عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-12-2009, 11:36 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي


والله سبحانه أراد لهذه الأمة أن تكون أمة واحدة على منهاج واحد وقبلة واحدة وهدي واحد وكلمة سواء واحدة لتكون هي رائدة الأمم في الدنيا إلى الحق الذي قضى الله أن يكون في الناس بوحيه والشاهدة عليه بما أتاها من خصائص ومواهب لم يؤتها غيرها من الأمم يوم القيامة ، فأين ذلك ؟ مزَّقوه ، وضيَّعوه باسم العمل الإسلامي والدعوة الإسلامية والفكر الإسلامي بل وبالدعوى باسم الأُخُوَّة الإسلامية ، فمتى يدرك العاملون في حقول الدعوة الإسلامية المختلفة أنهم إنما أتوا إثماً لا مَحِيدَ عنه إلا بخلع أنفسهم من قُمُصِ الحزبية والحركية البغيضة المنتنة ، وأيضاً من الآثار السيئة التي أنتجتها الحزبية والجماعات وقوع فرائس سهلة تتناوشها ألسنة الدعاة والعاملين في ساحة الدعوة تناوشاً لا يرحمها ولا ينجيها منه إلا أن تتوسد التراب ، ولا واللهِ وبعد أن تتوسد التراب ، الفرائس جمع فريسة هم أولئك الذين يتركون العمل في جماعة من تلك الجماعات أن رأوا من الأخطاء ما لا يقدرون على إصلاحه أو تقويمه فلا يستطيع الواحد منهم البقاء تحت هذا الشعار أو ذاك , وتكون الفريسة أشهى وأطيب لتلك الألسنة التي تلوشها بعد أن يغادر الجماعة والتنظيم والفرقة ، تكون الفريسة أطيب لتلك الألسنة إن كان هذا التارك من الرؤوس أو من الرموز حسب المصطلح الدعوى الجديد ، إذا كان من الرموز فما أطيب لحمه للآكلين لحوم الناس ، ولقد شهدنا أُناساً لا تحوم حولهم شبهة في خلق ولا دين وقعوا ضحايا جرَّاء تركهم صف الجماعة وكانوا وهم داخل الصف أطهر وأنقى من المزن فلما تركوا صاروا في رجس العهر ونتن الفسق ، وهذا يُفصح لنا عن سريرة التجمع الحركي الظامئة التي لا يرويها إلا التشفِّي والحسد والشماتة ، وهي أخلاق لا تنزع بصاحبها إلا إلى الهلكة وسوء النهاية عياذا بالله ولياذاً بجنابه الرحيم ، هذه الآثار إنما هي أصول كلِّية لآثار أخرى جزئية تتفرع منها ، الآثار السلبية للانضمام إلى الجماعات حَدِّثْ عنها كما تحدث عن البحر ولا حرج لأنها -أي هذه الجماعات وهذه التنظيمات وهذه الفرق- هذه جميعها بدعة ما أنزل الله رب العالمين بها من سلطان ، هذه التجمعات الحركية التنظيمية ، هذا العمل الجماعي التنظيمي بدعة في دين الإسلام العظيم ، بدعة مُنتنة ، ومن تربى على هذه البدعة فإنه لا يفلح أبداً إلا أن يشاء ربي شيئاً ، أُغْلِقَ عقلُه وأوصد باب قلبه فلا ينفذ إليه شعاع من عقل ولا بصيص من نور تأمل ينحاز به بعيداً من أجل أن يتفكر , وإنما يخبط مع كل ناعق بكل سبيل ، يلبس على المسلمين غاشاً لهم إن كان يعلم وإلا فهو محاسب على جهله ، وكلامه عند الجهل بزعمه أنه على الحق وأنه يتكلم بعلم -(
قتلوه قتلهم الله هلا سألوا إذ لم يعلموا ؟ فإنما شفاء العي السؤال)- ، هذه الجماعات مَّزقت الأمة وأذهبت قوتها وإن ظلت على ما هي عليه من غير أن تفيء إلى الرشد وتعود إلى الحق فهو الانحدار إلى قرارة الحضيض ومنتهى الهاوية.

ويشهد الله الذي رفع السماء بلا عمد وبسط الأرض فما يدرك من منتهاها أمد أنا لا نريد دمارها ولا نريد زوالها , لا نريد أن تذهب من الوجود أصلاً وإنما نريد أن تعود إلى الحق وأن تفيء إلى الرشد وأن ترجع إلى طريق الله المستقيم وأن تسير على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وحينئذ سيكون فتحاً في هذا العصر للإسلام العظيم ، ولو فعلوا -وأسأل الله رب العالمين أن يهديهم لأن يفعلوا- ولو فعلوا لكان فتحاً عظيماً للإسلام العظيم في هذا العصر ولقصَّر الله رب العالمين علينا الطريق جداً .

فنسأل الله أن يهدينا وإياهم إلى الصراط المستقيم وأن يقيمنا وإياهم على الحق حتى نلقى وجه ربنا الكريم ، وأن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، إنه على كل شيء قدير .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

________________________________________
رد مع اقتباس