجوابين ظاهر .
رابعاً : قوله ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) فعلق الرؤية على استقرار الجبل وهو ممكن في نفسه ، والمعلق على الممكن ممكن ، لأن معنى التعليق الإخبار بوقوع المعلق عند وقوع المعلق به ، والمحال لا يثبت على شيء من التقادير الممكنة .
فصارت الآية دليل على الرؤية .
واستدلوا بقوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) .
قالوا : إن الله نفى إدراك الأبصار له ، فدل على أن الله لا يرى في الآخرة .
والجواب :
إن الله نفى الإدراك ، ولم ينف الرؤية ، والإدراك قدر زائد على الرؤية وهو أخص من الرؤية والرؤية أعم ، ونفي الأخص لا يدل على نفي الأعم ، والإنسان قد يرى الشيء ولا يدركه ، لأن الإدراك هو الإحاطة ، فالله نفى الإدراك وهو الإحاطة ولم ينف الرؤية ، فأنت ترى السماء لكن لا تحيط بها رؤية .
· ورؤية الله في الدنيا مستحيلة .
كما قال الله تعالى لموسى : ( لن تراني ) .
قال شيخ الإسلام في الفتاوى :
وكذلك كل من ادعى أنه رأى ربه بعينه قبل الموت فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة ، لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحداً من المؤمنين لن يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت ، وثبت ذلك في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان عن النبي e أنه ذكر الدجال قال : ( اعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت ) . [ الفتاوى : 2/389 ]
· واختلفوا : هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج :
القول الأول : أنه رآه .
وهو قول ابن عباس ورجحه ابن خزيمة في كتابه التوحيد واختاره النووي .
لقوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا )
روي عن ابن عباس هي : رؤية عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به .
القول الثاني : أنه لم يره .
وهذا مذهب عائشة والجمهور .
عن عائشة أنها قالت : ( من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ) رواه مسلم .
وعن أبي ذر قال ( سألت رسول الله ! هل رأيت ربك ؟ قال : نور أنى أراه ) رواه مسلم .
والمعنى : نور كيف أراه .
ولحديث أبي موسى الأشعري . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) رواه مسلم .
وجه الدلالة : قوله : حجابه النور – يعني الله – احتجب بالنور ، لو كشفه – يعني الحجاب – لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ، وهذا صريح في أن الله لو كشف الحجاب لأحرق جميع خلقه .
وهذا هو الراجح .
القول الثالث : التوقف .
ورجحه القاضي عياض والقرطبي ، نظراً لتكافـؤا الأدلة .
والراجح مذهب الجمهور وهو أنه لم ير ربه .
· أسباب رؤية الله :
أولاً : سؤال الله ذلك .
كما في الحديث قال صلى الله عليه وسلم ( وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ) .
ثانياً : المحافظة على صلاة الفجر والعصر .
للحديث الذي سبق عن جرير بن عبد الله قال : كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضـامون في رؤيته ، فإن استـطعتم ألا تغـلبوا على صـلاة قبل طـلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) متفق عليه ، يعني العصر والفجر .
نكمل المرة القادمة ان شاء الله
ونختار اليوم الاخ الفاضل ابويوسف السلفي ليذكر لنا الفوائد المستخرجة من هذا الدرس
فليتفضل
وليذكرها في صفحته وانقلها انا ان شاء الله في موضوع مغلق مستقل بالفوائد
حتى لايكتب فيه شئ اخر من اي من الاعضاء
جزاكم الله خيرا