عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 04-08-2012, 04:48 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الصبر على مصيبةالطلاق"

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله،
أنا إنسانة أخافالله كثيرًا، وبعيدة عن كلِّ المحرَّمات - والحمد لله - لكن لا أفهم ما يحصُل لي معالطَّرف الآخر، أقصد الزَّوج.

تزوَّجت المرَّة الأولى، وأحسستُ أنَّ زوْجيكان لا يُطيقُ النَّظَر في وجهي، ولا يُعاملُنِي كما تُعامل الأزواج، وأسرع فيمُباشرة الطَّلاق بسُرعة، رغْم أنَّه يعترِف بِحسن خلقي، وهذه المرَّة الثَّانيةيعامِلُني فيها الزَّوج بنفْس الطَّريقة، ويسرع لمباشرة الطلاق دون أن يُخبرنيبالسَّبب، وأتوسَّل إليه ليحدِّثني عن المبرِّر لكنَّه يرفض الحوار، علمًا أنِّيمستَحْسنة الجمال، ولا يوجد بي عيبٌ خلقي، بل الكثير يستغْرِب للأمر؛ لما وهبنيالله من مميَّزات، جرَّبت الرُّقْية؛ لكنَّ الطَّرف الآخريرفض.


الجواب
:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
أهلاً ومرحبًا بك أختَنا .

نسأل الله بدايةً أن يوفِّقك لما يُحبُّويرضى، وأن يُذْهِب عنك الهموم والغموم، وأن يرزُقَك حسن المقام مع زوجِك، شريكحياتك.

اعلمي أولاً أنَّ كلَّ شيء بقضاء وقدَر، وأنَّه لا يكون في مُلْكالله إلا ما أراد الله، وأنَّ ما شاء كان وما لم يشأْ لَم يكن؛ قال الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].

هذه هي الدعامةالأولى، والأساسُ الثَّابت، والقاعدة التي لا تقبل الزَّحزحة، الإيمان بقضاء اللهوقدَره، وهذا يستلزم بالضَّرورة أنَّ كلَّ ما قضاه الله فهو خير، وإنْ كان مؤلمًابالنسبة لنا، فقد كان النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول في دعائه: ((والخيركلُّه في يديْك، والشَّرُّ ليس إليك))؛ رواه مسلم.

أقول لك - أختاه -: هبِيأنَّ زوجَكِ قد مات، أليس ذلك بقدر الله؟
هبي أنَّ زوجَك قد أُصيب بحادثٍيُعطِّله عن القيام بواجباته الزَّوجيَّة، أليس ذلك بقدر الله؟
الإجابة في كلٍّ: بلى.

وكذلك الطَّلاق الذي حصل لك قبل ذلك، نقول فيه: إنَّه بقدر اللهتعالى.

لكن عليْنا مع هذا الإيمان الجازم بالنَّظَر إلى المشكلة نظرةًفاحصة؛ لمعرفة أسبابِها ودواعيها، والسَّعي لإيجاد حلٍّ لها نستفيدُ منه فيالمستقبل المُشْرِق - إن شاء الله تعالى.

عليْكِ أن تتعلَّمي الحقوقالزوجيَّة الواجبة على المرأة تِجاه زوْجِها، ومعرفة أقْرب طريق يمكنها الوصول بهإلى قلبِه، من خلال معرفة طبائِعه وخصائصِه النفسيَّة، التي لا يُمكن أن تتَّفق معكفي كلِّ الجوانب؛ لأنَّها تختلِف بحسب طبيعة كلِّ إنسان وخصائصه، والواجب عليْك هوالتآلف معها، ومحاولة التَّقريب بينها وبين خصائصك وطبائعك.

أكاد أُجزم وأناأحدِّثك الآن، أنَّ أيَّ امرأةٍ ترغَبُ في استِمرار حياتِها الزَّوجيَّة ثُمَّ تفشلفي ذلك، أنَّه لا بدَّ من وجود نوع من التَّقصير منها في حقِّ زوجِها، أو سوء الفهملطبيعته الجِبِلِّيَّة.

لا تَحزني ولا تيْأسي؛ فالمستقْبَل مليءٌ بالأقدارالمُفْرِحة والأحداث السعيدة، ولعلَّ ما حصل يكونُ خيرًا لك، ألَم تقرئي قولَ اللهتعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَنتُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَتَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]؟

أختاه، قلتِ كلامًا يفيد أنَّك ألححْتِ علىزوجِك في أن يمسكك، وهذا أمر حسن منك وإن لم يقدِّرْه الزوج، لكنَّ الأحسن منه أنتلجئي إلى الله - تعالى - أن يهيِّئ لك من أمرِك رشدًا، وأن يقسم لك من الخيْر مايكون عونًا لك على مرضاتِه، فهذا رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يدخُل علىزوجتِه، أمُّ حبيبة وهي تقول: "اللهم متِّعْني بزوْجي رسول الله، وبأبي: أبي سفيان،وبأخي معاوية"، فقال لها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّك سألْتِالله لآجالٍ مضروبة، وآثارٍ موْطوءة، وأرْزاق مقسومة، لا يعجل شيئًا منها قبل حله،لا يؤخر شيئًا بعد حله، ولو سألتِ الله أن يُعافيك من عذاب في النَّار وعذاب فيالقبر، لكان خيرًا لك))؛ رواه مسلم وغيره.

فهذا رسول الله - صلَّى الله عليهوسلَّم - ينصح زوجته بأن تدَع ما قُضِي أمره، وأن تهتمَّ بما لم تعلمْ نِهايته منمصير، إمَّا خلود في نعيم، أو عذاب أليم.

ثم يمكنُك هنا أن تفكِّري في أحدأمرين أو فيهما معًا:
الأوَّل: أن تفكِّري في العوْدة إلى أحد الزَّوجينالسابقين، لكن ليس عن طريقِك مباشرة ولكن بتوسيط أهل الخير والفضل والصلاح، وهذاأمرٌ غير منْهيٍّ عنه شرعًا، بل رغَّب فيه الشرع وحثَّ عليه.

الثاني: أنتستفيدي من التجرِبَتين السَّابقتين بِحُسن الاختِيار في المرَّة القادمة، ولا يكنهمُّك هو مجرَّد تحصيل زوج تستظلِّين بظلِّه، فإن المرأة أحيانًا تقصِد ذلك ثُمَّيتبيَّن لها أنْ لو عاشت بلا ظلٍّ لكان خيرًا لها، فبعْض الرِّجال لا يصلُح ظلاًّلنفسِه فضلاً عن أن يستظلَّ به غيره.

وعلى كل لا تفقِدي الأمل في الحياة،ولا تنظري إليها بنظَّارة قاتمة سوداء، ففي الحياة سعادة لو أدرك المرءُ حقيقتَهاما رضي بغيرها بديلاً، وهي العيش مع الله وبالله وفي الله، يخدم دينَه وينفع غيره،ويجتهد في سبيل الوصول إلى مراد الله منه، بكل ما أوتي من قوَّة.

دعائي لكبِصلاح الحال والمآل، وأن يرزُقك الله الزَّوج الصالح الذي يُعينُك على الخيْرويحضُّك عليه،، والله أعلم.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس